الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > عجب الفيا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-2006, 10:09 AM   #[1]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي الأرض الخراب والشعر العربي القديم - في الرد علي د.عبدالله الطيب

الأرض الخراب والشعر العربي القديم
في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب



" الدكتور عبدالله الطيب ناقد عربي كبير ، وباحث أدبي يحتل الآن مكانه بين الصف الاول من النقاد والباحثين . وقد جمع عبدالله الطيب في شخصيته الادبية بين الاصالة ، حيث انه من كبار العارفين والدراسين والمتذوقين للتراث االعربي شعرا ونثرا ، وبين المعرفة العميقة الواسعة بالادب الاوربي والثقافة الغربية ، كما جمع بين شخصية الناقد وشخصية الشاعر المبدع ، وجمع ايضا بين الاستاذية الجامعية والجماهيرية الواسعة حيث انه من كبار القادرين علي مخاطبة الراي العام الادبي كتابة ومحاضرة .. والخلاصة ان عبدالله الطيب هو شرارة من شعلة طه حسين التي اضاءت الادب العربي والثقافة العربية خلال نصف قرن من الزمان وما زالت تضىء ".

هذه كلمات الناقد المصري الكبير رجاء النقاش ، في التقديم لبحث الدكتور عبد الله الطيب ( الفتنة باليوت خطر علي الأدب العربي )حين نشر بمجلة الدوحة ، في ثلاث حلقات سنة 1982 . وكان النقاش - آنذاك رئيسا لتحرير مجلة الدوحة خلفا لمؤسسها محمد ابراهيم الشوش .
ويواصل رجاء النقاش تقديمه قائلا: : " ويسعد الدوحة ان تنشر هذا البحث الجديد للناقد الدكتور عبدالله الطيب ، حيث يهوي بقلمه علي فكرة أساسية وجهت الشعرالعربي منذ الاربعينات حتي اليوم ، وهذه الفكرة هي التاثر والافتتنان بالشاعر الانجليزي الامريكي ت.س . اليوت ، فقد كان لهذا الشاعر الكبير تاثيره العميق الواسع علي شعراء هذا الجيل من السياب الي نازك الملائكة الي البياتي وصلاح عبد الصبور وحجازي وغيرهم من الشعراء اللامعين ، حتي اصبح اليوت حقيقة مسلما بها في الحركة الشعرية الجديدة من حيث تاثيره ونفوذه الادبي .." . وختم رجاء النقاش حديثه بدعوة " النقاد والشعراء وذوي الرأي الادبي الي مناقشة ما أثاره الدكتور عبدالله الطيب من آراء ادبية جديدة وجرئية ."

واذكر كنت أتابع البحث آنذاك على صفحات مجلة الدوحة ( كنت وقتها بالسنة الاولي بالجامعة ) وتوقعت أن يثير حفيظة النقاد ويفجر بركاناً من الردود والمساجلات النقدية الجادة . ولكن لم أقرا في ذلك الوقت ،وحتي الان ،اي رد في مستوي وجدية بحث الدكتور عبد الله ، بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر . الحقيقة لم أقرا علي صفحات مجلة الدوحة ، سوي مقالة واحدة فطيرة للشاعر الدكتور كمال نشأت تشاطر الدكتور عبدالله الطيب فيما ذهب اليه وتقلل من اهمية اليوت ومن نظرياته النقدية . وقد ذكر لي البعض ان الدكتور محمد عبد الحي رد علي الدكتور عبدالله الطيب الا انني لم اعثر علي اثر لهذا الرد ، لا في مجلة الدوحة ، ولا في اي مصدر آخر . وربما يقصد هؤلاء دراسة الدكتور محمد عبد الحي التي نشرها بمجلة الدوحة في ثلاث حلقات وذلك قبل ان ينشر بحث الدكتور عبدالله . الحلقة الاولي ، كانت بعنوان : ( معاوية محمد نور ونقد الرومانتكيين العرب في الثلاثينات ) و القصد منها التنويه بريادة معاوية نور في التعريف باليوت في العالم العربي حيث يذهب محمد عبد الحي الي انه اول من ذكر اسم اليوت في اللغة العربية ووظف نظرياته النقدية ، لنقد الشعراء الرومانتيكيين العرب امثال محمود طه المهندس ، وابراهيم ناجي .

الحلقة الثانية من دراسة عبد الحي جاءت بعنوان : " ت.س.اليوت والقارىء العربي في الاربعينات " خصصها للحديث عن مقالة لويس عوض ، خريج كمبريدج ،التي يعتبرها اول محاولة حقيقة في التعريف باليوت بعد معاوية نور. نشرت المقالة سنة 1946 بمجلة الكاتب المصري التي كان يرأس تحريرها طه حسين ( فيما بعد ، نشرت بكتابه : في الأدب الانجليزي الحديث ) . ويصف عبد الحي مقالة لويس عوض بانها : " كتبت بروح تبشيرية منحتها قوة لمست وترا مشدودا في وجدان جيل من الشعراء الشبان الذين كانوا يبحثون عن أنغام جديدة تعيد للشعر حيويته بعد ان أحسوا ان أنغام الرومانتيكية قد وهنت ولم تقوي علي حمل تجارب العصر " . ويقول عبد الحي ان المقالة تراوحت بين " الاعجاب باليوت الشاعر ، ذي الاسلوب الثوري فنيا ، والتافف من اليوت المفكر الرجعي في ظنه " . ويفسر عبد الحي هذا الموقف بانه مستمد من النقد الاكاديمي الذي كتب عن اليوت في الثلاثينات وانه انعكاس لموقف الشعراء الانجليز الشباب التقدميين المنتمين إلى اليسار الماركسي من أمثال ، ستيفن سبندر ، سيسيل داى لويس ، ولوى ماكنيس ، وأودن ، الذين امتزجت أفكارهم الثورية الماركسية باكتشافات علم النفس المحدث وتقاليد الفلسفة الإنجليزية التي تشربوا بها في جامعة اكسفورد .
ويري عبد الحي ان لويس عوض تاثر بكتاب سيسيل دي لويس (أمل الشعر ) والذي يعتبره لويس مانفستو شعراء الشباب الذين جمعوا بين الماركسية والتاثر بفنية اليوت . ويشرح سيسل داي لويس موقفه الجدلي هذا من اليوت في مقالة له بعنوان ( الثوريون والشعر ) نشرت سنة 1936م : " مدخلنا لقبول قصيدة ما هو جودتها ، وأعنى بذلك ، الجودة الفنية ، فالقصيدة ذات الصياغة الرديئة مثل المنزل ذي المعمار الركيك ، لا يشفع له أن بنى هيكله معماري وعامل لهما وعـى طبقي . فالقصيدة أيضا قد يتفوق في نظمها برجوازي رجعي ، ولكنها تظل لجودتها ذات فائدة للشاعر الثوري . و الأرض الخراب ، قصيدة من هـذا النوع . فالقصيدة الجيدة الصنع لابد أن تكون ذات فائدة ، فهي تطلعنا على طبيعة تفكير فئة من الناس ، قلت أو كثرت " .

ويخلص عبد الحي في هذه المقالة الهامة ، الي ان هذه النظرة التوفيقية القائمة على قبول اليوت فنيا ورفضه فكريا، قد تركت أثرها على رواد الشعر الحديث في العالم العربي من أمثال بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وأدونيس وصلاح أحمد إبراهيم ، وغيرهم من الشعراء الذين ارتبطوا بدرجات متفاوتة بالفكر اليساري وبالبحث عن أساليب جديدة للتعبير الشعري. لذلك يختم محمد عبد الحي بالجزء الثالث والاخير من دراسته الممتعة والقيمة بالوقوف عند تجربة احد هؤلاء الرواد تحت عنوان : (صلاح عبد الصبور ، بين ، ت . س . اليوت وناظم حكمت ) حيث يخلص الي ان تاثر عبد الصبور باليوت كان سطحيا علي غير ما يظن هو ويظنه الاخرون ، وان تاثره الحقيقي كان بالشاعر التركي ناظم حكمت .
وقد نشرت دراسة عبد الحي باجزائها الثلاثة ، قبل نشر بحث عبدالله الطيب عن اليوت ولم يخرج حديث عبد الحي في هذه المقالات عن بدايات التعريف باليوت و بدايات التاثر به في العالم العربي ، ولم يتناول اي من اعمال اليوت الشعرية ولا حتي ، الأرض الخراب ، بالدارسة والتحليل .

