نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-2006, 12:26 PM   #[16]
bayan
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية bayan
 
افتراضي

وخذي دماء ضحاياك بعيدا.. بعيدا عن هنا.
هدأت السماء كأنها سمعت هذا الرجاء الأقرب إلى اللوم ، إرتمي أولير في حجر جدته باكيا مرتعد الأوصال وذاك الشريط الاسود يتقافز أمام عينيه، هذا يعني الموت! موت صديقيه يعنياأنهما لن يلعبا معه لعبة الاستخباء، الموت يعني أنهما لن يزجرا الطير من المزارع وهم يعلمون الببغاوات الشتائم المصاحبة لاسماء أصحاب مزارع الفاكهة البخلاءا لذين لا يسمحون لهم بأكلها ، ويغرقون في الضحك عندما يسمعون صاحب الاسم يتبادل الشتائم مع الببغاوات مرشقا اياها بالحجارة خلال تجهيز القبر كانت الجثتان تنتفضان مع كل خطفة برق تحت ورق الموز، ارتدت والدتا الطفلين جلود حول حورتيهما تعبيرا عن الحزن، تم الدفن في صمت مهيب ،إذ يجب أن يتم الدفن دون بكاء، أطبق السكون على المكان سوى من نهدات أولير في حجر جدته وهو يراقب قملة ضخمة تزحف بتكاسل ثم تختفي بين طيات تنورتها.
أمطرت السماء مرة أخري بعد الدفن ، وصوت الرعد يبتلع نواح النسوة المتعب، إبتل القبر، والصاعقة لا تريد ترك ضحاياها كما طلبت منها الجدات، كأنهما مشدودان نحوها بخيوط خفية، كلما أرعدت كان القبر يرتفع ويخمد مع زجر الجدات واستنكارهن، إستمر ذلك عدة مرات، فتبدو الأرض كأنها تتنهد وهي تحاول التمسك بجزئها الذي عاد ، الجزء الذي تحاول السماء انتزاعه ورميه في العراء ، صاحب هذا الصراع تشقق القبر كما التربة الخصبة .
ماتت الجدة بسرها ، كبر اولير كان يغرق في لعنة جدته كلما هطلت الامطار، وفي نومه كانت الأحداث تتواتر علي ذهنه، كان يعيشها كأنها تحدث الآن، احيانا كان يأتي محمولا علي كتف اصدقائه عندما ينام في رحلة صيد أو أي مكان آخر. كانت أمه تراقبه وتوصيه بانه اذا احس بقرب المطر يجب ان يعود البيت، ولكنه كثيرا ما يندمج مع اصدقائه ينسي حتى تداهمه الامطار وسرعان ما ينام لتعود به الذاكرة اللعينة الى عمر السادسة.
كان قويا لا يعجزه شئ مما يفعله الشباب، يرقص بكل طاقته فينال بذلك اعجاب الفتيات اللائي تتدافعن ليراقصهن. يجيد السباحة كأنه من سكان النهر، يتسلق الإضجار مثل قرد، الكل يستقبله باستحسان لسماحته مع الكل، كان عيبه الوحيد النوم عند هطول المطر.
نمت مكان القبر شجرة عرديب اكثر ضخامة من تلك ذات ثمار حلوة، الكل يأكل منها عدا أولير الذي كان يري فيها لمعة عيني صديقيه، يلمح في تمايل أغصانها مرحهما وشقاوة طفولتهما ، فهي وليدة ثمار كانت له، ثمار انطوت وتغذت عليهما فكيف يأكل صديقيه؟! يشتم منها رائحة دمائهما المحترقة التي ستلتصق في مؤخرة حلقه للابد؟ كان يحاول النسيان عندما تغفو عنه السماء، ولكن .. ! أخذته أمه للعرافة شاكية ما يصيب إبنها عند هطول المطر ، كانت العرافة معطية ظهرها لهم وجسمها مليء بالاحجبة والتمائم، أحس أولير بالتقيؤ عندما اخترقت تلك الروائح الغريبة انفه، واضطرب عندما لمح ثعبان كبير يقبع في قرعة كبيرة، وقرعة اخري مليئة بالدماء وطائر غريب يصدر اصواتا ادمية، نطقت العرافة باسمه كانها تعرفه عن كثب وسالته بما يحس به اثناء هطول المطر حكي لها كل شئ، بعد ذلك اصدرت بعض الاصوات المخيفة الابخرة تتصاعد نحو السقف المخروطي ، اعطت الاوامر للطائر الغريب الذي طار خارجا ثم عاد بعد قليل ليخبرها بان الجدة هي التي لعنت حفيدها خوفا عليه ، طلبت العرافة معزة سوداء وبقرة حلوب ، على ان يتم العلاج غدا صباحا قبل شروق الشمس.
خرج" اولير" من ذلك الكوخ والعرق يتصبب منه في غزارة وتنفسه اللاهث يلفح أنفه، كان اصدقاؤه في انتظاره في فناء الرقص ، سألوه عن ما دار طمأنهم بان العلاج سيتم غدا صباحا قبل شروق الشمس اطلق بعضهم صياحات فرح وآخرون احتضنوه تعبيرا عما يجيش في دواخلهم من خير تجاهه.
كانوا علي استعداد لرحلة صيد في الغابة، حاملين الرماح والفؤوس والسكاكين، خرجوا من القرية تاركين خلفهم النسوة منهمكات في اعداد الطعام والمريسة المصنوعة من الذرة النابت في جو احتفالي.
اختفت القرية في خضم من الخضرة، وقد توغلوا اكثر نحو الغابة، يغنون أغاني زنجية مشبعة بكلمات القوة والشجاعة ناسين بذلك قسوة المسافة والحشائش المؤذية بدأت الحيوانات البرية تظهر وتختفي بين الحشائش الطويلة وهم يزدادون حماسا وحذرا، في قمة نشوتهم تلك تلبدت السماء بالسحب ، وذلك الكائن خلف الافق يصدر زئيره ، ارتبك "اولير" وقرر العودة ، علم اصدقاؤه السبب قائلين لن تعود فان القرية علي مبعدة من هنا وسوف تصادفك الامطار في الطريق ، لذا يجب أن تكون معنا، فلا تنزعج إذا نمت ،عموما فهو آخر يوم لهذه اللعنة فدعنا نستمتع ونحن نرفعك علي اكتافنا للمرة الأخيرة، فلن نحملك بعد اليوم، ضحك الجميع وفي عيونهم ذلك البريق الصادق الذي يؤكده حبهم له.
اعترضهم نهر كبير ينحدر من قمة جبل عالي ذا مياه قوية، قرروا اجتيازه الي الضفة الاخرى ، لان الحيوانات الكبيرة تقبع هنا مثل الجواميس والغزلان والافيال. سألهم أولير عن إجادتهم للسباحة منبها إياهم الى قوة إندفاع النهر، إستعرض بعضهم عضلاته مؤكدا قدرته وآخرون أظهروا عدم ثقتهم بانفسهم، كانت نتيجة ذلك أن قسمهم أولير الى فريقين ، القي الفريق الاول بانفسهم في النهر وأولير خلفهم للإنقاذ، كان يساعد من يفقد السيطرة علي الامواج، حتي أوصلهم الضفة الاخري، عاد كانه يسبح في الهواء ليفعل المثل مع الفريق الثاني، ثم عاد لاخذ بعض الرماح والأقواس والسكاكين والأسهم، لبس الأقواس متقاطعة في صدره، غرس السكاكين في حزامه الجلدي حول خصره، امسك بالرماح والاسهم وقفز في النهر ضاربا الماء بيده وأرجله وهو في سباق مع المطر ، كان صوت أصدقائه المشجع يصله ضعيفا مع هدير الماء، بدأت القطرات تتقافز علي سطح النهر ثم تذوب وأولير يشق الماء بكل قوته ، ولكن الامطار إنهمرت فجأة والبرق يرسم تصدعاته في السماء مرسلة لهبا علي قمة الجبل. بدأت أطرافه تسترخي وهو يصارع أقوي اثنين، مياه نهر هائج ولعنة الجدة، كانت الأمواج تتقاذفه مثل قطعة فلين، عندما تنهض فيه غريزة الحياة كان يحرك يده التي ثقلت وصارت مثل هراوة كبيرة مشدودة نحو القاع، يحركها كأنه ينفض عن ذهنه تلك الذاكرة التي بدأت تزحف مثل سم نحو عقله كان صوت الرعد يصم أذنيه والبرق يعمي بصره، لا يسمع أصدقاؤه الذين بهتوا عندما ابتلعته الامواج والنهر مثل حيوان ضخم يتقلب في مرقده مبتلعا كل شئ حتى جذوع الاشجار ، وأولير في أحضان الطبيعة يتحول الى طفل في السادسة يتنهد في حجر جدته ذات الرائحة النفاذة وهو يراقب قملة تزحف متكاسلة ثم تندس بين طيات تنورتها ، وذلك اللعاب الداكن يثقل فروة رأسه ،فأس يهوي من السماء شاطر شجرة إلى نصفين ثم نزيف دخاني وسائل اخضر،جثث تتدحرج وقبر متشقق.
تركوه هناك نائما نومته الأبدية ، غارقا في لعنة جدته ، والنهر يأخذه بعيدا بعيدا عن أنشودة المطر،
ما ترا تالي تالي.. سكي سكي ما تجي ،
بعيدا عن القرية المحاطة بالغابة والسماء ، بعيداً . . في العراء ،
هناك في ألير . .
بعيدا عن البافرا وورق الموز...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

