الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-2011, 11:43 PM   #[1]
شهاب كرار
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي رفيق ورضا

إِنَّهُ يَثِقُ بِهِ ... اوْ لَوْ تَحَرَّيْنَا الْدُّقَّة لَقُلْنَا انَّهُ لَا يَثِقُ بِغَيْرِهِ ... فَهُوَ الْوَحِيدُ الَّذِيْ لَمْ يَخْزِلِهِ فِيْ يَوْمٍ مِنْ الْايّامِ بَيْنَمَا خِزْلَه الْجَمِيْعُ ... كَانَ دَائِما مُسَلِّيا وَيُخَفِّفُ الْآَلَامِ الَّتِيْ تَلُمْ بِهِ أَحْيَانا ... لَا يَدْرِيَ مَتَيْ بَدَأَ الْتَّحَدُّثِ مَعَهُ بَعْدَمَا كَانَتْ صَدَاقَتُهُمَا مِنْ الْنَّوْعِ الْصَّامِتِ الْمُكْتَفِيْ بَهْزٌ الْرَّأْسِ ... وَلَكِنَّ يَبْدُوَ انْ هَذَا حَدَثَ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيْدٍ ... طِيْلَةَ فَتْرَةِ طَوِيْلَةُ مِنَ الْزَّمَنِ لَمْ يَتَبَادَلَا كَلِمَةً وَاحِدَةً ... فَمُنْذُ عَرَفَهُ لَمْ يُعْجِبُهُ الاسْمُ الَّذِيْ يُطْلِقُهُ عَلَيْهِ الْاوْلادُ فِيْ الْمَدْرَسَةِ وِيَتَهَامْسُونَ بِهِ خِلْسَةً بَعِيْدَا عَنْ مَسَامِعِ الْمُدَرِّسِيْنَ ... وَلَا الْاسْمُ الَّذِيْ يُطْلِقُهُ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَ شَقِيْقِهِ الْاكْبَرِ... فَقَرَّرَ انّ يُطْلِقُ عَلَيَّ صَدِيْقَهُ وَرَفِيْقُ لُعْبَهْ الْسَّرِيِّ رِضَا ... وَذَلِكَ لِأَنَّهُ دَائِما مَا يَبْعَثُ عَلَيَّ الْرِّضَا ... قَابَلَهُ فِيْ الْحَمَّامِ ... فَهَمَسَ لَهُ بِكُلِّ هُدُوْءٍ حَتَّيَ لَا يَسْمَعُهُ احَدٌ... " لَقَدْ اسْمَيْتُكَ رِضَا، فَهَلْ اعْجَبَكَ اسْمُكَ الْجَدِيْدِ؟" ... هَزَّ رِضَا رَأْسِهِ الْضَّخْمُ الْاصْلَعِ اوْ هَكَذَا خُيِّلَ لَهُ... "جَيِّدٌ طَالَمَا انَّهُ اعْجَبَكَ... مُنْذُ مَتَيْ وَانْتَ اصْلَعُ؟" أَكْتَفِيْ رِضَا بِأَنْ هَزَّ رَأْسَهُ فِيْ اشَارَةَ تُحَمِّلَ مَعْنَىً غَامِضٌ نَوْعَا مَا . "لَا أَذْكُرُ انَّكَ كُنْتَ دَائِمَّا اصْلَعُ، تَنْتَابُنِيَ ذِكْرَيَاتٍ غَامِضَةِ عَنْ قُبَّعَةُ مُضْحِكَةِ كُنْتُ تَرْتَدِيَهَا انْتَ عِنَدَمّا كُنْتُ انَا طِفْلَا صَغِيْرَا، لَقَدْ كَانَتْ مُسَلِّيَةً جَدَّا وَكُنْتُ الْعَبْ بِهَا كَثِيْرَا، لَيْتَهُمْ تَرَكُوْهَا وَلَمْ يَنْزِعُوْهَا عَنْكَ" قُلُصُ رِضَا طُوِّلُهُ مُعْلِنَا عَنْ عَدَمِ رَغْبَتِهِ فِيْ الْحَدِيْثِ هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَهِيَ اشَارَةَ يَعْلَمُهَا رَفِيْقَ جَيِّدَا ... سَاعَدَّ رَفِيْقَ صَدِيْقَهُ رِضَا الْاصْلَعِ عَلَىَ الْعَوْدَةِ الَيَّ مَخْبَئِهِ الْخَاصَّ بِهِ، وَخَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ لِيَلْحَقَ بِالْحِصَّةِ الاخِيْرَةِ لِهَذَا الْيَوْمِ.
بَعْدَ انْ يُمْتَحَنَ الْشَّهَادَةِ الْثَّانَوِيَّةِ سَيُدَرِّسُ فِيْ الْخَارِجِ، وَسَيَكُوْنُ مَعَهُ رِضَا الَّذِيْ سَيُسْعِدُ جَدَّا بِهَذِهِ الرِّحْلَةِ ... هَكَذَا فَكَّرَ رَفِيْقَ ... كُلَّهَا بَضْعَةٌ اشْهُرِ وَيَنْتَهِيَ هَذَا الْكَابُوْسِ... لَقَدْ طَالَ حُبِسَ رِضَا وَآَنٍ اوَانِ تَحْرِيْرِهِ ... جَمِيْعُهُمْ يَعْلَمُ انْ رِضَا يُرَافِقُ رَفِيْقَ ايْنَمَا ذَهَبَ، وَفِيْ نَفْسِ الْوَقْتِ لَا يَرْغَبُوْنَ فِيْ رُؤْيَتِهِمْ سَوِيا ... لَا زَالَ يَذْكُرُ جَيِّدَا اخِرَ مَرَّةً خَرْجا فِيْهِ سَوِيا لِلْعَلَنْ دُوْنِ انّ يَكُوْنُ رِضَا مُتَخَفِّيَا ... لَقَدْ ثَارَ الْجَمِيْعُ وَحْبِسُوهُما فِيْ مَكَانٍ هَادِئٌ بَعِيْدٍ عَنِ الْمَدِيْنَةِ ... وَكُلُّ تِلْكَ الْعَقَاقِيْرِ وَالْجَلَسَاتِ الْمُمِلَّةِ ... لَقَدْ كَادَ يَمُوْتُ مِنْ الْمِلَلِ حَتَّيَ انَّهُ اضْطُرَّ لِخِدَاعِ هَؤُلَاءِ الاغْبِيَاءً وَتَظَاهُرَ لَهُمْ بِأَنَّ رِضَا غَيْرَ مَوْجُوْدٍ ... رُغْمْ انّهْ يَعْلَمُ انَّهُمْ يَعْلَمُوْنَ انَّهُ مَوْجُوْدٌ ... "مَجَانِيْنَ"!! ... قَالَهَا بِصَوْتٍ عَالٍ فَالْتَفَتَ الَيْهِ كُلُّ مَنْ فِيْ الْحَافِلَةٍ...
