ثم أنه من بعدُ قد دلف إلى دهليز أحلامه!
كان بهواً ممتداً باتساع أحلامه التي لا تحدها حدود!
هنا لك اتكأ على غيمة ملونة واحتضن نايه السحري، ثم بدأ العزف!
كانت الألحان تنهمر كالغيث من ثقوب نايه. اصطفت الأرواح حوله وهم يسبحون في صلاة حمدهم، وتساقطت الألحان، كالبرد.
الشحارير تلتقط ألحانه كما تلتقط الحب المنثور، والعنادل، والفراشات، الريح والشجر!
تساقطت الألحان، والكائنات تحتار أن تختار منها ما وسعتها، فالليل يختار الغموض الآسر، والشلالات تنظم عليها إيقاع انهمارها والمطر يدوزن قطراته عليها، والحفيف يوشوش، والرعد ينغِّم من دويه المهيب والبحر يرتب مده وجزره، والعشاق!
إلا العشاق، هم وحدهم اختاروا هسهسة الدموع والأنغام الخفية، تلك التي لاتسمعها إلا الأنجم والأرواح في تجليها الأقصا!
كلما صفت النفس واحتدم العشق كانت الألحان أصفى وأقوى، وكلما استغرقتهم الموسيقى ذابوا، كالشموع في ليلة الميلاد!
[7la1=#6600CC][fot1]]كان المشهد هكذا[/fot1][/7la1]:
مُزنٌ من الأضواءِ، لمْ تحبل بها غيومُ
وبهرةٌ، من زبد النيازك التي
على مدارها تحومُ
مجرّةٌ مجرّةٌ، فمن أتونها الجحيمُ
تلفظها لظىً
شظاياها كما النجومُ
تطايرت، وانتثرت عوالماً
فمن رمادها السمومُ
وحممٌ تفورُ في المدى، و ظلُّها اليحمومُ
أبخرةُ الفسفور و الكبريت
و البراكين،
هباؤها، وآلها المركومُ
قوابسٌ، و جذوة, تأنْسَنَتْ نيرانُها
فاخضوْضَرَتْ تخومُ
عجينةٌ، من حمأِ الرعود و البروق
من صواعقي و منجزاتي
فها أنا و بعض معجزاتي،
شمساً نزعتُك من كهف المجرّاتِ عنفاً خبَأتك في نفسي وفي ذاتي
و طرتُ تحصُبني الأفلاك ما فَتِئَتْ شهباً تبــددُها زلزالُ هزّاتي
كل المراصد أعيتْ رصدها حيلي و كلها انخَسَأَتْ من بعض وخْزاتي
ليَ الدياجير أخفـيها و ابسـطها منـها أهـندمُ سربالي وبــزّاتي
بك انفردْتُ فكان الكونُ ملكَ يدي أصـرِّف الأمر في شـتّى لذاذاتي
طِفْلٌ و في يده طَفْلٌ يُشـكِّـلُه جذلان أمرَحُ في طيشي و نزواتي
وما زال في الحلم بقية!
|