ألَم قِشِي، قَطْعَ الرَحَطْ والدُخْلَةَ.
ألَم قِشِي، قَطْعَ الرَحَطْ والدُخْلَةَ.
جلس أمامي في بنبر كبير ود أمونة، كانت عيناه تشعان بهجة وغموضاً ويبدو أنه يود أن يقول كلاماً مهماً ولكنه يحتاج لمفتاح ما، وأعطيته إياه عندما سألته
- في شنو؟
قال وقد مد ساقيه النظيفتين وهما يلمعان في ضوء المصباح
-إنت عَارِفْ أنا طالبك كم؟
قلت له بأسلوب مشجع
- كَمْ؟
قال وهو يستخدم أصابع يديه في الحساب بطريقة طفولية ويحرك عينيه في غاية الغواية والنسوانية.
- ثلاثة جنيه ونص دي حطب الدُخان والطلح، سَمِحْ؟! سبعة جنيه ونص دي، حق الدلكة إشترينا من أدّي، سَمِحْ؟! خمستاشر جنيه بتاعة الصابون و كلونيا الحمام،خمسة جنيه دا حق شُغُل الدلكة الأنا دلكتها ليها، حَقْ يديني ديل، ومد يديه بطريقة بناتية لا تخلو من غنج، خمسة جنيه دي، حقت شيل الجسم والله شلت ليها أي شعرة في جسمها خليتها تلمع زي القمر، وحتشوف براك، والجنهين ديل بتاعة صُبَاع أمير، سَمِحْ؟
قلت مندهشاً
- صُباع أمير بتاع شُنُو ؟
قال وهو يضحك باستمتاع خاص
. حتلاقيه قدام، وحيعجبك-
قلت:
- إذن الحساب كُلهُ كم؟
قال مبتسماً:
- خمسين جِنِيهْ و بس، سَمِحْ؟
أعطيته ستينَ جُنيها، أعد بسرعة البرق الشيشة، طلب مني أن يدلك جسمي بالدلكة مجاناً، أو ينظف ملايني فاعتذرت بأدب، قام بتغيير الملاءات وأحضر لبناً وحساءً وعصير كركدي، أعد أدوات صُنع القهوة، أحضر مسجلاً كبيراً به سماعتان خارجيتان، كان قد فعل كل ذلك بسرعة، بهدوء وبإتقان وحرفية يحسد عليها، قال لي
. الحمام جاهز، الموية دافية، أخير تلحقها قبل ما تبرد-
ناولني بشكيراً جديداً، فرشة أسنان وصابون لوكس ومضى أمامي يُرَقِص ردفين كبيرين،
كان الحمام عبارة عن بِنَاية صغيرة من القَشْ، القنا وأعمدة أشجار السُنط، لا سقف له، بأرضيته حوض كبير من الأسمنت وبنبر من البلاستيك وجردل به ماء ساخن، بابه من الزنك يتم ربطه عند الدخول بحبل قصير على عمود من حطب السُنط، يوجد فانوس يعمل بالجاز يقبع في ركن بَعيدٍ عن مرمى الماء، بوعاء بلاستيكي صغير يسبح على سطح ماء الجردل أخذت استحم، أنا في العادة أطيل البقاء في الحمام، أغسل جسدي جيداً، مرات عديدة وألعب بما تبقى من ماء، أحب الماء، وعندما يكون دافئاً أحبه أكثر، اليوم كان دافئاً ومعطراً وساحراً، كنت أحس بفرح عظيم يغمرني وإحساس لا أعرفه تجاه ود أمونة، ألم قِشي، بيت الأم، المكان... المكان كله. بعد أن أحسست بأنني قد غسلت جسدي جيداً، تجففت بالبشكير الأبيض الكبير الذي تفوح منه رائحة الصندل، ومضيت نحو القطية، وجدت القُطية غارقة في دخان الكَبَريتْ، تقف في منتصفها ألم قِشي التي لم أستطع تمييزها في بادئ الأمر، حيث كانت ملتفة تماماً بثوب من القرمصيص، يستخدمه العرسان، ولولا أنني شاهدت ود أمونة يقف أمامها مباشرة، لظننت أن الذي يلتف بالقرمصيص هو ود أمونة نفسه، لا أدري لماذا فكرت بهذا الشكل، وبمجرد دخولي، ضغط ود أمونة على المُسجل الكبير ليغرد بالغناء فنان بناتي له إيقاع سريع راقص، على كلمات:
اللولْ
اللولْ
لولْ لِيّ
يَسْحَرُوكْ يَا لُولَة الحبشية.
لولية إنت ما صعبة، في الخرطوم أنا مُغْتَربة، أنا بَحِبْ كسلا وأديس أببا.