وَفَجْأَةً لَمَحَهَا ... مِثَالُ لِلْفِتْنَةِ وَالْجَمَالُ الْمُجَسَّدْ ... الْغَرْيِبَّ انَّهَا كَانَتْ جَالِسَةً فِيْ نَفْسِ الْحَافِلَةِ ... وَلَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ لِوُجُوْدِهَا...حَدَّقَ فِيْ ظَهْرَهَا وَكَأَنَّهُ يُحَاوِلُ تَكْوِيْنِ نُسْخَةٍ عَنْهُ دَاخِلَهُ ... لَقَدْ كَانَ حَظُّهُ عَاثِرا كَالْعَادَةِ وَوَصَلَ الَيَّ مَحَطَّتِهِ بَاكِرَا ... هُمْ بِالْنُّزُوْلِ ... وَلَكِنَّ مَهْلَا ... يَبْدُوَ انْ حَظَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْسُّوَءَ فِيْ هَذَا الْيَوْمِ ... فَهِيَ ايْضا تُهَمٌ بِالْنُّزُوْلِ ... تَوَقَّفَ خَلْفَهَا حَتَّيَ تَنْزِلَ ... وَحَدَّقَ فِيْ جَسَدِهَا الْمُثِيْرْ بِطَرِيْقَةٍ غَرِيْبَةٍ لَا يَسْتَطِيْعُ احَدٌ وَصَفَهَا ... لَا يَسْتَطِيْعُ الانْتِظَارِ حَتَّىَ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ لِيَتَحَدَّثَ مَعَ الْشَّخْصِ الْوَحِيْدُ الَّذِيْ يَفْهَمُهُ فِيْ الْدُّنْيَا ... لِيَصِفَ لَهُ جَمَالُ تِلْكَ الْفَتَاةْ الْتِيْ اكْتَشِفْ بِالْمُصَادَفَةِ انَهَا جَارَتِهِمْ ... اغْلِقَ الْبَابَ خَلْفَهُ بِعَجَلَةٍ شَدِيْدَةٍ ... ثُمَّ سَاعَدَّ رِضَا عَلَىَ الْخُرُوْجِ مِنْ مِخِبِأَهِ ... " لِمَاذَا لَمْ تَدْعُنِي ارَاهَا " قَالَ رِضَا الَّذِيْ لَمْ يَتَحَدَّثْ مُنْذُ فَتْرَةٍ طَوِيْلَةُ جِدا " انْتَ تَعْرِفُ يَا صَدِيْقِيْ، لَا يَجِبُ انْ يَرَانَا احَدُهُمْ مَعا وَإِلَّا حَبَسُونَا مَرَّةٍ اخْرَى"
- وَلَكِنَّنَا مَعَا
- اعْرِفْ انَّنَا مَعَا، وَلَكِنْ يَجِبُ انْ لَانَكُوْنَ مَعَا
- وَلَكِنَّهُمْ يَعْرِفُوْنَ انَّنَا مَعَا
- اعْلَمُ هَذَا
- فَكَيْفَ نَكُوْنُ لَيْسَ مَعَا
- لَسْتَ ادْرِيْ، رُبَّمَا لِأَنَّكْ صَدِيْقٍ سِرِّيٌّ، وَالْصِّدِّيقِ الْسَّرِيِّ يَجِبُ انْ يَكُوْنَ مُخْفِيَا عَنْ الْاخِرِينَ.
- وَلَكِنَّ الْاخِرِينَ يَعْرِفُوْنَ بِالْفِعْلِ. وَلَكِنَّهُمْ يَتَظَاهَرُوْنَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُوْنَ.
- وَلَدَيْهِمْ اصْدِقَاءُ سِرِّيِّين ايْضا، وَيَتَظَاهَرُوْنَ بِأَنَّهُمْ لَايَمْلِكُوْنَ وَاحِدَا.
- مَجَانِيْنَ. قَالَهَا رِضا هَذِهِ الْمَرَّةَ
- الْمُهِمْ يَجِبُ انْ تَجِدُ طَرِيْقَةِ لِكَيْ تَدَعْنِيْ ارَاهَا مَعَكَ الْمَرَّةِ الْقَادِمَةِ
- وَمَنْ هِيَ؟
- الْفَتَاةْ
- وَكَيْفَ عَرَفْتَ انَّهُ ثُمَّةَ فَتَاة هُنَالِكَ.
- انْتَ تَعْرِفُ انَّنِيْ اعْرِفْ الْكَثِيْرِ مِنْكَ، لَقَدْ رَأَيْتُ صُوْرَتِهَا الْمَطْبُوْعَةِ فِيْ ذِهْنِكَ. لَقَدْ جَعَلْتُ الْدِّمَاءَ تُصَعِّدُ الَيَّ رَأْسِيٌّ.
- حَسَنا، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُكَ انْ تَرَاهَا فَأَنْتَ غَيْرُ مَسْمُوحٍ لَكِ بِالْخُرُوْجِ، سَآَخُذُ لَكِ اكْبَرُ عَدَدْ مُمْكِنْ مَنْ الْصُّوَرِ.
- هَذَا لَيْسَ عَدْلَا، لِمَاذَا تُرَىْ انْتَ وَلَا ارَىَ انَا، لَا بَدَّ انّ نَضَعُ خُطَّةً.
- وَمَاذَا تُرِيْدُ انْ تَفْعَلَ ايُّهَا الْعَبْقَرِيٍّ
- لَمْ لَا تَدَعْنِيْ ارِهَا انَا وَحْدِيْ وَتَخْتَبِئُ انْتَ
- هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ
- بَلْ مُمْكِنْ، ضَعْ مُخَبَّئَا شَبِيْهَا بِمخَبَئيّ عَلَىَ رَأْسِكِ، وَبِالتَّالِيَ هِيَ لَنْ تَتَعَرَّفَ الَيْكَ، وَأَخْرِجْنِيْ انَا مِنْ مَخْبَئِي كَيْ ارَاهَا.
- وَمَاذَا إِذَا تَعَرَّفْتُ الَيْكَ؟
- هَلْ انْتَ غَبِيّ؟ نَحْنُ جَمِيْعٌ الْاصْدِقاءِ الْسِرِيِّيْنَ نَتَشَابَهُ، وَهِيَ لَنْ تُمَيِّزُ انَّنِيْ رِضَا.
- لَسْتَ ادْرِيْ يَا صَدِيْقِيْ، وَلَكِنَّنِيْ لَسْتُ مُرْتَاحَا
- لَا تَقْلَقْ، فَقَطْ نَفَذَ مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ، الَا اسْتَحَقَّ مِنْكَ خِدْمَةِ صَغِيْرَةً يَا صَدِيْقِيْ؟
- بَلِيَ تَسْتَحِقْ وَلَكِنَّ....
- لَا يُوْجَدُ لَكِنْ، هَيَا لَا تَتَرَدَّدُ
- حُسْنَا يَا صَدِيْقِيْ سَأَفَعَلَهَا مِنْ أَجْلِكَ.
