الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > عجب الفيا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 13-12-2006, 03:14 AM   #[1]
عجب الفيا
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي قراءة في مذكرات محمد المكي حول تاريخ الغابة والصحراء

قراءة في مذكرات محمد المكي حول تاريخ الغابة والصحراء

السودان ثقافيا وعرقيا بلد عربي افريقي او أفريقي عربي ان شئت . هذه الحقيقة التي لا تتناطح فيها عنزتان - كما يقال - ظل مثقفو السودان يتناطحون حولها منذ فجر الاستقلال حتي اليوم . هذه الحقيقة التي تمشي على رجلين ، هي باختصار ما اراد نفر كريم من ابناء هذه الامة التعبير عنه في بدايات عقد الستينات من القرن الماضي ، من خلال رمزية " الغابة والصحراء " . واكتشاف هذه الحقيقة ، كما يقول محمد المكي ابراهيم " امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق " . فليس للغابة والصحراء " أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة ."

ولكن برغم هذه البداهة لا أعرف حركة فكرية وثقافية، نبيلة المقاصد ، تعرضت للتشويه والتبخيس و التجني وسوء الفهم والتخريج ، من اهل اليمين واهل اليسار على السواء ، كالذي تعرضت له جماعة الغابة والصحراء .
بعض اصحاب اليمين وغلاة العروبيين رأوا فيها محاولة علمانية " لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام " وبعض أهل اليسار وغلاة المتأفريقين رأوا فيها تكريس لواقع غلبة الثقافة العربية والدين الاسلامي . وفريق آخر يضم ثلة من هؤلاء وثلة من اؤلئك أدركوا عبقرية وواقعية هذه الصيغة في وصف حال السودان الثقافي والاثني فاسكثروا ذلك على اصحابها وودوا لو كان لهم فضل السبق الى ذلك الاكتشاف ، فسعوا الى وأد الفكرة والنيل منها بشتي السبل حسدا ، والحسد في دنيا الثقافة والادب فنون .
كل ذلك اصاب اصحاب الفكرة باحباط مبكر ، دفع بهم الى هجر حلبة الصراعات الفكرية الثقافية والناى بانفسهم عن الخوض فيما ظل يحتدم من لجاج وجدل حول قضايا الهوية لاعتقادهم ان الامر من البداهة بحيث لا يستحق كل هذا اللجاج والخصام .

و بعد صمت دام اربعين عاما قرر الشاعر والمفكر السوداني محمد المكي ابراهيم ان يكتب ذكرياته عن نشوء أهم حركة فكرية حاولت ان تاسس ثقافيا واثنيا للسودان كبلد عربي افريقي او أفروعربي . وذلك في الحلقات التي بدأ نشرها منتصف هذا العام المنصرم بصحيفة ( السوداني) تحت عنوان : "التاريخ الشخصي للغابة والصحراء " .

وحيث ان الوعي بالذات ينشا من الاحتكاك بالآخر ، فقد كانت البداية بالمانيا سنة 1962 حينما قضى احد العطل الصيفية اثناء دراسته الجامعية. حيث التقي هنالك بزميله الشاعر النور أبكر وتدارسا سويا في حقيقة الانتماء الثقافي والاثني للسودان .
كانت المانيا في تلك الفترة تعيش الاحساس " بروح الندم والتكفير عن خطايا " حروبها النازية ذلك الاحساس ولد روحا شعبيا عاما متسامحا مع الاجانب . " في ذلك المناخ الودود كان سؤال الهوية مطروحا على الدوام وكان أناس لطيفون خرجوا من تحت أنقاض الحرب يريدون أن يعرفوا اذا كنت زنجيا من أفريقيا او عربيا من الشرق الأوسط ، وحين تقول أنك عربي كان نفس الأشخاص الطيبون يصارحونك ان فكرتهم عن اشكال العرب كانت مغايرة تماما .وبالمقابل لم يكن يسيرا عليهم ان يفهموا ان اشخاصا يتفاهمون بينهم بالعربية يمكن ان يكونوا زنوجا افريقيين او أن أناسا سودا يمكن ان يكونوا عربا تماما مثل عبد الناصر وملك الأردن الشاب المحبوب."
هذه التساؤلات فتحت اذهانهم على حقيقة انتمائهم كسودانيين . وبعد تفاكر وتدارس اهتدوا الى انهم خلطة جميلة ومتفردة من أعراق عربية وأفريقية وهداهم حسهم الشعري الى وصف هذه الخلطة " بالغابة والصحراء " وكانت هذه التسمية من ابتكار النور عثمان ابكر .

