الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-08-2010, 07:45 AM   #[1]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي بَيتيَ:غَابةٌ صَغِيرةٌ وَجَبلْ، بَيتُهَا قَلْبيْ.

بَيتيَ:
غَابةٌ صَغيرةٌ وَجبلٌ،
بَيتُهَا قََلبَيْ.
قلبي زرائبُ خنازيرٍ، أعشاشُ دجاجِ وزنبقةٌ سوداءْ. في فصل المطر تمر البروق عبر نافذتي، تستريح قليلاً على لحافي الباردِ، تدفئه، تغني لي بهزيمها العنيف. تدهش دجاجات القلب و خنازيره، قلبي مطرقةٌ وعيناها طبلانْ.
في هذا الصباح، لا امرأة لي، لذا ظلت أظافري تطول، نمى الفطر الطيب في إبطيَّ، وعلي هامتي يسكن العنكبوت. عندما لا تكون امرأتي في البيت، أذهب الى المقبرة ، احمل لها بقايا ماتركت في غرفة النوم، جرائد صفراء، قصائد لم تكتمل، اشرطة فديو لحفل تخرجها من الجامعة، احذيتها الكثيرة الخالية من الكعوب، ورود و اناتيك صغيرة، جهاز موسيقي عاطل، قوارير عطر كثيرة،هاتفها الذي ظل يرن الليل كُله- كنت اخشي ان تكون هي من يتصل- آنية المطبخ، جواربها، صور طفولتها، سريرنا السنطي الفسيح، عيناها مسمرتان في كل زوايا البيت، يدها تلوح لي خلف الستائر، حقائبها الكبيرة المملوءة بالأشياء، التي لم تستخدمها قط، صورتي الشخصية في ملف المرض اللعين، لحظة أن شاهدتها أول مرةٍ، أحمل لها قُنينة الدواء، مصاحفها و كتيباتها الصفراء.
عندما لا تكون في البيت فانها حتما تكون هنالك، تملأ الغياب اغنيات باهيات، لماذا يترك لك الراحلون مسئولية ذكرياتهم، لماذا يتركون لك البيت وحدك، لماذا يتركون ملابسهم هنا وهنالك، لماذا لا يحملون معهم بعض الأمتعة الخاصة، مثل اشجار الزينة و الأصص، دولاب الملابس المحشو،عطر الصندل، الأعشاب الطبية، والجدران. لماذا يتركون رائحة اجسادهم في المكان، لماذا لا يأخذون ارواحهم أيضاً؟
عرفت الآن الحكمة من أن أجدادي كانوا يدفنون مع الراحل كلما يخصه، لأنهم كانوا يعرفون، ان الراحل يبقي حزينا في متعلقاته.
في هذا الصباح لا امرأة لي، ليس هنالك من يطقطق اصابعي لينبهني ان وقت العمل قد آن، و أن الأطفال سيمضون الى المدرسة و ان الطريق اليوم به وردتان، ولا موسيقي غير نشيد الحياة، كل تلك الأغنيات سوف لا تجد شفةً تموسقها، وجسداً يرقصها، تبقى في أغبية الروح، ما بين دجاجة وأخرى خنزير، يمرق انوفه في الوحل، يبحث عن اصل الأشياء، تقرصه دودتان، الرجل الذي قُدَّ من عُشبة الخريف، لا يثمر الا في ساعة الفصول. يرتب ايقاعِه بنشيد الوقت، ولا وقت لي. أنام في ارجوحة صمتي و لا صمت لي. اتجول مابين اليوم و غروب الشمس، لا شمس لي. أعرفُ كيف اضحك بنصف قلبٍ و أبكي بالقلب كُله، مثل صديقي أحمد زكي. تعلمتُ من الطائر فلسفة الريشة، فكتبتُ. وتعلمتُ من الريشةِ حكمةِ الطيران، فحلقتُ بعيدا في سماوات الحبيبة. علمتني الحبيبة ألا اثق إلا في الجسد ، فهو لا يكذب بل يبقى مثل الوجود: فانيا ودائما.
في هذا الصباح تحكي لي العُشيباتِ ما يبكيني و يضحكني، تحدثني عن الله، وكنت اظنني قد مررت على الجبل مرات كثيرة، و أنني خبرتُ الغابة مثل كف يديّ، و أظنني في الوحدة صرتُ العالم كله، وكان البرقُ يمر بنافذتي، يقبِّلُ طينَ الشبابيك، يتوعدني بهزيم يطيح بالعالم خلف الطرقاتِ المنسية. العالمُ يبقى دائما تحت سطوة البرق، يبلل المطر شفة البرق، يلعق بلسانه الروج البني، تتبسم العصافير الصغيرة المتخفية تحت النافذة، عصافيرُ الكُلجْ كُلجْ.

