وحدي جئت أنا ..
صوتُكِ يوم تَنادَى الغيمُ
وفكَّتْ نسماتُ الفجرِ قلائدها
وتضاحَكَ في الأفقِ البرقُ
أجَّجَ في أنحاءِ الجوفِ صبابته
ومضى لحناً منسجماً كالترتيلِ
وأنيقاً كالدعواتِ على فمكِ
لما لامس كفَ الطهرِ حنايا الروحِ وعطَّرْ
لك (يا أمَ الخيْرِ) وأكثرْ
دام صباحُكِ أفراحاً
وحواراً بيني والأشياءَ لديك
صوتُكِ في تلك الساعةِ جاءَ وضيئاً
لا أحسَبُ مثلُكِ كان وضيئاً
وكنت أنا أحملُ عشقي
وصداقةَ أرضٍ أهدتني خُضْرَتَها
وقميصَ العيدِ
وبعضَ كلامٍ ليس يُباحْ
هذي أنت زهرةُ حقلٍ بريَّةْ
وملامحُ كُلّوجوهِ الناسِ العفوِيةْ
وطعمُ القولِ على شفتيكِ يزُخُ معاني الحرِيةْ
هذي أنت حساً يتطوَّرْ
ظناً يحترفُ مواجهةَ الذاتِ ولا يَقْنَعْ
وأنا مبتدئاً صمَّمتُ لأن أستوضحَ منكِ الغيم
وغناءَ الفرحةِ والمارِين خلالَ القلبِ
والراسخَ كنت أنا
وحدي جِئْتُ أنا
أتمثَّلُ قانونَ الوجدِ
وأركضُ خلف بريقك كي ألقاكْ
وكي أتمَلَّى من وهجِ ثَناياكْ
كالشمسِ حين تلِمُ الكونَ لديها ..
لتؤكد للأقمارِ حقيقتَكِ ..
وأنا لو كنتُ تشبثتُ بنُصْحِكِ ما عدَّلتُ مساري
أو انحِزْتُ إلى الترحالِ وبعتُ ضميري
ورهنتُ عواملَ جذبك للأيام
كم أتأسفُ هذي الساعةُ إني أفتقدُ الصحوَ
وأفتقدُ وجوهَ الناسِ
وأنتِ ..
أنتِ .. من مثلُكِ أنتِ ؟
لا الغيمُ ولا خضرتها الأرضِ ولا الدعواتْ
لِمَ لمْ تتحدي سُوءَ غروري
لِمَ لَمْ تخبرني عيناكِ بأني أخطأت
كيف نَسَيْتُ فداحةَ ذنبي ..
بدَّدتُ حنيني بين البعدِ وتِيه خيالي
فكيف الآن أدبِّرُ حالي ؟
وأدَوْزِنُ وَقْعَ دموعي على لحنِ خُطاكْ
فأجمِّلُ قُبْلاتِي، أطبعُها
لا للجَنَّةِ وعداً لو يتأتَى
أو ردَ جميلٍ يغمُرَني
أو استحقاقَ الحُضنِ كنبعِ حنانْ
فدعيني الآن أدبِّرُ حالي
سأصدرُ هذا اليومُ بياناً ضد الأحوالْ
وبياناً يستوضحُ قلبي عمَّا جابهَ من أهوالْ
وبياناً يعلنُ أني منكِ وطناً أرحلُ فيه إليكْ
ولا يرحل أبداً من عينيكْ ..
لا يرحل أبداً من عينيكْ.
محمد حسن الشيخ
الرياض 3/2012
التعديل الأخير تم بواسطة محمد حسن الشيخ العالم ; 24-06-2015 الساعة 12:03 PM.
|
