مع لام أكول.. البقاء أو الخروج من الوزارة
لم تصنعني الحركة الشعبية..!!
لن ينتهي دوري السياسي بترك «الخــــارجــــــية»..!
حوار: ضياء الدين بلال
diaabilal@hotmail.com
دقة حسابية متناهية يتعامل بها دكتور لام أكول وزير الخارجية والقيادي المثير للجدل داخل الحركة الشعبية، وهو يجيب عن الأسئلة ولا يريد لإجاباته ان تتجاوز حدود ما يريد قوله وألا تقل عن ذلك ولو قليلاً..
حذر لام أكول .. كان كافياً أيضاً في توضيح مواقف الرجل ومحاذيره حتى وإن لم يعبر عن ذلك صراحة.. كانت ساعات قلائل تفصل بين لام أكول وتوجهه نحو المطار للذهاب لنيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة.. الموضوع يحتاج لمناقشة وطرح أسئلة، لكن ذلك لم يكن موضوع حوارنا مع دكتور لام.. فالحوار كان يدور حول وضع الرجل داخل الحركة الشعبية.. خاصة وأن أصواتاً عديدة ظلت تردد في الأيام الماضية، أن أيام لام بالخارجية قد اقتربت من نهايتها.. وأن تيار رفضه داخل الحركة قد أوهن عزم الفريق سلفا كير ميارديت في التمسك بصديقه دكتور لام..!!
* دكتور لام ما الذي استطعت ان تحققه في الخارجية ولم يستطع ان يحققه الآخرون؟
- هذا ليس عملي.. نحن لسنا هنا للحديث عن نجاحاتي، فمن المفترض أن الآخرين هم الذين يقيمون.
* صحيح.. لكن يمكنك بشكل موضوعي ان تحدد ما استطعت ان تنجح فيه.. وما انت راضٍ عنه؟
- انا راضٍ عن العمل الذي انجزته في الوزارة.. وهذا يكفي.
* طيب.. يا دكتور ما هو الجانب الذي اصابك فيه قدر من الفشل او الاخفاق؟
- لا تستطيع ان تقول قدراً من الاخفاق - العمل الدبلوماسي عمل معقد ويتأثر بعوامل اخرى - ويمكن ان اقول لك انه في مجال علاقاتنا مع الولايات المتحدة الامريكية كنت اتوقع ان تتحسن العلاقة بسرعة اكثر مما تسير به الآن، لانه بعد توقيع اتفاقية السلام وعدت الولايات المتحدة كثيرا بأنها سترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وسترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وانها ستعفي الديون وستلغي العقوبات وخلافه.. لكن بعد ان بدأنا العمل في حكومة الوحدة الوطنية لم يتحقق ذلك، وطبعا هم يقولون السبب هو وجود مشكلة دارفور، لكن هذا ليس عذرا مقبولا، لانني اتذكر انه في نوفمبر 2004م اجتمع مجلس الامن برئاسة الولايات المتحدة الامريكية في نيروبي وكان الحديث انه لابد من توقيع اتفاقية السلام الشامل وعدم انتظار دارفور.. اذاً مشكلة دارفور ليست جديدة بالنسبة للولايات المتحدة.
* ضمن توقعك بنجاح وتحسن العلاقة مع امريكا، ومع هذه المعطيات التي ذكرتها، هل كان من ضمن المعطيات الاخرى ، وجودك كممثل للحركة الشعبية
والجنوب في وزارة الخارجية؟
- أنا لا اتحدث عن أمر شخصي أو حزبي .. انا اتحدث عن الدولة كحكومة وحدة وطنية بمعنى ان الوعد الامريكي كان مقدما لحكومة الوحدة الوطنية قبل تسمية من سيكون مسؤولا عن الخارجية.
* وجودك كشخص قادم من الحركة الشعبية ليس له اي تأثير سلبا او ايجابا في التعامل.. أنا اشير هنا الى الامريكان؟
- الامريكان لا يبنون سياساتهم في التعامل مع الدول على علاقتهم بالافراد او الجماعات.
* كان متوقعاً ان تكونوا مصدر ثقة بالنسبة لهم اكثر من المؤتمر الوطني؟
- حتى لو كنا مصدر ثقة وسياسات الحكومة كلها غير مقبولة لديها كيف
تتوقع ان تتعامل معنا؟ سياسة الحكومة ليست سياسة احزاب او اشخاص، سياسة الحكومة الآن ليست سياسة مؤتمر وطني ولا سياسة حركة شعبية ولا سياسة اتحادي ديمقراطي.. هي سياسة أحزاب حكومة الوحدة الوطنية وهى تقرر في مجلس الوزراء.
