[align=center]دنيا العقل الباطن (13)[/align]
عزيزتنا الأستاذة ريما
تحية طيبة وأنتِ تعبُرين هُنا عبوراً مُذهلاً ،
ثرياً بالخُطى نحو فهم هذا الجسد الهُلامي الذي نُسميه العقل الباطن أو اللاشعور . والمراجع التي تزخر بها ( كل علوم النفس أونلاين )
زاخرة برصيد حوت الكثير من الرؤى ، مُبوبة ومُرتبة وتنهج المداخل العلمية للمواد العلمية ، دون إيراد النصوص كاملة ، وتلك لضرورات نعلمها جميعاً منها حفظ حقوق الملكية والتسويق .. الخ
تبدو لنا السماوات مفاتيح لمعرفة الرؤى والمراجع ، وتبقى أصل النصوص المُفصلة بين صفحات المراجع وكُتابها الأصليين . والتلخيص جزء من المعرفة ، يُغري كما نعلم باقتناء المادة كاملة .
إن علوم النفس البشرية ، مثلها مثل كل علوم الدنيا ، تُضيف وتتطور ، وليس من ثبات في كل العلوم ناهيك عن علوم النفس البشرية ، وهي أعقدها ، لأن الجميع يُحاول أن يفكك الآلة الذهنية إن جاز لنا التعبير ، وهي مُنقسمة على نفسها : بين وعي يأمل أن يُمسِك بكل الخيوط ، وبين لاشعور موجود بالفعل ، رغم اختلاف كثير من العلماء على مدى هيمنته على الذهن البشري ، أهو الشق الأضعف أم هو القوي الذي يقف من وراء كواليس الأستار .
مثلاً:
قرأت عن التنويم الإيحائي حسب ما ورد في نص في ( كل علوم النفس أونلاين ) ووجدت تلخيصاً ، ولم أجد تفصيلاً . وأنا قد شهدت الكثير من جلسات التنويم الإيحائي أو ما اصطُلح على تسميه ( التنويم المغناطيسي ) ـ الهبنوزز ـ وأعرف الكثير من تقنياته بل ومارستها عملياً ، ولا حاجة لنا لبث معارفنا حول تفاصيلها لأنه علم ، له قوانينه وأخلاقه . والنفس الباطنة بحر لا أول لها ولا آخر . فيها من الغرائب ما يُذهل ، بل تتكشف عند التنويم الإيحائي عوالم من الغرائب توضح مدى جهلنا بهذا الكائن الغامض الذي يرقب ما أكتُبه الآن ، أو يرقب قراءتك وأنتِ تقرئين ما أكتُبه الآن .
إن المعارف الإنسانية التي تدخل الذهن صباح مساء عن طريق حواسنا جميعاً ، صوتاً وصورة وسمعاً وملمساً وتذوقاً وشماً وحواس سادسة خفية علينا تدخل أدمغتنا كل ثانية ، وعيّنا نحن ذلك أم لا . تدخل المعارف يقينها وباطلها ، شرها وخيرها . صوراً عن الواقع الموضوعي أو تصوراً ذاتياً عنه ..الخ
إن تعقيد أن نبحث في اللاشعور ، بالطبع أعقد من الوصول لكوكب المُشتَري ، فالكوكب بعيد عنا مادة ، ويمكن بالوسائل العلمية الوصول إليه ، لكن من الصعب معرفة صورة ( صوفت وير ) يشترك معنا
التفكير ، وحياً أو تلقيناً أو شراكة أياً كانت ضعيفة أم قوية فهو في المُحصلة شريك لما نكتُب ولما نُفكر رغم اختلاف العلماء حوله ، فلن نعلم عنه إلا القليل .
هذا الكائن الهُلامي أراه قادم مع تاريخ الإنسانية السحيق يتبع ويتشبث بخلية حية تتخلق من لقاء جنسين في رحم ، ثم خلية لاحقة من أجيال أخرى وهكذا دواليك ..
خُذي مثلاً عالم النفس ( ايميل كوّيه ) الذي طور طرائق في ( الإيحاء الذاتي ) ، ومنها تجربته التي يُمكننا تخيلها
( عن الصراع بين الإرادة والخيال ) :
{ خُذ لوحاً خشبياً وابسطه على الأرض ، ثم سر عليه من طرف إلى طرف . بعد أن تفعل ذلك دون مشقة ، خُذ نفس اللوح وثبته بإحكام بين ذروتي بنائين شاهقين . الآن قُم بالسير عليه ثانية . ليس هنالك من سبب منطقي يتعذر معه ذلك ، على افتراض عدم وجود ريح وعدم تأرجح اللوح ، فقد سرت عليه بأمان على الأرض للتو !! .}
فقد بين هو سبب عدم قدرة معظم الناس السير على ألواح عالية في الهواء . وقبل أن تسير خطوتين تأخذك الرجفة ، ورغم كل جهد إرادي لديك ، فأنت على يقين أنك ستسقط .. في الحالة الأولى ( على الأرض ) أنت تتخيل أن من السهولة بمكان السير إلى الطرف الأخر للوح ، بينما في الثانية تتخيل أنه ليس باستطاعتك فعل ذلك ، وسببه الصورة التي تكونت في أذهاننا أننا سنسقُط .
إن الصراع بين العقل الواعي ووسيلته الإرادة وبين العقل الباطن ، ولخياله الجامح كانت من وجهة نظره صراعاً استنبط منه :
حين تكون الإرادة والخيال في نزاع ، للخيال طريقة مقلقة في الهيمنة حين لا نريده أن يكون عليها . في هذه الحالات ليست ( قوة الإرادة ) بمجدية على الإطلاق. في الواقع حينما تُناضل الإرادة للتغلب على الخيال ينشط ما دعاه هو ( قانون الفعل المُعاكس ) : كلما ازدادت محاولتنا كلما زاد احتمال فشلنا !.
عزيزتنا الأستاذة ريما
ما ذكرته عن صراع الإرادة والخيال ، ليس محض مقولة نظرية ، بل يمكن تطبيقها عملياً ، وكنا نُمارسها في الرحلات ( كألعاب سحرية ) .
لو اتسع المجال لذكرنا لكِ وللأحباء نوعاً منها للتجريب .
شكراً لك على السجادة الفخيمة التي تُثرين بها هذا النبع الفكري الخلاق ، ونستطيع أن نزعم بحق أننا نُحلق في رُبى متنوعة الأزهار ، غنية بصراع فكري خفي يتطور و يُطورنا جميعاً .
20/03/2006 م
|