لصوص و كلاب
لصوص و كلاب
فئتان من مخلوقات الله فى السودان كتب عليهما الشقاء بدرجة أعظم من بقية المخلوقات فى المملكة الحيوانية، و اقل قدرا من شقاء ( محمد أحمد) ..
الكلاب و الحرامية !!
يحتسبهم الشقاء بسبب طبيعة المهنة و بسبب الميلاد ، و أسباب أخرى لا يد لكليهما فيها ، فالكلب يولد كلبا فى بلد لا يعنيه من أمر الحيوانات الا أموال حدائقها و التى لم تجبى حتى هذه اللحظة ، وقيام برج فى مكان أقامتها، ينتصب مثل بيضة الرخ ، يقضى العقيد فيه سنوات تقاعده بأذن اللله ، يجتر ذكرياته المشاترة، تحت ظله البيضاوى الوارف وبيده كريزة فى يده يهش بها غنم ( التواتة)، و( الله غالب) فى كل الأحوال.
أما الحرامى فهو رجل يدفع دفعا لأمتهان الحرفة و التدرب عليها تدريبا شاقا ، يدفع اليها بسبب أنعدام العدل الأجتماعى ، و بسبب من سوء حكم الحكام للرعية ، وبسبب من سوء الأدارة و قلة التدبير و نقص التقدير وعدم التبصرعند عموم الحرامية بحجم المقاومة الشعبية الرابضة خلف الحيشان ، و شغف عباد الرحمن بالأستجابة للشفرة التاريخية...يا هو...
عنت لى هذه الخواطر أثناء متابعتى لمشهد حوار و تفاوض أمتد لساعات طوال بين أفراد قوة بوليس ( فرفاكس كاونتى) و مجرم متمترس بسلاح نارى داخل بص عام . أغلقت الطرقات ، ومشى ( الروبوت) يحمل الموبايل للمجرم فى عقر خندقه ، و أكاد أجزم انه لو طلب مشاهدة ( السبعة العظام ) لأستجيب لطلبه , تحدث المتفاوضون بصبر و تفهم ، و تحمل الناس بصبر لتداعيات الموقف و سكتوا على التأخير الذى تجاوز الثلاثة ساعات ، و تغاضوا عن كل الخلل الذى أصاب برامجهم لتلك الليلة ، هدأ روع الرجل فخرج من مكمنه طائعا مختارا و سلم نفسه ، و انقضت الأزمه.
و تصورت لو أن قائد ( الأسوات تيم) ضابط سودانى ، أذن لجاء بخور الشطة القبانيت كحل اولى ناجع ، و و الله لضربت حلة خوجلى بالبمبان دون ذنب جناه اهلها و الدناقلة و شمبات الحلة و كرتون مايو و لهتف الناس لن يحكمنا البنك الدولى!! أما أن كان الضابط ( ود بمبة ) أذن لسقطت قنابل الماء من الخراطيم أشد بأسا من الفيضان الذى ابتلى به الله قوم نوح. حدثوه فى الموبايل عن مغبة الفعل و امكانية حصوله عن محام للدفاع عنه ،سيطروا على الموقف دون تدخل من أولاد فربق البحر و ابطال ( زنقو) و كتائب سوق الملجة، فالمجرم فى الأعراف المتحضرة أنسان يحتاج الى مساعدة أكثر منها أحتياجه للعقوبة و هى نافذةلا ريب فيها حتى و لو كنت ابن الرئيس شخصيا ، و هى ، اى العقوبة، تنبنى على فهم الدوافع التى اودت بالرجل الى هذا ( المزلقان) ، و تذكرت خلال سويعات متابعتى و فضولى ، المرحوم حرامى الصبابى ، نسخة 1984 تقريبا ،ذاك التعس و هو معلق على فرع البان الذى ( ما أتكى) و لا ( ميل للنيل حكى) للحظة واحدة ، فرقا من النبابيت و الدراب و كل أنواع أسلحة الدمار الشامل ، العكاز اب صامولة ، و الجقدى الذى يجلس ( الفرينى) على قنته ، و أنواع المضببات و هى أشد فتكا من الدبابات و حبال التيل و شناكل الجزارة و ما الى ذلك سيف زواج جدى على البطحانى ، و أصناف المفكات و الزرديات بأنواعها ، و الزراقين و مفتاح العجل ، و العفريتة بل كل ما حوى ( التول بوكس) ، و بعض من ( زيت الفرامل) . صبر القوم عليه و حاصروه حصار طروادة حتى وهن منه العزم فتمكنوا منه ، و حكايات زى دى، و غنى عن القول انهم تركوه بعد ( هبد) شافى فطيسا.
