نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > بركة ساكن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-11-2008, 07:41 AM   #[31]
خضر حسين خليل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خضر حسين خليل
 
افتراضي

متعة لا تضاهيها متعة يا بركة
والله سعيد جد بهذه الكتابة الرويانة ، نقرؤ بصمت تأدباً أمام هذا جماليات سردك أيها الزول البراك



التوقيع: يــا وطن عز الشدائد
ــــــــــــــــــــــــــ
حميد
خضر حسين خليل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-11-2008, 05:05 PM   #[32]
دوت مجاك
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

الاستاذ عبدالعزيز
حقيقة ابدعت بدون مجاملة ولا حاجات تحت تحت
واصل
اول مرة اقراء لك
واكيد سوف ادمن
كتاباتك
مودتى



التوقيع: ابقى كوزاً ليهو قيمة تتعب الناس بوجودك
دوت مجاك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-11-2008, 07:35 PM   #[33]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي ألَم قِشِي، قَطْعَ الرَحَطْ والدُخْلَةَ.





ألَم قِشِي، قَطْعَ الرَحَطْ والدُخْلَةَ.



جلس أمامي في بنبر كبير ود أمونة، كانت عيناه تشعان بهجة وغموضاً ويبدو أنه يود أن يقول كلاماً مهماً ولكنه يحتاج لمفتاح ما، وأعطيته إياه عندما سألته
- في شنو؟
قال وقد مد ساقيه النظيفتين وهما يلمعان في ضوء المصباح
-إنت عَارِفْ أنا طالبك كم؟
قلت له بأسلوب مشجع
- كَمْ؟
قال وهو يستخدم أصابع يديه في الحساب بطريقة طفولية ويحرك عينيه في غاية الغواية والنسوانية.
- ثلاثة جنيه ونص دي حطب الدُخان والطلح، سَمِحْ؟! سبعة جنيه ونص دي، حق الدلكة إشترينا من أدّي، سَمِحْ؟! خمستاشر جنيه بتاعة الصابون و كلونيا الحمام،خمسة جنيه دا حق شُغُل الدلكة الأنا دلكتها ليها، حَقْ يديني ديل، ومد يديه بطريقة بناتية لا تخلو من غنج، خمسة جنيه دي، حقت شيل الجسم والله شلت ليها أي شعرة في جسمها خليتها تلمع زي القمر، وحتشوف براك، والجنهين ديل بتاعة صُبَاع أمير، سَمِحْ؟
قلت مندهشاً
- صُباع أمير بتاع شُنُو ؟
قال وهو يضحك باستمتاع خاص
. حتلاقيه قدام، وحيعجبك-
قلت:
- إذن الحساب كُلهُ كم؟
قال مبتسماً:
- خمسين جِنِيهْ و بس، سَمِحْ؟
أعطيته ستينَ جُنيها، أعد بسرعة البرق الشيشة، طلب مني أن يدلك جسمي بالدلكة مجاناً، أو ينظف ملايني فاعتذرت بأدب، قام بتغيير الملاءات وأحضر لبناً وحساءً وعصير كركدي، أعد أدوات صُنع القهوة، أحضر مسجلاً كبيراً به سماعتان خارجيتان، كان قد فعل كل ذلك بسرعة، بهدوء وبإتقان وحرفية يحسد عليها، قال لي
