نعي أليم - فيصل سعد في ذمة الله !!! عكــود

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > أوراق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-2007, 02:04 AM   #[1]
تاج السر الملك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية تاج السر الملك
 
افتراضي الى الدكتورة نجاة محمود والدكتور ابراهيم محمد زين..منعم الجزولى

اعتدت ان انشر حكاياتى فى سودانيز اون لاين. وتعودت ان يكون اول من يقرأها بشكل نقدى هى الدكتورة نجاة محمود ( بيان )

ولكن بيان تركت سودانيزاونلاين منذ فترة مسجلة موقفا رافضا للعديد من الممارسات التى مست بشكل مباشر اهل بيتها وعلى رأسهم الدكتور ابراهيم زوجها.

وقد احببت هذه المرة ان أسجل موقفا شخصيا.

قررت ان انشر هذه الحكاية، ابتداء، حيث تكتب ( بيان) فى سودانيات. وتناقشت فى الامر مع الاخ الصديق تاج السر الملك، الذى رحب مشكورا بدعم الفكرة. خاصة وانا لست عضوا فى سودانيات.

ارجو ان تستمتعوا بقرائتها.

منعم



أزقــــــــــة

(4) زقاق مستقيم

الى الدكتورة نجاة محمود والدكتور ابراهيم محمد زين

لم اقع على اية تفاصيل مثمرة فى كل الروايات التى رُويت، وكل الحكايات التى حُكيت، عن حياة (علوية باشرى)، أو (علوية النجيضة) كما ينادونها. ولها من الالقاب ايضا (علوية الشاويش) لصرامتها، و(علوية نسيج النقادة) لدقة تقاطيعها وجمال هيئتها. اما القابها السرية فلا حصر لها، الا ان اشهرها كان (علوية الضكرية).

لا اكاد اعرف شيئا عن حياتها قبل زواجها الاول، سوى بضعة اقاويل متفرقات، التقطتها من هنا او هناك. كانت قد ذهبت الى مدرسة بالواو الاولية للبنات وكانت - كما قيل - لها صولات وجولات فى شجاراتها مع اولاد مدرسة بالواو الاولية للبنين، طبعا بعد ان فرغت من كل الشجارات الممكنة مع تلميذات ومعلمات وخفراء وفراشات مدرسة البنات.

وقد سمعت حكايات اسطورية عنها فى شبابها حين امسكت بلص كان قد تسور الحائط الطينى فى بيت (سيداحمد الشايقى) اوكما ينادونه( سيداحمد الاعور)، صاحب الكنتين، فصرخت زوجة (الاعور) عندما رأت اللص يخرج عليها فجأة من خلف جوالات الفحم المردومة فى الحوش الورانى.
.
ان هى الا صرخة واحدة جمدت اللص فى مكانه لحظات من اثر المفاجأة. لحظات فقط، كانت كافية لان تصحو (النجيضة) من نومها مع انطلاقة الصرخة، ثم تقفز تلاثة حوائط متتالية تفصل بين بيتهم وبيت( الاعور). وتجثم- كما القدر- على صدر اللص الذى راح يعافر محاولا فقط استنشاق بعض الهواء النقى.

قيل انها ضرطت فى انفه مباشرة فأغمى عليه!! والثابت ان البوليس حين جاء كان اللص فى غيبوبة كاملة افاق منها بعد عدة ساعات ليجد نفسه داخل زنزانة رطبة فى مركز بوليس المدينة. ربما كان هذا واحدا من اهم الاسباب التى جعلت من الزقاق مكانا آمنا من غشوات اللصوص. فلا يكاد يذكر احد ان لصا قد سرق بيتا فيه. السرقة الوحيدة التى يتذكرونها كانت حين اختفت كراسى الجمعية التعاونية والتى اتهم فيها (عبد الله ولد البيه). كان هذا منذ زمان لايتذكره احد بالضبط، قبل ان يتحول مبنى الجمعية الى مسكن لمفتش الزراعة.