و بذكر السيرة ، حدثنى جار قديم لنا بالحلفاية بتلذذ غمطته عليه ، كيف انه و أخوته الجبابرة السته ، عثروا على الحرامى فى ليلة باردة من ليال أواخر ديسمبر، فغلبت عليهم صفة الكرم , فقاموا بعزيمة الجيران و جيران الجيران لمشاركتهم بعض من سادية محببة ، و دعوا كل من أدخر آلة تعذيب لمثل هذا اليوم ، عاصم كباشى و صحبه، و ( قوقلوا) ما تبقى من قائمة اللئام، بيد أنهم اتفقوا فيما بينهم ، بداع من الشفقة و 2 بكسل من الرحمة أن يضعوا الحرامى فى برميل كبير ( متروس بالثلج) و الماء ..يواصل عبدوسرده النازى ( و الله يا ابو السرة دعكنا ليك سدروا جنس دعك..) و غنى عن القول ايضا أن قلب الرجل توقف عن الخفقان حتى كتابة هذه السطور ، كل ذلك دفاعا عن ثلاثة قمصان جديدة من سوق ليبيا و ( حلق) من فصيلة ( سالب 24 قيراط) ، و قد يبالغ الناس فى حجم المسروقات بدواع (الشو اوف) ( و الله شال العشرة الف ريال بتاعة عرس عزو..و تلاتة طقوم دهب حقت الهام و دولابين ابو مرايا!! ) الخ الخ..و قد ذكرت أمرأة من معارفنا ، و القوم متحلقون حولها ( محمدلين) نجاتها من الحرامى ، قالت بانها شهدت بزوغ رأسه فوق الحائط متلصصا فقط ، و عندما أنتصف النهار (خسمت و جزمت ) انه ( ليهو تفة و لابس شارلستون)!!
و قد سمعنا فيما بلغ آذاننا ، غير خرافة القصور الرئاسية ، و اليخت السلطانى ، أقاصيص أهلنا ( الدرنية) فى ودمدنى و زوار الليل ، و هموا شعب من العماليق يمتهنون عمل المراكب و الصيد ، و كل انواع المشقات لكسب العيش الحلال ، سمعنا أقاصيص عن قواهم الخارقة تصلح مادة لكتاب الغنيس للأرقام القياسية ، او كتاب( المكنات) المروية، و من بين هذه الأقاصيص ، سمعنا بجاه الله الذى بلغ من القوة مبلغا يمكنه من محو ( الطرة و الكتابة) بمجرد دعك القرش بين ابهامه و السبابة ، قلنا ..دل..و أطلقنا سيقاننا للريح ، الشاهد ، أن حراميا ذهب به حظه العاطل ، منقبا فى سحارات القوم و فضياتهم فما عثر على شىء غير الصارقيل و بعض سنانير ، فوقع فى الأسر الذى لم تشفع فيه كل توسلات ( امنستى انترناشونال) و لا خطب ( ماركوس غارفى) و لا ( وايووى) بوب مارلى ، تشاور القوم فى امره ، و اتفقوا على ترك امره الى تقدير شيخ مسن من حكماءهم ، بلغ الثمانين و ما أبالك يسأم ، أشار اليهم بالمضى الى أعمالهم عقب فراغه من صلاة الصبح ، و حينما خلا باللص الذى توهج جبينه من بعد ذهاب العمالقة الفتيان ، أشار عليه الشيخ بأختيار أحد خيارين ، نوديك البوليس يا ولدى و لا أديك كف؟؟ فأختار الشقى الكف ، و مد ( جضمه) بلهفة و شوق، لتخر عليه صاعقة تركته يصيح و ثلاثة أضراس فى راحته..ياعم أقول ليك كف بيدك ما بالمركوب...
