الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > منتـــــــــدى الحـــــوار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-06-2013, 09:41 AM   #[1]
جمال محمدإبراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية جمال محمدإبراهيم
 
افتراضي غواية..(فصل من كتابة عنوانها "مرايا هنيدة")

فصل من كتابة جديدة عنوانها: "مرايا هنيدة..سيرة في التحوّلات"
غـَوايَـةُ. .

في مَيعةِ الوَجـْدِ، تذكّرَتْ العاشِقةُ حبيبها الغائب، فرَأتْ أنْ تُحدّث نفسهَا وتناجي قلبها. لم يقبل الرّاوي ، مِن "هُنيــدة" قصّتها مصفوفة على ورقٍ محايد ، إلّا أنْ تأتي على لسانها، مُزدانة بصريحِ الُّلغة، وموشّاة بصادق النّجوَى وبديعِ الإفصاح، مثلما فعلت شهرزاد مع مليكها. أيكون لكتابةِ العِشقِ، فوْحٌ معطورٌ، ينتشر مثلما ينثر الفلّ روائحَه، إلّا أنْ يَهِبَ الرّبُ للقلبِ العاشقِ حاسّةً تستنشق العواطف في احتدامها نارا، وفي احتشادها امتلاءا، وفي انبثاقها لهباً مِن شّبقٍ ملوّنٍ مثل قـزح . .؟ وقف الأخطل مندساً في طيّاتِ قصائده، والرّاوي يسأل:
- أيكون للحُزنِ عطرٌ يغازل أنفاسكِ، كمثلِ روائح الفلّ والقَرَنفُل ؟
ثمّ استطرد:
- لكن أشهدُ يا أنتِ، أنّ من أنفاسِكِ، فوحَ النرجسِ والياسَمين .
رنَتْ"هُنيـدة" إليهِ وكأنّها عذراءٌ خجلى :
- كلمَا ابتعدْتُ عَن الكتابةِ إليك، ينفجر مِن ذاتي شريانٌ رئيسٌ، أعرف أنّي لا أحيا إلا بِهِ ولا يخفق قلبي إلا مَعَهُ . لمْ أعد أدرك ما الذي يبعدني عنكَ. هلْ هيَ انقطاعاتُ التواصل الالكتروني وكهربائياته، أم هيَ غائلاتُ الدّهر، أم التسكّع في مواقع الإنترنت، بحثاً عمّا ضاع في زمَنٍ أمَويّ زئبقي حدثتني أنتَ عنه، أم هوَ بقائيَ رهينةً لكسَلِي أو لغضبي . .؟
لا أعرف كيف أمسك بالخيطِ الضائع. لكنّي أدرك كم أفتقد الكتابةَ إليك. كمْ أشعر أنّ الكلامَ يخرج من شفتيّ ،ويعبر من قلمي مخنوقاً ، فلا يصلك منمّقا ، بل قطعاً مُتناثرة، تتخفّى في غموضها، كي لا تفصح أسرارُ الرغبةِ عـن شـفرتها . .
يقول الرّاوي وكأنّ لسان الأخطــل ينطق مَعه :
- لن يُعاتبكِ قلبُ عاشقكِ، على احترازاتك هذي . .
تأوّهتْ واغرَوْرَقتْ عيناها، ثمّ تبّسم ثغرُها، واستقبلتْ شاعرَها الأموي وهو الطيف الغائب ، فرآها الرّاوي تجلس راجفة في ديرٍ مجهولٍ، تعترف لراهبٍ يختبىء وراء ستارٍ، منسوجٍ بخيوطٍ من خوف:
- ما أنْ تشتعل نيرانُ جسدي، حتى احتاج أنْ أطير إليكَ يا شاعري، ولأنّي لا اسطيع، فليسَ لي مِن ملاذٍ غيرَ قرطاسي وقلمي. . هل حدثتكَ كيفَ تركتني ذلكَ الصباح ؟ أمسكتَ بدنــي . احتضنتني ولثمت شفتيّ . مَصَصتني، فانتفض جسدي ولم يسكن بعد، ثارَ ثورة لم أعرفها، واختنقتُ هنا، لأني لا أستطيع أن أرتمي عليكَ في تلك اللحظة، أو أن اكون لكَ وتكون لي، بالجسدِ أيضاً، بعد أن تلاقينا في أثير الهوى . غضبتُ. غضبتُ لا منكَ بل من نفسي، لأنّها المرّة الأولى التي أكتشف فيها أنّهُ يمكن أن ينتابني مثلُ هذا الشعور. كنت أتصوّرني غانية شبقة قد استعمرتْ بدني أطيافٌ من أودية الوَهم، وانتُسختَ شيطاناً آثِما وانتظرتكَ بعيدا وأنتَ فيَّ، وهربتُ منكَ فراسخَ وأنتَ ظلي. تجاربي قبلك احتشدتْ فيها اختراقاتي، كما عثراتي. كنتُ أظنّ أنّي أنثى كاملة النُّضج مُغامِرة لا أخشى الطيرَ على أغصاني، فإذا بيَ عذراءٌ لم أدرك بعد ما يُمكن أن يفعلهُ الحُبّ بي، وأنا أوغل في سنوات تعقلي واطمئناني. ها أنذا وأنت عندي، تلفّنا انفجاراتٌ وزوابعٌ وعواصف. فعلتها معي من قبل، لكن شعوري هذه المرّة كان أقوى، ولا أعرف السبَبَ. أشعرتني بقسوةٍ مُحبّبةٍ ترتسِم على وجهك، وأنت تُمسك بأصبعيك طرفاً من جَسدي، أو كنت تداعبهُ. . ؟ لستُ أدري. . شعرتُ أنّي ضعيفة منهارة متهالكة ، تحت أصابعك، وأنّي لم أعُد أملك نفسي ولا إرادتي، وذلك شعورٌ رائعٌ. نعم، أعرف أنك ملكتني منذ زمنٍ طويل، لكنّ الكلمات قد لا تعبّر كما يُعبّر الجسدُ بألفاظِ المُلامسة. تأكدّ جَسدي اليومَ حين لامس بدنك أنّكَ لهُ، وأنتَ مفتاح شفرته الوحيد. قبّلتني هناك، ولا زلت عارية أقاوم انسكابَ ماءِ حمّامي على جسدي، حتّى لا أغسل بصمَةَ شفتيكَ على ثـديَّ. . وعلامات العشق عليه. .
وقفَ الرّاوي في انشداهِ اللحظةِ، والصّدى يُعيد كلام أطيافٍ كانت تسترق السّمع فيما "هُنيـــدة" في انشــــاد بوحها مستغرقـة، والرّاهب لمْ يُدرك أنّ الأخطــلَ ينصــتَ مسرورا. وَهَمَـا الغيــثُ بغتة، فكأنّهُ أحيا تُــرابَ الذاكرة وسقـاهُ وارتـوَى، فنمَا نبـتٌ، وأزهر وردٌ، وبنـى مِــن الحـروف كلاماً ونظما، ثمّ استــطردتْ هيَ وَقـد اســتعادتْ تمّاسكهَا :
- سامحني، لا أعرف ماذا كنتُ أقوْل/
لكنّي احتاجك. ./
لا أعشق إلا أنت. ./
أريدكَ لي وحدي. ./ أتراني فاكهة قد نزلتْ مِن علياءِ النّضجِ /
تعرّتْ مِن قشرتِها إلّا لكْ . .؟/
في عتباتِ الخوفُ الكاسِح، هل تفنى فيّا وأفنى فيك. .؟ /