خَرَجَ رَفِيْقَ مَنْ الْبَيْتُ وَهُوَ يَحْمِلُ احَدٌ مَخَابِيِءَ رِضَا فِيْ كَتِفِهِ، حَمْلٍ مَعَهُ اكْبَرُ الْمَخَابِيءِ حَتَّيَ يَسْتَوْعِبِ رَأْسِهِ، فَرْضا انْسَانِ ضَئِيْلٌ الْحَجْمِ، وَوَقَفَ عِنْدَ زَاوِيَةِ بَيْتِ الْفَتَاةْ يَنْتَظِرُ خُرُوْجِهَا، وَلَمْ يَطُلِ انْتِظَارِهْ كَثِيْرا...
خَرَجَتْ الْفَتَاةْ تَتَهَادَيَّ كَالاعْصَارٍ، قَمَعَ سَمَاوِيَّ مِنْ الرَّغْبَةِ يَتَلَوَّىْ صَاعِدُا وهَابِطا، ارْتَجَفَ رَفِيْقَ قَلِيْلا، ثُمَّ اسْتُجْمِعَ شَجَاعَتُهُ وَوَضَعَ الْمُخَبَّأَ عَلَىَ رَأْسِهِ وَاتَّجَهَ نَحْوَاهَا ... وَمَا انَ وَقَفَ امَامَهَا حَتَّىَ اخْرُجَ رِضَا مِنَ مِخِبِأَهِ... وَجَمَتْ الْفَتَاةْ وَأَطَلَّتْ مِنَ عَيْنَيْهَا نَظْرَةً غَزَالٍ مَذْعُوْرُ... "هِيّا يَا رِضَا قُلْ شَيْئا" ... هَمْسْ رَفِيْقَ لِرِضَا الَّذِيْ اشْرَأَبَّ بِعُنُقِهِ الَيَّ اقْصِيَ مُدَّيْ مُمْكِنَ لِكَيْ يَتَأَمَّلُ جَمَالَ الْفَتَاةْ ... هُمْ رَفِيْقَ بِالْحَدِيْثِ نِيَابَةً عَنْ صَدِيْقِهِ لِيُخْبِرَ الْفَتَاةْ كَمْ هُوَ خَجَوَّلُ عِنَدَمّا دَوَّتْ الْصَّرْخَةَ مِنْ فَمِ الْفَتَاةْ وَهَوَتْ تِلْكَ الْضَّرْبَةُ اللَّعِيْنَةِ عَلَيَّ مُؤَخَّرَةِ عُنُقِ رَفِيْقَ...
لَقَدْ كَانَ ذَكِيا وَشَاطِرا فِيْ مَادَّةِ الْعُلُومِ... لِذَا يَعْلَمُ انْ مُعْظَمَ الاذْنَ الْوَسَطِيَّ مُكَوَّنٌ مِنْ فَرَاغٍ ... لَا بَدَّ انّ احَدُهُمْ قَدْ اسْتَغَلَّ ذَلِكَ لِإِقَامَةِ وَرّشَةُ حِدَادَةِ بِكَامِلِ مُلْحَقَاتِهَا دَاخِلَهُ ... لَابُدَّ انْ الْامْرِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَمَنْ ايْنَ يَأْتِيَ صَوْتْ الْمَطَارِقُ دَاخِلِ رَأْسِهِ؟ انَهَا وَرّشَةُ حِدَادَةِ مَنْ الْمُؤَكَّدِ... حَتَّيَ انَّهُ يَسْمَعُ احَادِيِثَ الْعُمَّالِ... "اقَفَلَ الْبَابِ" ... "لَنْ يَنْفَعَ هَذِهِ الْمَرَّةَ"... "انَّهُ يُعَالَجُ بِالْقُرْانِ" ... مَطَارِقُ ... مَطَارِقُ ... مَطَارِقُ ... ثُمَّ لَاشَيْءَ!
اسْتَيْقَظَ رَفِيْقَ فَجْأَةً، كَانَ يَتَذَكَّرُ احْدَاثِ غَامِضَةِ بَعِيْدَةٍ، أَطْمَأَنَّ الَيَّ وُجُوْدِ رِضَا مَعَهُ، كَانَ يَحُسُّ بِأَنَّ قَلْبَهُ مَقْبُوْضَا وَيَتَنَفَّسُ بِصُعُوَبَةٍ كَأَنَّ أَحَدَهُمُ يَجْثُمُ عَلَيْ صَدْرِهِ، انْتَابَهُ احْسَاسْ غَامِضٌ بِأَنَّهَا الْنِّهَايَةِ، كَانَ رِضَا نَائِما عَلَيْ فَخِذِهِ، فَأَيْقَظَهُ بِهُدُوْءٍ ... "رِضَا ... رِضَا".
- هَذَا انْتِ يَا صَدِيْقِيْ
- ايْنَ نَحْنُ يَا رِضَا
- لَسْتَ ادْرِيْ، وَلَكِنَّهُ مَكَانٍ غَرِيْبٌ
حَاوَلَ رَفِيْقَ اسْتِكْشَافِ الْمَكَانِ، كَانَتْ غُرْفَةً صَغِيْرَةً مُرَبَّعَةُ الْشَّكْلِ وَاطِيَّةَ الْسَّقْفُ، بِهَا نَافِذَةٌ صَغِيْرَةٌ، تُطِلْ عَلَىَ فَنَاءِ يَعُجُّ بِفِتْيَانٍ صِغَارٌ يَحْمِلُوْنَ قِطَعُ مِنْ الْخَشَبِ مُسْتَطِيْلَةٌ الشَّكْلِ فِيْ ايْدِيْهِمْ، وَعِنْدَمَا حَاوَلَ رَفِيْقَ فَتَحَ الْبَابَ اكْتَشِفْ انَّهُ مُغْلَقٌ بجِنْزِيّرِ حَدِيْدِيٌّ عِمْلَاقُ كَأَنَّهُ كَابُوْسٌ...
ذُعْرٌ رَفِيْقَ وَانْتَابَتْهُ رَغْبَةِ جَامِحَةٍ فِيْ الْبُكَاءِ ...
- " ايْنَ نَحْنُ" قَالَهَا بِصَوْتٍ مُهْتَزّ
- لَسْتَ ادْرِيْ، وَلَكِنَّ الْوَضْعِ لَا يَبْدُوَ جَيِّدَا
- لَابُدَّ انْ نَخْرُجَ مِنْ هُنَا يَا صَدِيْقِيْ، انَا اخْتَنَقَ، سَأَمُوْتُ لَوْ بَقِيَتِ هُنَا.
- وَلَكِنْ ايْنَ نَحْنُ وَمَا هَذَا الْمَكَانُ وَكَيْفَ نَفْتَحْ هَذَا الْبَابْ؟
- لِنُخْرِجَ مَنْ الْنَّافِذَةِ.
- انَهَا صَغِيْرَةً جِدّا وَلَنْ تَسَعُكَ
- وَلَكِنَّهَا سْتَسَعكِ انْتَ حَتْمَا
- لَا لَا هَذِهِ فِكْرَةٌ مَجْنُوْنَةٌ
- لَيْسَ مَجْنُوْنَةٌ، اخْرُجْ انْتَ مِنْ الْنَّافِذَةِ وَدُرٍّ حَوْلَ الْبِنَاءِ وَافْتَحْ لِيَ الْبَابَ مَنْ الْخَارِجِ
- لَنْ تَنْجَحَ هَذِهِ الْفِكْرَةِ
- بَلْ سَتَنْجَحُ، ثِقْ بِيّ، الَا اسْتَحَقَّ انْ تَفْعَلَ شَيْئا مِنْ اجْلِي؟
- انْتَ تَسْتَحِقْ وَلَكِنَّنِيْ خَائِفٌ
- لَا تَخَفْ فَقَطْ نَفَذَ مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ


خَبَرٍ وَرَدَ فِيْ جَرِيْدَةِ (.....):
أَنْتَحِرُ مُرَاهِقٌ مُخْتَلُّ عَقْلِيَّا كَانَ يُعَالِجُ لَدَيَّ احَدٌ الْدَّجَّالِيُنَ الَّذِيْ أَلْقَتْ الْشُّرْطَةِ الْقَبْضُ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَتْ اسْرَةٌ الْشَّابُّ قَدْ احَضْرَتِهُ الَيَّ الْشَّيْخِ بَعْدَ انْ يَأَسْتُ مِنَ الْعِلَاجِ الْنَّفْسِيَّ الَّذِيْ فَشِلَ مَعَ ابْنِهَا عَلَيْ حَدِّ قَوْلِهَا، وَكَانَ الْمُرَاهِقِ قَدْ الْقِيَ الْقَبْضُ عَلَيْهِ بَعْضَ الْمَارَّةِ وَهُوَ يُحَاوِلُ اغْتِصَابٌ فَتَاةً فِيْ الْشَّارِعِ بَعْدَ انْ تَعْرَىَ امَامَهَا وَهُوَ يَضَعُ سِرْوَالُا دَاخِلَيْا عَلَيَّ رَأْسَهُ، وَقَدْ قَالَ الْدُّكْتُوْرُ هَمَّامٌ ابِوفَرْوّةً اسْتَاذٌ الْطِّبَّ الْنَّفْسِيَّ بِجَامِعَةِ (....) انّ انْتِحَارْ الْفَتِيِّ بِهَذِهِ الْطَّرِيْقَةِ عَنْ طَرِيْقِ قُطِعَ عُضْوُهُ الْتَّنَاسُلِيّ وَإِلْقَاءَهُ خَارِجَ الْنَّافِذَةِ هُوَ دَلِيْلٌ عَلَيْ ... إِلَخْ إِلَخْ