* الحركة الشعبية تقول ان وزارة الخارجية لا تعبر عنها؟
- الحركة الشعبية لديها ثمانية وزراء في الحكومة ولديها نائب اول في الحكومة، وحكومة الوحدة الوطنية هي التي تقرر كل السياسات ولا يمكن لشخص موجود في داخلها ان يقول ان سياسات الحكومة لا تعبر عنه. نحن جزء من الحكومة ومن يقول غير ذلك فموقفه لا يمثل الحركة الشعبية، ومع ذلك ليس هناك من الحركة الشعبية من قال ان سياسات الخارجية لا تعبر عن الحركة.
* لا.. هناك تصريحات صحفية كثيرة جدا منسوبة لاعضاء الحركة الشعبية، تفيد بذلك؟
- تصريحات اشخاص والحركة الشعبية لديها مؤسسات هي التي تعبر عنها وهي التي ترسم سياسات الحركة.
* ما تمارسه الآن داخل الوزارة هل تعتقد ان فيه جزءاً كبيراً من برنامج ورؤى الحركة الشعبية؟
- البرنامج القائم في الوزارة هو برنامج متفق عليه في داخل مجلس الوزراء ومجلس الوزراء فيه «28%» من الحركة الشعبية.
* دكتور يبدو مرضيا عنك بشكل كبير من المؤتمر الوطني؟
«يضحك».. «ده مشكلة يعني»؟
الآن لو انت راضٍ عني فهل في ذلك مشكلة لي؟.. انا اسعى لأن يكون الشعب السوداني كله راضياً عني.. وهذا مسعاي، لكن طبعا لكل شخص معياره وبالتالي حكمه الخاص.
* هناك من يعتقد ان رضاء المؤتمر الوطني عنك هو سبب تصعيد العداء ضدك داخل الحركة الشعبية؟
- الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني شريكان في حكومة واحدة ومن المستغرب القول ان كل شئ جيد لدى المؤتمر الوطني هو سيئ لدى الحركة الشعبية او العكس ولا اتوقع ان كل ما يرضيني يغضب المؤتمر الوطني او كل ما يرضي المؤتمر الوطني يغضب الحركة.
- مقاطعة -
* هذا ما يظهر من حديث قيادات الحركة الشعبية..؟
- نحن لدينا مشروع شراكة ولكن هناك اطرافاً اخرى احزاب شمالية وجنوبية لديها رأي في هذه الشراكة.
* بم تفسر تصاعد الانتقادات لك داخل الحركة الشعبية؟
- انت تتحدث عن اشخاص وتقول الحركة الشعبية.. قل لي من؟
* هناك قيادات بارزة كثيرة في الحركة الشعبية لديها تصريحات ناقدة لاداء الخارجية.. وحتى في الاجتماعات الاخيرة للحركة قيل وجهت لك انتقادات مباشرة؟
- هذا كذب.. انا كنت داخل الاجتماع و لم يتحدث اي شخص عن الخارجية، ولكن هناك اشخاصاً يحاولون ان ينقلوا آراءهم الشخصية باسم الحركة الشعبية، فالحركة الشعبية لديها مؤسسات تجتمع وتصدر قرارات والقرارات
تنشر.
* طيب.. ما طبيعة الهجمة التي تواجهك الآن في الصحف.. هل تستهدف سياسة د. لام اكول ام شخصه؟
- انا لا اعرف ان هنالك هجمة في الصحف.. انت الآن تقول لي ان هناك هجمة في الصحف «انا ما عارف انو في هجمة عليّ».. اي شخص مسؤول يتم الحديث عنه وانا اتوقع ان يكون هناك نقد لي وربما ايضا يكون هناك من يمتدح.. وهذا شئ طبيعي ولكن انت تسميه هجمة.
* على الاقل نادر جدا نجد اصواتاً من داخل الحركة الشعبية تشيد بأداء لام اكول في الخارجية؟
-أين هذه الاصوات.. يبدو انها أصوات تسمعها انت فقط؟.. الذين يتحدثون اذا هم «ناس حركة جد» فلن يتحدثوا عن عدم رضائهم في الصحف لان اي تنظيم ينتقد قياداته في داخل اجهزته كما أنني لا أرد على الذين يطلقون تصريحات ضدي دون أن يذكروا أسماءهم.. وإن ذكروا أسماءهم فسأرد عليهم.