صباحي يخلو من امرأةٍ، أعني : يخلو من طعم الخبز الطازج وثرثرة الماء.

على كفي تنمو اشجار الجوغان، تمتد اغسانها في دمي، تظلل وجهي وتركُ عليها اليمامات، تزرغ اليمامات في عيني، وعندما ينتهي موسم المطر الصيفي تثمر الذكرايات الجميلة. لم يكن ضمن احلامنا الموت، كنا نتجاهله و نثور عليه لأننا لم نتعرف على ثروته العدمية بعد ، لعبنا على ظهره الفسيح ورسمنا تمائم البقاء في ساقيه بالحناء و الحنظل، وظننا – وكنا محقين- إنَّ الموت مات، و قلنا لي: احذر الحياة. الحياة تغويني كسُرَةِ الطَفَلةِ. كسرطان حميم يذهب بأنفاسك الشهية نحو بئر الإختناق، مثل كابوس لا فكاك منه إلا بالرحيل.
يخلو الصباح منك: يخلو مني، يبدو غريباً عن نزق الفجر ووسوسة اللإنتشاء.

عبد العزيز بركة ساكن
الكرمك
26-7-2010



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 08:00 AM   #[2]
الحاج حمد الحاج
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي

عبد العزيز بركة ساكن
يا صاحب القلم الذكي..يا مبدع..تحياتي



الحاج حمد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 08:06 AM   #[3]
سمراء
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية سمراء
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن مشاهدة المشاركة
أنام في ارجوحة صمتي و لا صمت لي. اتجول مابين اليوم و غروب الشمس، لا شمس لي. أعرفُ كيف اضحك بنصف قلبٍ و أبكي بالقلب كُله، مثل صديقي أحمد زكي. تعلمتُ من الطائر فلسفة الريشة، فكتبتُ. وتعلمتُ من الريشةِ حكمةِ الطيران، فحلقتُ بعيدا في سماوات الحبيبة. علمتني الحبيبة ألا اثق إلا في الجسد ، فهو لا يكذب بل يبقى مثل الوجود: فانيا ودائما.
صديقى البركة ، الساكن فى اقبية نفسه الحزينة ، كنت اقرأ كل حرف وكأنه نزف شلال يخرج من اوردة الصمت لديك !! اوجعتنى حد الالم !
شاهدت بأم عينى كيف يضحك الحزن منا عندما تخرج العبرات صادقة ، لاتلتصق بها ذرات النفاق التى تجوب الهواء منذ فجر صباحات الدنيا !!
ولكن ياصديقى ، لم تترك لنا الحياة خيارات اكثر من الصمت امام سفر الاحباب الى مدارات تبعد عن مدارتنا المتحركة!
لم تتكرم علينا سوى ببعض ذرات الماء التى تخرج من مآقى عجزت حتى عن مشاهدة منظر وداع الاحباء !
دع عنك ياصديق الالم تلك النافذة التى تطل بها لمشهدك المأسوى ، واشرع نافذة اخرى مواجها لها ! نافذة تنظر بها -هى- لك !!
حينها سترى الاشياء تختلف عما رأيته بشكل كامل !
سترى الحياة من نافذتها -هى - !!
وستنعكس الصورة رأساً على عقب
وستفرح بما ترى ، صدقنى
!!



التعديل الأخير تم بواسطة سمراء ; 07-08-2010 الساعة 08:32 PM.
التوقيع:
غيرنا التوقيع عشان النور قال طويل 
اها كدة كيف ؟
<img src=images/smilies/biggrin.gif border=0 alt= title=Big Grin class=inlineimg />
سمراء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 08:36 AM   #[4]
نبراس السيد الدمرداش
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية نبراس السيد الدمرداش
 
افتراضي

صباح الخير
صباح كل هذا الحب الجميل الكبير
صباح كل هذا الحزن النبيل المقيم

اكتبها كلما اخذك الحنين اليها اكتبها
كلما تراقصت امامك الذكريات اكتبها
كلما شممت عطرها و قرات احد كتبها
كلما سمعت صوتها و و رنين ضحكتها
اكتبها فعندما تكتبها تغالب هذا الحزن بعض الشيء



التوقيع:
اذا جاء نصر الله والحب
ورأيت الورد في الطرقات يمنحك الامان
فاشرع سفينتك العتيقة وامنح الياقوت وجهك
وانتظر فرح الزمان