شهاب كرار
الاسكندرية - يونيو 2009



شهاب كرار غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 09:13 AM   #[2]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

كيفك يا جِن
أشواق متوحشة

إتا يا ولد القصة دي
مترجمة ولا مالا كدي


بجيك صاد بي صيد ثمين
من لدن صاحبي المجنون
مسعد الحارثي
في إطار يشبه إطار
رفيق ورضا
مع اختلاف التفاصيل


فشنو
جهز رقبتك
شان تغرق

وبرضو
محبتي واحترامي
وهاك البوسة دي
بس ان شاء الله ما تضرسك



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 09:17 AM   #[3]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

يا زول عنك ما رديت ظاتو
هو قاليك إن انتظرت ردك تاني بجي
في طوف وطوفان تقيل جنب أخوك
الله يستر ما يغطس حجرو حتة واحدة


أها
هاك



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-05-2011, 09:19 AM   #[4]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

نُـــــشـــــور

فيما أحاول إخفاء توتري مُتقرفصاً بكرسي المتأرجح وأمامي منفضة سجائر مترعة طفق صديقي يذرع المسافة جيئة وذهابا موشكاً أن يلتصق بالشاشة مع كل هجمة لفريقنا المفضل أو عليه من قبل منافسه المدلل من اتحاد الحكام.

بلغ توترنا أقصاه والمباراة تلفظ أنفاسها ولا زال التعادل السلبي سائداً عندما خطف مهاجم الفريق الخصم الكرة والحكم يلهث إلى جواره، وولج منطقة الجزاء، والحكم يلهث إلى جواره، فاصطدم الحكم بلاعب دفاعنا الصلد فسقط وتسبب جراء ذلك في سقوط المهاجم المتوغل، فدوت صافرة الحكم بشكل متقطع لحظة السقوط، ولا أحد حتى الآن يعرف حقيقة الصافرة، أأطلقها الحكم أم تسبب لهاثه بذلك!

تبادل المهاجم القُبلات مع زملائه وسط احتجاج أفراد الفريق الآخر، بينما هرع رجال الإسعاف لنجدة الحكم الممدد بمنطقة الجزاء، وبذلوا دقائق لم تكلل بالنجاح لإفاقته، فأشاروا للحكم الاحتياطي الذي ما أن لمح إشارتهم حتى أطلق صافرته راكضاً ويده تشير إلى منطقة الجزاء، وسط صيحات استهجان الجماهير الغاضبة.

نُفذت ضربة الجزاء وتصدى لها حارسنا ببسالة فأمر الحكم بإعادة الضربة بحجة لا يعلمها غيره، ونجح المهاجم في تسديد ضربة الجزاء المعادة، فأطلق الحكم صافرته وساقيه للريح، ولاعبينا في أثره حتى تمكنوا من إسقاطه، فانتقلت الكاميرا إلى لوحة الملعب الإعلانية حيث بدأ وجه كائن بشري يخرج لسانه للجماهير!
انقطع البث المباشر، وبصق صديقي على الشاشة.

