الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > أوراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 09-04-2008, 11:54 PM   #[1]
تاج السر الملك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية تاج السر الملك
 
افتراضي تأريخ الكهرباء

تاريخ الكهرباء

( البطاطير.........البطاطير.. يا يوسف)
حديث عبد القادر حارس المزرعه
1
تواعدنا عند شجرة يطفىء فيها الخريف العاطل ظمأه ، كانت الى جهة الماء و البرق تعدو ، و الماء من يدى يتدفق و البرق يضىء من صدف اناشيدى. تخيرنا بين الأحاجى فيئا و ظلا ، و مرقدا فوق اشلاء الرمل، ثم ولدتنى التى اسميتها امى و انا فى مدارج النطق اتعثر ، حملتنى و خيوط الذاكرة الداكنةالخضرة زمانا، حتى نسيت ملامح الملح و زبانية المركب ، الاشداء ، القساة القتلة ، حملونا على ظهر المركب ، نساء و رجالا، دون ثياب، على ظهر المركب العارى، نتوسد نتوءات خشب البلوط البارزة مثل العظام ، و من خلفنا الساحل ينأى حتى تلاشى فى ضباب اربعمائة عام من الأسرو الفوضى و العدم.
2
نظرت الى جسد ( مس جارفس) ، عيناها مثبتتان فى سماء الغرفة ترقب دنو الساعة الأخيرة فى نهاية القرون الأربعة ، بجانبها زوجها ( جو) يحن لسماع صوتها يخرج من بين شفتيها و لو لمرة واحدة يتيمة ، الصوت الذى سمعه مرارا دون ان يحفل به سوى سنوات العشق الأولى ، مختلطا بصوت الحاكى العتيق الذى تدور فيه اغنيات ( جيمس براون) دون ملل او انقطاع ، حدثتنى ذات يوم ، انها التقت ( جو) و هى غارقة فى اغنية ،(please please please)
شاب فارع اسود الأهاب ، ابيض الاسنان و القلب ، ولدت له ألأطفال ، شبوا و تفرقوا ، بحثا عن الرزق ، هاهى و ( جو) يلتقيان للمرة الأخيرة ، قال الطبيب ان ليس لها سوى سويعات ، تزيد او تنقص، لا يهم ، محض دقائق عالقة فوق جدران اربعمائة عام من المسغبة.
هدأت الى طمأنينة ساعتها الأخيرة، فكأنما الزمن يتقدمها ناظرا اليها و هى تتخاذل عن اللحاق به ، يهيل رمادا و شحوبا فى منابت شعرها ، يتسرب فى رئتيها و نبضها المتسارع الى همود مثل مقطوعة ل( كاونت بيسى) تأتى الى ختام و تلاش.
تبادلنا حديثا خافتا و ( جو) ،تغاضينا صفحا عن لوم الأمل المندحر فوق جبينه المتفصد بالعرق.
3
كانت ( منسية) تشرب المريسة ، و تأتى الى مهرجان صراع ( النوبة) عصر كل جمعة ، بيدها اليمنى عصاة مزركشة بشرائط من قماش ملون و خرز ، تتقافز و تتثنى على ايقاع الطبل المثبت بين ساقى رجلين يقفان ظهرا لظهر ، تسبح فى الفراغ مثل فراشة ، تتوسط دائرة الرجال الذين لمعت أجسادهم المسقاة بزيت السمسم و اقدامهم الموشحة بشرائح السعف و العلب الصغيرة الفارغة ، تقتات بصوتها الحاد من همس الصدور و رزيمها و هزيمها ، غذاء السلوى لأحزانها المستترة تحت لزوجة الكهرباء ، جاءت يوما فى غير موعد المهرجان، و البثور تغطى جسدها الرقيق ، صاح السابلة من رعب ..الجدرى...فرجمها الرجال و الصبية بالحجارة فقضت مثل زانية او كلب عقور ، خمدت انفاسها فأنكمشت ساعتها الأخيرة الى ثوان محضة عالقة فوق جدران احزانها ، ما تيسر لها ان ترى الخرطوم تخفى بثورها ، حتى لا ترجم كالزانية .