و قد شهدنا فى بعض من هذه الأنتفاضات المدعومة بعدم البرنامج ، بعض الأصابات تلحق ببعض المشاركين بسبب الظلمة التى يمارس فيها هذا النشاط الأنسانى التطوعى ، و غالبا ما يصاب أحد بالنيران الصديقة ، بسبب من أشارة خاطئة نحوه و الحاقها بكلمة ( ياهو) ، كما حدث لجارنا الشايقى ، حين أستقر قالب طوب على صدره بسبب الأشتباه..سقط و هو يئن من الألم ( أنا مانى الحرامى ..أنا مى حسون)...
أما الكلاب فقد تذكرت حالها المزرى حينما حدثنى الصديق ( صلاح) عقب عودته من زيارة للأهل فى السودان عن كلب جيرانهم ( العندو حبس بول) ، قال ، ان الكلب المسكين فقد بسبب العلة الكريهة ، الرشاقة التى تميزت بها الكلاب عن سائر الحيوانات حين تقضى حوائجها ، فالتبول عند الكلاب فن و رياضة و ستايل ، يبدأ بجكة قصيرة الى أقرب حائط أو عمود ، ثم رفعة للقدم بزاوية قائمة لا غبار عليها ، و تحديقة الى الأمام ، و صفارة لا تلتقطها الأذن البشرية ( الوسيم القلبى رادو) مثالا، و قد مرت بخاطرى رؤية ( سنسميلية) بأن اناث الكلاب يتغزلن فى ذلك ، فقد يجوز قولهن لبعضهن ( ووب على شفتى شفتى ..البول ما عندك يا جرقو) ، و هكذا فقد كلبنا العزيز كل هذه المزايا –يقول صديقى- و اصفا سوء حاله بأنه صار كلما دعت الطبيعة الى أخلاء حال سبيل الماء ، يقعى على ركب سائحة ، و ( عووووووووووووو)، يبدأ فى الصراخ حال نزول قطرة واحدة ، ، و قد صعب على أمر هذا الجرقاس ، و انا أشهد ( ألن ديجينرس) و هى تنتفض من العويل على شاشة التلفزيون الأمريكى العام ، تندب كلبها ( الكيوت) الذى أخذته سلطات ملجأ الحيوان ، لسماحها للكلب بالمبيت عند أصدقاء لها , فأبتلينا بنواحها لمدة ربع ساعة كل مطلع نشرة أخبار ، أهم مادة و موضوعا من كل عويل الأمهات العراقيات على فقدهن فلذات أكبادهن دون ذنب و لا جريرة . و بذكر شقاء الحيوان فى بلادنا المعادل لشقاء الأنسان ، فقد أشتركت انا شخصيا مع ثلة من صبية الحى فى أقامة مذبحة للقطط ، عرفت تاريخيا بمذبحة ( القنا) ، شهدناها تتساقط خلل ( قنا) تعريشة للعنب و ( قراش ) فى نفس الوقت ، بعد ان خلطنا لها السم مع دسم اللبن ، و قد تتبعنا أقاصيص أغتيال الكلاب بمتعة عظيمة ، حتى كدنا نجزم بأننا سمعن كلبا يقول و هو على فراش الأحتضار ( الحمد لله الذ ى ما خلقنى أنسانا) ، و بالرغم من وقوع الكلاب و الحرامية فى خانتين متضادتين ، الا أن كلاهما يلتقيان فى دائرة الشقاء ، فاذى يسرق شيئا تافه القيمة ، بعد نزول مظلى فى الحوش..حرامى ..و الذى يقفز فوق الأعراف و القيم و أصول الأمانة أو يسرق سلطة بحالها لا هو حرامى و لاهو يعاقب ، و كذلك الذى يقتبس من مال النفط ، و الذى يسرق مستقبل الناس و أحلامهم و آمالهم ، أرضاء لذاته ، و ذات من يعنيه أمرهم ، بلا مبرر لسرقته ان كان للسرقة تبرير.و لا عقاب أن اتى زمن للمحاسبة!!
تاج السر الملك
|