الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > مكتبة شوقي بدري

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 04-07-2006, 08:59 PM   #[1]
شوقي بدري
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية شوقي بدري
 
افتراضي العمامة والهوية السودانية

بعد انتفاضة الجنوبيين فى 1955 اثر تغول الشمال وعنجهيته وسياسة الأحزاب الخاطئة ، كانت هنالك ثلاثة مدراس وسطى فى كل الجنوب . الأولى مدرسة لوكا فى مدينة لوكا حيث يوجد أكبر منشار لقطع الخشب فى السودان . ومن خريجيها مولانا أبيل ألير . ومدرسة أتار التى ينطقها الشماليون عطار وهى خارج ملكال . ومن خريجيها رياك مشار . ثم مدرسة ملكال الأميرية ، ومن خريجيها رياك قاى ترت رجل الدولة الحالى ، والسفير على حمد ابراهيم ، وشيك بيج رجل الدولة الحالى ، وعلى تميم فرتاك ، وكثيرون .

مدرسة ملكال كانت على نسق مدارس الشمال . وكانوا يفرضون لبس الجلابية والعمامة . وهذا تغول صارخ على حق الجنوبيين . فلماذا كان يفرض زى الشمال فى مدرسة جنوبية ؟ . وكعادة الأطراف فان القوانين والأشياء تطبق بصرامة وعقائدية سخيفة .

أذكر أننا كنا خمسة وعشرين طالبا فى الفصل ، ونجلس فى خمسة صفوف . ويتوسط بخارى محمد على من القيقر الفصل . وأمامه أجلس أنا ، وأمامى يجلس مجذوب يوسف . ووالده موظف فى المديرية وهم من دامر المجذوب . وخلف بخارى كان يجلس الأخ فاروق دينق وهو من أولاد الشلك . وفى نهاية الفصل يجلس الشقيق رحمة الله عليه فقوق نقور جوك ، شقيق الناظر الحالى يوسف نقور جوك . وهما من دينكا أبيلينق . ووالده العم نقور جوك عمدة جلهاك . وعلى يمين فقوق نقور كان يجلس الجنتل مان أجوت ألونج أكول ، وهو من ملوث .

ناظر المدرسة كان أحمد موسى من حى الأمراء أمدرمان . المدرسين كانوا جميعا من الشمال . أحدهم الشاعر الأستاذ عوض صاحب ديوان الأبد . وضابط المدرسة عبدالفضيل وهو من الجزيزة . وعبدالقادر الجيلانى أبوالقاسم من بيت المال أمدرمان . والحبر من العيلفون . و الأستاذ سيد طه من حلفا . ثم الأستاذ محمود برات وهو أخ مسلم متشدد ، وهو من أم جر بالقرب من الدويم . ثم انضم اليهم فى السنة الأخيرة الأستاذ فيليب مضوى كومى ، وهو من جبال النوبة وخريج مدرسة خورطقت . ولم يكن مندمجا بالكامل مع بقية الأساتذة ، وربما لأنه لم يكن يرتدى العمامة ويذهب الى المدينة يوم الجمعة . بل كان يجالسنا نحن أبناء سنة رابعة ويلعب معنا الوست . لا بد أنها العمامة التى فرقته من الآخرين . وفى السنين الأولى كان يدرسنا الرياضيات الأستاذ هاشم محمد عثمان الذى صار حارسا لمرمى المريخ فى نهاية الخمسينات وبداية الستينات.

وبينما نحن جلوس فى الفصل فى حصة الانجليزى والأستاذ محمود برات رحمة الله عليه يسير بين الصفوف صرخ الأخ فاروق دينج متألما . فلقد ملأ الأستاذ برات يده من شعر فاروق دينج وجذبه بقوة مما جعل يده تمتلىء بشعر فاروق دينج . الأستاذ اكتشف أن فاروق لا يرتدى طاقية . وكان غاضبا. ويهدد فاروق بأنه اذا لم يضع طاقية على رأسه فسيتعرض لنفس العقاب يوميا ، ثم الجلد . وفاروق يعتذر بأن طاقيته قد ضاعت . والأستاذ لا يريد أن يقبل أى عذر . وفاروق يقول أن الطاقية تساوى عشرين قرشا وليست متوفرة لديه . ووقتها كان عامل الطلبة يتقاضى خمسة قروش . ومرتب العامل الحكومى مائتين وثمانين قرشا فى الشهر، و فى الشمال كان الحد الأدنى للأجور الدرجة الأولى 12 جنيه ، أى أكثر من أربع أضعاف مرتب الجنوبى. والأستاذ يصر أنه لا يريد أى تلميذ فى المدرسة بدون جلباب نظيف وطاقية ، وأن لا تفارق العمامة رأس التلميذ فى أى لحظة داخل المدرسة .

فى أمدرمان ، وفى مدرسة بيت الأمانة ، وأغلب مدارس أمدرمان ، لم تكن العمامة الزامية . وحتى العمامة كانت تظهر فى طابور الصباح ثم تختفى داخل الدرج لأنها تعيق الجرى والمرح والمطاردة . فلماذا الاشتطاط وزى لا يمثل أهل البلد ؟ ولماذا يجبر الجنوبى المسيحى فى بلده أن يرتدى زيا يفترض أنه يمثل العرب والاسلام ؟ . وكرهت وقتها العمامة والجلابية . والعرب لا يرتدون العمامة . والعمامة هى زى هندى فى الأصل . ماذا كان يكون شعور الشماليين اذا فرض على أبنائهم أن يأتوا الى مدرسة بين المال مرتدين (لاويه) وهو زى الشلك الذى يتكون من قطعة قماش كبيرة تعقد عند الكتف .