هتفَ الأخطل:
- إني قد يمّمتُ إليكَ مَسيْري / واستدبرتُ مَصيْري الأوّل . ./

قال الرّاوي :
- إني أشهد أنّ الأخطلَ طيفٌ ينطق عن سِحرٍ وضلال. ./
و"هُنيــدة" لا تأبَه لهُتافٍ أو أقوال. ./
- ليتَ الغيثَ الهامِي يغسل أدرانَ القلب !/
- وهل أثِـمَ القلـبُ ، أم العقـلُ غـفـا ؟


أدرك الليلُ العاشقين والغيثُ يهطل بلا انقطاع، فإنْ قطعتْ شهرزاد قصتها، فقد استأنفتْ هُنيــدة نجواها :
- تقلقني صورةٌ لا تبرح خيالي، أراكَ فيها يا مُنى النّفسِ سلطاناً آمراً ، تطلب منّي أنْ أخرج من بستاني لكَ وحدك، فتراني فاكهةً ناضجةً، وأنتَ جالسٌ بكاملِ ثيابك في عرشِك. أقف إليكَ فاكهةً عاريةً وأنتَ تراقبني مليّاًّ، وتطلب أن تستبيحني. أنْ أترك ثرواتي تستقبل بصرَك، ثمّ تأمر بدني ان يقف ثمّ ينحني وَوجهي إليك، وتراقب أنتَ كيفَ يتشكّل عُري فاكهتي أمامك، ويتلوّى شيطانُ الجسدِ عليك. أيّةُ صلاةٍ وأيّة عبادة، هذه التي تأخذني إليكَ أمَةً مأموْرة ، تَحدَّر نســلها مِن غَساسِنةِ العصْرِ الأمَويّ، يا أخطلي الأوّل والأخير . . ! ؟

