الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 26-12-2012, 02:06 AM   #[24]
imported_هشام آدم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_هشام آدم
 
افتراضي

استمر الجفاء بين الصَّادِق ضَوْ البَيَت وابنته سبع سنوات كاملة تبدلت فيها أحواله، وبدأ أكثر مسالمة وانكسارًا. تغيرت ملامحه وأصبح يشبه الموتى. يخرج من بيته الذي أصبح كبيوت الأشباح؛ لاسيما بعد سفر ابنه مَسْعُوُد الصَّادِق للدراسة خارج البلاد، يجلس على كرسي من الحديد الخفيف، وكأنه وضع خصيصًا له تحت شجرة لبلاب عملاقة ينظر إلى العابرين وإلى الأطفال الذين يلعبون السَّكَّجْ بَكَّج والسيجا على طرقات الضاحية الترابية، غارقًا في تأملاته الخاصة، ممسكًا بغصن حَسْكَنِيِت يقلبه بين يديه بعبثية ساخرة ويرسم بها خطوطًا ودوائر متداخلة على الأرض: "أهذه هي الحياة التي حلمت بها يا الصَّادِق؟" لم يجد أحدًا يلقي عليه اللائمة سوى نفسه، وهو ما أشعره بالتعاسة والاكتئاب، حتى أنه لم يعد قادرًا على مراجعة مَسْعُوُد الطَّاهِر فيما يقوله كما كان يفعل من قبل، واعتبر مَسْعُوُد الطَّاهِر ذلك عصرًا ذهبيًا لم يتوقع أن يعيش حتى يراه.
- ما الذي يقلقك يا أبَو نِعْمَات؟
- أن أكون السبب في فناء السِّدِرَاب
- أليس هو الشوق إلى نِعْمَات يا أبُو نِعْمَات؟
- ربما .. تعلم أنني أحببتها أكثر من بقية أبنائي.
- إذًا فلماذا لا تدعوها وزوجها للعيش معك. لقد أصبح البيت فارغًا وكبيرًا عليك. ادعوهما لعيشا معك. ولابد أنها أنجبت أطفالًا الآن، ألا تشتاق أن تحمل أطفالها بين ذراعيك؟
- أطفالها؟

بدا وكأنه انتبه لهذا الأمر الآن فقط. إنها سبع سنوات ولابد أنها أنجبت أطفالًا. ترى كم طفلًا أنجبت؟ وكيف يبدون؟ توقف فجأة عن تأملاته الأبوية الحالمة، وقال بنبرة متشائمة: "أرجو ألا يكونوا قد أخذوا من أبيهم شيئًا." أعجبته فكرة صديقه مَسْعُوُد الطَّاهِر، ولكنه لم يصرح له بذلك. قرر أن يفكر في الأمر مليًا ريثما يتمكن من احتمال الفكرة وتبعاتها، غير أنه بادر بها فورًا عندما سقط ذلك اليوم بأزمة قلبية، وأحس بدنو أجله. اضطر الموت إلى انتظاره شهرين كاملين ريثما وصلت رسالته إلى نِعْمَات الصَّادِق وحزمت أمتعتها هي وزوجها وأطالفهما وجاءت إلى السِّدِرَاب وأقامت معه أسبوعين فقط. كان قد اكتسب وقتها طيبة ووداعة المقبلين على الموت، وبدا أهدأ وألطف مما هو طبعه الذي يعرفه الجميع. كلف صديقه مَسْعُوُد الطِّاهِر بالأمر، وكأنه لم يكن أول من اقترح عليه ذلك:
"لقد قررت أن أدعو نِعْمَات وأطفالها للعيش معي في البيت. تعلم أن البيت أصبح فارغًا بعد سفر ابني مَسْعُوُد وزواج امْتِثَال وانشغالها بأبنائها، وأنا رجل لم أعتد الوحدة في حياتي. أخشى أن أموت قبل أن أتمكن من رؤيتها ورؤية أبنائها. أخبرها بأنني رضيت عليها وأني أبارك زواجها من هذا العبد الأفاك، ولا راد لمشيئة الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. سوف أترك لهما بيت العائلة الكبير؛ فلابد أنها أنجبت جيشًا من الأطفال، فبنات السِّدِرَاب ودودات ولودات كما تعلم، أما أنا فسأكتفي بالبيت الذي خصصته لمَسْعُوُد عند عودته ليتزوج فيه، ويبدو أن ابن الكلب هذا لن يعود أبدًا، لقد لحست الخواجية عقله حتى أنسته أباه وأهله. هاهو آخر سِدِرَابِي يختفي دون أن يعلم عنه أحد شيئًا. لقد وضعت عليه آملًا عريضة، ولكن ... حسبي الله ونعم الوكيل. لم يتبق لي الآن إلا نِعْمَات، أرسل لها ودعها تأتي."


نهاية الفصل الرابع



imported_هشام آدم غير متصل  
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:45 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.