. الحمام جاهز، الموية دافية، أخير تلحقها قبل ما تبرد-
ناولني بشكيراً جديداً، فرشة أسنان وصابون لوكس ومضى أمامي يُرَقِص ردفين كبيرين،
كان الحمام عبارة عن بِنَاية صغيرة من القَشْ، القنا وأعمدة أشجار السُنط، لا سقف له، بأرضيته حوض كبير من الأسمنت وبنبر من البلاستيك وجردل به ماء ساخن، بابه من الزنك يتم ربطه عند الدخول بحبل قصير على عمود من حطب السُنط، يوجد فانوس يعمل بالجاز يقبع في ركن بَعيدٍ عن مرمى الماء، بوعاء بلاستيكي صغير يسبح على سطح ماء الجردل أخذت استحم، أنا في العادة أطيل البقاء في الحمام، أغسل جسدي جيداً، مرات عديدة وألعب بما تبقى من ماء، أحب الماء، وعندما يكون دافئاً أحبه أكثر، اليوم كان دافئاً ومعطراً وساحراً، كنت أحس بفرح عظيم يغمرني وإحساس لا أعرفه تجاه ود أمونة، ألم قِشي، بيت الأم، المكان... المكان كله. بعد أن أحسست بأنني قد غسلت جسدي جيداً، تجففت بالبشكير الأبيض الكبير الذي تفوح منه رائحة الصندل، ومضيت نحو القطية، وجدت القُطية غارقة في دخان الكَبَريتْ، تقف في منتصفها ألم قِشي التي لم أستطع تمييزها في بادئ الأمر، حيث كانت ملتفة تماماً بثوب من القرمصيص، يستخدمه العرسان، ولولا أنني شاهدت ود أمونة يقف أمامها مباشرة، لظننت أن الذي يلتف بالقرمصيص هو ود أمونة نفسه، لا أدري لماذا فكرت بهذا الشكل، وبمجرد دخولي، ضغط ود أمونة على المُسجل الكبير ليغرد بالغناء فنان بناتي له إيقاع سريع راقص، على كلمات:
اللولْ
اللولْ
لولْ لِيّ
يَسْحَرُوكْ يَا لُولَة الحبشية.
لولية إنت ما صعبة، في الخرطوم أنا مُغْتَربة، أنا بَحِبْ كسلا وأديس أببا.
وأخذت ألم قِشي تهتز مع النغمات والإيقاع، كفيها في وجهها، قال ود أمونة وهو يأخذ بيدي، يقودني نحو ألم قِشي
. تعال أقطع الرحط، وافتح وش عروستك-
دون أن أقول شيئاً مشيت مثل المنوم مغنطيسياً نحو ألم قِشي وأدخلت يدي بين ملابسها وفي وسطها وجدت حبلاً رقيقاً من السعف، قمت بقطعه وألقيت به في الأرض، التقطه ود أمونة وأخذ يزغرد ويلوّح به في الهواء مسروراً: أيوي.. أيوي..
بصوت منخفض بقدر الإمكان، وانطلقت ألم قِشي ترقص وهي تهز ردفيها وصدرها ويديها ورأسها، قدميها وساقيها وكل ذرة في جسدها، مما جعل القرمصيص الناعم يسقط من جسمها على الأرض، وتبدو واضحة أمامي، كانت ترتدي فستاناً قصيراً جداً بحمالتين عبارة عن قطعتين رقيقتين من القماش تمران على كتفها وظهرها، فستانها الأسود، المشغول بخيط ذهبي يشع ضوءاً وعيداً، رائحتها تملأ المكان عبقاً جميلاً، كانت تبدو مثل عروسٍ في سبعينيات القرن الماضي، تلبس في عُري ساحر، كنت أقف مندهشاً أنظر إليها وهي ترقص، ود أمونة يساعدها على الإداء بالتصفيق والزغاريد. قال لي ود أمونة بعد أن أكملت ألم قِشي رقصتها.
