فاطنة ... موية السراب
طوال حياته كان ( خيري ) صاحب ( عين فارغة لا يملؤها حتى تراب أرضه الزراعية ) ..
كثير الشكوى و التذمر ..
لا يقنع بما لديه ..
دائم التطلع لما في يد الغير ..
لم يلهج لسانه بالشكر أو الحمد يوماً ..
بعكس زوجته ( الرضية ) ... الصابرة على أذاه .. القانعة بحالتهم التي يعيشونها .. ..
كلما أنجب بنتاً .. إرتفعتْ وتيرة شكواه ..
و جعل من إنجابه للبنت ذريعة للتملص من توسيع رقعة ( عزومة السماية ) و يقتصرها على أهل بيته و جار الميمنة و الميسرة ..
قابعاً في منزله ( ينهش ) اللحم الذي يجاور العظم و هو يتمتم ( جحا أولى بخروف سمايتو ) ..
أنجب من البنات ثلاثا ..
في كل مرة يلعن ( سلسفيل ) زوجته ..
و يعيرها بأن خِلْفة أسرتها أغلبها بنات فورثتْ ذلك منهم ..
يظل يلعن و يلعن حتى الحِمْل التالي .. فيبدأ بصب جام غضبه عليها ..
و تطال لعناته حتى المأذون الذي عقد قرانه .. و لا يعتق شهود زواجه من لسان لعناته ..
بقى رزقه على قدر ما يصرف ..... لحافاً على مقاس رجليه و هو يتمنى لحافاً يتدلى من كل جوانب (عنقريبه ).
يطمع في ثروة يطفو بها من قاع الفقر و ضنك العيش ..
يرنو إلى مستوى ( شيخ الدين ) التاجر ..
و يتطلع إلى عيشة ( رزق الله ) صاحب اللواري ..
لم يعتبر يوماً بالأمثلة التي يراها حقيقة واقعة يراها و يسمعها عن كثب ..
( عبدالمطلب ) أغنى أغنياء الناحية .. و أثرى أثرياءها ..
لم يُرْزق بغير فتاة واحدة .. وُلِدتْ و هي تعاني من تخلف عقلي ..
عقلها لا يواكب عمرها و حجمها ..
يحبها والداها حباً جماً .. و يقول أبوها إنه إمتحان من عند الله له .. وهبه إياها لحكمة يعلمها الخالق ..
فحمد الله و شكره.. أبواب رزقه مفتوحة على مصراعيها .. و تقول له هل من مزيد ؟
أما ( خيري ) ..رفيق الشكوى .. و راكب مطية التذمر ..
فقد جلس يوماً يدخن سيجارته تحت ظل شجرة ..
|