كان عندها شقيق واحد اشتغل فى الجيش ومات فى الجنوب. واربع شقيقات تزوجن وتفرقن فى اركان البلاد. وقد تزوجت على صغر من (عبد الدايم جقود) وسكنت معه فى الزقاق، وأنجبت تحته (زاكى الدين) و(موسى) ويقال له ( الاحمر) لسرعة غضبه وقلة صبره. و(بلال) الملقب ب (العجيل)، لسمنته وقصر قامته. ولما توفى عنها (جقود) تزوجها صديقه الحميم ( باب اللة) الدونقلاوى . قال ليتولى تربية ابناء صدبق عمره، وقد فعل واحسن الفعل فى تنشئتهم تنشئة تتحدث بها المدينة الى يوم الناس هذا. فصار ( زاكى الدين)، اكبرهم، من اشهر اصحاب التجارة بين الحدود مع يوغندا وكينيا وافريقيا الوسطى. كان ينقل كل شئ، الملح، وزيت السمسم، والحلويات، والدقيق، والصابون. وكان ينقل الدراجات، والاقمشة، والسكسك، والتمباك. ورحل عن الزقاق حيث ابتنى له قصرا فى ضاحية ( الامتداد)، حتى قبض عليه البوليس وفى مخازنه عشرة اطنان من البنقو، وحكم عليه بالمؤبد الذى قضى فيه خمس سنوات ثم توفى فى ظروف غامضة.

اما (موسى الاحمر)، فقد قتل بطعنة سكين فى مشاجرة داخل بار(الدرايسة) ولم يعرف قاتله حيث تفرق دمه بين قبائل السكارى.

الوحيد الذى خرج من تلك التشوهات هو( العجيل) والذى استقام اول حياته فصار درويشا ملازما لفروة الخليفة (عطا) ولد(الصادق) خليفة الشيخ(الدبيك) فى ضاحية (الفنجرة) ريفى (العبابير شرق) ثم تزوج من ابنة الخليفة وعاش معها سنة كاملة قبل ان تضبطه ووالدها يلوطه، فاصرت على الطلاق، وارتحلت الى حيث لايعلم بها الا الله. وعاد( العجيل) الى الزقاق وقد سبقته شهرته التى نشرتها الصحف، وعاش به فترة، ثم رحل الى الجزيرة(يقال) واخيرا، سافر الى السعودية ولم يعد قط.

ولما مات (الدونقلاوى)، قطعت جزء من البيت وبنت فيه الطاحونة والتى كانت تشتغل فيها بنفسها. كانت قوية البنية وحادة المزاج. وقد قيل انها فى اكتوبر كانت تقلب كومر البوليس وحدها.

فى اقوالها امامى افادت ( النجيضة) بأن الدونقلاوى كان يغيب عن المنزل فترات طويلة قد تصل الى عدة شهور ثم ينتصب فجأة فى وسط المنزل متنحنحا ليعلن عن قدومه. لاتدرى بالضبط اين يذهب ولا ماذا تفعل. قال لها مرة انه يتاجر فى الحبوب الزيتية. وهى بطبعها كما قالت لا تحب ان تطارد رجلا يهملها. ثم فالت والسخرية تطل من بين ثنايا كلماتها ان الدونقلاوى كان حضوره مثل غيابه .... سيان!!

لم تكن لتعرف له اعداء. كما ولم تكن تعرف له اصدقاء سوى ( ولد جقود) زوجها الاول. كان يأتى لزيارتهم يوميا ويجلسان تحت النيمة الكبيرة. كانا يلعبان الطاولة ويشربان الشاى ويهمسان دون ان تعرف ماذا يقولان. وعندما رجل زوجها واظب الدونقلاوى على الحضور فى نفس الموعد، وكان يجلس تحت نفس النيمة، وحده، ويشرب الشاى وحده. الا انه لم يكن يلعب الطاولة وحده. كما وانه لم يكن يهمس وحده.

ومنذ ان تزوجها لم تر اى مخلوق يأتى ويطرق الباب ليسأل عنه.

ضحكت بفجور حين سألتها ان كانت تعلم بأن له علاقات اخرى خارج الزوجية.

قالت انها لم تكن تعلم ان له شئ داخل الزوجية اصلا!!

