تسلم ياالطارق الجميل
واليك بعض هذا الرجل الانيق ذو المحزون العاطفي الثر نثرا
------------
كلما ولجت للمراسل " أو الميسنجر " في الأيام القليلة الماضية وأنت غائبة عنه ، كلما انتابني شعور عميق بعبوري للزمن ناحية الماضي السحيق ، يوم أن كان عربان الجزيرة العربية يجوبون صحاريها ووديانها القليلة ، فأتقمص صورة صعلوك أو فارس حسب الأحوال النفسية ، فأحس بالمراسل كأنه صحراء قاحلة بدونك ، وتتهيأ لي شخوص " الميسنجر " كمضارب العربان قديما حتى أنني أسميتها بمسميات تلك المضارب في زمانها، وعندما تكونين خارج المراسل أحس وكأنك "مع الفريق" هجرت المضارب لغيرها في الترحال الدائم الذي دأب عليه قدماء العرب ، فينتابني ما ينتاب العربي المتيم بفتاته في ذلك الماضي الموغل في القدم ، يوم أن كان الواحد منهم يمتطي صهوة دابته أياما وليالي صوب مضارب محبوبته ليكتشف بعد عناء المسير بأنها غادرت المضارب لجهة غير معلومة له بالطبع ، فيبكي أو بالأصح أبكي ساعتها على الأطلال كما بكى القدماء وينتابني ذات الأحساس الذي كانوا يحسونه ، فتراني أنشد معهم عيون أشعارهم ودررهم التي لازالت تأثر القلوب رقة وجمالا .
أكثر من ألفي عام تفصل بيننا وبين ذاك الماضي البعيد ولكنني أستحضره تماما كلما ولجت للمراسل ولم أراك أو بالأصح أرى طيفك .
أكثر من ألفي عام تفصل بيننا وذاك العهد البعيد ولكن ومع تبدل الزمان والمكان والوسائل ، إلا أن الإحساس هو ذاته لم يتبدل فالحنين هو الحنين والشوق هو ذاته واللوعة والرجاء الذي لا يعرف اليأس أبدا .
نعم تبدل الزمان والمكان وفيما عدا ذلك بقي كل شيء على ما هو عليه فلا عجب أن ألج بين الفينة والأخرى لذلك الماضي موضوع الحديث .
أتعلمين أنني حينما أرى الخيال المرسوم على المرسال بلون الحضور أحس كأنك نصف معي أو يزيد " عن النصف طبعا " .
جميلة هي الكتابة كما الحديث إليك ولكن سرعان ما تتم العودة الجبرية من ذلك الماضي الجميل بهاتف من عميل ،لأعود لكابوس الواقع المرير فإذا بملفات مد البصر في الانتظار، فيا له من وضع مقيت ذاك الذي يحول بينك والاسترسال في الكتابة لمن تحب .
|