الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > خاطرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-2010, 04:18 PM   #[1]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي الفجر يرحل ظهرا ..

ذلك اليوم صحت النباتات بعد بزوغه بزمان أطول من الانتظار .. بعض النبات غَشَته سكينة فاستسلم للنوم ، الآخر من شجيرات شابّة ظنّت أن المؤذن قد أخطأ في التوقيت فواصلت نومها دون أحلام تُذكر .. كانت نعومة تبدل كريات دمها الحمراء بصفاء نيتها البيضاء حين تسلّل الفجر بين ( فَرَقات) طيبتها وجلس تحت حائط صبرها في طرف تلك القرية التي تتأول بقدرة قادر إلى مدينة لا تتأصل فيها سلوك القرية ولا نالت حضارة المدنية .. هناك اختار الفجر مكان جلوسه و لكن زمان كان قد اختير له ! .. جلس الفجر القرفصاء ثم انزوى تحت (كتفية) حائط الجالوص كضيف خجول. ..

ولمّا لم يأت نسيم الفجر في أوانه .. ظلّت الريح ساكنة حتى انفلات أول شعاع للشمس.. خرجت الشمس من خبائها تتلفّت حائرة هل هذا أوانها أم أنّ الزمن غافلها و انسرب..
عود عيش الريف إنتظر طويلا حتى غَشَته ( هبة ريح) ليميل بعوده ملتصقا بصريف القش .. ثم انتفض فرحا .. ليرمق شجيرة الخروع بشماتة قبل أن يرحل ببصره تجاه الحائط المقابل ..قطع نظره الشارع هرولة كما شافع انتهروه فترك لعبته وهرول للدكان ليجلب كيس ملح بالدَيْن ، ولكن قبل أن يلتصق نظره بالحائط .. وقع على "حاجة غريبة" .. ما كان له أو لغيره أن يرى الفجر بكل بهائه متكئأً باسترخاءٍ على حائط صبرها كما لو أنه مسافر أتعبه الترحال فقرر أنه هذه محطته الأخيرة أو كعابر سبيل أضناه السفر.. رأى العودُ الفجرَ " قاعد مَنْجَّم " وهو يطوى رجليه تحته .
كان منظرا غريبا .. الفجر "يتضبضب" داخل روحه مبتعدا عن أشعة الشمس كلما ارتفعت .. فكلما مر الوقت و قصر الظل لمّ رجليه تحته وربِّع يديه كأنه لم يحفظ شرافته .. منتظرا الفلقة..
استغرب عود عيش الريف الأمر وصفقت وريقاته دون ريح ...
هو الفجر نفسه الذى بحضوره تنزوى الظلمات ويهرول الليل ..
هو الفجر ذاته ينتظره العشاق فيملأ فؤادهم بباكر ويفرغ همهم ..من أمبارح
هو الفجر بعينيه يتمدد من شاطئ النعاس حتى ساحل الصحو ..
هو الذى يَنْشَّـر في الأرض متنقلا من سَحًرٍ لضوء ...
هو منبع الهواء العليل من مطلع الأنفاس الطيبة حتى مرقد الفيء

