إلى أحمد أمين ( يا نَاوي الرحيل )
[align=center]إلى أحمد أمين ( يا نَاوي الرحيل )[/align]
عزيزنا أحمد أمين
تحية واحتراماً
سيدي
يُكابِد الجميع هُنا حتى يُقدمون كُنوزاً من موائد ثقافية متنوعة ، منها ما صنعناه ، منها ما جمعناه ، ومنها مظلة متنوعة لنُرشد اخوتنا وأحبائنا ليتعرفوا إلى دنيا القراءة والرسم والموسيقى والأديان والمُعتقدات والآداب والفنون ،والسياسة . المُباشر فيها وغير المُباشر والكثير من الثقافات الممكنة في مجتمعنا ومن حوله وخارجه .
ابتدر الجميع الحوار والصراع
وجميعنا يعلم كيف كانت تنشئة أجيالنا السابقة واللاحقة :
نحن نُعاني الكثير من التعسف ، لا قراءة ولا ثقافة في تُراثنا ، بل سلطة أبوية مُفرطة السطوة تقول لك : ( هذا هو الصحيح وذاك هو الخطأ )
ومجموعة كبيرة من نفي الآخر المُختلِف.
ربما نحن سبقناك في تاريخنا ونعمت أنت بالكثير ، ولكن في خطابك
نشتمّ روائح الرأي الواحد ، وتسفيه ما يكتبه الآخرين وأنا أعجب !.
كتبنا وكتب بعضنا في كل شيء وتم فتح حوارات حول الأديان فعرفنا الكثير عن ما تُخبئه الأنفس هنا .
مثلاً كتبت أنا عن ابن إبراهيم الذبيح ووروده إسماعيل في القرآن الكريم ، ووروده إسحاق في نُسخ العهد القديم المُتداولة ..أين كُنت من هذا الحوار ؟.
كتبت أنا مثلاً نصوص دينية موثقة من أهل السنة عن السبي في الفتوحات ، وفتحنا حوار حوله ..
أين أنت من هذا الحوار ؟
نقلنا نص الآذان عند الشيعة الإثني عشرية ، امتد الحوار ، و تضاربت الآراء حتى قاربت الخصومة عند بعضنا رغم أن الصراع الفكري في إطار طائفتين من طوائف المُسلمين ، ولمسنا نحن الكثير الذي يختبئ في أنفسنا من أننا في حاجة لزلزلة الكثير من القيم التي نحمل ، فنحن أو بعضنا لا يُطيقون الخلاف ولا يقدرون على صعابه ..
أين أنت من ذلك الحوار ؟
كتبت أنا مثلاً عن أدب المدائح ، والمُقاربة بين نص من نصوص السيد المسيح ،ونص شِعري من نصوص مدائح الشيخ البُرعي في قصيدته ( أوريك طِبك ) ..
أين أنت من هذا الحوار ؟
كتبت أنا مثلاً عن محمود محمد طه في رؤى الأحلام . حمل الذبح الذي رفعه قلمه إلى عنان التسامُح واغتالته جماعة تدعي الإسلام لأنها تختلف في رؤاها الدينية الإسلامية عن رؤيته ، ورأينا الحوار ، وعرفنا من كان يؤيد القتل للاختلاف في الرؤية أو القتل للخلاف في الرأي رغم أن الجميع يستند في رؤاه على مناهج أهل السنة !
جرى هذا الحوار وغيره ..
أين أنت من هذا الحوار ؟
كتب كثيرون غيري ..
أين أنت من هذا الحوار ؟
إن الصور التي ترغب أن يعرفها القراء هنا ليعرفوا كيف تناول رسام كاريكاتيري حياة نبينا أشرف الخلق ، لو أنزلت لوقع عليها المصير الذي وقع للصحف بدعوى نشر سب الرسول الكريم ، وقد أفتى كثيرون في تاريخنا الإسلامي فيها بالقتل ، ولا تنقذ صاحبها حتى التوبة !!
هنالك أسئلة لك ، وللكثيرين منا هنا :
قام الآلاف بمظاهرات ولم يقرءوا كتاب آيات شيطانية !!
يقوم الآن الآلاف بمظاهرات ولم يُشاهدوا الصور الكاريكاتيرية ، وقد هاجم الشيخ القرضاوي في أحد مساجد قطر يوم الجمعة الماضي 3/2/2006 م ، الإذاعة البريطانية لأنها أوردت بعض النماذج في إطار تحليل الظاهرة كخبر تنقله لقرائها !
وهو شيخ يُعتد به عند أهل السنة والجماعة !
أترى أيكون مصير سودانيات نفس المصير ؟
للجميع أن يغضب ونتخذ ما نراه في هذا الشأن وهذا حق كل من يُسفه دينه وعقيدته أياً كانت ونحن أولى بالغضب ..
وللعلم لدينا في ثقافاتنا السودانية الكثير من الذين يُسفهون مُعتقدات الآخرين ، أتذكر النص المشهور في دساتيرنا :
( الأديان السماوية و كريم المٌعتقدات ) . فهنالك معتقدات نحن نراها غير كريمة ، ويعتقد فيها غيرنا ..
أنسفه معتقدات الآخرين لأننا لا نعتقد فيها؟؟
المسألة أكثر تعقيداً مما تتصور .
وفتحت أنت بهذه المسألة أبوابا مُشرعة لمناقشة :
كيف هو احترام العقائد ، وكيف يكون الحوار بشأنها ، أين الحق وأين المُمكن ؟
أين التداول والنقاش والطرح والتفرقة بينه وبين السب ؟
ما هو السب ، وما هي المُحرمات ؟
ما هو حدود الاختلاف والتفرقة بينه وبين القذف ؟
لدينا الكثير من الأسئلة تحتاج لحوارات مُكثفة ، ولا تكفيها مُداخلة أو حتى موضوع .
شكراً لك أن أثرت أمراً مُهماً ، ولو على طريقتك وأنت تنوي الرحيل .
هل سمعت مَدحة : ( يا ناوي الرحيل )
أتمنى أن تسمعها ، ويصفو قلبك ، ولا تُسفه اخوتك وأخواتُك هنا .
عبد الله الشقليني
4/02/2006 م
|