. مبروك يا عريس، الليلة يوم دُخْلتَك-
أوقف زر تشغيل المسجل، بدى لي غير راضٍ تماماً عن أدائي، لاحظتُ ذلك من حركة شفتيه، وما قامت به عيناه من مسح كامل شامل لهيئتي، وخرج. كل شئ مرّ كالحلم تماماً، لاحظت ألم قِشي أنني لا أبدو في كامل وعيي، لأنها أخذت تلاحقني بسؤال عن حالي بإلحاح كبير، بقلق أجلستني على السرير الكبير الذي أعده ود أمونة بإتقانه المعهود. وسألتني ما إذا كنت أرغب في شرب القهوة، قلت لها
لأ.-
فطوقت نصفي الأعلى بساعديها، غمرني عطر نسائي بلدي قوي مُنعش، مما جعلني أفيق فجأة، كانت تجربتي مع النساء قليلة، وكل ما عرفته عنهن في الواقع كان عن طريق ألم قِشي، في المرة السابقة، أحسستُ الآن عليّ أن ابدأ من جديد، وراودني الخوف من العجز وعدم المقدرة على الفعل مرة أخرى، الحق يُقال، خفت من ألم قِشي وتمنيت أن يبقى ود أمونة، إنه شخص مرح ولو أنه عملي أكثر مما هو إنساني، إلا أنني كنت دائماً أحس معه بالطمأنينة على الأقل لأنني لا أتوقع منه أن يختبر مقدرتي الجنسية، إنه غريب وغامض ولكنه مؤنس وأشعر بأمان قربه.
قلت لها:
. أعملي لينا جبنة-
قالت:
. كويس-
نهضت من قربي، قالت لي
. قوم-
وأخذتني من يدي، قالت بصوت هادئ وقد جعلتني أقف في مواجهتها
-إنت خايف... مُش كدا؟
قلت مكابراً
-من شنو؟
قالت وهي تطوقني بساعديها من خصري غير مبالية بسؤالي
؟ من عروستك-
قلت وقد أحسستُ بأنني حُوصِرتْ
. بس-
قالت مقاطعة
عشان نحن عملنا ليك عرس؟ قلنا عايزنك تنبسط، وإنت....-
قلت لها مقاطعاً
. أنا مبسُوط-
قالت وهي تضع رأسها على صدري
. تعال ننوم سوا بعدين نعمل الجبنة، إنت مُش نَعسَان تعال أنومك-
أخذت البشكير من على كتفي ورمت به بعيداً على بنبر في أقصى القُطية، اطفأت النور. سألتني سؤلاً مباغتاً وهي تتحسس جسدي
-صاحبك وين؟
قلت لها:
. مع مختار علي-
سألتني
-لسع ما عايز يسيب الصافية؟
قلت لها:
. زول راسه قوي-
قالت لي وأظافرها تغوص في شعري
- وإنت، راسك كيف؟
ضحكنا، قالت:
-أنا بحب الراجل البيتجرس، وإنت واحد منهم.. عارف نفسك؟
قلت لها وأنا أدفن أنفي تحت ضفائر شعرها ما فوق أذنها
. أشرحي لي أكتر-
-عندنا هنا الرجال في القرى دي بيتعاملوا مع النسوان زي ما بيتعاملوا مع السمسم. أمسك، أقطع، أجدع.. ولكن إنت راجل جرسة، بتصرخ.
ضحكنا قبلتها، كانت لها شفة ليّنة أحسست بها تذوب في فمي مثل عجينة من الزبد والحلوى.