تنفسَـتْ بعدَ ضنىً وارتجاف، ثُـمّ همَســتْ :
- لا أعرف لِـمَ تلازمني هذه الصّورة اللاهبــة . . ! أتكون رغبةً من رغائبي المَرَضيّة، تخرج من وَعي اللاوَعي. . ؟ تُخيفني مثل هذه الخيالات. تخيفني كثيراً بقدرما تثيرني، وَلا أعرف إنْ كنتُ ستكرهني أنتَ أم أكرهكَ أنا، إمّا خرجتْ خيالاتي إليكَ فتمسك عيناك عُريِّ، أو انْ تراني أشتعل أمام ناظريك، فأفنىَ تحت ذراعيك. . دعكَ مِن هذيان اللحظة، ولا تُعمل فكرك أكثر بل ادخل قلبي وانشدني بعض قصيدك. إنّ كلامي ليس كلاما. ظنّي أنّه استحالَ رماداً لحظة خروجه مِن بَين شفتيّ، وباحَ به قلمي الآثـم غير عامدٍ. لكن أليستْ أكثر الحالات إثارة، هي تلكَ التي تُباغت غفلتك فتهلككَ. أليسَ كذلكَ حالنا . . ؟
قال الشّاعرُ العاشق ُالساكنُ بدنَ الرّاوي لـ"هُنيــدة" :
- أخشىَ عليكِ يا حبيبة مِن ادمانِ الوَهْمِ ، إذ لا يُجدي الرّغائب حَبسُها ، كمَا قد يتهدّدها الخسرانُ، فيما لو أفصحنا بتفاصيل الخفيِّ المُختبيءِ وراء اللفظ، حروفاً تحرق، واستعلنّاها أخباراً مُباحة، وصبواتٍ مصروخة. .
- أدمنتكَ يا هذا ، لكن لا تحاول علاجي. . ! لن أترك خمْرَ العشقِ وإن اسكرتْني، فكلّ حنايايَ ونواحي جسدي، مِن فاكهةٍ وثمَرات، أعنابها وفومها وعدسها كذلك، رهائنُ لديكَ، مباحٌ لك قطفها وقضمها وهضمها. سعيدةٌ ومجنونةٌ بكَ أنا، لكن سعادتي باتتْ مؤذية. هلْ عليّ ان اعترف لك؟ أجَلْ :
لن تسْلم أنثى من هجَمَـاتِ ذئابٍ في جلدِ رجال /
وإنْ لبسـوا أزياءَ الكُهّــانِ/
أو اعتمروا بعُماماتٍ وعَباءاتٍ ومشوا فُقهـاءً بينَ النــاس. ./
لــكن أنتَ سَبَقْتَ الغابـاتِ إلى جَسَـدي . ./
سَبقْتَ عصَـافيرَالبُستـانِ إلى فاكهتــي . ./
هيّـاخُذنـي وادْخُل دَغلـي . ./
فأنا عَـذراءٌ لـَكْ. ./
أنا عَـذراءٌ لـَكْ. ./

نظرَ الرّاوي حوله، والليلُ أرخى سُدوله وغيّبَ كلّ شيءٍ . كل شيءِ حتى الكلام. الريحُ في فراغ القصيدِ تعوي، والوادي إسمهُ وادي عبقر،لاتمشي فيه إلا أطياف من نوركما الملائكة. أفاق الرّاوي وتطلّعَ إلى مَن كان يحاوره ويناجيه فما وجد له أثرا. لاصوت ولاهمس ولا وشوشة. حدّث نفسه غيرَمُصــدّق :
- أهيَ "هُنيــدةُ" أمْ طيفُها، يَنظم الشّعر وَيَرقص في موسيقاه، والأخطل منتظرٌ، هل تفتح أبواب القصرِ له. . ؟

انتهى



التعديل الأخير تم بواسطة جمال محمدإبراهيم ; 28-06-2013 الساعة 06:43 PM.
التوقيع: http://sudanyat.org/maktabat/gamal1.htm
مكتبة السفير جمال محمد إبراهيم
جمال محمدإبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 07:48 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.