من ذاكرة المدمرق
بسم الله الرحمن الرحيم
من ذاكرة المدمرق
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تلك الطاحونة الملاصقة لبوابة مركز شرطة برام ما تزال فى الذاكرة ،
كان على المرور بجوارها يوميا فى طريقى من و الى المكتب وبخلاف الضجيج ( المقدور عليه ) كنت لا أطيق رائحة طحين الدخن ( المدمرق ) ابداً ، كان يضايقنى لدرجة الصداع والطمام والقرف ، لذا لم أكن أتخيل يوماً أن أكون من جملة حواريه المريدين ،
وكنت فى مأمورياتى خارج المدينة احمل معى بعض المعلبات الخفيفة ،
بينما ينهمك الافراد فى اعداد العصيدة وملاح التقلية ( مضرضراً ) بمسحوق الكول العجيب ،
وتستمر الايام ثم تجرى الليالى ويحاصرنى الدخن ، يقترب منى لقمةً لقمةً ، يدعونى الى نزاله بلا ملل ، يطالعنى فى المناسبات والجمع حتى اجتوانى بالكلية فانهزمت أمامه طوعاً حتى غدا ( طوعاً ومحبة ) من ضمن قائمة إشتهاءاتى الصغيرة ،
وعبثاً حاولت مدح ( عصيدتنا ) التى لم أكُن لها الود أصلاً أمام مجاملة صديقى الهادى بيتو ( عصيدتكو ياجنابو سمحه إلا مارنه ) 😁، وهكذا رويدا رويداً انتهى بى المقام فى احضان المدمرق عاشقاً له ولسمنه وكوله ولرائحته المدهشة ،
وفى برام كانت رحلتى مع الطعام تستحق التأمل فبعد ان شربنا الكركدى عصيرا مثلجا وشاى ( أنقاره ) فى مواسم الخريف كأظبط ما يكون الكيف ختمته بملاح الكركدى بنكهة الدكوة ورفقة العدس ، وفى أحراش كفياقنجى ضربنا شرموط الفيل كأبهى ما تكون التقلية ،
الطعام فى الجزء الجنوبى الغربى من دارفور له مذاق وبهار وله أناقة وطقوس ،
عطر الله صبا تلك الايام ياخ ،،،
عامر يا صديقى واياك مرسى العابر ، التحية لك ولجمعك الكريم ،
راقب ضيوفك فالشاى ( برمى قناديل الكلام ) وارسل لى من (فونقاته ) ولو كلمة عابرة
وكما للارض من كأس الخيرين نصيب فأجعلوا لى من فطوركم اليوم لقمة من دخنٍ مدمرق ،
ـــــــــــــــــــ
النور يوسف
الرياض / المملكة العربية السعودية
|