عصام عبدالسلام
نبراس السيد الدمرداش غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 12:37 PM   #[5]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن مشاهدة المشاركة
عندما لا تكون في البيت فانها حتما تكون هنالك، تملأ الغياب اغنيات باهيات، لماذا يترك لك الراحلون مسئولية ذكرياتهم، لماذا يتركون لك البيت وحدك، لماذا يتركون ملابسهم هنا وهنالك، لماذا لا يحملون معهم بعض الأمتعة الخاصة، مثل اشجار الزينة و الأصص، دولاب الملابس المحشو،عطر الصندل، الأعشاب الطبية، والجدران. لماذا يتركون رائحة اجسادهم في المكان، لماذا لا يأخذون ارواحهم أيضاً؟
عرفت الآن الحكمة من أن أجدادي كانوا يدفنون مع الراحل كلما يخصه، لأنهم كانوا يعرفون، ان الراحل يبقي حزينا في متعلقاته.

أشاركك أحزانك يا صديقي.. بل اقتسمها معك "نبقة فقراء" ...
اهتمت الهندوسية بتأمل المخلوقات الانسانية .. ووصلت لحقيقة ان الانسان هو الكائن الوحيد الذي وهبه الله النعم ... مثل العقل و الادراك و الاحساس ..
ولكن لأن الاله ليس خيرا مطلقا ... فقد منحه ايضا مع نعمة القدرة على الاحساس .. الالم و المعاناة و المرض .. وهي القدرة التي لا تتوفر لباقي الكائنات بنفس الكيفية ...
صحيح ان الكائنات تمرض و تتألم ... لكنها لا تمتلك الادراك ... اي ان الاحساس بالألم لدى الحيوان مجرد فكرة غريزية ... تماما كالجوع .. او التزاوج ..
لذلك فالانسان هو الكائن الوحيد الذي ( يدرك ) معنى المعاناة ... وليس متوقفا عند الشعور بها فقط ...

أحيانا يا بركة وخاصة في حالات الحزن تتملكني "أمنية" أن أتخلص من هذا "الادراك" اللئيم .. أي والله ..
حينها تتساوي عندي الأشياء .. تماما كالصوفي .. دون مران روحي ودون زهد .. مالي أنا وهذا ..
ثم أن الحزن عند البعض يتحول إلي معزوفة أليازية تكاد أن تجعل منا "سادييين" نستعذب عذابات الآخرين خاصة المبدعين منهم..
يا أخي أكتب...
قسم حزنك فينا ..
حتى الحزن يبدو وسيما عليك يا بركة .. أي والله ..



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 04:45 PM   #[6]
عبدالمنعم الطيب حسن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبدالمنعم الطيب حسن
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن;2597[SIZE=5
[/SIZE]

صباحي يخلو من امرأةٍ، أعني : يخلو من طعم الخبز الطازج وثرثرة

عبد العزيز بركة ساكن
الكرمك
26-7-2010
الاستاذ عبدالعزيز عهدناك نبيلا جدا حتى في حزنك
اخي عبدالعزيز انت الحزن النبيل
عارف فراق من تحب بخلي الدنيا مسسسسسسسسسسسسسسسسسيخة.
انا الفراق ياعزيزي يغتال صباحاتك
تلك القادم اليها من ليل مكفهر بالهواجس والضياع.
لحظاتك بدون من تحب طعما دم...دم...في حلق مجروح من الاصل
نحن لانبكي من فقدنا ولكن نغني لهم ... ونكتب ايضا
غني ما استطعت واكتب للاسف هذه السلوى الوحيدة المتاحة...
ولك الود في عليائك الشفيف



عبدالمنعم الطيب حسن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 07:31 PM   #[7]
طارق الحسن محمد
Banned
الصورة الرمزية طارق الحسن محمد
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالمنعم الطيب حسن مشاهدة المشاركة
لانبكي من فقدنا ولكن نغني لهم ... ونكتب ايضا
غني ما استطعت واكتب للاسف هذه السلوى الوحيدة المتاحة...
ولك الود في عليائك الشفيف
وايضا هو عجزنا عن تصور اننا فقدناهم
ورحلو
الاحزان جبال فى دواخلنا
قدرنا ان نحملها معنا الى قبورنا
الدمع لايكون دائما كافيا
ليخرجها
ما اقام فى الصدور
تصعب عليه المحاجر
منفذا



طارق الحسن محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-08-2010, 08:10 PM   #[8]
محمد مصطفي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محمد مصطفي
 
