الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 19-10-2005, 12:24 PM   #[1]
imported_أبوجهينة
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_أبوجهينة
 
افتراضي حياتَك من غيري .. أُمْ تَكَشُو

فجأة و بلا مقدمات .. تغيرتْ معاملته.
تحوُّلٌ مباغت لم يكن له مقدمات ..
إنعطاف حاد ..
كالصفعة على الوجه من شخصٍ لم يكن تتوقع منه غير إبتسامة ودودة و عناق حميم ..
صار يدخل عابساً ..
و يخرج مقطباً ما بين عينيه .. و جبينه ..
ينتقد كل صغيرة و كبيرة.
فارقت الإبتسامة وجهه .. و حلتْ محلها تكشيرة مستديمة.
يعاف الأكل و يأتي و قد تناول كل وجباته خارج المنزل. و هو الذي كان يمتدح يديها ( دي بتعمل من الفسيخ بسبوسة ) ....
تجلس بجانبه و هي في حيرة من أمره .. فيبعدها بتلويحة من يده ..
فتبتعد عنه و الحزن يذبحها و يزلزل كيانها ..
تسأله فلا تجد إجابة ..

أيُعْقَل أن يكون هذا هو زوجها حبيبها ..؟

و هو الذي كان يدخل و يخرج وراءها كالطفل .. من المطبخ .. إلى غرف الأطفال .. إلى الصالة .. يتبعها كظلها و هي تقوم بأعباء المنزل يبثها النجوى .. يحكي لها كل أحداث يومه .. يشاورها في كل صغيرة و كبيرة ..
تعاتبه ضاحكة : ( خليني أشوف شغلي بعدين نتونس ) ..
و لكنه كان يصر على تتبعها كظلها ..

أما الآن ..
ها هو يصرخ في الأطفال إن علا صوتهم في صخبِ لعبهم.. فيعرعون إلى حضنها فزِعين ..
صارت يده تمتد بالضرب إن جاءه أحد أطفاله شاكياً .. و هو الذي كان تدمع عيناه إن رأى طفلاً يبكي.
ثم جاءت الطامة الكبرى ..
يأتي قبيل الفجر و يتسلل إلى غرفة نائية و يغط في نوم عميق ...و هي التي سهرتْ الليل تتجاذبها الشكوك ..

صارحتْ صديقة عمرها و غصة تقف في حلقها و دمعات عصية تقف على أطراف المآقي : أنا خلاص ما قادرة إستحمل .. قولي لى بس أسوي شنو ..
و ترتمي على كتف صديقتها الحميمة و تنفجر باكية و تروح في تشنجٍ ينفطر له القلب.
صديقتها المحنكة .. في نبرة الواثق : عاوزة نصيحتي ؟
تقول كالمتشبثة بقشة بين أمواج متلاطمة : أنا صارحتك عشان شورتك ..
فقالت صديقتها بنبرة المحنكة الخبيرة : سيبيهو على راحتو .. إمتصي كل غضبو .. ما تناقشيهو .. أي حاجة يقولا ليكي قولي ( أنا غلطانة .. حقك على ) .. و حاولي تبعدي الأولاد من جنبو .. و ما تسأليهو كان وين و جاي من وين .. إتفقنا ؟
قالت و صورة زوجها المتغيرة تتراقص أمامها : طيب ..
فأسكتتها صديقتها بأن وضعتْ يدها على فمها : و لا طيب و لا قبلين ولا بعدين .. أعملي بنصيحتي و أطلبي الصبر من ربنا ..

طبَقتْ نصيحة صديقتها بحذافيرها .. وضعتْ كل أعصابها في ثلاجة .. و هو يزداد ثورة و هيجاناً و كأنه يريد سبباً ليفجِّر شيئاً ما ..
و هي تمتص غضبه في صبرٍ و أناة .. تمد له حبال الإعتذار و هي التي لم تخطيء ..
تتلقى إهاناته .. و كأنها لم تسمع شيئاً ..
تسهر الليالي .. ثم تغمض عينيها إن سمعتْ صوت المفتاح يدور في الباب كأنها غارقة في سباتٍ عميق.
لمدة طويلة لم تسمع منه كلمة تخفف عنها هذا العذاب اليومي ..
و الحيرة تكبر في دواخلها ..
تيأس أحياناً من نصيحة صديقتها و تفكر في ترك البيت .. فيصيبها الهلع لهذه الفكرة المجنونة القاتلة ..
تارةً يشدها حبها له و لأطفالها .. فتلوك الصبر و تبلعه مع مرارتها صبح مساء ..
تصالحتْ مع حالتها .. و تيقنَتْ أن حياتها السابقة أصبحت ذكرى طواها النسيان.
تقبع منزوية في إحدى أركان بيتها تنتظر أوامره اليومية .. و عكننته المستمرة ..
خَدَرَها الألم تماماً .. و فقدتْ الأمل ..
يبِستْ روحها .. و تضعضع إيمانها ..
و ذبلتْ زنابق كثيرة كانت تزين قلبها ..
جفَتْ إبتسامتها .. و نضب معين ضحكاتها التي كانت تملأ أرجاء البيت ..