- كنا معكم في نقل مباشر من ملعب الشعب للمباراة التي جرت بين فريق القمر وفريق الجزيرة وانتهت بفوز فريق القمر واحد صفر، وسنستضيف باشا الباشا المسئول الكروي الكبير بعد فاصل إعلاني قصير. هكذا قال المذيع الأمرد.
بصق صديق مرة أخرى، وابتسمت أنا!
بزغت صبية شقراء من خلف ستارة مخملية وهي ترتدي غلالة شفافة تكشف عن مفاتنها وهمست بغنج:
- سيدتي، لو كان زوجك من النوع اللي يأكل ويشرب ووقت الجد يهرب، أعطيه من دا!
وانفرجت أصابع يدها اليمنى عن حبة زرقاء تتوسط راحتها (فياغرا).
انتهى الفاصل الإعلاني وعاد المذيع الأمرد مرحباً بنيافة باشا الباشا ومرافقيه من لجنة الحكام وممن لهم خبرة تربو عن الخمسين عاماً قضوها متنقلين بين ملاعب القارات الخمس، وأسهب المذيع الأمرد في مدحه بضيوفه، فما كان من نيافة الباشا سوى سحب المايكروفون من يده، وبارك لفريق القمر فوزه، واستهجن ما قام به أفراد فريق الجزيرة من احتكاك بحكم المباراة:
- إنها ظاهرة غريبة على ملاعبنا، بل وملاعب العالم أجمع.
ووجه سؤالاً مباغتاً للحكام المرافقين:
- هل سبق لكم مشاهدة مهزلة مماثلة؟
فهز الجميع رؤوسهم بطريقة أفقية. فانفرجت أسارير نيافته وعدل وضع مشلحه المائل على كتفه الأيمن ثم رفع بصره للأعلى معطياً لنفسه المزيد من الوقت لانتقاء عباراته الطنانة، تنحنح وأردف بنبرة حادة:
- أن التعدي على الحكم هو تعدي على القانون وهيبته، وإسقاط الحكم جريمة لا تقرها الشرائع السماوية، بل تجرم فاعلها، وحتى تعود للقانون هيبته، فقد حكم القاضي على كل من شارك في هذه الجريمة بالجلد ألف جلدة والسجن سبعة أشهر!
مخرج البرنامج أدار كاميرته فأظهرت لنا رجلاً ملتحياً يمسك بيده سواكاً يتجول به في رحلة عبر بقايا أسنان نخرها السوس.
صرختُ، وبصق صديقي وبدأ في لعن الحكام من العصر الجليدي حتى هذه اللحظة:
- (شايف المهزلة؟)
هكذا قالها دون أن يلتفت ناحيتي، كان مشغولاً بركل التلفاز. حاولت الرد فلم أتمكن.
كرر تساؤله وهو يتجه نحوي، حدق في وجهي برهة وبدأت ملامح الرعب في التشكل على قسمات وجهه، مكتسحة ملامح الغضب، رفع يدي وتركها فسقطت كما كانت، وضع رأسه على صدري، وصرخ:
- وحدوه!!
بيدٍّ مُرتعشةٍ رفع سماعة الهاتف وأجرى عدة اتصالات، كان يصرخ وهو يبلغ رجال الشرطة بوفاتي، وبصوت متهدج لعن الحكام وهو يقدم تعازيه لأبنائي، دقائق لم تتجاوز العشر كانت الفاصل بين المكالمة الأولى وحضور رجال الشرطة لكنها كانت كافية لصديقي لإبلاغ جميع أصدقائي بخبر وفاتي.
بدأ الطبيب الجنائي بملء الفراغات في السجلات الرسمية التي أمامه حال الانتهاء من فحصي بيمناه مُحتاراً في قراءة اسم والدتي، هل هو طفلة بالفتح أم بالكسر، وبيسراه ناول شهادة وفاتي لصديقي الذي بدأ في قراءتها بتمعن، وأعادها للطبيب محتجاً على سبب الوفاة، واتهم الحكم صراحة بوفاتي، مبرئاً هبوط الدورة الدموية الحاد الذي ورد بالتقرير، مؤكداً أن الحكم هو السبب الأول في موتي.
تجادل صديقي مع الطبيب ورجال الشرطة، فما كان منهم سوى وضع القيد في يديه، واقتادوه خارجاً، فترافق خروجهم مع حضور أبنائي الذين استلموا شهادة وفاتي فوراً، وبالغوا في إكرامي، وأخرج أحدهم رأسه من النافذة منادياً على شخصٍ كان ينتظرهم في الخارج فسارع بالحضور حال انتهاء النداء، وبدأ في نزع ملابسي، سحنته السمراء تشيء بإفريقيته، سحبني من قدماي إلى أقرب دورة مياه، ووضعني تحت دش ماء بارد فتوسطتني قشعريرةٌ بدأت في التمدد متتبعة مكان سقوط الماء البارد الذي كان يسكبه على أجزاء جسدي التي لا يصلها الدش بواسطة سطل كان يقبع في ركن دورة المياه احتياطاً لانقطاع الماء.
أخرج قطعة قماش مهترئة من حقيبة يدٍّ سوداء كان يحملها لحظة دخوله وبدأ في لفي بها بعد أن شدّ وثاقي، ثم رشقني من زجاجة عطر رخيصة أخرجها من جيبه الذي يحتل جانباً كبيراً من صدره الأيمن، وقطع على أبنائي اجتماعهم في غرفة الجلوس بندائه العالي، فتجمعوا حول جثماني بطريقة سمحت للعمال الأسيويين الذين دخلوا خلفهم بحملي ووضعي على طاولة خشبية تنتهي أطرافها الأمامية والخلفية بمقابض يكسوها السواد.
ميكروباص أسود اتجه بي إلى المقبرة يقوده الرجل الأفريقي ومعه عدة عمال أسيويين، وخلفهم سيارتي التي اشتريتها قبل شهرين من وفاتي يقودها أبني الأكبر.