ويكفي في وصف التاثير الذي احدثه اليوت هذا الانقلاب الجذري في نظام القصيدة العربية علي مستوي الشكل والمضمون . ولعل الشهرة التي حظيت بها قصيدته الارض الخراب – لم تنلها قصيدة اخري في القرن العشرين . لقد كانت القصيدة بمثابة منافستو الشعر الحديث فقد نسج علي منوالها شعر كثير ولا يزال ينسج ، ليس في العالم العربي فحسب بل في العالم اجمع .فقد كتبت القصيدة اثناء الحرب العالمية الاولي واستوحي اليوت صورها ودلالالتها من الاجواء القاتمة التي خلفتها الحرب فكانت تعبيرا رمزيا عن ويلات الحرب التي زعزعت ثقة انسان الحضارة الغربية في جدوي العلم والتقدم المادي .ولهذا السبب وصف اليوت من قبل الاوساط اليسارية والثورية الصاعدة آنذاك بانه شاعر" رجعي " ومتشائم . بينما وصف البعض الاخر من هذه التيارات نفسها ، قصيدته (الارض الخراب ) بانها ابلغ نعي للرأسمالية الغربية ، لشاعر برجوازي .

ولكن موقف القوي الادبية العربية المحافظة في العالم العربي من اليوت ونهجه الشعري الجديد ، كان علي النقيض تماما من نظرة اليسار الراديكالي . ولعل في وصف عبدالله الطيب لهذا النهج بالضلال والانحراف والسماجة ما يكفي حيث يقول في بداية بحثه موضوع الرد :
" ويدعو الداعون إلى الإقتداء بأسلوب إليوت والتمذهب بمذهبه ، ويبغون بذلك النهوض بالشعر الحديث وبث روح جديد فيه ، وفي هذه القضية نظر ، هذا أقل ما يقال ولو قلنا إنها دعوى من الضلال البعيد والإنحراف السمج ما غلونا ".
ولكن الدكتور يعلن في موضع آخر عن تنكبه طريق الضلال هذا ويعترف بانه سبق رواد الشعر العربي الحديث الي كتابة هذا النوع من الشعر ثم تاب وانصرف عنه قبل ان يتعرف عليه هؤلاء الرواد . يقول في احدي محاضراته : " اني كنت فتنت بما فتنت به نازك الملائكة وسواها من بعد ، ونحن تبنا قبل فتنتها " . لاحظ استعمال الدكتور هنا للمفردات الدينية مثل : ضلال ، توبة ،فتنة ..!! كانما يساوي بين الخروج علي عمود الشعري ، والخروج علي اصول الدين !

ولكن اين تكمن خطورة اليوت علي الادب العربي كما يراها ا الدكتور الفاضل في بحثه : " الفتنة باليوت خطر علي ادب العربي " ؟؟
هل تكمن الخطورة في الانقلاب الذي احدثه اليوت في نظام القصيدة العربية ام في شيىء آخر؟
ان الخطورة التي يحذر منها الدكتور عبد الله الطيب لا تكمن في كسر عمود الشعر العربي وهدم نظام البيت والقافية ، وانما تكمن - في ظنه - في أخذ واختلاس اليوت من الشعر العربي القديم وافادته من منجزات القصيدة العربية الكلاسيكية في صياغة قصيدته دون ان يشير الي ذلك بل تعمد اخفائه . وكان الدكتور يريد بهذا الاتهام ، القول ان هؤلاء الداعين : " إلى الإقتداء بأسلوب إليوت والتمذهب بمذهبه ، ويبغون بذلك النهوض بالشعر الحديث وبث روح جديد فيه " غافلون عن حقيقة خطيرة جدا وهي ان اليوت مدين للشعر العربي القديم في صياغة قصيدته التي بني عليها مجده وشهرته . !!

خلاصة بحث الدكتور عبد الله الطيب هو أن الشاعر الإنجليزي الامريكي تي . اس . اليوت ، قد حذا في صياغة قصيدته (الأرض الخراب) على شكل القصيدة العربية القديمة بوجه عام وعلى أول معلقة لبيد بوجه خاص ، و أنه قد أخذ عنوان قصيدته ومطلعها وعنوان الجزء الأول منها، من الأبيات الأوائل من معلقة لبيد ، كما أنه ضمن القصيدة شيئاً من معلقة أمرئ القيس وشعر ذي الرمة وأبي تمام وبعض الإشارات من القرآن الكريم ، وإستعار البديع والتشبيه المقلوب من البلاغة العربية عموما ً.
ولكنا لنا رأي آخر بخلاف ما يري الدكتور عبدالله اذ نري ما ظنه عبدالله الطيب اخذا او سرقة او اختلاسا ، انما هو نابع من التجربة الشعرية لاليوت و من رصيده المعرفي المستمد من محيطه الثقافي. وذلك دون ان استبعد اطلاع اليوت علي ترجمات الشعر العربي القديم . فقد كان ذو حظ وافر من الالمام بآداب الشرق وقد درس شيئا من الاستشراق واللغة السنسكريتة (الهندية القديمة ) بهارفاد . وقد ذكر اليوت نفسه ، في اكثر من مناسبة ، انه قرأ في شبابه ، ترجمة فيتزجيرالد لرباعيات الشاعر الفارسي ،عمر الخيام وتاثر بها .ورغم ان الدكتور اشار عرضا الي تاثر اليوت بعمر الخيام الا انه لم يأت علي ذكر اي اشارة لهذا التاثر في بحثه الذي حصره في اخذ اليوت من شعر المعلقات العربية وبعض الشعراء العرب القدماء.

وكان الدكتور محمد احمد البدوي قد اشار في كتابه ( اوتار شرقية في القيثار الغربي ) ،الي شبه بين مطلع (الأرض الخراب ) وأحدي رباعيات الخيام بترجمة فيتزجرالد . ولكن البدوي ،يؤيد ،عبد الله الطيب في كل ما ذهب اليه ، ويخصص بكتابه فصلا تحت عنوان : " ماء السماء الاسلامية – في قصيدة الأرض الميتة " للحديث عن تاثر اليوت باسلوب القرآن لينتهي الي ان اليوت اخذ عنوان قصيدته من عبارة (الارض الميتة) التي ترد كثيرا في القران الكريم ، والتي اذا نزل عليها الماء اهتزت وربت .

هذا ، وكنت قد نشرت سنة 1993 بمجلة (الملتقي )السودانية ، ردا علي مجمل اراء الدكتور عبد الله الطيب حول قصيدة الارض الخراب . وها انا اعيد نشره هنا تباعا ، بشىء من التنقيح والزيادة . وسوف يشكل هذا الرد احد فصول الكتاب الذي ننوي نشره تحت عنوان : ( تاثير اليوت علي الشعر العربي الحديث )
.


عبد المنعم عجب الفيا

____________
المصادر :
___________
1- الفتنة باليوت خطر علي الادب العربي – د. عبد الله الطيب – مجلة الدوحة – اعداد : فبراير ،مارس ، ابريل 1982
2- معاوية نور ونقد الرومانتيكيين العرب في الثلاثينات – محمد عبد الحي – مجلة الدوحة – عدد ابريل 1979
3- اليوت والقارىء العربي في الاربعينات – د. محمد عبد الحي – الدوحة – سبتمبر 1979
4- اليوت والقارىء العربي - صلاح عبد الصبور بين اليوت وناظم حكمت – د. محمد عبد الحي – مجلة الدوحة - ؟
5- أصدقائي الشعراء ، هذا لا يؤدي ! (جزئين ) - معاوية محمد نور - الاعمال الكاملة
6- في الادب الانجليزي الحديث – د. لويس عوض – الهيئة العامة للكتاب –
القاهرة 1990

يتواصل



التعديل الأخير تم بواسطة عجب الفيا ; 01-02-2006 الساعة 03:31 PM.
عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2006, 12:58 PM   #[2]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

مرحب بعودتك يا عريس..
إشتقنا للإبحار معك يا صديقي الجميل..
ونعود بي مهلة ...هذه زيارة تحية.



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2006, 10:07 PM   #[3]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

العجب أخوى

الموضوع دا داير قراية كثيرة

وبعدها نرد ولا ما نرد !

المهم نحن ما بنفهم كلام زى دا من أول فلقة ..