أذكر أننى قد شاهدت نويراويا ، وهو التاجر الوحيد فى بلدة ايرور فى الخمسينات . وكان فى زيارة التاجر ود الزين فى بلدة ديرور نوير لاو ، وهذا فى مايو 1958 . وعند استغربت لارتدائه العمة والجلابية كان رده ( ما أنا جلابى ) ويقصد أنه تاجر .

لقد ارتبطت الجلابية والعمة فى أذهان سودانيى الوسط بأنها رمز الاسلام والعروبة . بل يضيفون اليها العباءة . وكلها ملابس دخيلة غير مناسبة . لا يمكن أن تكون زى أى انسان يريد أن ينتج أو يعمل . ولا تعكس الا الخمالة والكسل . ويصر الناس على فرضها على كل السودان . وأظن أن العراقى والطاقية والسروال هو الزى المناسب للسودان اذا كان الانسان يريد أن ينتج .
فى الجنوب مثلت الجلابية مظهر تاجر الرقيق والمتسلط الشمالى . وبعد تمكن الانقاذ سؤل احد الجنوبيين عندما رجع الى اهله عن الحاصل فى الشمال ، فقال (جلابية بقى كبير ، عمة بيقى اثنين ، وواحد فى رقبة ) اشارة للملافح والشالات وكل لوازم الشغلانة . الشيخ على عبدالرحمن عمل فى الجنوب لفترة . وعندما عاد كوزير للداخلية ، شاهد احد الجنوبيين المدير الانجليزى وهو يقطع تعظيم للشيخ على . فقال بعفوية (بالله شوف مندكورو ابو جلابية مشروط ده ليقى ليهو شنو ؟) اشارة الى قفطان شيخ على .

من المفروض أن الجلابية والعمامة ذات العشرة أمتار طولا والغير عملية تزدرى وترفض الأزياء السودانية الأصيلة الأكثر عملية ولا تعكس الكسل والبعد عن الانتاج .

أكثر شيىء نفّرنى من العمامة وأنا صغير الرضية سعد ، وهى رئيسة كورس الاذاعة ، وهن مجموعة من الفتيات أو الشيّالات فى الخمسينات والستينات وتسكن فى حى السردارية - أمدرمان . والرضية هى شقيقة الضابط محمد نور سعد الذى أعدم فى انقلاب السبعينات الشهير. الرضية كانت تسب أحد أصدقاء زوجها كمال جابر ، فنى الصوت فى الاذاعة ، وبجانبها صديقتها وزميلتها فى الاذاعة بثينة المشهورة ببثينة (أم سدر) ، وهى تقول لصديق زوجها :
العبد عبد ولو طالت عمامته والكلب كلب ولو ترك النبيح
والرضية وأخوها رحمة الله عليه من رجل الفولة بكردفان ، ولا يمكن أن يعتبروا عربا فى نظر العرب .

وقصيدة المتنبى فى هجاء كافور الأخشيدى مقصود بها كثير ممن أحببت فى السودان. وفى العالم العربى مقصود بها أهل السودان. فلماذا نطيل عمائمنا ؟ هل هذا مركب نقص ؟ .


عندما سؤل المهندس الروسى فى السد العالى فى مصر فى مجلة المصور المصرية عن أكبر العقبات التى تواجههم فى البناء ، كان رده الجلابية . فلماذا نرتدى زى الآخرين ونصر عليه ؟ . فاذا قبلنا بالجلابية ، فالعباءة ليست عملية بل ومكلفة وسخنة ولا معنى لها .

الأمر يماثل أصرارنا على العروبة واقحام أنفسنا فى نادى العرب وسط استخفاف واستهزاء الآخرين . فلنتصور يا سادتى شقيق شلكاوى ( داقى طابور ) كما يقولون فى الشمال ، اشارة الى شلوخ الشلك التى هى عبارة عن نتوءات على الجبهة ، أو دينكاوى من بور ويحمل شلوخ دينكا بور فى شكل سبعات على الجبهة ، أو أحد الأشقاء من لاتوكا توريت وأذنيه مزينتين بشرشرة اللاتوكا . تخيلوه جالسا سادتى فى مقهى خالفا رجله فى شندى أو أبوحمد متحدثا بلهجة الجعليين أو فصاحة الرباطاب ومصرا على أنه جعلى أو رباطابى . ماذا كان سيكون رد فعل الرباطاب أو الجعليين ؟ .

هذه الصورة تتكرر كل يوم عندما يجلس شمالى يحمل أشكالا هندسية على خديه فى شكل خطوط أو حروف أنجليزية وهو جالس فى دمشق أو طرابلس الشرق مصرا على أنه أكثر عروبة من عمرو بن معدى يكرب أوالمنذر بن ماء السماء . ما هو الغلط فى أن نكون سودانيين فقط ؟ . وأن نتقبل بعضنا بأى زى . ولا نصر على أن تكون الجلابية والعمامة هى زى الحكام والمذيعين والأدباء . نحن سودانيون ، سودانيون ، سودانيون . ولهذا لم أصبح من الذين يرتدون العمامة.

التحية

شــوقى



التوقيع: [frame="6 80"]

العيد الما حضرو بله اريتو ما كان طله
النسيم بجى الحله عشان خاطر ناس بله
انبشقن كوباكت الصبر
وتانى ما تلمو حتى مسله
قالوا الحزن خضوع ومذله
ليك يا غالى رضينا كان ننذله



[/frame]


http://sudanyat.org/maktabat/shwgi.htm

رابط مكتبة شوقي بدري في سودانيات
شوقي بدري غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 08:56 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.