حدثنى الدكتور (علم الهدى بادى)، حديثا قيما عن تاريخ الزقاق، منذ ان قدم اليه الشيخ (عبد المرفوع بالواو) المنحدر من اسرة بالواو الشهيرة فى تونس الخضراء، وانشأ اول الامر مدرسة (بالواو) الاولية للاولاد ثم اعقبها بمدرسة البنات. والتى تقوم مكانها الان مكاتب مصلحة المساحة.

وكانت مدرسة الاولاد فى الواقع هى اول ما انشئ فى هذا الزقاق، حتى قبل ان يكون هنالك زقاق اصلا. وقد سكن السيد عبد المرفوع اول الامر فى جانب من المدرسة والتى بدأت كغرفة وحيدة ابتناها بنفسه من الطين اللبن والقش، يقيم فيها الدرس نهارا ويسكن اليها ليلا. ثم بنى المرحاض بمساعدة رجل من البرنو اسمه ( بامَى ) صار فيما بعد خفيرا للمدرسة بعد توسع بنايتها وضمها للفسحة المجاورة من ناحية الجنوب، ثم اضيف اليها السور الخارجى فيما بعد. ثم تتالت البنايات وتطاولت من جهتى الشمال والجنوب اولا، ثم تلاصقت معها بنايات اخرى من جهة الشرق. وبنايات اخرى اقيمت فى الصف الموازى لها من جهة الغرب لتصير المساحة بينهما شارعا وحيدا مستقيما ينتصب من الشمال حيث يلاصق ( دكاكين العرب ) والتى صارت فيما بعد سوق المدينة الرئيسى، ويمتد جنوبا حتى ميدان الجامع، حيث يلعب الاولاد الكرة عصرا، ويؤمه اصحاب الكيف ليلا للتمتع بدخان سجائرهم التى يلفونها مخلوطة بالبنقو، او بسوائلهم التى يشترونها من الانادى الجاثمة على مبعدة من الزقاق، فى المنطقة التى تعرف الآن ب ( ديم القزاز).

او ل اطراف الخيط، تدلى امامى وانا امسك بصحيفتى اقلبها عند المغرب، جالسا فى قهوة ( صافى النية ) القائمة عند طرف الزقاق الجنوبى ليس بعيدا عن الجامع، وحولى فئات مختلفات من البشر بسحنات تتباين وتتطابق من شايقية وجعليين هم اصحاب وسائقى اللوارى الرابضة فى الميدان، الى فور ونوبة من عمال مصنع الثلج المجاور للديم، الى خليط من الحلب والعرب الصنايعية، الذين يبرعون فى صناعة الاسرة الحديدية والكوانين وبعض منتجات الصفيح من اوانى منزلية وغيرها.

كانوا يتسامرون، كعادتهم، عندما طرق اذنى اسم النجيضة، وأحد الحلب يصفها باللبوة. انتبهت، دون ان ارفع عينى من الصحيفة. وواصل الرجل بأنها تكثر من زياراتها لبيت ( ابونيران ) الفلاتى. وانه يستغرب ان تقيم امرأة فى حسنها علاقة مع هذا القزم القمئ!!

- عنده ماذا من بضاعات الرجولة!؟ والله لو رضيت بى لأريتها شيئا لم تذقه من قبل.

وعاتبه حلبى آخر

- انت دائما تكثر الكلام عن آلتك. والله اظنك ماعندك شئ

وضحكوا عليه حينا ثم جائنى صوت ( رحمة ) الحلبى

- انت تظن انها على علاقة بالفلاتى؟ والله انت لاتعرف شيئا. قل ياساتر

وصمتوا حينا فواصل الرجل
- علاقتها مع ( مريومة ) زوجته!!
وخيم صمت كثيف عقب افتضاح السر الذى دلقه الحلبى غير مكثرث كثيرا. حتى انا رفعت رأسى من الصحيفة ورمقته بنظرة سريعة، يبدو انه لاحظها فآثر الصمت، خاصة وهم لم يكونوا يعرفوننى بعد.