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 06:25 AM   #[4]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

كيف الحال يا ابو نهلة
لقد سعدنا بلقائك رغم ضيق الوقت

ويا لمتعة الابحار معك في عوالم عبد الله الطيب وكل هؤلاء المنارات
فابقي معنا حيث تتوالي حلقات الرد علي العلامة ، عبدالله الطيب



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 06:29 AM   #[5]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

يا الف مرحب بالباشمهندس معتصم الطاهر

وعلي مهلتك وتلقانا في انتظار اضاءاتك ومشاركاتك

وسوف تتواصل حلقات الرد علي فقيدنا عبد الله الطيب

فابقي معنا



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 06:59 AM   #[6]
أبوذر بابكر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أبوذر بابكر
 
افتراضي

إزيك يا منعم وكيف الأحوال

دوما تغوص فى عمق بحار الأشياء البهية
وتأتينا وبيديك درر الجمال

أذكر هذه المساجلات على صفحات "الدوحة" "الموؤدة"
ولا زلت أحتفظ بمعظم الأعداد منها فيما القليل، فقد كانت نجمة وضيئة وبديعة القسمات أضاءت فى سماء وأفق الثقافة العربية، ولكنها توارت فجأة، وسمعنا العديد من الأسباب أو التبرير حول ذلك، ولكن ما كان يهمنا، هو أنهم قد أطفأوا مشعلا جميلا، ولعلهم يفضلون السير دائما فى العتمة

أحييك وأحى روح عبد الله الطيب فى علاه السرمدى



التوقيع:
يا سرَها يا لونَها
كيف إحتمالُك للعبيرْ
جلستُ على رخامِ أغنيةٍ
تنسابُ ناصعةً من هديلِ لونِها
من مسامِ سرِها
فزملنى الحرير
أبوذر بابكر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 10:58 AM   #[7]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

المسكون بجمر الشعر /ابو ذر
كيف الحال ومشتاقين والله

لم تقل الا الحق يا ابوذر
والحقيقة انا مدين الي حد كبير في بدايات تكويني الي مجلة الدوحة فقد كان ميلاد المجلة مع بداية تفتحنا علي الحياة وانفتاحنا علي دنيا القراءة والمعرفة .
لقد ترك وقف المجلة عن الصدور فراغ لم يسدد حتي الان ،
لان من مزايا المجلة انها تخاطب مختلف المستويات المعرفية الكل يجد فيها بغيته ، العالم المتخصص والقارىء المبتدىء ، وذاك المتمرس والفنان المحترف .

فالتحية لمؤسس المجلة محمد ابراهيم الشوش

وابقي معنا اخي ابوذر
ولا تحرمنا من اضاءات الشاعر فيك



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 11:59 AM   #[8]
haneena
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية haneena
 
افتراضي

أستاذنا عجب الفيا
حمد الله علي السلامة مرتين و كل عام و أنت بخير
أتابع معك هذا الموضوع الشيق
فواصل أخي

خارج النص..معليش
عن الدوحة..
أتساءل..لم لا يعاد إحياؤها مرة أخري؟؟؟
الشوش ما زال حيآ كما أعلم..فلم لا يناقش معه هذا الأمر و مع أصحابها الأوائل؟؟

مجرد فكرة خطرت لي

تحياتي لك و للمدام



التوقيع: Life is all about choices
haneena غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 12:43 PM   #[9]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

التحية للأديب الرائع
الفيا .
وتقول له
نشكر لك أن خصصتَ سودانيات بهذا البساط المعرفي ،
ونأمل أن تورد النصوص ذات الصلة لتُمكننا من المُضاهاة .
وبعد القراءة المُتأنية نأمل أن نتمكن من الإضاءة ،
بقدر المُمكن .
هذا البوست ( عروس من وشي الأدب مُحفَّلة )
شكراً لك أيها الرائع



التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 03:03 PM   #[10]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي


معلقة لبيد والارض الخراب :

تتكون قصيدة ( الارض الخراب ) The wastelandمن خمسة اجزاء كل جزء يحمل عنوانا . وهي بالترتيب التالي : دفن الموتي – لعبة شطرنج – موعظة النار – الموت بالماء – ماذا يقول الرعد .
يستهل اليوت القصيدة بقوله في الجزء الاول :
The burial of The Dead (دفن الموتي ) :

April is the crullest month, breeding
lilacs out of the dead land, mixing
Memory and desire, stirring
Dull roots with spring rain
Winter kept us warm, covering
Earth in forget full snow, feeding
A little life with dried tubers
Summer surprised us,
أبريل أقسي الشهور، منبتاً
الليلاك من الأرض الموات، مازجاً
الذكري بالرغبة، مثيراً
خامل الجذور بأمطار الربيع
الشتاء أدفأنا، مغطياً
الأرض بثلوج النسيان، مغذياً
حياة قليلة بعروق يابسة
الصيف فاجأنا ..


الفرضية التي ينطلق منها الدكتور عبدالله الطيب ، هي ان اليوت قد حذا في صياغة قصيدة الارض الخراب : " .. علي شكل معلقة القصيدة العربية بوجه عام ، وعلي أول معلقة لبيد بوجه خاص وكذلك حذا علي نماذج من معلقة امرىء القيس .."
وذلك ان : " شعراء العرب تبدأ في باب الاطلال بذكر تعفية الديار ثم ذكر ان الرياح دفنتها بما أهالته عليها من غبار ثم جاءت رياح أخري فأزالت هذا الغبار فبدت معالم الدار ظاهرة فيعرفها الشاعر بعد تامل .." .
ويدلل الدكتور علي ذلك بامثلة من الشعر العربي القديم ثم يورد مفتتح معلقة لبيد بن ربيعة العامري :

[U]عفت الديار محلها ومقامها * بمني تأبد غولها ورجامها

يقول : " وضعنا خطا تحت (عفت الديار ) اذ لفتنا شدة الشبه بين هذا التعبير وبين عنوان اليوت لمنظومته The waste land اي الارض التي جعلت عافية فاقوت وأقفرت وعفت وعفتها السنون " . ثم يورد قول لبيد :

فمدافع الريان عري رسمها * خلقا كما ضمن الوحي سلامها
رزقت مرابع النجوم وصابها * ودق الرواعد جودها فرهامها
فعلا فروع الايهقان وأطفلت * بالجهلتين ظباؤها ونعامها
وجلا السيول عن الطلول كأنها * زبر تجد متونها أقلامها


ويقول : " وموضع استشهادنا هو البيت الأول ، الدال علي ان مدافع الريان التي دفنتها الرياح ، قد عريت فبدت ملساء عليها الآثار كالنقوش ..والجود : المطر الغزير ، والرهام : الأمطار الخفيفة اللطيفة .." .
و" مجمل كلام لبيد أن امطار نجوم الربيع هطلت علي هذا المكان المقفر فزادته توحيشا لتعفيتها كل أثر من ألاحبة ولحلول النعام والبقر الوحشية وما أشبه فيه بعد عهدهم . هذه قساوة لا تخفي ."
ولكن ما علاقة كل ذلك باليوت وبارضه الخراب ؟!
العلاقة كما يقول عبد الله الطيب ، ان اليوت اخذ عنوان قصيدته ، وعنوان الجزء الاول منها ومطلعها ، من معلقة لبيد ، ويقابل بين كل ذلك كالآتي :

" (1) تعفية الديار

The wasteland
(2) اندفان الرسوم ثم تعريتها حتى وضحت معالمها
The burial of the dead
(3) هطول أمطار الربيع وما نشأ عنها من زيادة التعفية
April is the cruelest month


ولكن اذا كان معني قول لبيد – كما يقول عبدالله الطيب - ان آثار ديار الأحبة التي كانت قد دفنتها الرياح ، عرتها سيول امطار الربيع علي جبل الريان ، فبدت واضحة كالنقش أو الكتابة على الحجر ، فهل هذا هو ذات المعني الذي يرمي اليه اليوت في عنوان الجزء الاول (دفن الموتي ) ؟؟،

المطلع علي قصيدة الارض يجد ان عنوان الجزء الاول The Burial of The Dead قد انبثق من الوحدة العضوية والموضوعية للقصيدة حيث تشيع صور ومشاهد الموت الحسي والمعنوي ، لا في تفاصيل الجزء الاول وحسب ، بل في مجمل التفاصيل العامة للقصيدة . ويربط الموت ربطا عضويا ومعنويا كافة الاجزاء ويوحد بينها ، للحد الذي يمكن معه اعتبار ثيمة الموت هي الفكرة المحورية التي تدور حولها الدلالة العامة للقصيدة .

