[align=center]آيات في مقام الاحتفاء بقصيدة الحياة وسفر التكوين[/align]
أول ما صافحت بصري هذه السطور المؤتلقة، الضاجة بالحركة والحياة والسمو، تأملت في قدرة الخالق العظيم، ومعجزات الخلق والانصهار، والتوادد الذي أودعه الله في الخلق لبقاء النوع (على إطلاقه) في الكون!
موسم الإزهار في النبات، والتلقيح ودورة التكاثر في الكائنات الأخرى، والتأمل، وياله من تأمل لا ينقطع! أليس التأمل عبادة، أليس النظر في ملكوت السماوات والأرض عبادة أمرنا الله بها؟ أو ليست هي سنة الأنبياء من لدن إبراهيم عليه السلام!
طاف بذهني عذابات الطلق وآلام المخاض، وكيف من بين كل هذه العذابات يخرج المولود صارخاً بين تهليل الوالدين ودموع الألم المفرح والغبطة المدهشة!
ثم ينصرف الذهن إلى ما أودع الخلاق العليم من أسرار وعواطف ومحنة ومحبة وهوى ونشوة ونزوع وحنين وشهوة وكل تلك المشاعر المعقدة التي لا يمكن حصرها ووصفها، في الجسدين وهما يحققان مشيئة الخالق، ويعبران معاً طريق الآلام هذه، والأم بالذات، في معاناتها الرهيبة، منذ اللحظة الأولى، فأي قدرات وجواذب وإغراء يكتنف الأنثى(تحديدا)، وهي تعبر جسر الآلام الطويل، وهي تدري، إلى لحظة الطلق والميلاد!
سيدة الخواطر:
سطورك الرشيقة النابضة بالدفق الشاعري الفياض الرقة ذات الحساسية البالغة والمبتهلة والممجدة، دفعتني دفعاً للتأمل في هذه الآيات، وأنا أقرأ في المصحف الميسر
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }الأعراف189
جاء في التفسير الميسر:
( هو الذي خلقكم -أيها الناس- من نفس واحدة, وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها, وهي حواء; ليأنس بها ويطمئن, فلما جامعها -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم- حملت ماءً خفيفًا, فقامت به وقعدت وأتمت الحمل, فلما قَرُبت ولادتها وأثقلت دعا الزوجان ربهما: لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت لنا من الولد الصالح.)
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الروم21
جاء في التفسير الميسر:
(ومن آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لأجلكم من جنسكم -أيها الرجال- أزواجًا; لتطمئن نفوسكم إليها وتسكن, وجعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة, إن في خلق الله ذلك لآيات دالة على قدرة الله ووحدانيته لقوم يتفكرون, ويتدبرون.)
أطربني التعبير القرآني في عبارات "ليسكن إليها" و " مسها"، وعبارات "لتسكنوا"، وعبارات "[B]تغشاها[/B]"، "حملت حملاً خفيفاً"، و"مرّت به" وعبارة "فلما أثقلت"، وعبارات "مودة ورحمة"
و في آيات أخرى مثل "وهناً على وهن" و "فصاله" وغيرها من محكم التعابير القرآنية فائقة الدقة كاملة المعنى محتشدة بالبلاغة التصويرية والإعجاز!
هي إذاً حالة من حالات التعبد في أرفع صورها وأنبلها، تصعد بالروح والجسد إلى سماوات من الألق والبهرة والتواصل بالملأ الأعلى والملكوت!
وفي النفس أن أزيد وأسهب، فما تلك إلا مفتتح النشيد!
وعسى أن أعود!
|