بلوزة
هل من فائز في 'كِرْتِلَّة' وجوه د. حسين جمعان؟
"لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياه
فأصبح وجهاً
ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياح
فأصبح ناياً"
محمود درويش
كلما تأملتُ لوحة د. حسين جمعان هذه (لوحة 1)، ورأيت الوجوه تتأملنا بأبعادها المتعددة، ملوحةً بسرد قصة الهوية السودانية، تقفذ إلى ذهني لعبة ‘الكِرْتِلَّة'. تلك اللعبة التي تجسد متعة الحظ والمفاجآت، حيث يختار كل مشارك رمزاً من الرقعة، مترقباً بلهفة ظهوره داخل الدائرة الزرقاء المركزية، فإذا ما تطابق الرمز المختار مع الذي داخل الدائرة، يُعلن هو الفائز.
وعندما أغوص في عمق لوحة جمعان، تتكشّف لي لوحة أخرى (لوحة داخل اللوحة)، تنفتح كنافذة إلى تنوّع يتجاوز حدود الإنسانية ليشمل كل الكائنات/كيانات. وهذا ليس بجديد على جمعان، كما نرى في (لوحة 2)، حيث ينسج الهوية السودانية وربما الكونية بمعانيها الواسعة.
"نرْسيسُ ليس جميلاً
.
.
ولو كان أَذكى قليلاً
لحطَّم مرآتَهُ
ورأى كم هو الآخرون"
محمود درويش
والمفاجأة أنه عندما فتح جمعان 'كِرْتِلَّته'، لم يكشف عن وجه واحد فائز، بل أظهر أن كل وجه له مكانه وانعكاسه في اللوحة الداخلية، تلك البوتقة الجامعة. إذاً، هل كان يريد جمعان أن يُعلمنا أن الفوز في 'كِرْتِلَّة' الهوية هذه للجميع؟
إنها دعوة للتأمل في 'كِرْتِلَّة' الهوية السودانية، حيث كل وجه هو بطاقة فائزة، لا خاسر في كرنفال التنوّع هذا، فلوحات جمعان تعلمنا أن نقرأ كل وجه كفصل مكتمل في كتاب الوطن.
أزهري سيف الدين
24 يناير 2024
سكيرت
لوحة -1
الكِرْتِلَّة
لوحة - 2
..