بنظرة سريعة ، نجد جزء كامل بالقصيدة يسمي: ( الموت بالماء ) حيث " فيلباس الفتي الفارع الوسيم ، ميت منذ اسبوعين " وهذه الصورة تكرار للصورة الواردة بالجزء الاول من القصيدة ، في قوله :" الملاح الفينيقي الغريق ، انظر! لؤلؤتان كانتا من قبل عينيه " . وهو ما حذرته منه قارئة الطالع في قولها : "لا اري الرجل المشنوق ، اذن احذر الموت بالماء ".
وفي مشهد آخر هنالك العظام المبعثرة والجثث العارية ملقاة على قارعة الطريق في انتظار من يدفنها :

جثث بيضاء عارية على الأرض الوطيئة الرطبة
وعظام ملقاة على سطح الغرفة الصغيرة الجافة
تخشخشها أقدام الجرذان من سنة لسنة


في الجزء الثاني من القصيدة المعنون : ( لعبة شطرنج )نجد ان الشاعر صار مسكونا بهاجس الموت ، وصارت صور الموت تطارده ، في كل مكان ، حتي عندما تسأله محبوبته : فيما يفكر ؟! يجبيها :

أفكر إناّ في ممر الجرذان
حيث فقد الموتى عظامهم

I think we in the rat's alley
Where the dead men lost their bones
و

يتكرر ذكر الموت بالجزء الخامس والاخير من القصيدة في قوله :
من كان يحيا فقد مات
ونحن الاحياء نموت الآن بقليل من الصبر


ولعل أكثر المقاطع التي تشي بفكرة العنوان (دفن الموتى) المقطع الأخير من الجزء الأول. حيث يبصر الشاعر وسط الجموع المنحدرة على جسر لندن ، بشخص يعرفه فيستفسره صائحاً عن مصير تلك الجثة التي غرسها في حديقته العام الماضي : هل بدأت تنبت ؟؟ وذلك في محاولة يائسة لبعث الحياة في الموتى الذين حصدت الحرب أرواحهم:

There I saw someone I knew, and stopped him crying: stetson!
You who were with me in the ships at Mylae !
That corpse you planted last year in your garden,
Has it begun to sprout ? will it bloom this year?

هنالك رأيت شخصا عرفته فاستوقفته صائحا :
يا من كنت معي علي السفن بميلاي !
هل بدأت تنبت
الجثة التي زرعتها في حديقتك العام الماضي؟
أتراها ستزهر هذا العام؟

أم تري أن الصقيع المفاجئ أقضّ مضجعها
ألا فلتطرد الكلب - صديق البشر - بعيداً عنها
وإلا نبش بأظافره فأخرج الجثة من جديد ! ؟


و"ميلاي" في قوله : " يا من كنت معي بميلاي " ، معركة حربية وقعت بين روما وقرطاجة في عام 260 قبل الميلاد . ولعل اليوت يتخذ من ميلاى هنا رمزاً لكل الحروب المدمرة التي وقعت في التاريخ . لاسيما الحرب العالمية الأولي التي فقد فيها صديقه جان فردينال (سيأتي ذكره ).
وقد اخطأ الدكتور عبد الله في قراءة مفردة "ميلاى" حين قال :
" عني اليوت بمايليس هنا المكتشف الدنماركى مايليس لودج ، الذي غامر باكتشافه سواحل جرينادا..استعمل اليوت صيغة المضاف اليه اللاتينية مايلاي من (ماليس ) ".
وهذا غير صحيح فميلاي هنا ليست ماليس . فهي ليست إسم علم كما ظن الدكتور عبد الله الطيب ، وإنما إسم مكان . فواضح من سياق القول : " يا من كنت معي بميلاي " ان الشاعر يخاطب شخصا عاقلا كان معه بمكان ما يدعي ميلاي . بدليل دخول ظرف المكان at علي ميلاي وبدليل أن هذا الشخص الذي يخاطبه الشاعر ويستفسره عن مصير الجثة التي زرعها في حديقته العام الماضي ، يدعي ستيتسون stetson.

ولعل إليوت يقصد باستفساره عن مصير تلك الجثة التي زرعها ذلك الشخص في حديقته ، التعبير عن سخريته المريرة من جدوى الحرب التي لم تخلف عبر التاريخ الطويل سوي الدمار والخراب .
اذا بينما يتحدث لبيد عن دفن وتعرية آثار ديار الاحبة بفعل الرياح والامطار ، يتحدث إليوت عن (دفن) موتي حقيقيين ، وهم ضحايا الحرب الذين انتشرت عظامهم في كل مكان.

يتواصل

المصادر :

1- الفتنة باليوت خطر علي الادب العربي - عبدالله الطيب - الدوحة - فبراير ،مارس ، ابريل 1982
2-A Students Guide to the selected Poems of T.S.Eliot, southam, Faber and Faber, London ,Six Edition 1994
.
3-The Waste Land and other Poems. T.S.Eliot, Faber and Febar, London 3 rd ed.1995



التعديل الأخير تم بواسطة عجب الفيا ; 31-01-2006 الساعة 10:41 AM.
عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 03:18 PM   #[11]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

الحنينة نبع الحنان
بحضورك يزدادالبوست ألقا
وبملاحظاتك الثاقبة تسد الثغرات
فلا تحرمينا من المتابعة الرصينة

اوقفت الحكومة القطرية مجلة الدوحة سنة 1986 بحجة تقليل الانفاق الحكومي !!
ولكنها كانت خسارة كبيرة ،
اما دكتور الشوش فقد تخلي عن رئاسة التحرير بنهاية 1980 بعد خمس سنوات من النجاح وحل محله المصري رجاء النقاش .





عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 03:47 PM   #[12]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

الرائع الشقليني
الهائم دوما في براري الحروف
معك يحلو السمر في هذه العوالم
وشكرا لوصفك الجميل لهذا البوست

بدانا للتو الابحار في النصوص فهيا نغوص معا



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-01-2006, 07:25 AM   #[13]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

الأرض الخراب وطقوس الخصوبة :

ان العنوان Waste Land الذي يقول عبد الله الطيب ان اليوت اخذه- من قول لبيد : "عفت الديار " ، تعبير معروف في اللغة الإنجليزية حتي قبل أن يستخدمه إليوت ، وله خلفياته الأسطورية والتراثية .
وهذا ما يؤكده عبدالله الطيب ، نفسه في بحثه ، حينما يقول : " في قاموس الدكتور صمويل جونسون ان معني الصفة المشتقة من الفعل اولا يدل علي تعفية المكان وجعله قفرا وثانيا يدل علي الخلو مثل خلو الصحراء والبرية التي لا ديار فيها . وكلا المعنيين مضمن في عنوان اليوت اي الارض التي أقفرت أو الارض المقفرة أو قل عفت الديار ."
وفي ظننا ان استدلال الدكتور بقاموس صمويل جونسون حجة عليه ، ودليل علي ان اليوت استعمل تعبيرا موجودا أصلا في لغته وثقافته ، ولم يختلسه من الشاعر العربي الجاهلي لبيد .
وقصة الأرض التي تتحول إلى خراب بسبب غضب الإلهة أو سبب لعنة تحل بأهلها ، كثيرة الورود في الأساطير والآداب القديمة . فقد جاء في مسرحية ( أوديب الملك) للكاتب الإغريقي سوفكلس ، أن طيبة تحولت إلى أرض خراب وحل بأهلها الوباء بسبب قتل أوديب لأبيه الملك وزواجه من أمه دون علمه طبعاً. ولم يرفع الوباء إلا بعد أن اقتص أوديب من نفسه وفقأ عينيه ، ونفي نفسه من المدينة .
وقد أشار إليوت قصة أوديب في الجزء الثالث من القصيدة في معرض حديثه عن تيرزياس حكيم طيبة الأعمي الذي تمكن من إكتشاف سر أوديب الذي قتل أباه وتزوج من أمه.
وقصة الأرض الخراب في الكتب المقدسة هي قصة الأمم التي عصت أمر ربها وكذبت رسله كعاد وثمود فدمرها الله تدميراً .

أما أرض اليوت الخراب ، فهي رمز، كما يقول Southam في مرشده ، الي :" العالم في اعقاب الحرب العالمية الاولي . و الخراب الذي يصوره اليوت هنا ليس الدمار وسفك الدماء ، بل انه الفراغ الروحي والجفاف العاطفي للانسان الغربي ،او بالأحري خراب حضارتنا . وهذه بالنسبة لاليوت ليست لحظة استثنائية في التاريخ الانساني تخص الغرب فقط في القرن العشرين . ولذلك فهو قد بني قصيدته علي ورؤية رمزية شاملة جمعت بين افكار ومعتقدات انسان القرن العشرين في سيرورة جدلية مع معتقدات الماضي ."

وقد استعان اليوت في تصوير هذه الرؤية الجدلية بين الماضي والحاضر باستلهام اسطورة Grail Legend (الكاس المقدسة) التي يقول عنها في هوامش القصيدة ، انه استمدها مباشرة من كتاب جسي وستن (من الطقوس إلى أدب الرومانس):
" ليس العنوان فحسب بل أن خطة القصيدة و قدر كبير من رمزيتها العارضة هو ما استوحيته من أسطورة الكأس الواردة بكتاب ( من الطقوس إلى أدب الرومانس) . في الحقيقة أنني مدين لهذا الكتاب الي الحد الذي يجعلني اعتقد انه يضىء غوامض القصيدة بأكثر مما تفعله هذه الهوامش . لذلك - بالاضافة الي القيمة العظيمة للكتاب في حد ذاته - فانني أوصي به كل من يري ان في القصيدة ما يستحق العناء ".