ليلتها ..
نام الأطفال .. و إطمأنتْ على مرقدهم .. و أطفأتْ الأنوار ..
و هجعتْ إلى مخدعها تتلو آيات الصبر في ظلام غرفتها .. و تنحدر دمعات حارة تبلل خديها ..
و راحت في غفوة .. ما بين النوم و اليقظة .. تتقاذفها حزم من الإحباطات و بصيص من قبس الأمل المنزوي بين حنايا حبها له ..
كادت الإغفاءة أن تنزلق إلى مراتب نومٍ تراوده الكوابيس ..
سبحتْ ما بين اليقظة و الأحلام ..
أحسَتْ بيدٍ تربت على خدها برفق .. و تمسح عليه بتحنان ..
إنتصب في داخلها إحساس قديم تعرف كنهه .. و تعرف أدق خباياه.
و حتى لا تصحو من هذا الحلم اللذيذ .. لم تفتح عينيها .. و لم تتفوه بكلمة ..
بل إستمرأتْ هذا الشعور اللذيد و راحت هائمة بين موجاته الهامسة ..
جعلتْ اليد تمشي على خدها ببطء جيئة و ذهاباً ..
ثم إنساب ذاك الصوت الدافيء ليغمر كيانها كله ..
الصوت التي تستطيع أن تفرز حباله من بين آلاف الأصوات ..
ثم سمعتْ إسمها في همسٍ ذكَّرها بأول ليلة لها معه .. عندما قال أحبك يا سنا الروح ..
إنتفضتْ مذعورة لتجده بشحمه و لحمه جالساً على حافة السرير .. و رغم الظلام الدامس .. قرأتْ تعابير وجهه .. و أنفاسه المتلاحقة تلفح وجهها .. تكاد تسمع وجيب قلبه ..
مدتْ يديها و لامست خديه .. فوجدتهما مبللتين ..
و عندما جذبته إليها برفق و تؤدة .. إرتمى بين أحضانها سريعاً ملبياً نداء الشوق الغامر.. فأحسًتْ ببكاءه المكتوم .. و شهقاته المتقطعة .. فراحت تهدهده كطفلٍ جافاه النوم ..
و راحا في عناق طويل ... طويل ..... طويل ..
عناق يختزل كل الكلام الذي كان لا بد له أن يقال للتعويض عن الشهور الفائتة
أحستْ بأن جسدها قد تحرر من ربقة إثمٍ كان مفروضاً عليها .. إثمٌ لم تقترفه و لكنه كان يدلق سمومه على روحها فيغلفه بغلاف داكن ..
غسل بكاؤه كل صدأ روحها .. و حرر عناقه دواخلها من أسْر عبودية إحباطاتها و كآبتها ..
و تلاشى ألمها النازف .. و سكن جسدها طمأنينة محببة .. فإرتعشتْ و إهتز جسدها ..
لم تعرف ماذا تريد أن تفعل وقتها .. هل توقظ أطفالها ليشاركوها هذه اللحظة التي لن تنساها .. أم تطلق زغرودة و ليحدث ما يحدث.
لم ير عينيها و هما تبرقان في الظلام غير مصدقة أن الذي يرقد مستكيناً بين يديها هو زوجها الذي عاد إليها ..
و لكنه أحس أنها سامحته .. بكل ما تحمل الكلمة من معنى ...
( عارف قلبك كبير .. سامحيني ) .. و يختنق صوته بعبرة فيتوقف عن الكلام فتعاود هدهدته و كأنها تقول ( عارفة كل شيء .. المهم إنك رجعت لي تاني ) ..

و شهدتْ نجوم تلك الليلة أروع مناجاة هامسة كزقزقة العصافير عند تباشير الفجر ..
و عادت أهازيج الفرح تملأ أركان البيت ..
و تفتحتْ زنابق أخرى في قلبها .. و لكنها آلت على نفسها أن تقيم سياجاً عليها منيعاً .. فقد تركتها زمناً لهوج الرياح.

سألتْ صديقتها : تُرى ما السبب الذي غيره ثم أعاده لي مرة أخرى ؟
قالت لها صديقتها و إبتسامة نصرٍ و ثقة على أطراف شفتيها : أولا لا تسأليهو عن السبب أبداً .. خليهو براهو بعد فترة طويلة حيحكي ليكي .. ثانياً .. إعتبريهو زى عصفور ملَ العش و حاول يسكن عش تاني لقى فيهو مغريات .. و لكن ما لقى فيهو الصدق و الحب الحقيقي .. عشان كدة رجع عشو القديم ..المهم حسع بقى يعرف إنو حياتو من غيرك .....

و تركتْ لها صديقتها الوفية إكمال الجملة ....



التوقيع: [align=center]أن تكُوُن نفسك في هذا الزمن الصعب هو كمحاولة ترويض جواد بري جامح ..
أو كإرجاع العسل إلى بطن النحلة ..
معادلة مربكة .. متشابكة العناصر ..
جلال الدين داود
( أبوجهينة)[/align]



[align=center]مقالات أخري ل : أبوجهينة[/align]
imported_أبوجهينة غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:07 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.