ترك محمد المكي ، النور ابكر بالمانيا وعاد الى السودان لمواصلة دراسته بالجامعة حيث فكر في تاسيس حركة شعرية انطلاقا من مفهوم الغابة والصحراء . في صباح أحد أيام اغسطس 1963 نقر باب غرفته اثنان من الشباب راح أحدهما (يوسف عيدابي) يقدم نفسه ورفيقه: " نحن شاعران ونريد أن نتعرف بك ونقرأ لك.أنا يوسف عيدابي من كلية الحقوق وهذا صديقي محمد عبدالحي وهو حاليا في كلية العلوم. "
و سرعان ما انضم اليهم عدد كبير من اصدقاء يوسف ومحمد عبد الحي على راسهم الشاعر على عبد القيوم والمعماري الفنان صابر ابو عمر والبروفسور طه أمير. الا ان المجموعة تعرضت لهزة قوية حين غادر يوسف عيدابي السودان للدراسة بالخارج حيث بقي الى ان نال درجة الدكتوراه . بينما توثقت العلاقة أكثر بين محمد المكي ومحمد عبد الحي .

وكان الميلاد الحقيقي للغابة والصحراء اثناء مكوث الاثنيين لقرابة الشهر في بيت جدة محمد عبد الحي بالخرطوم بسبب قفل الجامعة في أحد الاضرابات . حيث " شرعنا في تعميق الفكرة وإضاءة جوانبها وأطلعت محمدا على بعض الفصول التي سجلتها من كتابي عن الفكر السوداني وهو محاولة لاستكشاف العناصر المكونة للثقافة السودانية في بدايات تخلقها في العصر الفونجي..و بينما كنت اجاهد متنقلا بين المادة الخام لذلك البحث واعداد مخطوطته الأولى كان محمد ينغمس في اعداد واحد من اهم اعماله واحقها بالخلود فقد كان يكتب قصيدته الكبرى عن (العودة الى سنار) وما كادت عطلتنا الاجبارية تنتهي حتى كان محمد قد فرغ من مسودتها الأولى . "

ولكن لماذا سلطنة الفونج ؟ لماذا سنار " السلطنة الزرقاء " وليس مروى او نبتة او كرمة ؟
يقول محمد المكي :
" ان المسالة ليست يانصيبا جزافيا ولا هي خاضعة لأحكام الهوى الشخصي، فواقع الحال ان السلطنة الزرقاء بداية حقيقية للسودان الحديث وهي تاريخ حي متحرك وليست جزءاً من التاريخ الميت المنبت .وكان يسعدنا ان تكون البداية من مروي او كوش لولا ان تلك الحضارات الباهرة بادت مفرداتها واصبحت جزءا من لحمة الماضي وانضمت لغاتها الى اللغات الميتة بينما قامت السلطنة الزرقاء بضم بلادنا الى عالم جديد هو عالم الثقافة العربية التي لا تزال حية ومتفاعلة في وجداننا. واصبح علينا ان نستخدم المفردات الجديدة لندون موقفنا الحضاري ، بتشكيلنا للثقافة العربية واعادة صياغتها في لبوسها الأفريقي الناشيء عن المناخ السوداني."

وقد اهتدوا في تشكيل الثقافة العربية في لبوسها الافريقي السوداني بمحمد المهدي المجذوب
" الاب الاكبر للحداثة السودانية " الذي سبقهم "وسبق جيله الاجيال اللاحقة باعترافاته الباهرة بالدماء المزدوجة الاصول التي تجري في عروقه كقوله لمؤتمر الأدباء العرب:

عندي من الزنج اعراق معاندة
وإن تشدق في إنشادي العرب


كان هدفهم نحت بلاغة جديدة من جسم اللغة العربية للتعبير عن الوجود السوداني وتوطينه داخل الادب العربي . " اريد ان اكون شاعرا سودانيا قبل كل شيء وأن افرض ذاتي على اللغة العربية واتخذ لنفسي مقعدا خاصا في محفل الثقافة العربية. " وان يتم كل ذلك في جو " من الفخر والاعتزاز وليس في إطار من الاعتذار او عمى الألوان ."