والكاس المقدسة Grail Legend كاس ذات قوي غيبية مرتبطة بسر الخلود . كانت الكاس بحوزة احد الملوك ، فيظل هذا الملك محتفظا بشبابه وبكامل صحته . ثم فجاة تختفي الكاس فيمرض الملك ويفقد فحولته وتفقد الارض تبعا لذلك خصوبتها ويضربها الجفاف ويصاب الناس بالعقم . فيتم تكليف عدد من الفرسان للخروج في رحلة شاقة مخيفة بحثا عن الكاس . فاذا وصل الفارس الي نهاية الرحلة ، يسئل اسئلة معينة عن سر الكاس فاذا اجاب عليها يشفي الملك من مرضه ويستعيد فحولته وتعود الخصوبة للارض والناس وسائر الحيوانات .

تورد السيدة جسي وستن عددا من الروايات عن قصة الكاس المقدسة .تتفق جميعها حول علاقة الكاس المقدسة بخصوبة الارض وا حياة الناس وصحة الملك . تقول وستن عن واحدة من هذه الروايات :

“ The hero sets out on his journey.., he ought to have enquired concering the nature of the Grail, and that this enquiry would have resulted in the restoration to fruitfulness of a Waste land, the desolation of which is ,connected with the death of a knight whose name and identity are never disclosed.”

وفي رواية اخري يشار الي الملك ، الذي تتحول ارضه الي خراب ، بالملك الصياد :

‘The task of the hero consist in asking concering the Grail and by so doing, to restore the Fisher King from extreme old age, to health, and youth.”

ويتماهي إليوت مع أسطورة الكاس المقدسة او الملك الصياد ، في أواخر الجزء الخامس من القصيدة قائلاً :-

I sat upon the shore fishing,
With the arid plain behind me
Shall I least set my lands in order?

هانذا أجلس على الشاطئ
أصطاد السمك
وخلفي يمتد السهل اليباب
فيا تري هل أقوي على
استعادة النظام إلى أرضي ؟

ويوحد اليوت بين اسطورة الكاس المقدسة وبين طقوس واحتفالات الخصوبة عند الشعوب القديمة حيث الاله مثل ادونيس وآتيس واوزريس يموت كل عام ويبعث في الربيع كضمان لاستمرارية دورة الحياة في الانسان والنبات . وفي ذلك يقول اليوت في هوامش القصيدة انه استلهم هذه الاساطير من كتاب : The Golden Bough ( الغصن الذهبي ) لجيمس فريزر:
" .. كما انني مدين بصفة عامة الي كتاب اخر في الانثربولوجيا كان له اعظم الاثر في جيلنا واعني به كتاب : الغصن الذهبي . وقد وظفت الاجزاء الخاصة بادونيس وآتيس واوزريس. وكل من له معرفة بهذه الاعمال سيلحظ علي التو بعض الاشارات في القصيدة الي طقوس الخصوبة . "
ولكن ما الدلالة الرمزية لتوظيف اليوت هذه الاساطير والطقوس في قصيدته ؟
ينظر الشاعر الي العالم عشية الحرب العظمي ، وقد تحول في عينيه الي خراب مثله مثل الارض الخراب التي تتحدث عنها الاساطير . فيصبح هاجسه الشعري كيفية تجديد هذا الخراب . يقول Southam في مرشده : تقوم " ثيمة القصيدة على إمكانية إنقاذ الارض الخراب وإمكانية إستعادة الحيوية الروحية والفكرية والعاطفية اليها . وقد عالج اليوت هذه الفكرة بالتماهي مع نماذج ذات صلة ، في الطبيعة والدين والاسطورة . وهي دوران فصول السنة، وطقوس وأساطير الخصوبة في مصر والهند واليونان حيث الاله يجب ان يموت ثم يبعث من جديد ليضمن بذلك استمرارية الخصوبة في الارض وفي الناس . وهو تقليد يتكرر في عقيدة موت وبعث المسيح . "

هذا ، وقد ترجم عبدالله الطيب عبارة العنوان بـ (الأرض القفر) ربما تكون هذه الترجمة قاصرة عن حمل كل الدلالات الرمزية للقصيدة . فهي لا تعبر سوي الخراب المادي الذي تسببه عوامل الطبيعة . فإذا تأملنا القصيدة نجدها تتحدث عن الخراب المعنوي أكثر من حديثها عن الخراب المادي الذي خلفته الحرب ويبدو ان الشاعر مهموم بالخراب الفكري أكثر من الخراب المادي . ربما لان الأول هو الذي يقود إلى الثاني في نظره .
اما ( الأرض الخراب) فتشير الي المعنيين : المادي والمعنوي . فهي قد تفيد الخراب والدمار الذي تسببت فيه الحرب والعوامل الطبيعية الأخرى ، وقد تفيد في ذات الوقت الخراب المعنوي ، أي الفراغ الفكري والروحي والجفاف الثقافي . . ونحن نقول : (خراب الذمم) ونعني به فساد الأخلاق والقيم ونقول في المثل السائر:
( ميتة وخراب ديار) و(خراب سوبا) في إشارة إلى الخراب المادي.
وقد وردت الإشارة إلى الخراب المادي في القرآن الكريم في قوله تعالي :" يخربون بيوتهم بأيديهم وأيد المؤمنين فإعتبروا يا أولي الألباب" -الحشر الآية –1 .
لكل ذلك نري أن ترجمة العنوان (بالأرض الخراب) هي الأنسب لأنها أشد إيحاءً وأكثر خصوبة وامتلاءً بفكرة القصيدة ، من (الأرض القفر) و ( الأرض اليباب) .
والارض الخراب هي الترجمة التي اختارها الدكتور لويس عوض ، وتبعه في ذلك جماعة مجلة " شعر " أدونيس ويوسف الخال . اما الأرض اليباب ، فهي ترجمة الدكتور احسان عباس وتبعه فيها الدكتور عبد الواحد لؤلؤة وآخرون .

يتواصل ،

المصادر :

1- الفتنة باليوت خطر علي الادب العربي - عبدالله الطيب - الدوحة - فبراير ،مارس ، ابريل 1982
2-A Guide to the selected Poems of T.S.Eliot, southam, Faber and Faber, London ,Six Edition 1994
.
3-The Waste Land and other Poems. T.S.Eliot, Faber and Febar, London 3 rd ed.1995
4- From Ritual to Romance , Jessie L. Weston page 13,14
[/size][/font]



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-01-2006, 07:36 AM   #[14]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

زهور الليلاك ووحشة الربيع :

افتتح اليوت قصيدته بالتغني بالربيع (ابريل ) ولكنه تغني ينطوي علي مفارقة اذ يصفه بالوحشة . وأول مظاهر الربيع التي تثيرالاستيحاش في نفسية الشاعر ، زهور الليلك:

April is the crullest month, breeding
lilacs out of the dead land, mixing
Memory and desire,