* من الجائز ان يكون ذلك قدراً من الشفافية.. أقصد إنتقادك في الصحف؟
- ليس فيها شفافية.. الحركة الشعبية تناقش اداء مسؤوليها داخل اجهزتها وفي داخل الجهاز يمكن ان يقولوا اي شئ ويصلوا لقرار.. واصلا الحركة الشعبية لو لم تكن راضية عن اداء اي شخص فيمكن ان تخرجه من الوزارة.
* الآن قيل ان المساعي ماضية لابعادك عن الخارجية؟
«يضحك»: مساعي من مين؟
* مساعٍ في داخل الحركة الشعبية؟
ليس هناك شيئ اسمه مساعٍ.. الحركة الشعبية اذا قررت تخبر الرئيس «يشيلني من المنصب» عندما تتخذ الحركة قراراً يصبح قراراً وليس مساعٍ!
* هذا يعني أنك لم تبلغ بأنك ستبعد عن الخارجية؟!
- لا اريد الحديث عن هذا الموضوع.. اريد ان اقول لك ان اية حركة مسؤولة تناقش قضاياها في داخل اجهزتها وليس هناك شخص مسؤول داخل حركة يذهب ويتحدث في الاعلام عن زميله او ضده.
* قيل انك قمت بتعيين اقاربك داخل وزارة الخارجية؟
- هذا غير صحيح.. والاسماء موجودة واي شخص يمكن ان يتأكد من ذلك، وهذا لا يعني انه اذا كان هناك قريب لي ومؤهل لا يعين في الخارجية.
* هناك حديث عن ان بعض قيادات الحركة الشعبية التي كانت ممسكة بالعمل الخارجي للحركة اغلقت بعض الابواب في وجهك اثناء ممارستك لعملك كوزير خارجية؟
- (انا.. كذلك كنت ممسكاً بملف الحركة الخارجي وانا اكثر شخص كنت امسك بملفات الحركة الخارجية). «يضحك».
* اذا كان د. جون على قيد الحياة.. هل كان من الممكن ان يأتي دكتور لام وزيراً في الخارجية؟.
- ليست مشكلة بالنسبة لي.. انا لست لام لانني وزير خارجية..
«يضحك».
- يمكن ان اكون في اي مكان وانا لم اطلب ولم اسع لكي اكون وزيرا، وفي أية لحظة يمكن ان اترك الوزارة ويمكن ان اخدم الحركة في اي مكان آخر، شخصيتي لم تتكون لانني اصبحت وزيرا، فانا عندما دخلت الحركة كنت سياسياً ولدىّ سجل سياسي معروف، وليست الحركة هي التي صنعتني، وانما ساهمت في بناء الحركة. وكل من يتحدث أن غدا عندما يصبح لام خارج الوزارة فانه سينتهي «دا كلام ساكت».
* هل ما زلت تحتفظ بقواتك حتى الآن؟
- لا.. ليست لدىّ أية قوات.. هناك قوات الجيش الشعبي.
* هناك لجنة تحقيق كونت داخل الحركة الشعبية للتحقيق معك.. حول
مساعيك لتكوين جسم خاص بك داخل كيان الحركة الشعبية؟
- ايضا هذا غير صحيح.
* ألم تتعرض للمساءلة فيما يتعلق بهذا الامر؟
- بعد اجتماع ياي كان هناك حديث من بعض الاشخاص يقول ان هناك اتجاهاً لخلق حزب موازٍ وان هناك مشاكل في اعالي النيل وخلافه، وباقتراح مني قلت لهم كونوا لجنة لتقصي الحقائق تذهب لاعالي النيل وترى ما يحدث واللجنة ذهبت الى هناك ورفعت تقريرها للرئيس هذا الامر أثير داخل الاجتماع.
* فلماذا تقول انه لم تثر اشياء ضدك داخل الاجتماعات؟
- هذا ليس ضدي.. الحديث دار حول احداث في اعالي النيل، ولكن لم يقولوا ما تقوله انت الآن.. هذا موضوع سياسي عام.
* وماذا كان قرار لجنة التقصي؟
- لا ادري.
* د. لام لماذا تطفو وفاة قرنق كل مرة على السطح في شكل ازمة؟
- هي ليست ازمة، وبالنسبة للحركة الشعبية هناك لجنة تحقيق قامت واستغرقت شهوراً لتصل لادلة وسلمت تقريرها للجهات المسؤولة، وبالنسبة لنا في الحركة هذه هي اللجنة المعترف بها وكان هناك ممثلون للحركة الشعبية في داخلها وحتى الآن تقريرها هو الموقف الرسمي واذا كان هناك شخص لديه معلومات جديدة فليقدمها للجنة وهي التي تقوم بتقييمها.
