الحروف والأعداد عند الصوفية
[align=justify]
إرتبط العدد بحياتنا ارتباطاً وثيقاً، ويكاد يكون العدّ والحساب فطرياً، فحمل المرأة تسعة أشهر وإن زاد فعشرة أيام، فلكل إنسان طبيعي رِجلان، يدان بكل يدٍ خمسة أصابع، لسان واحد وكل شيءٍ محسوبٌ مقدر، والعمر يحسب بالسنين والسنة فيها 12 شهراً والشهر فيه 30 يوماً أو 31 يوماً، والسبعة أيامٍ تسمى أسبوعاً وقد سميّت الأيام بالأرقام أيضاً (أحد، أثنين، ثلاثاء، وهكذا، ويوم الجمعة هو ختام ومجموع أيام الأسبوع)، والقياسات أيضاً تعتبر ضمن الحساب والعد الذي لازم الإنسان منذ الخلق، فجعل الشِّبر مقياساً والقدم مقياساً والذراع مقياساً تقدّر به المسافات والطوال" وقيل إن سيدنا آدم عليه السلام كان طوله ستون ذراعاً" وقد تطوّرت هذه القياسات لتحسب اليوم بالميل والمتر وغيرها، وفي كلّ مجال نجد مسمىً للقياس، وتبادل السلع قديماً وحديثاً كان يحسب على أن (عدد كذا يُعطى مقابله عدداً من كذا)، فنلاحظ ملازمة (العدد) لحياتنا في كل شيء، خاصاً كان أو عاماً.
مقابلاً لـ (العدد) نجد (الحرف) كذلك ارتبط بالحياة ارتباط العدد، وأعني هنا الحرف المكتوب والحرف العربي على وجه الخصوص، فعندما تكلّم الإنسان قديماً حاول إيجاد طريقةٍ ليخاطب من لا يتكلمون لغته، كما فكر في كيفية توثيق حياته، فكانت أوّل المحاولات للكتابة، وهكذا نشأت الحروف في مختلف لغات العالم، فيجب أن يكون لكل شيءٍ مسمىً يُعرف به حتى يتمكن الجميع من التعامل والمخاطبة.
اعتقد البعض في ارتباط العدد والحرف بسر الحياة (الروح)، فعكفوا على اكتشاف ذلك الرابط، ولم يقتصر هذا على عربٍ أو عجم، فالجميع كانوا سواءً في البحث، وقد اتفق -معظمهم- على أن طبيعة النفس البشرية لا تخرج عن أربعة، وهي مكوّنات الخلق الإنساني(التراب، الماء، الهواء والنار)، وتوصّل فريقٌ بعد التجارب والبحث إلى أن كلّ حرفٍ يقابله عددٌ محدد فتعاملوا بحساب عدد الحروف وربطها بالطبيعة البشرية حسب العدد المقابل وهكذا،وذهب كثيرون إلى الأفلاك والأجرام السماوية وربطوها بحياة كل فردٍ وطبيعته حسب عدد الأيام والشهور والسنين لمولده، وربط آخرون أسماء وسلوك الحيوانات بالإنسان حسب طباعه.
اكتسبت بعض الحروف والأعداد مكانةً خاصةً، لتفرّدها بشيءٍ لا يتوفر في غيرها من الحروف الأعداد، نأخذ هنا الحروف العربية وما يقابلها من الأرقام كما ورد عند العارفين من أهل التصوّف الإسلامي، وكيفية استخدام هذه الحروف والأرقام في "حساب الجُمّل" لمعرفة الطبائع البشرية وأعداد ذكر الأسماء الحسنى وآيات التحصين، وغيرها من العلوم المتعلقة بهذا الحساب، كما أتطرّق أخيراً إلى جماليّة الحرف العربي والعدد من نظرة جمالية فلسفية.
ونواصل[/align]
|