" ابريل اقسي الشهور ، ينبت الليلاك من الأرض الموات ..يمزج الذكري بالرغبة "
الا ان الدكتور عبدالله الطيب يري ان اليوت اخذ قوله :" ابريل اقسي الشهور منبتا الليلاك " من قول لبيد : " رزقت مرابيع النجوم .. فعلا فروع الايقهان "
يقول الدكتور الفاضل : " ..تأمل الشبه في السياق والصياغة بين قول لبيد ، فعلا فروع الايقهان بعد ذكره مطر الربيع ، وبين قول اليوت منبتا زهور الليلك ، بعد نعته مطر الربيع الذي ابريل رمز له . اي فعلت اغصان الليلك ، كما علت فروع الايقهان ."
و يمضي الدكتور الي القول : " اخذ اليوت مزجه الذكري بالشهوة " من قول لبيد :
فعلا فروع الايقهان وأطفلت * بالجهلتين ظباؤها ونعامها
يقول : " جاءت الظباء والنعام في مكان الحبيبة والظبية تشبه بالحبيبة . وههنا مجال للذكريات واتصال معني ولادة الظباء أطفالها وافراخ النعام بالشهوة غير خاف ."
ولا بد للمرء اولا ان يتسآءل كيف يضطر الشاعر الاوربي ان يختلس النظر الي ذكر الربيع وازهاره من شاعر عربي جاهلي ؟ فللربيع مكانة معروفة في اروبا فهو فصل تدفق الحياة وانطلاقها . والغريب ان الدكتور الفاضل يؤكد ذلك في قوله في هذا السياق : " وابريل بحبوحة أشهر الربيع فذكره يدل عليه " ثم يورد القول الانجليزي المعروف الجاري مجري المثل - علي حد تعبيره :
March winds, April showers, Bring fourth May flowers.
أليس هذا كافيا لنفي شبهة السرقة ؟ ولكن ذلك لا يزيد عبد الله الطيب الا اصرارا علي المضي قدما في اتهام اليوت بسرقة ذكر الربيع في أول قصيدته من معلقة لبيد .
وكما سبقت الاشارة ان اليوت استلهم بنية القصيدة من التجربة الشعرية والمصادر التي افاد منها في صياغة هذه التجربة شعرا . وسنورد فيما يلي عددا من الشواهد التي تدل علي أن فكرة القصيدة وصياغة صورها ومعانيها إنما نبعت من خصوصية وأصالة التجربة الشعورية التي عاناها الشاعر على مستوي الواقع .كما نورد بعض الامثلة من الادب الانجليزي والامريكي والاوربي ، التي ربما يكون اليوت قد تاثر بها في صياغة افتتاحية قصيدة الارض الخراب .
تورد هيلين وليم في كتابها عن اليوت انه حينما كان مستغرقا في كتابة الارض الخراب ، كتب رسالة نشرت بمجلة The Dial الامريكية بعدد يوليو 1921 يصف فيها اجواء مدينة لندن في تلك الفترة وصفا يتضمن كثيرا من الصور والمشاهد التي اعاد صياغتها في تلافيف القصيدة . يقول في تلك الرسالة :
"إن فصل النكد قد بدأ مبكراً هذه السنة مع حلول الربيع الذي جاء دافئاً لطيفاً قليل الأمطار. كان محصولنا من حالات الطلاق والوفيات قليلاً مقارنة مع الخريف الماضي .." ويصف تفشي نوع غريب من إلانفلونزا " يترك جفافاً حاداً في الفم وطعماً لاذعاً في الحلق."
المطلع علي القصيدة يلمس علي التو ان هذه المظاهر التي يعددها اليوت هنا في هذه الرسالة قام بصياغتها شعرا في القصيدة . فهنالك شهر أبريل (الربيع ) الذي يفتتح به القصيدة ويصفه الشاعر بالقساوة والوحشة ويصفه هنا بالنكد . هنالك قارئة الطالع التي أصابتها إنفلونزا حادة ومع ذلك " تدعي انها أبصر أمراة في أروبا ". ويذكر شراح اليوت انه يشير بذلك الي الإنفلونزا الأسبانية التي تفشت اثناء الحرب العالمية الأولي" ( ) . كذلك هنالك حالات الجفاف العاطفي وتوتر العلاقات الزوجية التي مثل لها الشاعر في الجزء الثاني من القصيدة بتلك السيدة الأرستقراطية وبزوجة الجندي التي فقدت رونقها بسبب حبوب الإجهاض. هنالك نهر الثيمز الذي ضربت ضفتيه الجفاف فصار مهجورا . الي غير ذلك من مظاهر الجفاف ا وصور الموت لتي تعج بها تفاصيل القصيدة .

كذلك يستشهد معظم شراح اليوت بما ورد بالمقالة التي نشرها اليوت بمجلة The Criterion عدد أبريل 1934 مقالاً يستذكر فيه بعض ايامه الجميلة بباريس :

I am willing to admit that my own retrospect is touched by a sentimental sunset, the memory of a friend coming accross the luxembourg gardens in the late afternoon waving a branch of lilacs, a friend who was later ( so far as I could find out) to be mixed with the mud of gallipoli.

" لابد أن أقر بأن أعمق ذكرياتي تعود إلى عصر ذلك اليوم حيث الغروب المثير بحدائق لكسمبورج وصورة أحد أصدقائي مقبلاً نحوي ملوحاً بغصن من زهور الليلاك . ذلك الصديق الذي عرفت فيما بعد أن جسده قد إمتزج بوحل غاليبولي" .

قارن بين ما ورد اعلاه بالمقالة وبين إفتتاحية (الأرض الخراب) :
April is the crullest month, breeding
Lilacs out of the dead land, mixing
Memory and desire, stirring
Dull roots with spring rain.


أبريل أقسى الشهور منبتاً
الليلاك من الأرض الموات
مازجاً الذكري بالرغبة محركاً
خامل الجذور بأمطار الربيع


فهل قساوة أبريل التي يفاجئنا بها إليوت منذ البداية تنبع من إنباته لزهرة الليلاك التي تثير في نفس الشاعر ذكري صديقه وهو يلوح بغصن الليلاك وسط حدائق لكسمبورج في ذلك الغروب المثير في باريس ؟
ومن هو هذا الصديق الذي يثير ذكراه في نفس الشاعر كل تلك القساوة والوحشـة،وتحول الربيع في نظره من فصل جميل ورائع إلى فصل كئيب وقاتم؟
ويري البروفسير الأمريكي جيمس ميلر في كتابه :
T.S. Eliots Personal Waste Land, James Miller,Pensylvania University Press,1977
ان ذلك الصديق هو الشاب الفرنسي جان فردينال الذي كان يزامل اليوت ايام الدراسة بالسربون حيث كان يدرس الطب ويمارس كتابة الشعر وقد ربطته بإليوت علاقة صداقة حميمة جداً.
ولما نشبت الحرب العالمية الأولي سنة 1914 عاد إليوت إلى إنجلترا وإلتحق جان فردينال بخدمة القوات الفرنسية . حيث شارك في الإنزال البحري الذي قامت به قوات الحلفاء في 24 أبريل 1915 للإستيلاء على غاليبولي التركية على خليج الدردنيل. إلا أن الحلفاء فشلوا في الإستيلاء على غاليبولي . وكان فردينال بين آلاف الضحايا من الجنود الفرنسيين والإنجليز والإستراليين الذين إمتزجت دماؤهم بمياه الدردنيل.
وكان اليوت قد اهدي أولي قصائده الناجحة وهي قصيدة (أغنية العاشق الفريد ج. بروفروك) إلى جان فردينال حيث جاء في الاهداء :-
" إلى جان فردينال 1888-1915 مات في الدردنيل : كلما تأملت غرور دنيانا رأيت أن ظل الحياة شئ زائل ومن هذا تستطيع أن تفهم مبلغ الحب الذي يشدني اليك ".
ويري ميلر ان إليوت قد رمز إلى جان فردينال في القصيدة مرة بالملاح الفينيقي الغريق ومرة بفيليباس الفينيقي. ففي الجزء الأول (دفن الموتى) يذهب الشاعر إلى قارئة الطالع فتخبره أن في حياته هذا ، الملاح الفينيقي الغريق ، المعادل الموضوعي ، لجان فردينال:

Here, said she, is your card
The drowned phoenician sailor

Those pearls were his eyes. Look !
قالت خذ !
ها هو الكارت الذي يخصك
الملاح الفينيقي الغريق
أنظر (لؤلؤتان كانتا من قبل عينيه)

والدلالة الرمزية للملاح الفينيقي الغريق تكمن في أن الشاعر يتمني لو أن صديقه الذي مات غرقاً في الحرب العالمية الأولي، بعث من جديد كما كان يبعث أدونيس إله الخصوبة الفينيقي بعد موته كل عام .

في الجزء الرابع من القصيدة (الموت بالماء) يرمز إليه هذه المرة بفيليباس الفينيقي . وفيليباس هو أحد آلهة الخصوبة عند الفينيقيين كانت صورته ترمي في البحر على شواطئ الإسكندرية ليحملها التيار ويلقي بها على الشواطئ اليونانية حيث تعبد هنالك كرمز للإله الذي مات وبعث من جديد. يقول إليوت في (الموت بالماء):

فيليباس الفينيقي ميت منذ إسبوعين
نسي صوت النوارس ولجة البحر العميق
والربح والخسارة
.................
فأنت يا من تدير الدفة وتنظر
صوت الريح تأمل فيليباس الذي كان وسيماً
وفارعاً مثلك !


في القسم الثاني من القصيدة يجلس الشاعر بجوار محبوبته شارد الذهن مستغرقاً في التفكير وتسأله فيما يفكر يجيبها :-
" أفكر أننا في ممر الجرذان حيث فقد الموتى عظامهم "
ويري جيمس ميلر ان ممر الجرذان يرمز الي خليج الدردنيل على بحر إيجة الذي مات وفقد فيه آلاف الجنود من جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولي ومن بينهم صديقه جان فردينال.
ويمضي ميلر الي القول ان إليوت وفردينال كانا يقومان أثناء إقامتهم بباريس بزيارات وجولات في فصل الصيف إلى المانيا وإيطإلياا . وقد استدعي إليوت إلى تلك الجولات شعريا في سياق وصفه للربيع في مطالع القصيدة حيث يقول:-

الصيف فاجأنا
إذ جاء على بحيرة ستانبرجرزي
بزخات المطر ، فإحتمينا بين الأعمدة
ثم مضينا حين سطعت الشمس
إلى حديقة الهوفجارتن
حيث شربنا القهوة وتحدثنا نحو ساعة.