فى اليوم التالى ارسلت ( ولد البنقالى ) امباشى المركز لاستدعاء الرجل. ولما سألته عما يعرف انكر فى بادئ الامر ثم لما اخبرته بخطورة اخفاء معلومات تتعلق بقضية قتل، صمت قليلا ثم قال بأن كل مايعرفه هو انه دخل حوش الفلاتى بغرض تصليح ماسورة الحمام فى الحوش الورانى، وبدعوة من الفلاتى نفسه، وان الرجل تركه يعمل وذهب الى بعض شؤونه. وانه احتاج لبعض ادواته فذهب يطلبها، وعندما عاد شاهد (علوية الضكرية) تدخل البيت. قال بأنه لم يعر الامر انتباهة، وانه واصل عمله. ويبدو ان اهل البيت لم ينتبهوا لوجوده خاصة وان غيابه فى طلب الادوات قد اخذ وقتا طويلا. ثم انه شاهد مريومة تقوم باغلاق الباب بالضبة! واستغرب الامر، لكنه واصل عمله. وعند انتهاء العمل اراد ان يفتح المحبس الرئيسى من عند حنفية المطبخ، وكان عليه ان يمر بالفراندا، حين سمع اصواتا نسائية تهمس فى ايقاع يعرفه جيدا!! فاسترق النظر ورآهما معا، شبه عاريتين فوق السرير.

قال بأنه انتظر فترة يراقبهما، ثم انتبه لنفسه فعاد الى الحوش الورانى واحدث بعض الجلبة، جاءت على اثرها زوجة صاحب البيت تستطلع الامر، واندهشت لوجوده حيث قالت بانها لم تكن تظن انه لايزال موجودا. ثم اخبرها بأنه يريد ان يفتح المحبس، فذهبت معه الى المطبخ، وبعدها عاد ليتم عمله، ثم انصرف الى حال سبيله. وعاد مساء ليتسلم بقية حسابه من الفلاتى.

سألته عن معلوماته فيما يتعلق بقتل الدونقلاوى، فقال انه لايعرف شيئا عن الموضوع وان كل معلوماته مما يتناقله الناس فى المقهى.

عقب خروجه مباشرة، ارسلت فى استدعاء ابونيران الفلاتى، والذى جاء مستغربا الامر، فهو كما قال لم يدخل قسم الشرطة من قبل، لاشاكيا ولامشكوا. وكانت دهشته تبدو صادقة. سألته عن واقعة القتل وعن علاقته بالقتيل وزوجته، فقال انه لم تكن لديه علاقة بالرجل لامن بعيد ولامن قريب، وان زوجته كانت ولاتزال صديقة للنجيضة، وان الاخيرة هى التى تولت امر تجهيزها للزواج!! وانها لاتزال تزورهم بين الحين والحين لمساعدة مريومة فى التخلص من الشعر الزائد فى جسمها، او بغرض تزويقها كما تفعل النسوة عادة.

كنت فى حيرة من امرى تجاه استدعاء مريومة. فالامر لايخلو من خطورة اجتماعية. كما وان معلوماتى عن الامر الذى بينها وبين النجيضة لا تخرج عن كونها مستقاة من اقوال الحلبى، وأن الاخذ بها على اعتبار انها حقيقة، قد يدخلنى واياهم فى مشاكل لاحصر لها، كما وان الموضوع برمتهه يبتعد قليلا عن مجال القضية التى اعمل فيها، فآثرت الانتظار قليلا للتأكد من معلوماتى من ناحية، ولاستيفاء بعض شروط التحرى، من الناحية الثانية. وان كنت فى واقع الامر قد بيت النية على تجاهل الموضوع برمته مالم يستجد مايفيد بعلاقته بموضوع الجريمة. خاصة وكنت قد استبعدت مبدئيا علاقة النجيضة بالامر كله. حيث ثبت من كافة اقوال الشهود انها باتت ليلة اكتشاف الجريمة فى بيت ظار، فى الحلة الفوق، وهو بيت (حاجة قيمة) بل وانها وخلال اربعة ايام قبل ذلك اليوم لم يشاهدها احد تغادر بيت الظار وحدها الا لماما، وان اغلب خروجاتها كانت بصحبة الدكتور ( ياسين زين العابدين )، خبير تفكيك الآثار المشهور، وابن الحاجة قيمة الأكبر، وفى عربته التى سخرها لمشاوير السوق الكبير وتدبر توفير احتياجات حفلات الظار المتتابعة والتى قدر لها ان تكون سبعة ايام لولا حادث مقتل الدونقلاوى، فى بيته وداخل غرفة نومه، حيث انتهت جميع الحفلات بعد ظهر الربعاء، اليوم الخامس للظار.أى لحظة حضور البوليس الى البيت لأخذ (علوية الجاويش) بغرض التعرف على الجثة، والتى يبدو انها بقيت هنالك عدة ايام، ساعدت مع حرارة شهر مايو فى تحليلها، حتى ارتاب الجيران فى الامر بعد ان انبعثت الروائح الكريهة من البيت.

