إستقلال جنوب السودان
[size=2]هذا الكتيب نشر بعد انقلاب الجبهه و لقد رفضت جريدة الخرطوم بالقاهره نشره و لقد قدمته لكثير من المفكرين و السياسييين الا انهم تجاهلوه . و لقد هاجمني بعضهم و وصفوني بالعماله و حتي الجنون.
و ها نحن بعد 14 عاما نواجه احتمال انفصال الجنوب . و قبل اكثر من اربعين سنه كتبت رواية "الحنق" لعرض مشكلة الاضطهاد الذي يواجهه الجنوبيون . و لم نعمل اي شئ !! و لم نهتم .
استقلال جنوب السودان
بعد ان سرق الاخوان المسلمون السلطه في الخرطوم و جثموا علي صدر الشعب، نكلوا بالحرار و فرضوا اطول نظام حظر تجول في تاريخ البشريه . حطموا الجنوب تحت ضربات جيش نظامي و المتشنجين الدينيين ، و لقد سمح حتي لعتاة المجرمين بترك السجون و للتطوع في الجهاد و ذبح الجنوبيين.
ان اغلبية العسكريين يحلمون بحروب طاحنه لممارسة القتال و التكتيكات العسكريه التي درسوها . كما يحلو للبعض ان يشاهد اثر الرصاص و الاسلحه الحديثه علي اجسام بشريه و هم علي اقتناع بأنها ستكون حطبا للنار في يوم القيامه . من المؤكد ان البعض قد تأثر بافلام هوليود . ان السودان الذي يحتاج للفنيين و الزراعيين قد امتلأ بالمقاتلين حتي صار النظام يصدرهم ، و لقد قبض علي بعضهم في كشمير ، و هم علي استعداد لتقديم خدماتهم الغاليه حتي لسويسرا؟؟؟
ان ابناء الشمال يزج بهم في حرب غادره بعد عملية غسل مخ بأسم الجهاد و الحرب المقدسه . لو ان عشر هذه المجهودات وجه للبناء و التعمير لتقدم السودان كثيرا . و المؤلم هو ان الجيوش عادة تكون مليئه بالاقليات العرقيه لان الجيش هو المكان الوحيد الذي قد يعطي فرصه شبه متكافئه . و هذه الاقليات تجد نفسها الان تحارب شعبا اقرب اليها من السيد الشمالي . و الجنود من الاصل الجنوبي و جبال النوبه قد يمعنوا في الوحشيه كي يثبتوا ولائهم لنظام الشمال !!
السودان الذي يعتبر الان من اتعس و افقر الدول علي ظهر هذا الكوكب ينفق البلايين علي التسليح في حرب استعماريه لا معني لها . هذه الاموال كان يمكن ان تصرف علي التعليم و العلاج فحتي الميسورين لا يجدون العلاج في السودان . و السودان يصرف دولارا واحدا للعلاج لكل فرد. و هذا الدولار يساوي خمس طلقات من رشاش صغير . اننا نرتكب هذه الحماقه باعين مفتوحه ، ثم نغني اغنية انكسرالقوس و السبع يتقدم .
من المؤلم ان البلاد العربيه تحارب حكومة السودان الحاليه و تنتقد كل ما تقوم به . الا انهم لا يعارضون حرب الجنوب، بل يقفون مع الشمال في محاولته لتنظيف الارض قبل رمي البذور العربيه المحسنه !!
لقد صرعنا اقتصادنا في الشمال مع سبق الاصرار و الترصد، و بدلا من مساعدة الجنوب حولناه الي خرائب و هياكل بشريه تمشي جراء الجوع و التجويع و الحصار الاقتصادي .
و خلق عسكريون جهنميون يتفاخرون بحرق القري و ذبح الاطفال و اغتصاب العذراوات . بل وجدوا مقابرا تحمل اسمائهم.و رجعوا للشمال لسرد هذه الفظائع وسط فخر الاهل و الاصدقاء و اكواب الشاي . لو ان الهان او المغول احتلوا جنوب السودان لما استطاعوا ان يباروا جنود الشمال الابطال .
الجنوب يمثل عمقا استراتيجيا للشمال و التجاره يمكن ان تكون اكثر ازدهارا داخل حدود اكبر . و انه لشعور جميل ان نحس باننا مواطنون من اكبر قطر افريقي ، و احدي اكبر الدول مساحه في العالم . الا انها اشياء معنويه فقط تدغدغ الشعور الوطني ، اما ان نتمسك بالجنوب بالرغم من رفض اهله فهذا شئ مخجل يضر بالجنوب و يسئ الينا كثيرا . و ايجاد الحلول يكون صعبا في العاده عندما نكون مواجهين بمشكله.