وستانبرجرزي بحيرة تقع بالغرب من ميونخ . والهوفجارتن إحدى حدائق مدينة ميونخ العامة. وكان إليوت وفردينال قد قضيا صيف 1910م بميونخ حيث أكمل إليوت كتابة أولي قصائده الناجحة (أغنية العاشق الفريد ج. بروفروك) والتي أهداها إلى فردينال .
يقول ثاوسام في مرشده ان اليوت التقي في إحدى تلك الزيارات إلى ألمانيا التقي اليوت بالكونت ماري لاريش صاحبة كتاب My past ( أيامي الخوإلى ) ، الذي لاقي رواجاً في تلك الأيام ، ودار بينهما حديث ضمنه إليوت إفتتاحية القصيدة في الأبيات التي تلي قوله : " شربنا القهوة وتحدثنا نحو ساعة" . وقد كتب أول هذه الأبيات باللغة الألمانية :-

ما أنا بالروسية وإنما ألمانية أصيلة من لتوانيا
عندما كنا أطفالاً نقيم مع أبن عمي الأرشدوق
خرج بي للتزحلق على الجليد
فإنتابني خوف شديد ، قال : ماري ، ماري
تشبثي بقوة ، ثم إنزلقنا إلى أسفل
بين الجبال هنالك أحس بالحرية
وأقرأ كثيراً بالليل وفي الشتاء
أذهب إلى الجنوب


علاوة علي هذه التجارب الواقعية التي لا شك ان اليوت قد اتكأ عليها في صياغة القصيدة نجد ان دارسي اليوت في اللغة الانجليزية ،لا ينفكون يعقدون المقارنات بينه وبين عددا من الشعراء القدامي والمحدثين . فكثيرا ما تتم المقارنة بين افتتاحية قصيدة اليوت وافتتاحية حكايات كانتربري ، لجوفري شوسر ( 1340 – 1400 ) :

When that April with his showers sweet
The drought of March has pierced to the root

وعن دلالة استهلال الحكايات بذكر الربيع ، يقول الشارح :
It is April a time of fertility and invigoration, when people feel the urge to fall in love, to travel, and go to pilgrimage.
هنالك شبه ايضا بين استهلال الأرض الخراب واستهلال الشاعر الامريكي والت وايتمان ( 1819 – 1892 ) لقصيدته : ( ذكريات الرئيس لينكلون ) حيث يقول :

When lilacs last in the dooryard bloomed,

And the great star early drooped in the western sky in the night,
I mourned, and yet shall mourn with ever-returning spring.
ً
كذلك يقارن بعض النقاد بين افتتاحية اليوت وافتتاحية احدي القصائد المشهورة للشاعر الانجليزي روبرت بروك (1887-1915) الذي مات ،هو الآخر ، في الحرب العالمية الاولي ، حيث يقول :

Just now the lilacs is in bloom
All before my little room
Here am I, sweating , sick and hot

حل الربيع على الشاعر روبرت بروك وهو في المانيا محموماً يتصبب منه العرق فتذكر حلول الربيع في الريف الإنجليزي حيث زهور الليلاك تملأ ساحة غرفته .
وسبق لإليوت .أن استلهم إفتتاحية روبرت بروك هذه لإحدى قصائده المبكرة A portriate of a lady
( صورة سيدة) يقول في مطلعها :-

Now that lilacs are in bloom
She has a bowl of lilacs in her room


And twists one in her finger while she talks


لاحظ التطابق بين الصورة التي رسمها الشاعر لهذه السيدة وهي تقف منتشية أمام غرفتها ممسكة بزهرة ليلاك بين أصابعها تلوح بها أثناء الحديث. وبين صورة صديقه وهو مقبل نحوه ملوحاً بغصن الليلاك وسط حدائق لكسمبورج .

ومن غرائب الصدف أنه أثناء إنشغإلى بكتابة هذا البحث عثرت صدفة في كتاب (فن الشعر) للدكتور محمد مندور بقصيدة مترجمة لمالارميه بعنوان ( البعث ) فيها شبه بإفتتاحية إليوت .والجدير بالذكر ان الكتاب يخلو تماما من اي اشارة الي اليوت او الي قصيدة الارض الخراب . يقول مالارميه في هذه القصيدة :-

لقد طرد الربيع الشاحب في حزن
الشتاء الضاحي
وفي جسمي الذي يسيطر عليه الدم القاتم
يتمطي العجز في تثأوب طويل

إن شفقاً أبيضَ يبرد تحت جمجمتي
وأهيم حزيناً خلف حلم غامض جميل
وأحفر برأسي قبراً لأحلامي
وأعض الأرض الساخنة التي تنبت النرجس
وأغوص منتظراً أن ينهض عني الملل


يقول مالارميه أن الربيع الشاحب الحزين، طرد الشتاء الدافئ المشمس . وهذه مفارقة واضحة تجسد الحالة النفسية للشاعر وتكاد تتطابق مع المفارقة التي إفتتح بها إليوت قصيدته حينما وصف الربيع (أبريل) بالوحشة والشتاء بالدفء.
حتى أن عنوان مالارميه (البعث) يكاد يلخص الفكرة العامة لقصيدة إليوت ألا وهي بعث الحياة من جديد في الأرض الخراب وإعادة الخصب والنماء إليها .
ربما يكون هذا التطابق في الصور والمعاني بين قصيدة مالارميه وإفتتاحية إليوت، مجرد توارد خواطر . وربما يكون إليوت قد إطلع على قصيدة مالارميه وتأثر بها. فالمعروف أن مالارميه يعد من زعماء المدرسة الرمزية بفرنسا. وغني عن القول أن إليوت تأثر بزعماء هذه المدرسة أيما تأثير . وذلك أثناء دراسته بالسربون بباريس . وكان إليوت متمكناً من ناصية اللغة الفرنسية لدرجة أنه نظم بعض أشعاره المبكرة بالفرنسية. ولكن رغم كل ذلك لا أقول أن إليوت سرق أو أخذ من قصيدة مالارميه ، فقط أقول أنه ربمـــا اطلع عليها .

مما تقدم يتضح أن إستهلال القصائد بذكر الربيع ووصف أزهاره وأمطاره كان أمراً مألوفاً جداً في الشعر الإنجليزي والاوربي عموما . وأن إليوت عندما بدأ قصيدته بذكر الربيع إنما كان يصدر، بالإضافة إلى تجربته الذاتية ، عن ثروة هائلة من القصائد التي تمجد الربيع وتتغنى به.
ولكن الغريب والمدهش حقاً أن ينكر الدكتور عبد الله الطيب على إليوت ذكر زهور الليلاك في قصيدته ، حيث يقول: "وذكر إليوت هذه الزهرة الشرقية والإسلامية المعدن في سياقه الذي يقرنها فيه بالذكري والجنس عجب .. إذ أشبه بأساليب لغته وحضارته لو قد ذكر الورد، وكان من ضروب نواوير أوربا وبريطانيا وأمريكا. أم ليت شعري هل فر من رومانتيكية الورد وما بمجراه.".
فزهرة الليلاك زهرة معروفة في أوربا. وإرتبط ذكرها بذكر الربيع إرتباطاً وثيقاً كما مر بنا قبل قليل. و كلمة ليلاك كلمة قديمة في اللغة الإنجليزية . ولا أدري لماذا تجاهل ما اورده هو نفسه نقلا عن برنارد بروغنـزي احد نقاد اليوت ، الذي اشار اليه في بحثه بقوله ، ذكر بروغنزي : "أن الليلاك كان كثيراً في سياجات هارفارد النباتية" .
هذا ، ولا أري أن الدكتور كان بحاجة إلى كل ذلك الإستطراد المطول في البحث والتقصي عن أصل كلمة ليلاك. وكون أن أصلها فارسي أو عربي لا يهم طالما أن اللغات تأخذ من بعضها البعض، وطالما أن الشاعر كان يتحدث عن زهرة حقيقية عاينها وأحبها وإمتزجت باجمل ذكرياته .