استلم حارس المقبرة إذن دفني وطلب من العمال الأسيويين أن يسيروا خلفه وهو يتجه إلى أحد القبور الخرسانية في الناحية الغربية من المقبرة وتوقف عند طرف القبر الأيمن ورفع الغطاء المعدني ثم طلب من العمال إنزالي، فأنزلني العمال بطريقة تسببت في تمزيق أجزاء كثيرة من قطعة القماش المهترئة، فسمحت لي الثقوب بمشاهدة دموع العمال التي دلت على حداثة ممارستهم للمهنة وهم يعدلون وضعي على الجهة اليمنى بناءاً على أمر حارس المقبرة.
غمر الظلام القبر بعد سماعي صوت ارتطام الغطاء الحديدي بحوافه الخرسانية، وتأكدت جيداً من موتي بعد سماعي لصوت الرجل الأفريقي وهو يدعو لي بصوت متكدّس بالخشوع متبوعاً بـ "آمين" لأصوات جماعية، وفيما يبدو فأن بعض زوار المقبرة شاركوا في الدعاء.
توقف الدعاء وارتفعت أصوات ميزت منها صوت أحد أبنائي وهو يتشاجر مع بقية إخوته على توزيع التركة، وصوت أخ زوجتي الأكبر مطالباً أخته بالتوقف عن البكاء مُستخدماً آياتً وأحاديثَ غير مُترابطة تُحرمُ البكاء على الميت، مُذكراً إياها بأن حزنها لن يزيد على عدة أشهر وسيزوجها أفضل من المرحوم!
تمنيت صفعه لكني تذكرتُ موتي والميت لا يستطع الصفع!
وفيما أنعم بموتي فُجئتُ بتسلل شخصان من نافذة مواربة بجانب القبر يحمل أحدهم جهاز كمبيوتر محمول بدد ظلام القبر بضوءٍ ملونٍ حال تشغيله والأخر يحمل طابعة، وبعد عدة دقائق يبدو أنهم قاموا خلالها بإدخال أوامرهم للحاسب ارتفع صوت الطابعة لثوان وسحب أحدهم الورقة الوحيدة منها وتفرس فيها وبعد نقاش قصير بينهم منحني كرتاً أخضراً وقذفني من النافذة المواربة فامتدت أمامي ساحة شاسعة تعج بالبشر واللوحات الإعلانية والأضواء الملونة وأصوات الباعة.
كان الزحام يملأ الأفق الممتد فحاولت الابتعاد كما عودتني زوجتي التي كانت دائماً تطلب مني الابتعاد عن الزحام حال ملاحظتها أي بادرة تنم عن استعدادي للخروج!
وكان هذا أخر تنفيذاً لأوامرها، إكراماً لأخر دمعة سكبتها أثناء حديثها الهاتفي مع أخيها والذي حُرمتُ من إكماله لابتعاد صوت أخيها التدريجي عن القبر.
ابتعدت عن الزحام مسافة تسمح لي بمشاهدة الجموع أمامي وجلست مسنداً ظهري على حائط ممتد إلى ما لانهاية، بينما تجلس بجواري فتاة مشغولة بالنظر إلى وجهها في مرآة صغيرة!
ولما فرغت من تأمل حسنها، أعادت المرآة لحقيبة يد سوداء كانت تضعها بعناية في حضنها، وأخرجت ورقة وقلم رصاص وبدأت في الكتابة برشاقة؟
تأملتها أثناء انشغالها فبدأ لي وجهها مألوفاً!
توقفت فجأة عن الكتابة وقامت بتوزيع نظراتها بين الجموع، وهي تمارس قضم أظافرها بعصبية؟
ثم توقفت عن أداء طقوسها القضمية بعد نزفٍ بدأ بالتشكل على رؤوس أصابعها، واتجهت للعبث بخصلات شعرها المنسدل بفوضوية خلاقة على صدرها.
اقتربتُ منها محاولاً تبديد رعبها، وفيما يبدو أن حديثي بدد شيئاً منه فأسهبتُ، فبدأت في البكاء على كرتها الأخضر الذي ابتاعه منها أحد الهوامير لقاء كرتون أندومي وقطعة صابون لوكس!
تفاعلتُ مع حديثها وقد فاجأني حصولها على الكرت الأخضر، وفيما يبدو أن قدسيتها تنبع من دواخلها!
كنا نستند على الحائط وأمامنا بوابتان تشبه بوابتي الخروج بمطار هيثرو، الهوامير يتكدسون أمام البوابة الحمراء وتمتلئ حقائبهم بالكروت الخضراء، وتتعالى قهقهاتهم أثناء تجميعهم لكروت الآخرين الخضراء، وطلبتُ من الفتاة أن ترشدني على من ابتاع كرتها فأشارت لأحدهم فاتجهت نحوه وطلبت منه إعطائي كرت هذه الغلبانة.
رفض، بل وحاول شراء كرتي بعلبة تونة فاخرة وزجاجة من البيبسي كولا.
بالطبع رفضت عرضه بغضبٍ وكورت قبضة يدي اليمنى وسددت لكمة خطافية كانت كفيلة بنزع بوابة القبر فوجدتُ نفسي أتجول في ساحةِ المقبرة الموحشة مرتدياً كفني!
اتجهتُ إلى بوابة الخروج المغلقة التي توجد بجوارها غرفة ينبعث منها ضوء ضئيل ورائحة بخور لم أميزه، وقفتُ على الباب فلاحظتُ رجلاً من الجنسية السودانية يتناول طعام عشائه المكون من العصيدة والويكة، بادرته بالسلام، فانتفض واقفاً
- إنس ولا جن؟
- إنس!
داخلته بعض الطمأنينة لتأكده من كوني أنسي، مبدئياً تعجبه من محاولتي العودة إلى الحياة، ومُحتجاً بشهادة الوفاة القابعة بملف علاقي يسكن بدولاب يعلوه الصدأ:
- كيفن يا زول تثبت إنك ما ميت!
وأضاف أن عملية إثبات الحياة تتطلب الكثير من المعاناة بين الدوائر الحكومية التي من حقها فقط بعثي إلى الحياة، وذكر الغلاء الطاحن الذي بدأ ينتشر، فما كنت تشتريه قبل وفاتك مقابل ريال تضاعف عشرات المرات، ساق الكثير من العوائق التي ستقف في طريقي لو حاولت العودة إلى الحياة مرة أخرى، فاقتنعتُ أخيراً بصدق حديثه:
- خلاص خليك هِنا في مِحلك دا دقيقة، ما تزح كِدا ولا كِدا، سمح؟
قالها مُستأذناً وانسل لجلب كفنٍ جديدٍ مُتعهداً بدفني بعد الصلاة عليّ.