افتراضي

الاستاذ عبدالعزيز ...........
تحياتي ..
فقط تسجيل حضور واطلاع ..
حزناً نأمل ان نتقاسمه معك
كلمات تهز الوجدان .. وحديث القلوب له طابع خاص
ما خرج منها استقر في قلوب الاخرين ...
ابقي الحب وذكرياتك في الحنايا ...
وخصص من جانب الفؤاد ... طاقة ضؤ ... تدخل عليك ريح من سعادة
نحتاجها لتبقي ذكريات من نحب

تحياتي



التوقيع: أتوق لينابيع شعر ، تتهيأ مفردات الحب فيها للتحليق بعيدا داخل احلامي
أشواق يضحك الفجر لها وتضمها مدائن الفرح

اشراق ضرار

ستبقي في قلوبنا ابداً يا خال
محمد مصطفي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 10:31 AM   #[9]
Ishraga Hamid
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Ishraga Hamid
 
افتراضي

يا الله!!



Ishraga Hamid غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 11:48 AM   #[10]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ishraga Hamid مشاهدة المشاركة
يا الله!!
يااشراقة
قريت النص دا أول مانزل,
مازدت حرف على كلمتك الفوق دى..



التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 12:20 PM   #[11]
أسامة الكاشف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية أسامة الكاشف
 
افتراضي

العزيز بركة
فلنثق في الروح أيضاً
الراحلون يتركون وجعاً ممضاً
وبعض المقتنيات الشخصية
وربما ابتسامة باهتة
أثق أنهم في عليائهم
يتقاسمون معنا اللحظة
يتلصصون علينا
بلهفة المحبين

سلام عليهم في الخالدين



أسامة الكاشف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 02:59 PM   #[12]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
افتراضي

ما أوجع هذا الحزن .. !!



التوقيع: الشمس زهرتنا التي انسكبت على جسد الجنوب
وأنت زهرتنا التي انسكبت على أرواحنا
فادفع شراعك صوبنا
كي لا تضيع .. !
وافرد جناحك في قوافلنا
اذا اشتد الصقيع
واحذر بكاء الراكعين الساجدين لديك
إن الله في فرح الجموع



الفيتوري .. !!
طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 03:38 PM   #[13]
حسن جيفارا
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية حسن جيفارا
 