رآه كثيرا ..فهو الذى يصحِّي سبات الكائنات لوقته المجيد .. كثيرا ما كان "يكاوى" دوار الشمس بأن نصف عمره " رايح" لأنه حين مطلع الفجر يكون "معووج" الرقبة محاولا الاستقامة لإقامة طقوسه اليومية مع أول خيوط ضوء الشمس .
ناداه : " عبّاد .. يا عبّاد " – هكذا كان يدلّل اسمه – فقد توثقت عرى صداقتهما منذ أن دافع عنه أمام "الفودة " .. كرر النداء " عبّاد .. يا عبّاد " ولكن دوار الشمس كان في حالة جذب لا يرى فيها غير حبيبته الشمس تايا الباقيات الصاحبات و مطقطقا حبات الضوء في مسبحة خيط النور ...
لفت نداؤه نبتة " التّبَر" وهى تضاحك الفضاء بثغرها البهي و تتوسد الأرض كنفساء في بيت أمها ..
حرّك الفضول جذعها فزحفت نحو فتحة في الصريف كان يدخل منها قط أليف اعتاد النوم تحت الشجيرات و في الفجر تصحو غرائزه ..
رأت نبتة التَبّر الفجر بلحمه وشحمه يجلس على ظل الحائط المقابل و الظل يصغر و هو ينكمش مرتعدا ..
"هل هذا فجرنا البهى؟ " سألت نفسها .." أين لونه الجميل .. هذا الشيء رمادي .. و فَجْرُنا خاطف لونين ، آخذاً من الليل عمقه ومن النهار وضوحه .. كان صاحب أجمل أنفاس .. كنا نقبله لا لِجمال لِماه ولا لعذوبة ريقه الحلو .. ولا حضنه الدافئ الوهيط ، بل لأنفاسه الجميلة .. ليتنى أستطيع تقبيله الآن حتى يتنفس في فمي فأستطيل عقلة أو عقلتين .."
أما قصبة العنكوليب بحكمتها وشفافيتها وبصيرتها "الطاعمة" .. فقد ظلّت تستمع أحاديث النفوس وتستمتع بهذه الهبة ( الاستماع للآخرين وهم يحاورون أنفسهم ).. و بقوامها الفارع الريّان كانت تتاوق فوق الصريف وهى عادة يومية ، إذ كانت تواسي حظها بأنها حين تُقطع في يوم ما و ينتهى مصيرها الى قشة جافة ، مجرد قصبة في صريف ..فستكون بين أحضان مجموعتها.. كما كانت أول مرة قبل " الكديب " حين أُخذت أخواتها وهن صغيرات و تركوها وحدها .. وإذا لم تعش فمصيرها مضغ وتفل .. الحكمة فقط في من يبتل ريقه بما يجرى في عروقها ...
كانت غير الأخريات ، فبينما يرين ظل الفجر على الحائط ، كانت تراه هالة مزيجها نور وأنفاس وألوان ..تخلل بصرها جسد الفجر لترى الحائط المقابل و قلب الحائط يكاد يتفتت وهو يشعر بنبض الفجر الذى يسند ظهره عليه يخفت قليلا قليلا .. سمعت قصبة العنكوليب بحاستها تلك لهفة الحائط ففاضت دموعها على ساقها الملساء جاذبة النحل و أحياء أخرى تعيش على الدموع.
ظل النهار يسارع خطاه و الجميع في صمت مهيب ودواخل ضاجة بالمشاعر السامية .. الحزن أسمى حالات النفس .. يرهف القلب ..كل دمعة تسقى المشاعر فتخضر أحاسيس نبيلة .. يا لهذا الحزن .. شفيف و رقيق و يسكن كل المسامات ..
وعندما توسطت الشمس قلب السماء، مر شاب بالمكان وهو يركب آلته العجيبة .. فتح نافذتها .. بصق على الأرض قبل أن يرمى عقب سيجارته على موقع جلوس الفجر.. ما كان جالسا حينها .. كان متكورا تماما ..فوقعت على حضنه .. وبدأت تحرق حشاه وهى تحترق ..
لمّا وصل الحريق رئتيه هب واقفا و ارتمى على الرمضاء ..
وصار يرفس كما به جذب من حب ..
رأى الجميع تجاعيد الزمان تكسو وجهه ..
وتابعوا جسده يتكرمش ..
أنفاسه الحلوة صارت زفرات حراء
صار يصغر و ينزوي من الرمضاء
حتى ذاب في بعضه .. حتى لم يتبق إلا عينيه ..فنظر إليهم جميعا نظرة مودع
تدحرجت منهما دمعة ..فذاب فيها و تبخرا صعودا ..
لحظتها كانت نعومة تخرج من بيتها بثوبها الأبيض تجاه الحديقة ..

نظر الجميع إلى بعضهم ..غير مصدقين ..
قليلو الاحتمال قالوا " علّه يداعبنا .."
سيعود عندما ترجع نعومة ..
قليلوا الصبر قالوا أنه قد غفل عن الوقت .. أو ربما تناساه الزمان ..
العارفون والعشاق عرفوا عندما أبصروه حزينا كما بعد المغارب..
عرفوا أنه ما عاد يصلح لهذا الزمان..
وقت القيلولة ناموا جميعا يحلمون بفجر جديد...



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-06-2010, 06:27 PM   #[2]
سمراء
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية سمراء
 
افتراضي

اغوص بين هذه الخاطرة حتى اخمص قلبى ...فاجدنى عطشة!
ثمة كتابة تأخذك معها الى علياء الاحساس الذى يكمن بين احرفها ، وتسرح
وانت لاتمتلك سوى الغوص الى عمق معانيها ...
فلا تخرج والا انت مُمتلك درر غوالى من رحيب الجمال

جعلتنى تلك الخاطرة , اسرح مع براحات الصباح
وتراتيل مخلوقات الله وتسبيحها مع اول نسمات الفجر ,

ابداع العزيز معتصم
ولى عودة



التوقيع:
غيرنا التوقيع عشان النور قال طويل 
اها كدة كيف ؟
<img src=images/smilies/biggrin.gif border=0 alt= title=Big Grin class=inlineimg />
سمراء غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:27 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.