البافرا : نوع من الفاكهة الإستوائية شبيهة بالمانجو وتكثر في جنوب السودان ، البافرا والباباي ثمرتين متلازمتين . . أصبحتا رمزاً للخير والعطاء .
العرديب : التمر الهندي .
المريسة : مشروب محلي مسكر .

ستيلا قايتانو : قاصة من الجنوب السوداني



التوقيع: http://bayannagat.blogspot.com/2013/...post_4173.html

شهوة ان تكون الخصومة فى عزها
واضحة ..
غير مخدوشه بالعناق الجبان
فقبلات من لا اود حراشف سردينة
وابتسامته شعرة فى الحساء

من شهوات مريد
bayan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-03-2006, 01:12 PM   #[17]
الجيلى أحمد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الجيلى أحمد
 
افتراضي

سلامات بيان وكل سنه وأنت وجميعهن طيبات فى عبدالمرأه وكل يوم

مقال جيد..وأظل أتابع

لاأخفى أعجابى الشديد بكتاباتك وتحليلاتك ( قراءتك)..
فيها ذكاء ولمحة من عين تقرأ بوعى أدبى..
أختلف معك تمامآ فى أشياء أخرى هذا ليس بمقامها..
أسجل موقفى هنا ولك التحيه

أتابع هذا البوست الثرى
والتحيه للجميع هنا



التوقيع: How long shall they kill our prophets
While we stand aside and look
Some say it's just a part of it
We've got to fulfill de book
Won't you help to sing,
These songs of freedom
'Cause all I ever had
Redemption songs
الجيلى أحمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:14 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.