الجنوب يعتبر اليوم مخزنا للعماله الرخيصه و مصدرا للمواد الخام و سوقا لاعادة التصدير ، تماما كما يمثل الشمال لبعض الدول العربيه . و الشئ المؤكد هو ان الجنوب ليس ملكا للبافاريين او الاستونيين و لا الشماليين. الجنوب للجنوبيين .
اما مسرحية اذا تركنا الجنوبيين لحالهم لقتلوا بعضهم البعض ، لانهم قبائل متوحشه لا دين لهم و لا قانون ، فهذا شئ مموج. و هذه الاسطوانه عزفها الانجليز من قبل عندما طالب الشمال بالاستقلال . و لا نزال نسمع بان الجنوبيين مرتشون قذرون ، لا يهمهم سوي الدعاره و السكر و ان الفساد يجري في دمائهم . لقد سمعت الاوربيين يقولون نفس الشئ عن الشمال بل و اكثر .
اين يا تري ذهبت البلايين التي اقترضها السودان، و الجنوب ملزم الان بدفع هذه الديون.
اما ميزانية الجنوب التي يتشدق الشماليون بانهم يدفعون جزءا كبيرا منها ، فأنها تعود الي جيوب رجال الاعمال الشماليين و المقامرين و المضاربين . فالجنوبي لا يملك حتي صنع القرار و لا الشركات و رؤوس الاموال و البنوك . الشمال يحسب ان الجنوب لا يستطيع ان يعيش بدونه ، و الديك يظن ان الشمس تشرق لصياحه .
حتي اذا سنت القوانين العادله و اعيد كتابة الدستور و قانون الاحوال الشخصيه و امن الدوله و القانون الجنائي و الشرعي ....الخ ، فلن نضمن ابدا حق الجنوبيين . لان الحياه اليوميه لا تخضع فقط للقوانين المكتوبه ، انها القوانين الغير مكتوبه التي تسير حياة البشر . و الجنوبي لا يمكن ان يقاضي و يرفع الدعوات و الشكاوي اثر كل ابتسامه لزجه و نظرة سخريه و استخفاف. و سيهان الجنوبي في الشمال و في ارضه ، و ستقفل امامه فرصة العمل و التجاره و السكن في المناطق المرغوبه ، و ان يشارك في غرفة مستشفي حكومي او خاص ، و ان يدخل ابنائه بعض المدارس و كثير من الوظائف........الخ.
هذه الظروف ليست جديده و لم يخلقها المستعمر كما يحلو لنا ان نقول . انها تمتد لالاف السنين حتي قبل ان يعرف الاوربيون الكلام. فالجنوب كان يمثل مزرعه كبيره للعبيد . لان الشمال قد طور اقتصاده و تجارته و لغته و وسائل القتل بطريقه اكثر تطورا من الجنوب.
ان العبوديه في حد ذاتها ليست شيئا نخجل منه ، لقد وجدت في كل العالم ، و لقد عرفتها الصين الي سنة1949 و بعض الاقطار العربيه بعد ذلك . و لكن ان تظل الافكار و الخلفيه تعشعش في رؤوسنا فهذا شئ مخجل.
ادريس ابتر و الزبير باشا مغامرون خلقوا ممالك في الجنوب و وسعوا تجارة الرقيق لكي تصير عالميه مقننه بعد ان كانت بيتيه او بطريركيه فقط. هؤلاء المجرمون معظمون في الشمال، و يدرس الطلاب في الجنوب تاريخ الزبير باشا كبطل وطني . و يطلق اسم الزبير باشا علي احد اكبر الشوارع في الخرطوم . و نحن لا نزال ندعي بان الجنوب شريك كامل في هذه الدوله .هل سمع الشماليون عن اي بطل جنوبي كجركويك مثلا ؟؟.
جركويك هو البطل النويراوى . الذى اخرج رمحه من ظهر المفتش الانجليزي بعد ان اخترق صدره , انتقاماً لشرف شقيقته . وبدأت ثورة النوير . وعندما قتل الانجليز الابقار بالطائرات حضر ماشياً الى ملكال وسلم نفسه . وذهب هازئاً نحو المشنقه . وعندما سؤل عن آخر رغبه قبل شنقه قال انه يتمنى ان كان له إبن لكى يكبر ويحارب الانجليز .
ونواصل ...
شوقى ....[/size]
|