استيقظنا في الصباح الباكر على صوت ود أمونة منادياً ألم قِشي، فتحنا أعيننا في لحظة واحدة، كان يقف أمام السرير حيث إننا تركنا الباب مفتوحاً، كان يرتدي جلباباً أبيض نظيفاَ، وجهه حليق، شاربه كث في نظام ودقة، كان فرحاً ونشطاً وطليق اللسان كعادته، بارك لنا الدُخلة التي كانت من إنجازه، بل أحد أعماله الفنية، حيث إنه كان منتعشاً ونشوان، عرفت فيما بعد أن ود أمونة قد يصل إلى ذروة اللذة إذا أنجز عملاً بصورة يعتبرها كاملة، مهمته الأساسية هي أن يجمع امرأةً برجل وأن يستمتعا، خاطبنا قائلاً
- موية الحمام حتبرد، مُش عايزين تستحموا، أنا ما حأجيب ليكم شاي ولا فطور إلا بعد أشوفكم مستحميين نظاف وظراف زيي كدا، واستعرض ملابسه ووجهه، قالت له ألم قِشي بصوت ناعس وهي تتحرر من الغطاء برفسات متتاليات
خلاص، زح شوّية ألبس ملابسي.-
فادعى ود أمونة الإنشغال بترتيب بعض الأشياء بالقطية، فلبسنا ملابسنا وخرجت ألم قِشي خلفي نحو الحمام، تحمل بشكيراً كبيراً، الحمام خلف الراكوبة، ما يقل عن عشرة أمتار من القطية، دخلت خلفي وهذا ما لم أكن اتوقعه، ساعدتني في خلع جُلبابي، خلعت ملابسها بسرعة رهيبة، أشارت إليّ أن أجلس على البنبر، سألتني ما إذا كانت هناك امرأة حممتني من قبل؟ قلت لها أمي فقط، قالت إنها كانت تتوقع ذلك، عملت الليف في ظهري وأرجلي وفخذيّ وذراعيّ، شعر صدري الكثيف منعها من استخدام الليف فاستعاضت عنه بكفيها الناعمتين، كانت تغني بالأمهرا بصوت خفيض حِلو، قالت لي وهي تشير إلى مكان حساس في جسدي.
. حأكلم ود أمونة يحلق ليك-
فزعت من الفِكرة، ولكنها أكدت لي أن ود أمونة خبير في حلاقة هذه الأمكنة وهو حلاق قائد المنطقة العسكرية وعميد الشرطة أيضاً، وذكرت غيرهما كُثر، قلت لها أنا لا أحب أحداً غيري أن يقترب من تلك الأمكنة، ضحكت، كان الصباح رائقاً وهادئاً، المكان يخلو تماماً من أصوات الجنقو المعتادة، حيث إنهم لم يعودوا من المشاريع، كان صوت الأم تحكي شيئاً لود أمونة يبدو واضحاً وجلياً، بعض أسراب الطيور تذهب في جماعات نحو الشرق، تمتلك ألم قِشي جسداً أنثوياً مثيراً واعتبره بالرغم من خبرتي الفقيرة في النساء، جسداً مثالياً حيث إن النساء اللائي أحب النظر إليهن كثيراً ويثرن إعجابي، هن اللائي لهن أفخاذاً كبيرة، وأردافاً عريضة وألم قِشي بالرغم من نحافتها كانت واحدة منهن، قالت لي وأنا أحدث نفسي عنها في صمت.
أُمبَارِح كان يوم كويس ولا لا؟-
. كان أجمل يوم في حياتي، إنت رهيبة-
ابتسمت عن رضاء، ولم تقل شيئاً
في الحقيقة بعد هذا اليوم أصبحت مُحْترفاً في النساء، أو ظننت أني كذلك، ولكن ما يزال هنالك عيب فيّ، هل كل النساء يعرفن كيف يتعاملن مع الرجل الذي لا يعرف شيئاً عنهن؟! الرجل الذي دائماً يحسُ أنه عاجزاً عن ممارسة شئ ذي فائدة معهن، إذن.. هل بإمكاني أن أعرف امرأة غير ألم قِشي؟! أم أن خوف الفشل هو الذي سيبقيني سجين هذه المرأة العجيبة؟! قالت لي وأنا أحدث نفسي عنها في صمت: إنت راجل ما نافع.



