نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > الســــــرد والحكــايـــــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-04-2012, 10:30 PM   #[1]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي نوال...

هي الثانية من بعد شقيق يكبرها...
تليها شقيقات خمس...
أما آخر العنقود (جعفر) ...فقد خرج الى الدنيا بضمور في المخ ...
ليعتاد الناس على تسميته ب(الدريويش)...
نشأت الأسرة على كفاف من عيش بقرية وادعة في شمالنا الحبيب...
مصير(ها) لم يكن بأفضل من مصير العديد من بنات جيلها اللائي تركن الدراسة في مراحلها المختلفة!...
فهي أذ تتساوى معهن في سمت المسغبة التي ترخي بسدولها على اسرهن ...
الاّ أنها تزيد عليهن بطول ملازمتها لأمها طريحة الفراش جرّاء مرض عضال...
وما لبث أن سافر شقيقها الأكبر الى ليبيا ...وانقطعت أخباره!
...
وحين طالبتها أدراة المدرسة الثانوية ب(ايفاء) مصاريف الجلوس لأمتحانات الشهادة الثانوية ...لم تستطع الى ذلك سبيلا...
أذ أخوها الأكبر لم يدع لهم شيئا ل(يباع) حتى يُنتفع بثمنه! ...
أما الذي بقي بيد والدها من مال...فلم يعد يكفي تكلفة الدواء الذي يبتاعونه كل شهر لأمها...
في يومها ذاك...
بكت ما شاء لها الله من بكاء...
رأى (الدريويش) احمرار عينيها...فقال:
-ماتبكي يانوال ...(الله في) ...
وبقي يهزج بها (الله فيه ...الله فيه...الله فيه)!
فما كان منها الاّ أن ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه...
...
لقد منّت نفسها (يوما) بأن تصبح معلمة تنير عقول النشئ...ثم تستعين بما تناله من مال في رفعة شأن أسرتها...
لكنها رددت مع الدريويش ...(الله في).
اذ كم اراحها ترديدها لأهزوجة الدريويش...
قالت لها أمها يوما:
-جعفر دة ما تستهونوا بيهو يانوال...
(جعفر دة فيهو سر كبيييير)!
...
تركت نوال المدرسة مكرهة...
وتفرغت لأشغال المنزل...
لم تكلّ أو تملّ وهي تضئ كالشمعة لتنير للآخرين حياتهم...
انشغلت بممارضة والدتها المصابة بالسرطان...
ولم تألُ جهدا في تلبية أحتياجات والدها السبعيني...
وتناست نفسها مع حراك حياة شقيقاتها الخمس...
وفوق كل ذلك...
كان الأهتمام بحياة (الدريويش) والحرص على البحث عنه كل مساء لضمان مبيته في المنزل...
...
وبحمد الله مالبثت شقيقاتهعا الخمس الاّ أن تزوجن خلال عام واحد!...
ولكن خالط الأفراح شئ من حزن برحيل والدها ختام ذاك العام...
...
جهدت نوال أيما جهد وهي توزع نفسها بين شقيقاتها اللاّئي أعتدن أنجاب التوائم ...
وأمها المريضة ...
وأخيها (الدريويش) الذي ماكان له غيرها ليهتم بأكله وملبسه ومتابعة حراكه ...
وفوق ذاك...
لم تنس أن تعمل لتدر دخلا تعيل منه نفسها وأمها وأخيها الدريويش...
نسج (الطواقي والمناديل)...
عمل (الطعمية والزلابية) وبيعها لطلبة المدارس...
متابعة الأجير الذي أتوا به للعناية بالارض الصغيرة التي تركها لهم الوالد...
...
وامتدت هباتها وعطاياها الى شقيقاتها الخمس من (خبيز وتمور ثم احتياجات رمضان في كل عام) حتى لا تشعرهن بمنقصة دون الأخريات...
وبرغم كل هذا الجهد والحراك...
لم تكن الأبتسامة تغادر شفتيها البتة...
...
أعتادت نوال أن تنام من ليلها النذر اليسير ...أذ قلبها دوما منشغل بأمها المريضة...
فقال لها (الدريوش) يوما:
(أنتي يانوال وكت أصلك نومك قليل ...ليه ما بتقيمي الليل زي شيخنا وراق)؟!
ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه وقالت ...صدقت...
وبدأت تقيم الليل ...
وشرعت تقرأ صفحة من كتاب الله خلال كل ليلة...
ثم تدعو الله ماشاء لها من دعاء وهي تبلل حجرها بدموع الرجاء...
وظل الدريويش ينظر اليها من طرف خفي من تحت غطائه وهو يشارك أمه الفراش...
وخلال سنوات ثلاث ...
أذا بها تكمل حفظ كتاب الله !
ويجئ رمضان...
لتتفيأ ظلال العشر الأواخر منه...
وفي ليلة من الليالي وهي تتلو ...
أذا بها ترى كل شئ قد خر ساجدا لله...
والملائكة تحوِّم داخل غرفتهم وهم يقرأون سورة الرحمن...
ويهتف بها هاتف...
(يانوال هذه ليلة القدر فادعي الله بماشئت)...
ويشتد وجيب قلبها ...
وتتعالى منها الأنفاس وكأنها تهرول المسافات الطوال...
ويتلعثم منها اللسان...
فترفع كفيها لتدعو الله...
ولكن يقع بصرها على فراش (الدريويش) لتجده خاليا...
فتقفز وجِلَة الى خارج الغرفة...
فاذا به قد ارتفع عن الارض على مستوى بصر الرائي وقد اعتمر له جناحين من ريش ...
ياللنور الباهر الذي يشع من وجهه!
وياللأبتسامة الوضيئة التي ترتسم على شفتيه!
قال لها (جعفر) من علٍ وهو يرفرف بجناحيه:
-يانوال ...
أنا ذاهب الى ربي لأجاور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان ...
وقد سبقتني أمي قبل قليل ...فلا تحزني ياأختاه...
فصاحت به:
-وماذا عني أنا ؟!...
قال لها وقد تهلل وجهه أكثر:
-لا تحزني يانوال...
أدعي الله ياشقيقتي وقولي (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)...
فأجابته وهي تبكي:
-لكني سأصبح وحيدة...
-لا لن تصبحي وحيدة ...
ستتزوجين باذن الله ...
وستنجيبين البنين والبنات ...
ولكن عديني بأن لا تنسين تسمية ابنك البكر باسمي ...ثم علا واختفى...
عادت مهرولة الى الغرفة لتجد والدتها قد فارقت الحياة...
فثقل خطوها ...
وجلست على الأرض ترتعش من هول الموقف...
وتذكرت الدعاء الذي أوصاها به (الدريويش) فدعت به مرارا...
...
فتحت نوال عينيها فوجدت نفسها طريحة الفراش وحولها بعض الجارات...
-أنا وين!
أجابوها بأنها في المستشفى ...
وان الله قد كتب لها عمرا جديدا...
وقد بقيت غائبة عن الوعي لأيام ثلاث ...وقد ووريت أمها الثرى.
وسمعتهم يتهامسون بأن (الدريويش) قد أختفى ولا يجدون له أثرا فلم تعر ذلك اهتماما...
اذ هي تعلم مكانه (يقينا)!
واجتمع شملها بشقيقاتها الخمس ...اللائي جئن لتلقي العزاء ومواساة شقيقتهن الكبرى في وفاة أمهن...
وأهلّ عيد الفطر عليهم أجمعين...
وقبيل سفر شقيقاتها تقدم لها قريب لهم يعيش في (بورسودان) ...قد توفيت زوجه قبل عام...
قال (فيصل) الذي قُدِّر له بأن يكون زوجا لنوال...
-والله منذ أول ليلة أفضيت فيها الى نوال ...بارك لي الله في كل شئ!!!...
فقد كان لي (كشك) صغير فقط...فاصبح لي من المحال ثلاثا!...
وما شرعت في صفقة الاّ وبارك لي الله فيها أضعافا!!...
...
أضحت نوال زوجا لأغنى تجار بورسودان...
وأنجبت العديد من الابناء والبنات ...
ولم تنس بأن تسمي أولهم بأسم جعفر...
ومافتئت يدها ندية بالعطايا الى شقيقاتها ...
بل الى أهل القرية قاطبة...
...
الى أن توفاها الله راضية مرضية...
...
..
.



عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 06:37 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.