المصادر :

1- The Guide to the selected Poems of T.S.Eliot, southman, Faber and Faber, London ,Six Edition 1994
.
2- The Waste Land and other Poems. T.S.Eliot, Faber and Febar, London 3 rd ed.1995.
3- T.S. Eliots Personal Waste Land, James Miller,Pensylvania University Press,1977 p.24,25,26
4- T.S.Eliot: the Waste Land,Helien Williams,Edward Arnold, 2nd edition,page 10
5-The complete Poems of Walt Whitman,Poetry libarary,page 300
6- Geoffrey Chaucer ,The Canterbury Tales,Poetry Libarary,page 7
7-الارض اليباب الشاعر والقصيدة – د.عبد الواحد لؤلؤة – المؤسسسة العربية للدراسات – الطبعى الاةلي 1980 – بيروت



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31-01-2006, 09:41 AM   #[15]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اليوت وامرؤ القيس :]

ينطلق الدكتور عبدالله الطيب كما سبق البيان ، من افتراض ان اليوت قد اطلع علي ترجمة السير وليم جونز للمعلقات العربية وانه بعد ان اخذ عنوان قصيدته وعنوان الجزء الاول منها ومطلعها ،من معلقة لبيد ، نظر ايضا في معلقة امرىء القيس واخذ قوله : dried tubers اي العروق الجافة الوارد في مطالع القصيدة :

Winter kept us warm, covering
Earth in forgetful snow, feeding
A little life with dried tubers

الشتاء أدفأنا ، مغطياً
الأرض بثلوج النسيان ، مغذياً
حياة ضئيلة بعروق جافة.

يقول انه اخذ تعبير " العروق الجافة " من قول امرىء القيس :

كأن السباع فيه غرقي عشية * باطرافه القصوي انابيش عنصل

والعنصل كما يقول ، هو البصل البري . والأنابيش هي درنات أو عروق النبات الذي تكون ثمرته داخل الأرض كالبطاطا والفول والبصل . ثم يورد ترجمة وليم جونز لبيت امرىء القيس كالآتي :

The beats of the wood, drowned in the floods of the night,
float like the roots of wild onions

وبالمقارنة بين قول اليوت والترجمة وليم جونز ، لبيت امرىء القيس نجد ان اليوت استعمل كلمة tubers بينما ترجم وليم جونز : أنابيش العنصل ، بتعبير : root of wild onions اي عروق البصل البري . اذن هنالك اختلاف ، وهذا الاختلاف ينفي ، علي الاقل ، شبهة الاخذ المباشر . لذا لايجد عبد الله الطيب امامه مفرا من الاعتراف بهذا الاختلاف ، حيث يقول : " الاصطلاح الانجليزي لما ينمو من النبات كالبصل ينتفخ اصله الملامس بجذوره للتراب هو tubers ويبدو استعمال اليوت هذا بعيد من ان يكون ماخوذا من عبارة السير وليم جونز .."
فعلا هو كذلك لان عبارة (العروق الجافة) الواردة في قول اليوت ، لا تنفصل عن مجمل حالة الجفاف والجدب الذي تتردد أصداؤه في كافة تفاصيل القصيدة . ولو تأملنا القصيدة إبتداء من العنوان وحتى السطر الثلاثين فقط ، نجد أن هذا المعني يتردد في القصيدة بصيغ مختلفة لأكثر من سبع مرات كالآتي :-
( الأرض الخراب - الأرض الموات - خامل الجذور - العروق الجافة - الجذور المتشبثة - الشجرة اليابسة - الأغصان التي تنبت من الحثالة الصخرية - الحجر الجاف الذي لا ينبجــس منه الماء إلخ … ).

لم يكتف اليوت - كما يري عبد الله الطيب - باخذ تعبير العروق الجافة من بيت امرىء القيس المشار اليه وحسب ، بل اخذ منه ايضا الصورة الشعرية الواردة في قوله :-

يا من كنت معي علي السفن بميلاي
هل بدأت تنبت
الجثة التي زرعتها في حديقتك العام الماضي ؟
الجثة التي زرعتها في حديقتك العام الماضي؟
أتراها ستزهر هذا العام؟
أم تري أن الصقيع المفاجئ أقضّ مضجعها
ألا فلتطرد الكلب - صديق البشر - بعيداً عنها
وإلا نبش بأظافره فأخرج الجثة من جديد ! ؟


يقول انه اخذ هذه الصورة من قول أمرئ القيس السابق :
كأن السباع فيه غرقي عشية * بارجائه القصوى أنابيش عنصل
ويعقد مقارنة بين معني أمرئ القيس ومعني اليوت قائلا :
" إن جنائز سباع غرقي في العشية تشبه مناظرها في الأرجاء القصوى أطراف البصل البرى التي ينبشها الصبيان " تقابل عند اليوت " سفن مايليس ومعها البحر ومخاطره - جنازة مغروسة في حديقة العام الماضي هلا أنبتت وأخرجت شطئها مثل النبات ؟"
ولا أدري كيف تشبه سفينة في البحر ، جثة مدفونة في باطن الأرض منذ العام الماضي ؟
,الحقيقة ان الدكتور تعسف كثيرا في تاويل معني امرىء القيس حتي يبدو مشابها لقول اليوت . فالمعني كما يقول الزوزني في شرحه : " :ان السباع حين غرقت في سيول هذا المطر عشيا ، أصول البصل البري ، شبه تلطخها بالطين والماء الكدر بأصول البصل البرى لانها متلطخة بالطين والتراب " .
هذا ، وقد اخطأ الدكتور عبد الله ، كما سبقت الاشارة ، في قراءة مفردة (ميلاي) حين قال انها تعني المكتشف الدنماركى مايليس لودج ، وهذا غير صحيح . فميلاي إسم مكان وليست اسم علم . وميلاي - حسب شراح اليوت - معركة حربية بحرية وقعت بين روما وقؤطاجة قبل الميلاد .
وينطوي الاستفسار عن مصير الجثة علي إشارة واضحة إلى طقوس الخصب عند بعض الشعوب القديمة . ويقول ساوثام كانت صورة إله الخصوبة عند بعض الشعوب ، تدفن في المزارع كل عام كضمان لعودة الربيع . اما اليوت فيحيلنا اليوت في هوامش القصيدة الي مرثية بمسرحية The white Devil( الشيطانة البيضاء) لجون ويبستر يقول فيها:

" اطرد الذئب انه عدو البشر والا نبش باظافره واخرجهم من جديد "

ويبدو ان اراء عبد الله الطيب قد وجدت تجاوبا كبيرا وسط زملائه وطلابه حيث يقول ،وقد ناقشت مادة هذا البحث مع " زملاء فضلاء وطلاب اذكياء فمنهم من نبهني الي ما لم أكن منتبها له .. من ذلك مثلا ان عنوان اليوت (لعبة شطرنج ) لا يخلو ن نفس امرىء القيس اذ كان يلعب النرد لما جاء خبر مقتل أبيه . "
ولكن كان اليوت قد اشار الي لعب الشطرنج ايضا بالجزء الثاني من القصيدة في قوله :

سنلعب دورا من الشطرنج
ونطبق أجفانا نصف مغلقة
انتظارا لطرقة علي الباب


وفي اضاءة هذا المشهد يحيلنا اليوت في هوامش القصيدة الى مسرحية Women Beware Women(النساء ! حذار من النساء ) لتوماس ميدلتون حيث كانت زوجة الملك منشغلة بلعب الشطرنج مع وصيفتها بينما ابنة وزوجها الملك تغتصب في الغرفة المجاورة, وكانت كل نقلة شطرنج تمثل خطوة في عملية الاغتصاب . وهذا المشهد يستدعي مشهد اغتصاب آخر استلهمه اليوت في هذا الجزء نفسه من القصيدة ( لعبة شطرنج ) هو مشهد فلوميلا المغتصبة في قوله :


وفوق المدفأة العتيقة
علقت صورة فلوميلا وقد تحولت إلى بلبل
بعد أن إغتصبها بوحشية الملك البربري
فبدت الصورة كنافذة مطلة علي منظر غابي


,جاء في الإسطورة اليونانية أن تيروس ملك تراقيا إغتصب فلوميلا شقيقة زوجته برونكة ، وقطع لسانها حتى لا تبوح بما حدث لها ثم حبسها في الغابة. لكنها تمكنت من خياطة صورة مطرزة تحكي قصة إغتصابها وأرسلتها إلى إختها لتخبره بما جري علي يد تيروس. وما أن علم الملك بذلك حتى هجم للإنتقام من زوجته وأختها لكن الآلهة حولت فلوميلا إلى بلبل يغرد في الغابات تعويضاً لها عن لسانها المقطوع وحولت شقيقتها برونكة - زوجة الملك - إلى سنونو يأتي في الربيع.
هذا ، ولتوماس ميدلتون ( 1580 - 1627 ) ايضا مسرحية اخري بعنوان A game at Gesse (لعبة شطرنج ) .

يتواصل

المصادر:

1- لفتنة باليوت خطر علي الادب العربي - عبدالله الطيب - الدوحة - فبراير ،مارس ، ابريل 1982
2-A Guide to the selected Poems of T.S.Eliot, southam, Faber and Faber, London ,Six Edition 1994
.
3-The Waste Land and other Poems. T.S.Eliot, Faber and Febar, London 3 rd ed.1995





عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:22 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.