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-11-2008, 07:40 PM   #[34]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

فَوائدُ مَا بَعد الحفل




تأقلمت ألم قِشي على الحياة الجديدة في سرعة فائقة، أحبت عملها ولو أن المبلغ الذي تتقاضاه مقابل القيام بإعداد الطعام وترتيب الميس لا يساوي نصف ما كانت تحصل عليه في العمل في بيت أدّي كفتاة مبيت، إلا أنها كانت كل مرة توجد لنفسها مصدراً آخر للدخل، مثلاً، طلبت من الموظفين ألا يأخذوا ملابسهم إلي الغسال، هي ستقوم بذلك وبصورة أفضل، لأنها سوف لا تخلط الملابس مع بعضها، ستغسل لكل فرد على حدة وذلك حتى لا يختلط عرق شخص مريض بشخص سليم، فتنتقل العدوى: وحتشوفوا الفرق.
ثم ابتكرت فكرة بيع الملابس والمصنوعات القطنية الحبشية المتميزة بالتقسيط المريح لعمال وموظفي الشركة وأصدقائهم، حتى يتمكنوا من أخذها إلى أسرهم عند عودتهم الشهرية إلى مدنهم، ومواطنهم الأصلية، ثم أخذت تبيع أشرطة الكاسيت الحبشية والزائيرية والأحزمة الجلدية الأصلية والجزم الإيطالية المهربة من أثيوبيا، ثم الجِنْ، البراندي، الأنشا، الكونياك، ثم الكوندوم والفياجرا وعقاقير فتح الشهية، ثم زاد دخلها بصورة ملحوظة عندما استضافت في بيتِ أدي، في خَميس بُنِي، كل العاملين في شركة الاتصالات وأصدقائهم من العاملين في تشييد البنك، ضباط المحلية، بعض قادة الجيش والشرطة، ثم نفراً من أعيان البلدة، وفرت لهم ما لذّ وطاب من شواء بالسمن والعسل، وشيشة معطون تمباكها بالاستيم، الذي يحل محل الماء كذلك، ثم فاجأتهم بالمغني العجوز آدم بلالة في صُحبة الأم كي كي ورفقة أجمل سبع بنات في الحي الشرقي، صفية إدريس، الملقبة بصفية ناسات، سنايت، وليس هناك أفضل من ساقي سنايت إذا رقصت، أميرة الدبابة وهي خِلاسية نجلاء ردفاء، مناهل سعيد، شهيرة بمناهل النوباوية، وهي فتاة تتصف بعنق طويل ناعم مصقول، أمها يمانية وأبوها من الحمس، أمونة بت خدوم.. وهي امرأة قدمت من مدينة القضارف مؤخراً في صحبة أمها الجنقوجوراية، ولكن لما تتصف به من جمال وفصاحة وثقافة أخذت موقعاً متميزاً بين نساء الحلة، ولا يمكن أن تنسى في مثل هذه الحفلة التاريخية، أستيرا كيداني بشير، وهي أيضاً من الذين قدموا حديثاً للحلة من الحُمرة، حيث إنها كانت تسكن فريق قرش، تماماً جوار شجرة الموت، وهي تعمل بارستا في البار الخارجي على شاطئ نهر سيتيت المقابل لهمدائييت، ولكنها اتهمت بقتل إحدى زميلاتها في العمل، فهربت إلى الحِلة، جميلة صريحة وواضحة، لا تتحدث اللغة العربية إلا بصعوبة، بوشاي شول، أبوها من الشُلك، أمها من
الحُمران، وهي مغنية لا تقوم لحفلة قائمة إذا لم يصدح فيها صوتها العذب، وقد كتب فيها أحد صعاليك الحلة أغنية:

جَنَى البَابَايْ، إنتَ يا بُوشايْ
الحِلو زي مَنْقايْ، بَرِيدُو وَايْ..... وايْ... وأأيْ.

