الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > كلمـــــــات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 10-10-2010, 06:39 AM   #[1]
قيس شحاتة
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي خواطر رجل أوشك على الجنون..!

خواطر رجل أوشك على الجنون..!

** لم يكن يغادر حجرته مغلقة النوافذ، تلك التي يأنس لها، ويجد في وحشة ظلمتها وجوِّها الشاحب، سميراً لروحه المضطربة وخواطره الحيرى.. فله فيها بعضُ مقتنياتٍ من الدفاتر والمحابر والكتب، هنَّ صويحباته اللائي لا يطيق لهنّ فراقاً ولا يقبل غيرهنّ رفيقا، فيضجرُ ايّما ضجر، ويبلغ ضيقه مداه، إذ يعبث أحدهم بهنّ، أو تمتد يده تقلّب بينهن بدافع الفضول والتطفُّل..
وله في استهلاك ساعات يومه الرتيبة ولحظاتها ثقيلة الخُطى، طقوسٌ ألِفها منذ أن شبَّ، فلا يبحث عمَّن يسلِّي وحدته، أو يشاركه عزلته ويؤنس وحشته، بل أدمن الإنزواء والخلوة والإنطواء على نفسه، يختلي بهواجسه القاتلة وأفكاره الحيرى وظنونه الغريبة وخيالاته السوداء.. يحاورها هائماً في ملكوتها الشاسع وعالمها الممتد، فيعود منهكاً وقد تولّد لديه مزيدٌ منها!..
وفي غمرة النهارات، كان الأصيل ملمحاً جنائزياً لفؤاده المتعَب وخياله الملتاع، يستحثُّ ذاكرة الرحيل ويرثي (فجيعة) البقاء، ويجعل من صمت الأكوان هتافاً صارخاً وبكاءً مكتوماً ولوعةً حارقة...
يا ولد سارح تفكِّر
والشمِس لحظة غروب
أعْيَت الخاطر هواجس
في المدى افكارك تجوب
ديل متاهات الخيال
حزنو بغتال القلوب
أرضى أحكام القدر
منُّو كيفِن الهروب؟!
** عجباً له.. كيف كان يثيره احتضار الشمس عند المغيب..! كأنما كان يرى فيه انعكاساً لرؤاه القاتمة وخواطره الولْهَى.. وهو إذ ذاك، يستجدي الليل، بما يبعث هدوءه المثير من خشوع وجلال في محراب الكون، أن يلتفَّ حوله ويكسو محيطه بظلال الغياهب، لتمتزج ظلمة دواخله بعتمة الآفاق، في صورةٍ هي في مخيِّلته، تفاعل الطبيعة والإنسان في اقتسام الألم وطيوف المعاناة...
وارتحل ضو النهار
إتدسَّى في حُضن المغارب
والصباح الكان منوِّر
ولَّى من دنيانا هارب
والدُّجى الخيَّم علينا
من سواد أيامنا شارب
والنهار فارسنا مات
بعدو كيف نقدر نحارب
والقليب بي حزنو هايم
ضيّعت صبرو التجارب
** كم كانت أحزانه عتِيّةً، يستعصي معها الإنشراح، وينأى في وجودها الفرح، ويتضاءل بتمدُّدها حيِّز الأمل، وتتقلَّص بجفافها مساحة الحلم الأخضر..
لكنه كان كلما أوصدت الحياة في وجهه باباً، يطرق آخر في عنادٍ وتجلُّد، وكلما ادلَهَمَّ عليه ليل المواجع والأسى، يترقَّب في صبرٍ، فجراً يرى فيه يقيناً بعد ظنونه، وسكينة ً بعد رهقه، ووعداً تفي به الأيام وإن أخلفته دهراً... فيهتف في لوعةٍ كأنه يصدُّ لواعج غُلبه، ويدفع عنه بواعث انهزامه، ويرفض قيوداً كبّلته قسراً، وجرّعته الحسرة و الضياع، كأساً إثر كأس...
لسه بنحلم بالمستقبل..
رغم الليل المدَّ جناحو
ورغمِ هدير الحُزن الطوَّل
ورغم قساوة حال الدنيا
بكره بنحلم تصبح أفضل
ومهما ظروفنا تعاند.. تقسا
مهما نتعب.. حتماً نوصل
** مستمسكاً ببقايا حلمٍ يأبى أن يموت، وأشتات أمانٍ مبعثرة بين (حارات الودار)، كان يُفني زهرة أيامه في التأسِّي واحتواء (البركان) الكامن في أعماقه، يُلهي دواخله عن اجترار ذيول الخيبة، ويغمرها بعبق البشارة واصطناع الأمل في انتظار غدٍ مأمول...
وِانْ طال علي ليل الشجون
بضوِّي في الليل الشموع
تسكب أنوار الفرح
في الحنايا وفي الضلوع
واغنِّي واحلم بالصباح
أجفِّف أنهار الدموع
غير أنها محضُ لحيظاتٍ يسيرة تلك التي تنتصر فيها إرادة الحياة، لتداهمه مجدداً جيوش العذابات التي لا تنتهي، وطعم الحيرة العلقم ومرارة القلق الفتاك.. فيلتمس لنفسه عزاءً بأنها الأقدار تحكم بما تشاء وتقضي كيفما تريد وترسم لنا طريقاً نمشيه ولم يكن لنا فيه اختيار أو تخيير..
طبيعي نتوه مع الأيام
لأنو الدنيا دوّاره
ونصبر وللا نتوجّع
لازم نمشي مشوارا
ونرحل في دروب الهم
محل ما تسوقنا أقدارا
نقاسي الحيره والحرمان
ظروفنا وما بنختارا
** وأما فؤاده المثقوب بالجراح، المُضنَى بأوجاعٍ شتَّى، فلم تترك فيه الآلام موضعاً ينبضُ للصبابة والهوى، ويبتهج بأيام الحب والغرام.. فكان إذا حاولته إحداهن، صدّها عنه وردّها في رفقٍ وأجابها في شكوى باكية:
اللّهْ علي روحي البِقَتْ
شقيانه في ليل الظنون
بتشيلا آهاتي وتروح
وتجيبا آلاف الشجون
يا حلوه خايف جد عليك
خايف علي قلبي الحنون
بعد الصبابات والغرام
مصيرنا أيه بعدين يكون؟!!
** وبين لحظات الإشراق الواهنة وسنين الظلمات العسيرة، كانت أيامه تمضي ولياليه تنقضي ويتسرّب عمره هدراً ويتبعثر هباءًعلى طُرُقات المأساة، لا يبالي به أحدٌ، ولا يكترث له كائن، ولا يسأل عنه رفيق...
أفلا يوشكُ، بعدُ، على الجنون؟!!



قيس شحاتة غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 06:24 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.