أمام تلك البيوت تتكدس أكوام من العطرون، إذن سكان هذه القرية من عمال المناجم! وهذه الأكوام هي السوق المركزي وإن لم يرق لك فقل بورصة العطرون. تحت سفح ذاك الجبل زعموا أن كانت هناك واحة، توجد من شرق القرية بئر يطلقون عليها سانية، يبدو أنها كانت تعمل بطواحين الهواء على عهد الفرنسيين، هذه البئر تحتاج لأربعة أشخاص لنزع دلوها بواسطة أشطان وعند وصول الدلو إلى خارجها بالكاد يخرج من الماء ربع المكترى(Net Weight) .
ألقينا عصانا قريباً من البئر فهرع إلينا سكان القرية التي تقع خارج الكرة الأرضية لعزلتها، خرج قومها يتفرسون في وجوهنا وزكائب أمتعتنا التي تنوء بها الشاحنة، هناك من على البعد فتيات باسقات الطول كالعيدان يعرضن أنفسهن للمتعة، نعم حتى الصحراء لها مواخيرها تماماً كالمدن المتروبوليشن التي ترتمي في عوالم النيون، وللحقيقة لم أر لتلك الفتيات أثداء بتاتاً أما سوقهن كسيقان النعام، وهنا لأول مرة أكتشف علاقة البيئة بالسيقان، فالبيئة الجافة المتصحرة سيقان نسائها كسوق النعام ، والبيئة الرطبة مهما كانت درجة حرارتها سوق نسائها كالبلنط ( طفاية القاعة) والبيئة الجبلية تبدو سيقان نسائها محشوة بكرات التنس، لدرجة انتشار عيادات التجميل لأزالة تلك الكرات كما هو الحال منتشرة في هونج كونج.
برز إلينا في تلك القرية رجل تشير معداته على أنه صائغ ذهب يحمل ميزاناً أكل عليه الدهر وشرب، أخذ مكانه تحت ظل الشاحنة، وكلما وقع تحت بصره خاتم فضة أو نحاس طلب من صاحبه معرفة وزنه وعياره! مما أصابني بالدهشة من الفائدة التي يجنيها من تلك المهمة التي لا تدر إلا العجب.
كلما ما فعلناه في تلك المسمى واحة أخذنا قسطاً من الراحة ودلقنا قدراً من ماء البئر في جسومنا وتزودنا بالماء ووزعنا بعض الطعام لسكان تلك المعمورة ثم استأنفنا المسير.
يغلب على سكان تلك القرية ملامح التشاديين بزيهم المزركش وجسومهم النحيلة، أما لغتهم فهي أفريقية ولكنها ليست لغة الهوسا التي تنتظم دولة النيجر، مضى علينا نهار وليلة كاملة حتى أخذت صورة ذاك الجبل في التلاشي.
التعديل الأخير تم بواسطة آدم صيام ; 18-05-2009 الساعة 12:52 PM.
سبب آخر: تصحيح كلمة المتروبوليشن
|