مما يشد الانتباه في حديث محمد المكي ، ان اثنيين من الشعراء يعدهم بعض مؤرخي الادب ضمن تيار الغابة والصحراء الشعري هما صلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند ، كانا قد هاجما هذا الاتجاه علنا في بدايته . لقد كان صلاح يظن ان هذا الاتجاه " نسخة أخرى من حركة الزنوجة التي قادها سنغور وايمي سيزار " ودار سجال مشهور بينه والنور عثمان أبكر حيث كتب الاخير مقاله: (لست عربيا ولكن)، فرد عليه صلاح بمقاله: (بل نحن عرب العرب). ولكن محمد المكي يرى ان ذلك السجال لا يمثل الموقف الحقيقي لصلاح بل ان شعر صلاح الذي يتقدمهم زمنيا ، كان رائدا لهم واخذوا عنه ، هو والمجذوب ، الطابع السودانوي للشعر . ولعلهم استلهموا الكثير من ديوان " غابة الابنوس " لصلاح .
ما يؤكد رأي محمد المكي ان الدكتور عبد الله بولا سأل صلاح عن هذه المقولة المسرفة " نحن عرب العرب " فرد عليه ان ذلك كان نتيجة موقف عاطفي مع العرب اثر الشماتة عليهم عقب هزيمة حرب 1967 وحين سئل فيما بعد في باريس من انت ؟ أجاب أنا الهجين عنترة !

اما سند " فان هواه العروبي جعله يتوجس منا ظانا اننا ضد العروبة وتجلياتها السودانية غير عالم اننا اقرب الناس اليه فنا وفهما." وكان سند يردد ان قصائد محمد المكي هي محاكاة للشاعر الفرنسي بودلير الذي كان يتعشق امراة خلاسية: " بينما انا - وهو وكافة معشوقاتنا - خلاسيون من ارحام عرب - أفريقية وقد مضى اسلافنا على ذلك النهج قبل ان يولد بودلير بألف أو بخمسمائة عام على أسوأ الفروض."
والحقيقة ان الدارس لشعر سند لا يملك الا ان يصنفه ضمن هذا التيار ويكفي دليلا على ذلك ديوانه "البحر القديم " الذي صدر في تلك الفترة .

و لعل أعنف نقد وجه للغابة والصحراء، مؤخرا ، صدر عن الدكتور عبد الله علي ابراهيم . فهو قد نفي بشدة ان يكون سكان شمال السودان عرب افارقة واصر على عروبتهم الخالصة وثقافتهم العربية الخالصة وذهب الى حد القول ان وصف سكان شمال السودان بكونهم افروعرب انما هي دسيسة روج لها المستشرقون .وان ينابيع الغابة والصحراء ترجع الى كتابات مكمايكل وترمنغهام عن السودان .
وجاء رد محمد المكي على ذلك ، في شيء من المرارة ، ودون ان يذكر الدكتور عبد الله بالاسم . قائلا : " ان ذلك الاكتشاف امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق او قراءات في أدب المستشرقين أو تأثر بهم . وبين هلالين أقسم برأس أبي انني لم أقرأ حتى اليوم ترمنجهام وذلك الآخر الذي روجت ألسنة السوء أننا قرأناه وتأثرنا به ." ويضيف ان تلك : " الفرية مقحمة اقحاما ليذكرنا مروجها انه متمكن عظيم الباع وأنه ليس أقل من ادوارد سعيد مقدرة على نقد الاستشراق والمستشرقين وإظهار ما هم عليه من التفاهة وحقارة الشأن وكل ذلك إثباتا لعبقرية انا كنت ذات يوم ممن يتوسمونها في مروج تلك الافتراءات ".

واستدلالا على ان الآفروعربية ليست تحديدا لانتماء فردي بقدر ما هي بحثا عن القواسم المشتركة لانسان السودان ، يقول محمد المكي : " فقد كان صديقنا محمد عبد الحي عربي السمت بصورة صارخة ومع ذلك اضطلع بدوره التأسيسي في حركة الغابة والصحراء بينما اختار الدكتور (الاخدراني) ان يقف على الجانب الآخر ساخراً هازئاً من القائلين بالهجنة واختلاط الانساب. " وذلك في اشارة الى الدكتور عبد الله لنكرانه حقيقة التمازج العربي الافريقي في السودان .