وأخذت ألم قِشي تهتز مع النغمات والإيقاع، كفيها في وجهها، قال ود أمونة وهو يأخذ بيدي، يقودني نحو ألم قِشي
. تعال أقطع الرحط، وافتح وش عروستك-
دون أن أقول شيئاً مشيت مثل المنوم مغنطيسياً نحو ألم قِشي وأدخلت يدي بين ملابسها وفي وسطها وجدت حبلاً رقيقاً من السعف، قمت بقطعه وألقيت به في الأرض، التقطه ود أمونة وأخذ يزغرد ويلوّح به في الهواء مسروراً: أيوي.. أيوي..
بصوت منخفض بقدر الإمكان، وانطلقت ألم قِشي ترقص وهي تهز ردفيها وصدرها ويديها ورأسها، قدميها وساقيها وكل ذرة في جسدها، مما جعل القرمصيص الناعم يسقط من جسمها على الأرض، وتبدو واضحة أمامي، كانت ترتدي فستاناً قصيراً جداً بحمالتين عبارة عن قطعتين رقيقتين من القماش تمران على كتفها وظهرها، فستانها الأسود، المشغول بخيط ذهبي يشع ضوءاً وعيداً، رائحتها تملأ المكان عبقاً جميلاً، كانت تبدو مثل عروسٍ في سبعينيات القرن الماضي، تلبس في عُري ساحر، كنت أقف مندهشاً أنظر إليها وهي ترقص، ود أمونة يساعدها على الإداء بالتصفيق والزغاريد. قال لي ود أمونة بعد أن أكملت ألم قِشي رقصتها.
. مبروك يا عريس، الليلة يوم دُخْلتَك-
أوقف زر تشغيل المسجل، بدى لي غير راضٍ تماماً عن أدائي، لاحظتُ ذلك من حركة شفتيه، وما قامت به عيناه من مسح كامل شامل لهيئتي، وخرج. كل شئ مرّ كالحلم تماماً، لاحظت ألم قِشي أنني لا أبدو في كامل وعيي، لأنها أخذت تلاحقني بسؤال عن حالي بإلحاح كبير، بقلق أجلستني على السرير الكبير الذي أعده ود أمونة بإتقانه المعهود. وسألتني ما إذا كنت أرغب في شرب القهوة، قلت لها
لأ.-
فطوقت نصفي الأعلى بساعديها، غمرني عطر نسائي بلدي قوي مُنعش، مما جعلني أفيق فجأة، كانت تجربتي مع النساء قليلة، وكل ما عرفته عنهن في الواقع كان عن طريق ألم قِشي، في المرة السابقة، أحسستُ الآن عليّ أن ابدأ من جديد، وراودني الخوف من العجز وعدم المقدرة على الفعل مرة أخرى، الحق يُقال، خفت من ألم قِشي وتمنيت أن يبقى ود أمونة، إنه شخص مرح ولو أنه عملي أكثر مما هو إنساني، إلا أنني كنت دائماً أحس معه بالطمأنينة على الأقل لأنني لا أتوقع منه أن يختبر مقدرتي الجنسية، إنه غريب وغامض ولكنه مؤنس وأشعر بأمان قربه.
قلت لها:
. أعملي لينا جبنة-
قالت:
. كويس-
نهضت من قربي، قالت لي
. قوم-
وأخذتني من يدي، قالت بصوت هادئ وقد جعلتني أقف في مواجهتها
-إنت خايف... مُش كدا؟
قلت مكابراً
-من شنو؟
قالت وهي تطوقني بساعديها من خصري غير مبالية بسؤالي
؟ من عروستك-
قلت وقد أحسستُ بأنني حُوصِرتْ
. بس-
قالت مقاطعة
عشان نحن عملنا ليك عرس؟ قلنا عايزنك تنبسط، وإنت....-
قلت لها مقاطعاً
. أنا مبسُوط-
قالت وهي تضع رأسها على صدري
. تعال ننوم سوا بعدين نعمل الجبنة، إنت مُش نَعسَان تعال أنومك-
أخذت البشكير من على كتفي ورمت به بعيداً على بنبر في أقصى القُطية، اطفأت النور. سألتني سؤلاً مباغتاً وهي تتحسس جسدي
-صاحبك وين؟
قلت لها:
. مع مختار علي-
سألتني
-لسع ما عايز يسيب الصافية؟
قلت لها:
. زول راسه قوي-
قالت لي وأظافرها تغوص في شعري
- وإنت، راسك كيف؟
ضحكنا، قالت:
-أنا بحب الراجل البيتجرس، وإنت واحد منهم.. عارف نفسك؟
قلت لها وأنا أدفن أنفي تحت ضفائر شعرها ما فوق أذنها
. أشرحي لي أكتر-
-عندنا هنا الرجال في القرى دي بيتعاملوا مع النسوان زي ما بيتعاملوا مع السمسم. أمسك، أقطع، أجدع.. ولكن إنت راجل جرسة، بتصرخ.
