تحية

[عالم عباس]

الأستاذة أميمة
ابنة صديقنا ومعلمنا الشاعر النحرير مصطفى سند
وما أدراك ما مصطفى سند
حين يذكر الشعر السوداني فمنذا الذي لا يذكر اسمه، ومن يجرؤ على تخطيه!
هو الذي علمنا إغواء جرس اللغة وموسيقاها الصخابة
في البدء قال الواهمون
يا للسعادة، بيت صاحبنا القرنفل
قاع منزله البهارُ، وسقفه الغيم الحنون
نصبته حانات النبيذ وأعين السمار
بهجة يومها الباكي على وتر الشجون
وأعدَّ... كم أكذوبة عني يقول الواهمون
ناقوسنا التهم الصباح من الصباح إلى المساء
فترنحت مقل النهار، ودبّ في الألق العياء
يا صندل الليل المضاء
افرد قميص الشوق حين تطل سيدة النساء
فالمجد جاء
وترنح الأحد الصبيُّ يهز أعمدة الغناء
لو زندها احتمل الندى، لكسوت زندك ما تشاء
ثوباً من العشب الطريِّ، وإبرتين من العبير وخيط ماء وقرأنا معه:
(وطرحت قوس كمنجتي جسراً ببهو الليل
ثم هويت للقاعواستمعنا إليه يقرأ لنا:
شدنا يا قوس باركنا
وقرأنا وقرأنا وفاض بنا موسيقاه الغريبة الفاتنة، حتى نسينا المعاني!
يا لتلك الأيام
ويا لعذوبة سند حين نتحلق حوله كالفراش!

وهو الذي نعمنا برفقته والتتلمذ عليه حيناً من الدهر، وهو الذي اصطحبنا، ونحن بعد أيفاع نسلك، على استحياءٍ منا، دروب القوافي ومتابعة ترانيمه المقدسة
وأنت بعد يا أميمة، طفلة غضة، ربما تتعلمين الكلام، كنا وأبوك، في منتصف السبعينات من القرن المنصرم في معية شيخنا سند، هو ببريد ميناء بورتسودان وأنا أبدأ أولى مراحل حياتي العملية في جمارك بورتسودان، وهنالك التقينا وامتدت عشرة وصداقة ومحبة واحترام إلى يوم الناس هذا (وإن تفرقت بنا السبل ، غير أني ما أفتأ أزوره بمنزله العامر في المهدية، متى تيسر)
يا لها من أيام وياله من شاعر، ويا كم كان يردد ذكرك فخوراً بك !
الآن أنت هنا بيننا في هذه الحديقة والأسرة التي تشبهك، ألا ما أسعدني شخصياً، ففيك أرى ملامحه التي طالما أحببت وأنسه الذي ألفت، والصحاب الذين التقيتهم بمعيته من أمثال الأستاذ مدثر أو عبد العزيز بدر وآخرين قد لا تعرفينهم
معذرة
أخذتني الخواطر إلى بعيد ، وإنما قصدي الاحتفاء بمقدمك هنا، ففيك من أبيك النصيب الأوفى، ألست باكورته!
فيا مرحى ومرحبا.