فى اقواله امامى، قال ( حامد ضرار الخاساوى ) والذى يمتهن الطباخة فى بيوت المناسبات، ان النجيضة قضت ليلة الخميس، ونهار وليلة الجمعة فى بيت ( عطانا بنت الباهى ). وقال بأنها كانت كثيرا ما تقضى بضعة ايام مع عطانا فى بيتها المطل على زريبة المواشى من ناحية الديم.
وقد سألته عن عطانا وعلاقتها بالنجيضة على ضوء شكوكى فى سلوك الاخيرة الجنسى، فأخبرنى بأن عطانا بعد ان تنصرت، ابتعد عنها كثير من احبابها القديمين، ولم تبق منهم على صلتها سوى علوية ( نسيج النقادة ) كما كان يناديها.

سألته عن عطانا، فقال، وفى كلامه شبهة خنوثة، ان عطانا تنصرت. وان امها خدمت عند ناس ( عبجى ) لثلاثين سنة. ثم خدمت هى عندهم بعد موت امها، بل وقبل ذلك، وكان اجرها طعاما وشرابا وفراشا لينا، يعبث فيه ( ناصف ) ابن عبجى الوحيد وسط ثلاث بنات. وكان يدس فى يدها بعض النقود ويغدق عليها من ثياب ( تيريزا ) الجميلة، فسألته عن ايهما يعنى بالجميلة، فضحك فى فجور واضح وقال: الثياب وتيريزا معا، وكانت اقرب بنات عبجى الى سن عطانا. وانها حين حبلت من ناصف اخذها عبجى ونسيج النقادة الى داية فى قرية (أم شلوخ) شمال المدينة، حيث اسقطت جنينها. ثم اشترى لها ناصف بيتها هذا فى الديم، والذى كان يزوره بانتظام، بل وواظب على زيارته حتى بعد ان تزوج من بنت ( الأصْوَلِّى ) وانجب منها اولاده الثلاثة. واكد لى بان عطانا كانت تداوم على الذهاب الى الكنيسة مع ناس عبجى كل يوم احد، وفى نفس الوقت كانت تذهب الى المسجد يوم الجمعة من كل اسبوع، وهى وان لم تكن تصلى غير الجمعة، الا انها كانت تصوم رمضان كله وتتطوع بالصيام يوم سبعة وعشرين رجب، بل وكانت تذهب الى الكنيسة وهى صائمة فى نهارات رمضان.

