صعاليك الجاهلية كانوا من ساداتها وفحولها ولكنهم تمردو علي مواثيق القبيلة واعرافها واصبحوا شذاذ افاق ، ومن ثم ساحوا في وديانها ينادمون الخمر ويقرضون الشعر ..
امرئ القيس والسليك بن السلكة والحطيئة والشنفري وامثالهم يسلبون الأغنياء ويجودون علي الفقراء والمحتاجين..
فالصعلكة بالمفهوم الجاهلي تعني الشفتنة والهمبتة في ادبنا السوداني ..
إذن في بواكيرنا تصعلكنا وكانت الإجازة مواسما سخية ننتظرها كعربان العتمور في تتبعهم لنجم (المرزم) الخريفي ..
كنا نتناقل اخبار( اللعوب) ونشيع اخبار الفنانين وما احلاها حين يكون صديق احمد او عيس بروي حاضرا ..
صديق احمد يتكئ علي حنجرة الكروان وكورسه الأوبرالي ..
ونزرع الريد في كل دار، أغنية كانت تهدهد مشاعرنا المراهقة ووجداناتنا الفتية ونخالها تلامس واقعنا المثالي.. ونسكر سموا وخيالا ..
طوبي لهذا الفحل عبد الله محمد خير حين كتب القصيد ..
طوبي لك يا من طرزت عوالمنا ..
وشنفت مسمع الشمال بسيمفونية العشق وحروف من نور ..
وغدوت خالدا فينا طوطما..
ايها الإنسان ..
عيس بروي فنان يتفقه اصول السلطنة وايقاعه يرقص (الطرشانة) في دوزنته ..
وكثيرون كنا نسكر بتطريبهم ...
غابوا .. او تواروا ..
ولكنهم مركوزين فينا ومتحكرين في جوانية الذاكرة ..
حفلات العواصم ورقيص البنات بالنعال يذكرني بدجاج المزارع ..
ويا زمان
الديك ابشبر و الفراريج البياضة ..
الرقيص الحفيان والدارة المعجعجة و(الكعّة) وفرتكة اللعب..
ملمح اصيل في تفاصيل الطرب ودنيا الفوضي المرتّبة ..
لا تستقيم امورنا الاّ وقد راينا (القنايات) تعلو سماء الدارة ..
حينها يسمو خيالنا ..
انفرط عقد من الزمان ..
ثم حججت لها امكنة صاغت وجداني ..
ظننت نفسي اسعد بحضور حفلة بنكهة التسعينات وصولجانها ..
اتحكرت وقعدت..
فإذا الدارة مطنبجة ومرشوشة تفاديا للغبار..
مساكين هؤلاء ..
كما يقول اهل الخليج اللي ما يعرف الصقر يشويه ..
زربوا الدارة بالصيوان .. ورشرشوها وطنبجوها..
وما رايت رقيصا ولا سمعت تطريبا ..
التواءات وميلانات خاوية علي عرش الشتارة ..
انتحر اللعب الأصيل وافل نجم الصعلكة وما بزغ..