مسعد الحارثي



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-05-2011, 04:29 PM   #[5]
شهاب كرار
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بله محمد الفاضل مشاهدة المشاركة
يا زول عنك ما رديت ظاتو
هو قاليك إن انتظرت ردك تاني بجي
في طوف وطوفان تقيل جنب أخوك
الله يستر ما يغطس حجرو حتة واحدة


أها
هاك
بلة يا صاحب
سلامات ومشتاقين ياخ
والله بس ما شفتا مداخلتك الا قبل شوية
شكرا كتير
وتسلم على زوقك يا راقي



شهاب كرار غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-05-2011, 02:33 PM   #[6]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

شهاب الفاضل . بله كرار

كيفنكم ..

التداخل العميق والتمازج بين أحداث وشخوص ( النصين )
يبعث لدى القارئ إحساساً غامضاً بالترقب ..
مساحة مقدرة يهبها لك الناص فيمنحك دوراً ما فى ترتيب الأحداث ..
ورحلة رائعة مع الخيال وهو يخترق حاجز الزمن ..

شكراً سادتى على هذا الإمتاع ..

بالمناسبة حضرتنى رائعة ديستوفسكى ( حلم رجل مضحك ) و أنا أطالع النصين



التعديل الأخير تم بواسطة النور يوسف محمد ; 17-05-2011 الساعة 08:36 PM.
النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-05-2011, 06:58 PM   #[7]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

شهاب الفاضل . بله كرار

كيفنكم ..

التداخل العميق والتمازج بين أحداث وشخوص ( النصين )
يبعث لدى القارئ إحساساً غامضاً بالترقب ..
مساحة مقدرة يهبها لك الناص فيمنحك دوراً ما فى ترتيب الأحداث ..
ورحلة رائعة مع الخيال وهو يخترق حاجز الزمن ..

شكراً سادتى على هذا الإمتاع ..

بالمناسبة حضرتنى رائعة ديستوفسكى ( حلم رجل مضحك ) و أنا أطالع النصين
ما تهظر معانا يا اخي أنا وفردتي دا
هِظار ناس الإدارة قالو طوالي بجيبك بانيد
تهظرو معانا نضحك
نهظر معاكم نترصع


بالله عليك برنا بها إن كانت بطرفك حاضرة
(حلم رجل مضحك)
خلينا نحرق رفيق ورضا ديل



التعديل الأخير تم بواسطة النور يوسف محمد ; 17-05-2011 الساعة 08:38 PM. سبب آخر: تعديل فى الإقتباس ( خذف كلتا )
التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-05-2011, 07:00 PM   #[8]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

وهاكم دي رشوة كمان من الصديق (محمد بوحوش) بمنتدى مجاور (مدد):


ضحك أسود

رأيتني ذات حلم أمشي في جنازة أحد الأصدقاء . رأيت أناسا يبكون، فضحكت . ضحكت حتّى ارتويت.تركتهم يمشون ورفعت تابوتا على كتفيّ ثمّ ركضتُ : هاربا من جنازتي !.



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-05-2011, 08:46 PM   #[9]
النور يوسف محمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية النور يوسف محمد
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تعرف يا بلة انا فردتك ده مباريهو
زى ما بقولو أهلنا ناس الغرب ( مباريهو بالطوالة )
فوين ما اشوفو بعرف إنو فى وجبة دسمة

( حلم رجل مضحك ) من أروع ما قرأت ..
فى كمبيوتر المكتب على ما أظن , بكرة ببحتا ليك وين وبنزلها



النور يوسف محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 12:10 AM   #[10]
مبر محمود
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد مشاهدة المشاركة
( حلم رجل مضحك ) من أروع ما قرأت ..
لأنه ديستوفسكي، ولأنه عندي سلطان الأدباء.

شكراً شهاب، شكراً بله، شكراً على هذا الألق.



مبر محمود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 06:32 PM   #[11]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

تعرف يا بلة انا فردتك ده مباريهو
زى ما بقولو أهلنا ناس الغرب ( مباريهو بالطوالة )
فوين ما اشوفو بعرف إنو فى وجبة دسمة

( حلم رجل مضحك ) من أروع ما قرأت ..
فى كمبيوتر المكتب على ما أظن , بكرة ببحتا ليك وين وبنزلها
في الانتظار سعادتو
وإن سبقك مبر برضك خير وبركة


والمباراة دي يا عوقتك
يا عوقتنا
بس أخير تعوقك
عويق فردتي دا مقدور عليهو
جمال في جمال
بس انتو بعد الجمال بتدونا دفرة نقع علي خشومنا ديل


كايسو صاح



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-05-2011, 06:35 PM   #[12]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مبر محمود مشاهدة المشاركة
لأنه ديستوفسكي، ولأنه عندي سلطان الأدباء.

شكراً شهاب، شكراً بله، شكراً على هذا الألق.
سلام مبر
ومرحب بيك
ويا ريت تفتح لينا صفحة كاملة
عن ديستوفسكي
بي هناك
الجية هنا صعيبة بالحيل


الله يستر علينا من عكاز الإدارة هنا



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:21 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.