لِمَ ركِب أبو لهب قاطرة جهنم مُبكراً ؟
[align=center]لِمَ ركِب أبو لهب قاطرة جهنم مُبكراً [/align]
أبو لهب هو أبو عتيبة ، عبد العُزى بن عبد المطلب وسُمي أبا لهب لإشراق وجهه .
كان كثير الأذية للرسول ( صلعم ) والبغض به والتنقيص له ولدينه .
(1) ـ
نبدأ بالذكر الحكيم :
{كذلك بين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ..} (266) البقرة .
{ فاقصُص القصص لعلهم يتفكرون .. } ( 176 ) الأعراف .
{ كذلك نُفصل الآيات لقومٍ يتفكرون .. } ( 24) يونس .
{ إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون .. } (3) الرعد و (11 ) النحل .
(2) ـ
سورة المَسد ، ترتيبها ( 111 ) وفق المصحف العُثماني :
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ (1) مآ أَغنَى عَنهُ مالُهُ وَ مَا كَسَبَ (2) سَيَصلى نَاراً ذاتَ لَهَب (3)
وَ امرَأتُهُ حَمَّالَة الحَطَبِ (4) في جِيدِهَا حَبلٌ مِن مَّسَدِ (5)
(3) ـ
أسباب نـزول سورة المسد :
1. ورد في سِفر أسباب النـزول للواحدي و تحقيق أيمن صالح شعبان
الدار الحديث ـ القاهرة ص (407ـ 408) :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ قوله تعالى : (تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) إلى آخر السورة . أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، أخبرنا محمد بن حمّاد ، أخبرنا معاوية عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
{صعد رسول الله ( صلعم ) ذات يوم الصفا فقال : يا صباحاه ، فاجتمعت إليه قريش فقالوا له : ما لك ؟ . قال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني ؟ قالوا بلى . قال : فإني نـذير بين يديَّ عذاب شديد ، فقال أبو لهب :
تباً لك ، ألهذا دعوتنا جميعاً ، فأنـزل الله عز وجل (تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) إلى آخرها .
رواه البخاري عن محمد بن سلام عن أبي معاوية .
2. أخبرنا سعد بن محمد العدل ، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي ، أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ، أخبرنا يزيد بن زريع عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن بن
عباس أنه قال .
قام رسول الله (صلعم ) فقال : يا آل غالب ، يا آل لؤي ، يا آل مرة ، يا آل كلاب ، يا آل عبد مناف ، يا آل قصي : إني لا أملك لكم من الله شيئاً ولا من الدنيا نصيباً إلا أن تقولوا لا إله إلا الله ، فقال أبو لهب : تباً لك لهذا جمعتنا ، فأنـزل الله تعالى (تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) .
3. أخبرنا أبو اسحق المقرئ ، أخبرنا أبو عبد الله بن حامد ، أخبرنا عباس قال : لما أنـزل الله تعالى ( وانـذر عشيرتك الأقربين ) أتى رسول الله ( صلعم ) الصفا فصعد عليه ثم نادى : يا صاحباه ، فاجتمع إليه الناس من بين رجل يجيء ورجل يبعث رسوله ، فقال : يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني ؟ قالوا : نعم ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم ما دعوتنا إلا لهذا ، فأنـزل الله تبارك وتعالى (تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) .
ومن سفر تفسير القرآن العظيم المجلد الرابع للأمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ( 700ـ 774 ) هـ ـ المكتب الثقافي ـ الأزهر ـ القاهرة ، من ص ( 569 ـ 579 ) نورد الآتي :
(تَبَّت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) ، الأول دعاء والثاني خبر عنه ، فأبو لهب هو أحد أعمام رسول الله ( صلعم ) .