ضحكنا قبلتها، كانت لها شفة ليّنة أحسست بها تذوب في فمي مثل عجينة من الزبد والحلوى.
استيقظنا في الصباح الباكر على صوت ود أمونة منادياً ألم قِشي، فتحنا أعيننا في لحظة واحدة، كان يقف أمام السرير حيث إننا تركنا الباب مفتوحاً، كان يرتدي جلباباً أبيض نظيفاَ، وجهه حليق، شاربه كث في نظام ودقة، كان فرحاً ونشطاً وطليق اللسان كعادته، بارك لنا الدُخلة التي كانت من إنجازه، بل أحد أعماله الفنية، حيث إنه كان منتعشاً ونشوان، عرفت فيما بعد أن ود أمونة قد يصل إلى ذروة اللذة إذا أنجز عملاً بصورة يعتبرها كاملة، مهمته الأساسية هي أن يجمع امرأةً برجل وأن يستمتعا، خاطبنا قائلاً
- موية الحمام حتبرد، مُش عايزين تستحموا، أنا ما حأجيب ليكم شاي ولا فطور إلا بعد أشوفكم مستحميين نظاف وظراف زيي كدا، واستعرض ملابسه ووجهه، قالت له ألم قِشي بصوت ناعس وهي تتحرر من الغطاء برفسات متتاليات
خلاص، زح شوّية ألبس ملابسي.-
فادعى ود أمونة الإنشغال بترتيب بعض الأشياء بالقطية، فلبسنا ملابسنا وخرجت ألم قِشي خلفي نحو الحمام، تحمل بشكيراً كبيراً، الحمام خلف الراكوبة، ما يقل عن عشرة أمتار من القطية، دخلت خلفي وهذا ما لم أكن اتوقعه، ساعدتني في خلع جُلبابي، خلعت ملابسها بسرعة رهيبة، أشارت إليّ أن أجلس على البنبر، سألتني ما إذا كانت هناك امرأة حممتني من قبل؟ قلت لها أمي فقط، قالت إنها كانت تتوقع ذلك، عملت الليف في ظهري وأرجلي وفخذيّ وذراعيّ، شعر صدري الكثيف منعها من استخدام الليف فاستعاضت عنه بكفيها الناعمتين، كانت تغني بالأمهرا بصوت خفيض حِلو، قالت لي وهي تشير إلى مكان حساس في جسدي.
. حأكلم ود أمونة يحلق ليك-
فزعت من الفِكرة، ولكنها أكدت لي أن ود أمونة خبير في حلاقة هذه الأمكنة وهو حلاق قائد المنطقة العسكرية وعميد الشرطة أيضاً، وذكرت غيرهما كُثر، قلت لها أنا لا أحب أحداً غيري أن يقترب من تلك الأمكنة، ضحكت، كان الصباح رائقاً وهادئاً، المكان يخلو تماماً من أصوات الجنقو المعتادة، حيث إنهم لم يعودوا من المشاريع، كان صوت الأم تحكي شيئاً لود أمونة يبدو واضحاً وجلياً، بعض أسراب الطيور تذهب في جماعات نحو الشرق، تمتلك ألم قِشي جسداً أنثوياً مثيراً واعتبره بالرغم من خبرتي الفقيرة في النساء، جسداً مثالياً حيث إن النساء اللائي أحب النظر إليهن كثيراً ويثرن إعجابي، هن اللائي لهن أفخاذاً كبيرة، وأردافاً عريضة وألم قِشي بالرغم من نحافتها كانت واحدة منهن، قالت لي وأنا أحدث نفسي عنها في صمت.
أُمبَارِح كان يوم كويس ولا لا؟-
. كان أجمل يوم في حياتي، إنت رهيبة-
ابتسمت عن رضاء، ولم تقل شيئاً
في الحقيقة بعد هذا اليوم أصبحت مُحْترفاً في النساء، أو ظننت أني كذلك، ولكن ما يزال هنالك عيب فيّ، هل كل النساء يعرفن كيف يتعاملن مع الرجل الذي لا يعرف شيئاً عنهن؟! الرجل الذي دائماً يحسُ أنه عاجزاً عن ممارسة شئ ذي فائدة معهن، إذن.. هل بإمكاني أن أعرف امرأة غير ألم قِشي؟! أم أن خوف الفشل هو الذي سيبقيني سجين هذه المرأة العجيبة؟! قالت لي وأنا أحدث نفسي عنها في صمت: إنت راجل ما نافع.
|