ولكي يكتمل الحفل كان لابد لود أمونة من أن يكون حاضراً، نظيفاً ظريفاً رشيقاً، تراه في كل مكان، لا ينجو أحدٌ من خدماته السريعة المتقنة، ولا من عطره القوي أو صوته الخفيض الهادئ. رقص، غنى، دوبى، مدح، وعقد صفقاتٍ سِرِيةًّ سَرِيعةً مع من شاء فيما يشاء، بدءاً بالخمور المستوردة انتهاءً بالبنيات وكل له سعره، الفتاة، العزباء، المتزوجة، الأرملة، المحافظة، الشرموطة، الجن الويسكي، الأحَجِبَة و التَمَائِمْ،المِحَايَة، الأنشا، البيرة، الكونياك وحتى عرقي البلح، المريسة، والعسلية مع خدمة توصيل الطلبات إلي الموقع، نسبة لما يتميز به الموظفون من عِفّة وتأفف وكثير من الخجل والحرص، يمنعهم من الحصول على الخدمات في مواقع إنتاجها، ولكن الله يخلي ود أمونة، حلال الكرب، لم يضايقه سوى طلب همس به أحدهم إليه في أذنه، وأكده بقرصة مباغتة في إليته، غمز بعينه اليسرى وحركة لسان
. أنا عايزك إنت يا ود أمونة إنت في رُوحك دي يا ود أمونة-
قال لي ود أمونة فيما بعد، إنه أحسّ أن الدُنيا أظلمت في وجهه، بالرغم من أنه ليس هذا هو الطلب الأول الذي يقدم له في شأن نفسه، وليست هي القرصة الأولى، ولا الغمزة الأولى، ولا هي أول حركة لسان داعرة يُلوّح بها إليه، ولكن لا يدري لماذا أدهشه هذا أكثر، قال
. قلت ليهو تعال بُكرة في بيت أدّي هنا، تلقاني قاعد -
ولكنه لم يحضر، فسألت ود أمونة، ماذا كان سيفعل به إذا حضر، قال لي وهو يضحك، بطريقته الملتوية التي تجعله دائماً في موطن التشكك و الظن:
- بصراحة بصراحة.... الزُول دا عجبني، و الحمد لله انهُ ما جاء.
كان حفلاً جميلاً مرّ بهدوء،استمتع به الجميع، حضرناه مع غيرنا من مواطني المدينة، حيث أن من لم يدعَ رسمياً هنا، فهو مدعو عُرفياً وعن طريق العادة. خسرت ألم قِشي لإقامة هذا الحفل مالاً كثيراً، ولكن فوائد ما بعد الحفل كانت أجدى. قلت لألم قِشي ونحن في بيت الأم حيث اعتدنا أن نلتقي:
. تجارتك بقت كبيرة، وبقيتي غنية-
قالت مدعية البراءة
ناس المدينة يحبوا الملابس الحبشية.-
قلت بمكر
وتاني.-
قالت في مَكرٍ.-
. الأشرطة الحبشية والزائيرية-
قلت
- وتاني؟
قالت بتحدٍ
تقصد شنو؟-
قلت لها بوضوح
. البنات.. ما بيحبوا البنات؟-
قالت في بجاحة
-أنا وسيط، ما أكثر، وإنت عارف إنو أنا ما عندي ذنب، إنت ذاتك لو عايز واحدة حأجيبها ليك.
ولأول مرة في حياتي يصل بي الغيظ حد أن أتهور وأضربها في وجهها، إلي أن سقطت على الأرض، عندما نهضت، أخذتْ زجاجة جِنْ فارغة ورمتني بها، ولكني خفضت رأسي قليلاً، فانكسرت على الباب محدثة دوياً مرعباً، حضرت على إثره أدّي وود أمونة في لمح البصر، وحضر ما يمكن أن أسميه نِصْف سُكان الحي، أو جميع سكان الحي المستيقظين في تلك الساعة من الليل، هذا بالتأكيد كان من حسن حظي حيث إن ود أمونة وأدّي لم يستطيعا أن يرفعا ألم قِشي من على صدري أو يطلقا حنجرتي من كفيها القويتين، وصف لي ود أمونة فيما بعد حالتي بأنني: قرّبت أطلع الروح.
ولكن ألم قِشي قالت لي إنها ما كانت لتقتلني، ولكنها فقط كانت عايزة تهازر معاي شوية، ولكني على كل وعيتُ الدرس واعتبرت الحادثة أيضاً من فوائد ما بعد الحفل، اكتفى الناس بفض المشاجرة، لم يلمني أحدٌ، ولم يلمها أحدٌ، الملام في كل هذا هو الشيطان الرجيم، العنوا الشيطان، الناس هنا يفعلون المستحيل حتى لا يخسروا بعضهم، وتعجبهم لمّة الناس، فالناس بالناس والكل لرب العالمين.
-يا دوب ألم قِشي حتحبك بالجد بالجد، لأنها ضاقت إيدك، وعرفت إنك بتحبها لأنك بتغير عليها..... ثم سألني سؤالاً مباغتاً
إنت بتحبها يا ولد؟-
كنت مرهقاً، نمت، تركتهما يتحدثان عن بص همدائييت الذي نهبه الفالول بعد ظهر اليوم عند غابة زهانة، نمت يملأني العجب، كيف يصل الخبر عن البص الذي نُهِب في غابة زهانة بعد الحادثة بما لا يزيد عن نصف الساعة، والبص نفسه، كأسرع دابة في تلك البقاع، يحتاج إلى ساعة كاملة لكي يصل إلى هناك من الحلة؟! أليس صحيحاً أن الجن وحده هو المسؤول عن نقل الأخبار في هذه البلاد؟



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-11-2008, 07:46 PM   #[35]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

بذلك انتهى الفصل الأول من الرواية


شكرا للجميع ، فردا فردا

و سأنتظر تعليقاتكم

ساعود لكل زول



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 01:10 PM   #[36]
دوت مجاك
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن مشاهدة المشاركة
بذلك انتهى الفصل الأول من الرواية


شكرا للجميع ، فردا فردا

و سأنتظر تعليقاتكم

ساعود لكل زول
عزيزنا ساكن
شخصيا استمتعت بالفصل الاول
بس عندى سؤال
الفصل الثانى جاهز



التوقيع: ابقى كوزاً ليهو قيمة تتعب الناس بوجودك
دوت مجاك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 02:21 PM   #[37]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