سألته عن سر علاقة عطانا بالنجيضة، فضحك قليلا ثم استغفر الله من سيرة الناس وقال بانه لايعرف شيئا. ولما الححت عليه قليلا قال بان كل مايعرفه هو ان ثلاثتهم كن يحببن الانفراد ببعضهن بغرض الونسة النسوانية!! فسألته عن ثالثتهن هذه فقال انها ( بثينة ) زوجة الناظر. ولما رأى الدهشة تكبر فى عينىَّ، قال بانه يقصد ( حمدتو ) الذى كان ناظرا لمدرسة بالواو للبنين فترة طويلة، وابتنى لنفسه بيتا فى الزقاق، ثم ترك المدرسة واشتغل بتجارة العيوش، والتمور. مع شريكه، (مجوك العبد) والذى قدم الى الزقاق فى زمان مضى وعمل خفيرا فى مدرسة البنات ثم تحول فجأة الى خفارة مدرسة الاولاد. وكان بجانب خفارته للمدرسة يقوم بتلبية حاجات بيت الناظر، ثم ضحك ضحكة صغيرة ماجنة وقال بأن من بينها احتياجات زوجة الناظر وبنت عمه الفارعة الجمال.
ولما استزدته قال بانه كان يعرف ان الناظر عنين لاينتصب!! وان مجوك كان يقوم مقامه فى تلبية حاجات زوجته. وانها لم تتطلق منه لانه فى النهاية ابن عمها ومن الضرورى ان تستر عليه. خاصة وانها كانت راضية تماما تحت العبد. ولم يكن لينقصها من الزواج شئ!!

المشكلة كانت فى معرفة تحركات المجنى عليه. خاصة فى الايام التى سبقت وقوع الجريمة. فلم يكن لدى اية معلومات عن نوع الاشغال التى يمارسها. ولا الجهات التى يذهب اليها عندما يتغيب عن بيته الاسابيع الطوال. ولم اقع له على اصدقاء ولا على اعداء. الرجل كان كأن لم يكن موجودا فى هذه الدنيا!! وماهى حقيقة علاقته بولد جقود، وفيم كانا يتهامسان طوال تلك السنين!؟
بل واين كان يقيم قبل زواجه من النجيضة؟ واين هم اهله؟ فحسب علمى لم يأت احد لحضور ليالى المأتم سوى اهل الزقاق المعروفين والجيران.

تقرير الطبيب الشرعى زاد الامر صعوبة علىَّ. فالرجل طعن بسكين كبيرة اكثر من عشرين طعنة كلها فى الصدر والبطن!! ثم ان قضيبه قد اقتطع من مكانه وحشر فى فمه!! مما يعنى ان للامر علاقة بالشرف والاخلاق!!

شرف من!!؟؟ وأخلاق من!!؟؟ فى هذا الزقاق العجيب؟؟!!

لم اعثر على احد شاهد الدونقلاوى وهو يعود من غيبته. ولا يوجد شاهد واحد يفيد انه رأى اى شخص يدخل او يخرج من بيت النجيضة!! حتى الطاحونة كانت مغلقة لعدة ايام بسبب غياب المرأة وانشغالها بأمر الظار. خاصة وانه لم يكن هنالك من يعمل فيها سوى النجيضة نفسها، بعد ان طردت كل العمال الذين تتالوا فى العمل معها. وكان ذلك امرا عاديا فى الزقاق حيث تظل الطاحونة مغلقة عندما تغيب صاحبتها فى واحدة من جولاتها الغريبة والتى تستمر عدة ايام. ولم تكن تفتحها بانتظام الا فى موسم تجهيز ( الحُـلومُـر ) قبل رمضان حيث تظل تعمل فيها الى وقت متأخر من الليل.

ولم اجد متطوعا واحدا لا فى الزقاق ولافى غيره يمد لى يد المساعدة او ينير طريقى ولو بضوء من شعلة ثقاب. الكل تمنع وادعى عدم المعرفة. والكل انكر. والكل ابتعد بنفسه واهله وماله، ولم يبق امامى سوى اغلاق القضية.

ما انا سوى متحرى بوليس متقاعد. ولست روائيا اروى جريمة واتعسف فى حلها بطريقة الرواة السحرية. حيث يظهر فى آخر الرواية من يقود الى الفاعل!! لا.. لم يظهر احد. ولهذا فان النيابة وافقت على تسجيل القضية ضد مجهول!!

