إذن ، كيف تمضي الظهيرةُ
دون أن يجلسَ رجل’’ ما
في مكانٍ ما
يتفقّدُ سمكةً في نهر غربته
وما تبقّى من سيئاتْ
أصدقائي الأعزاء كيف حالكم في هذه المدة الطويلة التي لم نراكم فيها، نُعلمكم أننا بخير و جميع الأهل كذلك و لا ينقصنا غير رؤياكم. ذهبتم في غربتكم و تركتمونا نحن هنا أيضا غرباء، الحال كما هو السيد الرئيس يصلح ركبتيه و يعود ليُفسد ما تبقى مما يدعى زعما وطن. شارع النيل لم يعد بذات الطعم و المذاق هو أيضا إستوحش هذي الأقدام التي تطأه لصبية وصبايا يافعين أو كما قال مظفر النواب:
"المشرب غص بجيل لا تعرفه.. بلد لا تعرفه
لـُغـَةُ.. ثرثرة.. وأمور لا تـَعرِفـُهــا"
أظننا نرتكب ذات حماقة اجيال سبقتنا إذ نستصغر و نتفه من ياتون بعدنا و نستعير منهم ذات اللازمة ( و الله نحنا كنا زمان . . . . )، (انتو بتعرفو شنو . . . .) و تدور ذات النوستالجيا المشروخة. مما بقى على حاله الجو القائظ ويشاركه إستعارا السوق و يزيد بقدر من اللهب.
الأشياء الكبيرة و الصغيرة منها التي كانت تسرب إلينا بعض الفرح لم تعد تفعل؛ وجبة الفول أو الأقاشي التي كنا نلتهمها و نحن نضحك لم تعد تفعل. هدف جميل في شباك الخصم نشاهده من على مدرج شاخور لم يعد يفعل، حتى فرحتنا البارحة بفوز برشلونة خفتت مع صافرة التركي معلنة نهاية المباراة. الحبيبات لم يعدن يحرضن على الضحك بالكاد صرن يرسمن شبح إبتسامة. أظن العمر سرقنا و نحن نصر على التشبث بأحبال سنين خلت.
أوان أوبتكم ستجدون البشر كما هم شيئا شيئا يُفرغون من إنسانيتهم و يُجردون، ستجدون ذات الوجوه الكالحة الكادحة منذ صياح الديكة حتى عودة الطير إلى أعشاشه، مع ذلك يزدادون كدحا و فقرا لتتكدس خزائن البعض القليل و تتكور كروشهم.
دعكم عنا، المهم كيف حالكم؟ أتمنى أن يصلكم مكتوبي و أنتم في أتم العافية و راحة البال.