وقوله تعالى (مآ أَغنَى عَنهُ مَالُهُ وَ مَا كَسَبَ ) قال ابن عباس وغيره ( ما كسب ) يعني ولده ، وروى عن عائشة ومجاهد وعطاء والحسن بن سيرين مثله ، وذكر ابن مسعود أن رسول الله ( صلعم ) أما دعا قومه إلى الإيمان قال أبو لهب : إن كان ما يقوله ابن أخي حقاً فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب الأليم بمالي وولدي ، فأنـزل الله (مآ أَغنَى عَنهُ مَالُهُ وَ مَا كَسَبَ ) وقوله تعالى (سَيَصلى نَاراً ذاتَ لَهَب ) أي ذات لهب وشرر وإحراق شديد (وَ امرَأتُهُ حَمَّالَة الحَطَبِ ) وكانت زوجته من سادات نساء قريش وهي أم جميل ، اسمها أروى بنت حرب بن أمية ، وهي أخت أبي سفيان وكانت عوناً عليه في عذابه في نار جهنم ، ولهذا قال تعالى { (3) وَ امرَأتُهُ حَمَّالَة الحَطَبِ (4) في جِيدِهَا حَبلٌ مِن مَّسَدِ (5) } . قال مجاهد وعروة : من مسد النار ، و عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والثوري والسدي ( حَمَّالة الحَطَب ) كانت تمشي بالنميمة واختاره ابن جرير .
(4) ـ
نعود لسؤالنا الأول :
لِمَ ركِب أبو لهب قاطرة جهنم مُبكراً ؟
كتب ابن كثير :
{ قال العلماء : في السورة المسد معجزة ظاهرة ودليلاً واضحاً على النبوة ، فإنه منذ نزل قوله تعالى {(2) سَيَصلى نَاراً ذاتَ لَهَب (3) وَ امرَأتُهُ حَمَّالَة الحَطَبِ (4) في جِيدِهَا حَبلٌ مِن مَّسَدِ (5) }، فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا باطناً ولا ظاهراً ولا مُسراً ولا مُعلناً ، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة والباطنة على النبوة الظاهرة }
(5) ـ
نستند على الأمر بالتفكر ، وهي صفة يتحرر منها الكثيرون بكسل ، ويتركون الفكر لغيرهم ، ولا يُبدعون إلا النقل . ما نقلت النصوص هنا إلا التماساً للمرجعية . على السراط نمشي ولا نطلب إلا الصبر :
نبدأ بالحدث ، وبطل الرواية القرآنية ( أبو لهب ) ، مصيره ومأساته .لا يقاربه في المصير إلا إبليس وفق النص القرآني :
{ و إذا قُلنا للملائكة اسجُدُوا لآدم فَسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين } الآية ( 34) من سورة البقرة .
(6) ـ
إن قارنّا بين تاريخ أبو لهب وقرينته ، وتاريخ أبو سفيان بن حرب وقرينته قبل إسلامهما ، لوجدنا البأس والصلابة ضد الدعوة الإسلامية سِمة مشتركة بين الفريقين .جمع أبو سفيان الأحزاب من كل قبيلة بُغية هزيمة الدين الجديد ، تتبعه عند كل سانحة ومنعطَف وما استطاع . حين جاء يوم فتح مكة أمسك بعقال ناقة الرسول الكريم يستعطفه أن ينجو ، وقد رأى بأم عينيه الصحابي سعد بن عُبادة حامل راية الفتح يُرجِز : أن قد أتى يومك يا قريش . فقال أكرم الخلق : ( اذهبوا أنتم الطلقاء ) ، ومن دخل المسجد أو دار أبي سفيان فهو آمِن . سلِم الرجل ، كذلك سلمت زوجه هند بنت عُتبة من مسلمي الفتح . لاكت في زمان كُفرها كبد الشهيد أسد الله حمزة بن عبد المطلب ، وفلتا من مصير هو الأقرب لمصير أبي لهب ، فالإسلام يجُب ما قبله .
(7) ـ
سَخِرَ أبو لهب من خطاب الرسول الكريم حين صعد الصفا ليدعو قومه . وقف هو في الملأ ورد على الكريم بقولته الشهيرة :
( تباً لكَ ألهذا جمعتنا ؟ ) ، ثم نـزلت السورة ترُد اللفظ إلى نحر صاحبه .
أهي المأساة التي ركِب أبو لهب بسببها قاطرة الجحيم مُبكراً ؟ .
عَلى خيط السراط أنتَ كبهلوان يُمسك عصا التوازن ، لا خبرة لكَ إلا الخوف .
من تحتِك النيران تفور أو تحتِك روائح طيب الجنان ، فمّنْ تختارك مأوى ؟
رُفعت الأقلام وجَفَّت الصُحُف .
عبد الله الشقليني
28/10/2005 م
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الشقليني ; 31-10-2005 الساعة 02:34 PM.
|