كانت الكهرباءتشحذ شفرةالحب بألسنتها، و توقد العشق فى الأسطوانة القديمة ، حتى علاها الغبار وولدت على متنها الكهرباء الساكنة ، وولد معها عارها، و انطفأ السراج حين نضب الزيت و ظلت الأسطوانة فى دورانها ووقدتها معلقة فى خيط الكهرباء ،و قلب ( مس جارفس) فى خفقانه ينبض تحت وقع اوركسترا ( كاونت بيسى) ، ينبض فى جسد ميت ، و الكهرباء تسرى تضىء كل شىء ، الا ابتسامة أخيرة على شفتيها ، ضلت طريقها حال انطفاء السراج، ابتسامة ظل ( جو) يحلم برؤيتها فى عطش رغبته الى اجتياح جسدها مثل سريان الكهرباء فيه، شوقه الى شرخ فى الأسطوانة تتعثر فى احابيله الأبر و تتساقط الأغنيات فى هوة اخدوده، ثقب فى الزمن تتأخر فيه الأغنيات عن عصرها ، و تسقط من خلاله ( منسية) فى فراغ التخاذل عن اللحاق برمق منه.
انقضت لعبة عصر الجمعة، وتواترت الكهرباء فى مجيئها و رواحها مثل محنة او مواقيت صلاة ، و عند الشجرة اطلقنا ( الكايوتى) فى الفضاء نتصيد البرق ، و نصنع الكهرباء ، نضىء صدف الأناشيد و القبلات و رسائل العشق الألكترونية ،، عند الشجرة حملنا ثوبها ننفض عنه ( الشراء) ، فألتصق الشراء بالخيوط و عار الكهرباء الساكنة، و حين ادركنا الونى، جلسنا فوق مقاعد شجر البلوط و كهرباءها البريئة ، فولدتنى التى اسميتها امى و انا فى مدارج النطق اتعثر ، و ( مس جارفس) ترمقنى بعين تشع بسحر الكهرباءو ابتسامة من النتروجين.
4
سنار
ازدحمت جذوع الاشجار و تكالبت على جانب الخزان الجنوبى ،و احذية من البلاستيك الملون ولكن معظمها اسود ، سقطت من أقدام فلاحات ( السوكى ) و هن فى رحلتهن عبر الخزان ، قال عمى من اعماق بشرة كالقمح ( المحنة ..نار قصب) ، و طفق يشرح لى بعزم مخلص معنى قوله ، اشترى لى جلبابا تفوح منه رائحة الكهرباء و هو يترحم على روح والدى ، و فى السماء طيور الرهو و السمبر تسبح فى استرخاء مزاحها مع الزمن ، و على جانب الخزان الشمالى تفصد الماء مثل العرق على جبين ( جو) ، و اماله المندحرة.
أضاعت ( زينب) فى موسم الخفاض حذاءها البلاستيكى الملون ، بيد انها واظبت على عبور الخزان حافية ، مع بقية الصبيات يهزجن ( يا الله ..متين نشوف الخرتوم) ، عبد القادر ، حارس المزرعة لم يكن يكف عن طلب الكهرباء ( يوسف...البطاطير .....البطاطير....قلت ليك البطاطير ) ، و حين رأى محمد المسامير تغطى السماء فى حلمه ، ماتت زوجته زينب، فواصل حجامة جسده فى صبر و جلد و اخفى احزانه فى كهرباء روحه، يمتلىء الكوب الفارغ بالدخان، فيضعه على جسده العارى حتى تنبت على سطحه بثور ممتلئة بماء عكر ، يفصدها بالموسى ، و يطلق تنهيدة حرى.
( يوسف ..يوسف...البطاطير) و المذياع يؤنس وحدته مختبىء من زمن يوشك المركب فيه على الأقلاع.

تاج السر الملك



تاج السر الملك غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 04:05 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.