الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > أوراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 01-05-2008, 12:03 AM   #[1]
تاج السر الملك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية تاج السر الملك
 
افتراضي بوذا و حكمة الطير الخدارى

بوذا و حكمة الطير الخدارى

نفثت ملء رئتيها من الهواء الثقيل جزعا و هى تسترق النظر الى السما ء كأنما تستميح الله عذرا على قنوطها ، و على خديها صمغ الهشاب يسيل ، و على شفتيها ينتثر الكحل الذى غرزته الأبر وشما ابديا لا يفنى و لا يتبدد و لا يلتئم له جرح ، و فى ركن قصى من المكان كان الصرصار يناضل بيأس و حمية للأفلات من شباك العنكبوت ، للصرصار حياة يقاتل من أجل البقاء على قيدها و شرطها ، ترى ما قيمة الحياة عند صرصار ، كائن وحيد يعيش فى ظلمة ووحشة و نفايا؟؟؟؟
يطرح العشب ازهارا تتعلق على سيقانها الواهية، كائنات دقيقة ، تحتفل بحياتها و آمادها القصيرة و تحتفى بشبق اناثها ، و بين العشب غير الصالح للبقاء ، تنبت ( الموليتة) ، كان جدى يعشق اكلها بعد خلطها بمسحوق الفول ، قال بأنها تمنع عنه اصابة الملاريا ، و نفث ملء فاه هواءا مختلطا بنأمة شجى و شوق بعيد و حسرة ، و فى السماء الفسيحة تراوح ازيز الطائرة ذات المحرك الواحد ، بين النأى و الأقتراب ، الطائرة التى تسح مطرا من الموت على الكائنات الصغيرة المتعلقة فى ذعر على سيقان الأعشاب الواهنة ، لوزات القطن البيضاء اشرقت لتوها من بين أعطاف الأغشية الصلدة السميكة ، تتساقط عنها الديدان فى شقوق الأرض صرعى مختبئة فى شفافية اجسادها الرخوة ، و فى المدى البعيد، بيوت مغلفة بالغبرة و الشمس و الصمت و الحيرة ، تستظل بالنيم و بعض نخل عقيم ، تتشبث بالبقاء وعلى ابوابها الوشم و التوسل و الرقى، وعلى طرف جدول الماء القاصى (طورية) و بقايا عظام ، يتسارع النمل الحاشد فوقها و لا يصطدم ببعضه فى سعيه المتعجل ، تخرج الماعز من معاقل اسرها فى زرائب الشوك و تحط الطائرة الصفراء الخشبية الصغيرة وراء مشيدات ( الزنك) و الجمالونات الغارقة فى السراب ، مخلفة وراءها صدى حشرجة المحرك الوحيد و هو يتهيأ للموت. على مائدة الغداء جلس عمى ( عبد الرحيم )، ننظره بأعجاب و هو معلق فى السماء على متن طائرته الصفراء الصغيرة ، مثل تمثال من الطين ، و على المائدة يتمدد و تدب فيه الحياة مثل بوذا و حكمة الطير ( الخدارى) .
.
صحوت على صوت ( انجيلا) ، فى الجانب الآخر من السرير ، يسقط الضوء الشمالى على وجهها مثل منحوتة فذة ، صحوت و صدح البلو بلو ، و أخى تورمت بطنه و هو لم يتعدى حقنة السعر التاسعة ، ، و الأفندى يتأفف من أمه و هى تبيعنا اللقيمات فى الصباح الباكر بوجه تحتفل كل نأمة فيه بالحياة ، و جسد تختلج كل عضلة فيه بالحب ، و على ساحة الحوش الضيقة ، تراصت الأسرة دون ترتيب و اغطية ملونة مهملة و نسمة باردة أخيرة تأتى قبيل ان تفتح السماء اشداقها باللظى.
يعاود عمى ( عبد الرحيم) تحليقه فوق ذرى ( العيش) و الخضرة و جداول الماء و مسالك الأسى و سقوف مشيدات الزنك العالية و روائح المبيد، يحط على الكحل فى شفتيها ووشمه الأبدى فى المساء ، يطرق بابها خفية و نحن نيام ، و جدتى تهذى بانها وضعت له ( العمل) ، فيتقبلها الجميع كما القضاء ، تتبعها عيون النساء فى حسد و الرجال يشتهونها و يتهيبون سطوة المبيد .
انتفضت ( انجيلا) ، فى فراشها و هبت مذعورة ، رسمت اشارة الصليب ، سقط الغطاء ، يكشف عن يمين جسدها العارى ، و برز الوشم الثعبان المحدد بالكحل و البنفسج و الخضرة الواثقة ، تمطى على جسدها العارى ، منمنم مثل موشح اندلسى ، صغيرة ، واسعة العيون ، حائرة فى مأزق الحلوى و يد صاحب الكنتين الممتدة المولعة بقرص افخاذها الرقيقة البريئة ، و فى ليلة زفافها لازمتها رائحة الصابون و الحلوى و زيت السمسم و نظرات (خضر) المقيتة و جلبابه المتسخ، افلت الصرصار من متاهة شراك العنكبوت ، فأسرع العنكبوت الى رتق الفتق فى نسيجه القاتل و جلس صامتا فى انتظار الذباب.
رجعت الأغنام الى حظائر الشوك مع بوادر المساء، و التصق الجربوع على صمغ الهشاب بعد ان قضى وطره فى طلب اللذه ، لا يفرق بين جذع انثاه و جذع الشجرة ، رميناه بالحجارة و هولا يحير فكاكا من قبضة الصمغ الصارمة البكر ، و توارت وجوه الفتيات خجلا وراء خيوط الطرح البالية الباهتة ، خجلا من مشهد الموت الفاضح و عرى ( الكدروك) ، و فى المساء الموغل ، اشتعلت اعواد القطن بالحريق أحترق الطين و احترقت الكائنات الدقيقة فى مواقع نضالها اليومى من اجل البقاء ، ماتت و اشواقها و تطلعاته الدقيقة وولدت كائنات أخرى فى جهنم الحريق.
دار ( عبد الرحيم) دورتين فى السماء و نحن نركض وراء تمثاله الطينى بطائرات من شوكة و قطعة من الورق المقوى، و بعرتان، نلهث و الطير الخدارى افسح الفضاء ، قاعد على اسلاك خطوط الكهرباء ، و حين اشتدت قسوة الهاجرة ، طفونا فوق ماء الترعة العكرة ة كائناتها الدقيقة ، ننوء بلذة الذنب ، وفى المساء كنا نهذى بالحمى و بوذا جالس على المائدة بعد ان فرغ من طيرانه النهارى، خرج قاصدا بابها الموشوم ، و نساء يتقلبن فى ملل على اسرتهن، و ( انجيلا) تنتظر ان يشيح ( خضر) بعينيه عن سبيلها.



تاج السر الملك غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 08:02 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.