Thumbs up

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن مشاهدة المشاركة
بَيتيَ:
غَابةٌ صَغيرةٌ وَجبلٌ،
بَيتُهَا قََلبَيْ.
قلبي زرائبُ خنازيرٍ، أعشاشُ دجاجِ وزنبقةٌ سوداءْ. في فصل المطر تمر البروق عبر نافذتي، تستريح قليلاً على لحافي الباردِ، تدفئه، تغني لي بهزيمها العنيف. تدهش دجاجات القلب و خنازيره، قلبي مطرقةٌ وعيناها طبلانْ.
في هذا الصباح، لا امرأة لي، لذا ظلت أظافري تطول، نمى الفطر الطيب في إبطيَّ، وعلي هامتي يسكن العنكبوت. عندما لا تكون امرأتي في البيت، أذهب الى المقبرة ، احمل لها بقايا ماتركت في غرفة النوم، جرائد صفراء، قصائد لم تكتمل، اشرطة فديو لحفل تخرجها من الجامعة، احذيتها الكثيرة الخالية من الكعوب، ورود و اناتيك صغيرة، جهاز موسيقي عاطل، قوارير عطر كثيرة،هاتفها الذي ظل يرن الليل كُله- كنت اخشي ان تكون هي من يتصل- آنية المطبخ، جواربها، صور طفولتها، سريرنا السنطي الفسيح، عيناها مسمرتان في كل زوايا البيت، يدها تلوح لي خلف الستائر، حقائبها الكبيرة المملوءة بالأشياء، التي لم تستخدمها قط، صورتي الشخصية في ملف المرض اللعين، لحظة أن شاهدتها أول مرةٍ، أحمل لها قُنينة الدواء، مصاحفها و كتيباتها الصفراء.
عندما لا تكون في البيت فانها حتما تكون هنالك، تملأ الغياب اغنيات باهيات، لماذا يترك لك الراحلون مسئولية ذكرياتهم، لماذا يتركون لك البيت وحدك، لماذا يتركون ملابسهم هنا وهنالك، لماذا لا يحملون معهم بعض الأمتعة الخاصة، مثل اشجار الزينة و الأصص، دولاب الملابس المحشو،عطر الصندل، الأعشاب الطبية، والجدران. لماذا يتركون رائحة اجسادهم في المكان، لماذا لا يأخذون ارواحهم أيضاً؟
عرفت الآن الحكمة من أن أجدادي كانوا يدفنون مع الراحل كلما يخصه، لأنهم كانوا يعرفون، ان الراحل يبقي حزينا في متعلقاته.
في هذا الصباح لا امرأة لي، ليس هنالك من يطقطق اصابعي لينبهني ان وقت العمل قد آن، و أن الأطفال سيمضون الى المدرسة و ان الطريق اليوم به وردتان، ولا موسيقي غير نشيد الحياة، كل تلك الأغنيات سوف لا تجد شفةً تموسقها، وجسداً يرقصها، تبقى في أغبية الروح، ما بين دجاجة وأخرى خنزير، يمرق انوفه في الوحل، يبحث عن اصل الأشياء، تقرصه دودتان، الرجل الذي قُدَّ من عُشبة الخريف، لا يثمر الا في ساعة الفصول. يرتب ايقاعِه بنشيد الوقت، ولا وقت لي. أنام في ارجوحة صمتي و لا صمت لي. اتجول مابين اليوم و غروب الشمس، لا شمس لي. أعرفُ كيف اضحك بنصف قلبٍ و أبكي بالقلب كُله، مثل صديقي أحمد زكي. تعلمتُ من الطائر فلسفة الريشة، فكتبتُ. وتعلمتُ من الريشةِ حكمةِ الطيران، فحلقتُ بعيدا في سماوات الحبيبة. علمتني الحبيبة ألا اثق إلا في الجسد ، فهو لا يكذب بل يبقى مثل الوجود: فانيا ودائما.
في هذا الصباح تحكي لي العُشيباتِ ما يبكيني و يضحكني، تحدثني عن الله، وكنت اظنني قد مررت على الجبل مرات كثيرة، و أنني خبرتُ الغابة مثل كف يديّ، و أظنني في الوحدة صرتُ العالم كله، وكان البرقُ يمر بنافذتي، يقبِّلُ طينَ الشبابيك، يتوعدني بهزيم يطيح بالعالم خلف الطرقاتِ المنسية. العالمُ يبقى دائما تحت سطوة البرق، يبلل المطر شفة البرق، يلعق بلسانه الروج البني، تتبسم العصافير الصغيرة المتخفية تحت النافذة، عصافيرُ الكُلجْ كُلجْ.

صباحي يخلو من امرأةٍ، أعني : يخلو من طعم الخبز الطازج وثرثرة الماء.

على كفي تنمو اشجار الجوغان، تمتد اغسانها في دمي، تظلل وجهي وتركُ عليها اليمامات، تزرغ اليمامات في عيني، وعندما ينتهي موسم المطر الصيفي تثمر الذكرايات الجميلة. لم يكن ضمن احلامنا الموت، كنا نتجاهله و نثور عليه لأننا لم نتعرف على ثروته العدمية بعد ، لعبنا على ظهره الفسيح ورسمنا تمائم البقاء في ساقيه بالحناء و الحنظل، وظننا – وكنا محقين- إنَّ الموت مات، و قلنا لي: احذر الحياة. الحياة تغويني كسُرَةِ الطَفَلةِ. كسرطان حميم يذهب بأنفاسك الشهية نحو بئر الإختناق، مثل كابوس لا فكاك منه إلا بالرحيل.
يخلو الصباح منك: يخلو مني، يبدو غريباً عن نزق الفجر ووسوسة اللإنتشاء.

عبد العزيز بركة ساكن
الكرمك
26-7-2010
بركة ساكن ياوجع الجوف

يامطر الفقراء



التوقيع: أخـر صفـحتى عنـدها رفعت القلم عنك
حسن جيفارا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-08-2010, 07:52 PM   #[14]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

اصدقائي جميعا، و صديقاتي
عندما كتبت هذا الشيء كنت احاول جاهدا الا ابدو مثيرا للشفقة، وكنت احاول ان اكون موضوعيا و ان اكتب ذات الشيء، ولكن ظل سؤال عويص يلازمني منذ ان دخلت البيت، ماذا افعل بكل ذلك، بكل تلك الثروة الموتية؟
احيكم
دعونا نكتب قليلا عنهم، اقصد الذين يذهبون، مثل صديقي محمد عثمان قرفة، ايضا؟
مثل، تلك العصفورات الجميلات،
مثلنا غدأً


سوف اعود



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-08-2010, 12:46 AM   #[15]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

[flash=http://www.youtube.com/v/cX6m1xNwmgY&autoplay=it_IT&amp;fs=1]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]



التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 09:06 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.