العزيز دوت مجاك ايها الرائع

لدي صديق درس معي في جامعة اسيوط اسمه دوت منقار، تذكرته الآن بك

خبرني عنك أكثر

في الحقيقة الرواية كاملة وهي موجودة ، لقد انهيت كتابتها بعد اسبوعين من عيد الرمضان الماضي، وما نشرته منها هنا هو الفصل الأول فقط.
لك التحية يا صديق



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 02:26 PM   #[38]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

الصديق محمد عبد الله

شكرا كثيرا يا صديق على الصدف التي جمعتنا معا، وانا سعيد بمتابعتك لأعمالي

وسوف ناتقي كثيرا



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 02:28 PM   #[39]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

الأستاذ خضر حسين خليل

اشكرك علي مواظبتك و مرورك الجميل علي هذا البوست

لك حبي و تقديري



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 02:43 PM   #[40]
AMAL
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية AMAL
 
افتراضي

غايتو يابركة
كملتا مفرداتي للدهشة والتخليع
السودانية تحديدا
والنسوانية بالاخص
من سجمي لحدي ووب علي
وبما انك اسيوطي وصلنا لحدي يالهوي وياخراشي
كتابة في اللحم الحي
عندي كلام كتير
لمن اجي راجعة ود امونة دا كان طلع دكتور كنت زعلتا منك زعل مآلات ود امونة تتسق تماما مع بداياتو وماتعرض له في السجن ياخي دا اخف مصير اخترتو ليه
اظافر الرواية حافرة جوة الوجع ونابشة تفاصيل الواقع وعوالمك المدهشة دي رحنا فيها عديل متابعين يابركة وبنعيد في القراية تاني وتالت



AMAL غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 02:50 PM   #[41]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

شكرا ليكي يا أختي أمال
و الله انا سعيد حت الإغماء بمتابعتك

وكويس اني كملت مفرداتك عشان تخترعي لي وحدات جدد

ولكن سؤالي ليك: هل فعلا هنالك رواية جديدة؟



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 03:08 PM   #[42]
AMAL
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية AMAL
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بركة ساكن مشاهدة المشاركة
شكرا ليكي يا أختي أمال
و الله انا سعيد حت الإغماء بمتابعتك

وكويس اني كملت مفرداتك عشان تخترعي لي وحدات جدد

ولكن سؤالي ليك: هل فعلا هنالك رواية جديدة؟

والله انا القربت يغمي علي من كتير من تفاصيلك بس كنت بقول الحكي شنو فايدتو كما دخل في تلافيف عصبك وسيب ركبك وخلاك تنضم براك ذي المجنون اها كمان الزول مرات يكون شايف نفسو عارف تفاصيل كتيرة في واقعنا وطرائق حياتنا في بلدنا الواسعة دي لكنها صغيرة بي بساطة اهلها وتشابه واقعم مع قليل اختلافات فجأة يلقي معرفتو دي صفر كبير وانو برلوم في مدرسة اسمها تفاصيل الواقع السوداني دا فعلا الشعور الجاني من الرواية بس مافهمت سؤالك يابركة



AMAL غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 07:34 PM   #[43]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي سؤال للجمع

طبعا الرواية كما علمني البعض، هي فن التفاصيل يا أختي أمل

ولكن فيما يخص سؤالي عن جدة الرواية، هل قدمت جديدا، ما هو؟

هذا سؤال سييء, أعرف ذلك، لكن معليش.



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 07:43 PM   #[44]
عبد العزيز بركة ساكن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عبد العزيز بركة ساكن
 
افتراضي

صديقي و مديري و زميلي وشريكي في حب الأطفال و البحث عن أحزانهم، لكني ارال هنا أيضا مبتسما و متفائلا و جميلا ولكنك نطيت لي من وين ما عارف: كأنك ياسر ما ياسر، دي يفهموها كيف؟؟؟

وعايز أقول ليك سر: number zero is number zero

ولا عندك شك؟



عبد العزيز بركة ساكن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-11-2008, 08:14 PM   #[45]
صلاح نعمان
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية صلاح نعمان
 
افتراضي

يــا و لـــد ما تـــخـــلى جـــنــــكــــ



صلاح نعمان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 06:47 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.