ومن العوامل التي يرى محمد المكي انها ساعدت على احياء و ترسيخ الطابع الافروعربي للثقافة السودانية حركة اغتراب السودانيين الى بلدان النفط العربية . فقد القت " ضوءاً كاشفاً نزع عن عيون السودانيين غطائها وزودهم ببصر حديد " بخصوصية وضعهم وتميزهم بين العرب .

اما بازاء الاستقطاب الحاد الذي ساد الساحة الثقافية والسياسية نتيجة بروز تيار السودان الجديد ، يرى محمد المكي ان الافروعربية تنهض كخيار وسط بين دعاة الافرقة الخالصة والعروبة الخالصة . فهنالك " شبه كبير بين غلاة العروبيين وغلاة المتأفرقين فكلاهما ينظر الى السوداني عربياً خالصاً-هذا ليحشره رغم أنفه في الكتلة العروبية وذاك ليتبرأ منه ومن الأصول التي نمته. ومن يتأمل الجنجويد وحديثهم المبالغ فيه عن (الزرقة) يضحك ضحكاً مراً على النزاع ومبرراته فليس اشد زرقة من واحدهم سوى الآخر، وممكن جداً تبادل المواقع بينهم فيكون بعض الجنجويد افحم سوادا من أعدائهم في المعسكر الآخر."

ومن الذين وقفوا مع هذا الاتجاه الشعري يذكر محمد المكي ، الشاعر عبد الله شابو الذي شملهم بعطفه ونصحه و كان وجوده الشخصي في الاطار الجامعي مصدراً لإشعاع فني وانساني لهم .
ويذكر بمزيد من المحبة ، صديقه ،علي عمر قاسم ، والشاعر الغنائي المبدع عثمان خالد و علي عبد القيوم ، وعبد الرحيم ابو ذكرى الذي يقول انه يشترك معه في نفس المنطلقات. ومن بين الشخصيات المضيئة التي رعت أو اكدت اتجاهاتهم الفنية يذكر الدكتور ابوسليم ، و الدكتورخالد الكد .

ومن علامات صمود هذا الاتجاه الافروعربي ، كما يقول محمد المكي ، انه استطاع ان يجد انصاراً بين الأجيال اللاحقة يذكر منهم الاديب والصحفي البارع صلاح شعيب وشخصي . وليسمح لي القاريء الكريم ان اورد بعض مما قاله محمد المكي فقط من باب حفظ الجميل وعرفانا لفضل مفكر وشاعر عظيم في الاحتفاء بشباب هم في سن ابنائه ، يقول : " اخص بالذكر نموذجاً متفرداً هو الأديب الناقد المحقق الاستاذ عبدالمنعم عجب الفيا الذي لم يقف عند حدود التأييد والاجترار وانما مضى قدماً ليضيف الى الصرح لبنات جديدة . وما اعجبني في هذا الاديب الشاب هو تناوله للآفروعروبية من مدخل صحيح هو المدخل الفني وحسب تعبيره اعتبرها ناظماً جمالياً للانتاج الثقافي في السودان اليوم وغدا. والواقع ان نموذجه الفريد يؤكد على استمرارية العطاء الثقافي بين الأجيال " .

قطعا كل عبارات الشكر ستقف عاجزة ، ان تفي الشاعر والمفكر الكبير حقه على هذه الكلمات . وكل ما استطيع قوله هو ان مساهمتي بالكتابة في هذا المجال لا تتعدي الرغبة في رفع الحيف واجلاء سوء الفهم الذي حاق بأهم محاولة رائدة في التاسيس للتعايش والتمازج السلمي بين الثقافتين العربية والافريقية .
واؤكد ان "الغابة والصحراء" ، ليست مجرد جماعة ادبية او شعرية التقت لفترة ثم انفض سامرها ، وانما هي تعبير عن موقف وجودي وواقع حياتي متجدد ودمغة يحملها كل سوداني كالبصمة . الغابة والصحراء هي السودان . تتغير الشعارات وتتلون الرؤى ، وتتبدل الاسماء ويظل السودان هو السودان .

عبد المنعم عجب الفيا
_______

* محمد المكي ابراهيم - جريدة ( السوداني ) تحت عنوان : التاريخ الشخصي للغابة والصحراء .



عجب الفيا غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 02:50 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.