* الحركة الشعبية اعلنت على لسان سامسون كواجي انها ستعيد التحقيق حول موضوع وفاة قرنق مرة اخرى؟.
- اذا كان هناك شخص لديه معلومات جديدة فليقدمها، فنحن نريد ان نصل للحقائق اصلا وليس هناك ما نخبئه ونريد ان نعرف ما حدث بالضبط.
* هل يعني هذا ان تقرير اللجنة بالنسبة لك ليس نهائياً؟
- بالنسبة لي «كلام نهائي»، لكن لو كان هناك شئ جديد فليقدموه للجنة «اللجنة ديل مش ناس؟» لو كان هناك شخص لديه معلومات جديدة يذهب بها للجنة.
* هناك اشخاص كثيرون داخل الحركة صرحوا بأن تقرير اللجنة به ثغرات كثيرة جدا؟
- فليذهبوا للجنة «الناس ديل بتكلموا في الضل ليه؟» إن كانت لديهم معلومات فليذهبوا بها الى اللجنة.
* الحديث الذي صرح به وزير الدولة بالداخلية أليو ايانق واورد فيه معلومات تفصيلية وهو بذلك يرى انه قدم حقائق للجنة وللرأي العام وهي جديرة بأن تبحث من جديد؟!
- من حقه ان يقدمها للجنة.
* انت يا دكتور بشكل شخصي هل تعتقد ان قرنق مات مقتولا؟
- حتى الآن التقرير الرسمي هو الموقف، وليست لدىّ معلومات غير التي اتت بها اللجنة ولا استطيع ان ادعي ان لدى معلومات غير ما جاءت به اللجنة.
* البعض يعتقد انها ورقة سياسية يستخدمها البعض داخل الحركة الشعبية لزوم الضغط؟
- لا اريد ان اعلق.
كل ما يتعلق بالحركة الشعبية لا اريد ان اعلق عليه في الصحف.. هذه مشكلة داخلية.
* هذا يعني انها مشكلة؟
- بافتراض ما قلته انت.
* انت نفسك يا دكتور في كتابك «رؤية من الداخل لثورة افريقية» اوردت ان قرنق كان لديه ارتياب وشك في يوغندا وكان يخشى على سلامته الشخصية من اليوغنديين..؟
-لا.. هذا غير دقيق، الحديث جاء في اطار لقاء كان يرتب له موسيفيني بين ليبيا ورئيس الحركة.
* لكنك قلت في الكتاب ان قرنق قال ان كمبالا ليست أأمن من طرابلس؟
-«كمبالا ما فيها امان.. مالو؟» هذا رأيه في ذلك الوقت وماذا في ذلك؟.. هذا شعور والشخص يشعر انه ليس آمنا في مكان معين.
* لكن هذا الشعور لابد ان تكون له حيثيات ؟
-ربما كانت الحيثيات في ذلك الوقت انها غير آمنة فعلا بدرجة كافية، ذلك كان في 1989م وكان لموسيفيني ثلاث سنوات فقط في الحكم.
* دكتور لام بالمناسبة.. هل انت نادم عن كتابك «رؤية من الداخل لثورة افريقية»؟
- لماذا أندم؟ هذه حقائق.
* لكنها كانت كلها حقائق انتقادية للحركة؟
- هذا تحليل فقط.
* طيب د. لام بعد كل هذا النقاش وكل هذه الرحلة نقول ان دكتور لام اذا اقدم على صناديق الاقتراع سوف يضع صوته لصالح الانفصال ام لصالح الوحدة؟
- هذا سؤال بلا معنى.. الحزب لديه سياسة واضحة واي شخص عضو في الحركة الشعبية يفترض ان يلتزم بموقف الحركة، وانا شخص قيادي في الحركة لذلك لا يمكن ان يكون لدى موقف غير موقف الحركة.. لذلك هذا السؤال بلا معنى.
* وما هو موقف الحركة الآن؟
- الحركة ليست فقط مع وحدة السودان، بل الحركة تعمل بحكم اتفاقية السلام لجعل الوحدة جاذبة.
* وانت الآن ترى ان الحركة تسعى لجعل الوحدة جاذبة وانت ايضا تسعى لجعل الوحدة جاذبة؟
- نعم.. نعم.
* شكراً دكتور لام؟
- عفواً
© Copyright by SudaneseOnline.com