منعم الجزولى
اكتوبر 2007

__________________________________________________



التعديل الأخير تم بواسطة تاج السر الملك ; 27-10-2007 الساعة 12:41 PM.
تاج السر الملك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2007, 04:47 AM   #[2]
bayan
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية bayan
 
افتراضي

شكرا جزيلا اخي تاج السر

وشكرا لمنعم
طالما طاردته ليكتب ازقته هذه .. وانا سعيدة اذ انه كتب 4 منها
واتمنى ان يستمر في الكتابة عنها...وسعيدة اذا انه اهدى الينا زقاق مستقيم

يكتب عبد المنعم عن شخصيات نمر بها دون الالتفات لها
وفي ازقته كتب لنا عن قاع المدينة..
عن شخصيات لا يكتب عنها احد فهي شخصيات تعبر بالحاية ولا تغير شئ
في مفصلات المجتمعات البورجوازية..
في زقاق ملتوي قدم منعم عدد من الشخصيات كعادته تكثر الشخصيات في
قصصه القصيرة هذه. ولقد دار نقاش بيننا حيث انني ارى هذا الحشد من الشخصيات
عيب من العيوب في هذه القصص بينما يرى منعم انه اي شخصية هنا مهمة جدا
ولها دورها الذي تلعبه.وان مسرح قصصه اي شخصية مهما كانت فهي قد عاشت
وتحركت ولذلك يجب عدم اغفالها..
بين وجهة نظري ووجهة نظره يمتد الاحترام لوجهة نظر الكاتب
ووجهة نظر الناقد او المتلقي. وفرته طبيعة البوردات السايبرية حيث
يكون هناك حوار ونقاش مباشر..
في قصة منعم الحالية قدم لنا شخصية "علوية الضكرية"
هي" انسان" شهم يستجيب لنجدة الملهوف وتساعد الناس
فشخصيتها هنا لها سطح ظاهر و"غور ظاهر"
يتناقل الناس قصصها وهي ماثلة في حياتهم
يتقبلونها جزء من نسيج المجتمع
الراوي يتحدث عنها ساردا تاريخها ارى فيه لمحة من الاعجاب.
والتقدير للدور الذي لعبته في الزقاق..
رغم انها قد انجبت اطفال وتزوجت الا انه في نهاية القصة
يجلي الغور الظاهر انها ضكرية ليس بمعنى الفنجرة والشهامة
بل انها سحاقية وارى ان الراوي لم ينصفها كامرأة
حيث انه اظهر انها امرأة شاذة جنسيا وهذا سلوك مرفوض
اجتماعيا ودينيا..ولا يمكن ان يتعاطف معها المتلقي.
ويصير هذا الزقاق زقاق ملتوي ولا يمكن ان نقو ل انه
زقاق مستقيم..
مع الشكر مرة اخرى



التوقيع: http://bayannagat.blogspot.com/2013/...post_4173.html

شهوة ان تكون الخصومة فى عزها
واضحة ..
غير مخدوشه بالعناق الجبان
فقبلات من لا اود حراشف سردينة
وابتسامته شعرة فى الحساء

من شهوات مريد
bayan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2007, 08:00 AM   #[3]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

ما يعجبنى فى الجزولي هو أن شخصيات البطل عنده تبدو حقيقية

بل خرج من دائرة البطل والنهايات السعيدة
فالضكرية ..
فى نهاية الأمر كرهت عالم الرجال
ولم تذهب لتحتجب فى فى مسجد .. بل اتجهت لتكون ضكرية كليا ..

ربما وجدت فى عالم النساء مؤنسا .. فشل عالم الرجال فى توفيره ..

الإهداء الى دكتورة نجاة و د. ابراهيم أعجبني لأسباب كثيرة
1- قدم المرأة .. على الرجل تهذبا أو قصدا ..
2- اهداء فى زمن تصارع فيه الدكتورة سهام من كل صوب .. ( بعيدا عن بنية القصة)
3- اعتراف ضمنى للدكتورة نجاة بكتاباتها الأدبية .



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2007, 09:34 AM   #[4]
bayan
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية bayan
 
افتراضي

أزقــــــــــة



أزقــــــــــة

(1)زقاق ملتوى

عندما خرج ليتبول فى الزقاق كعادته، لم يجد مكانا خاليا، فقد كانت كل الأماكن الصالحة للتبول مشغولة بجماهير المتبولين.
قطع الزقاق جيئة وذهابا مرتين، عسى ان يخلى احدهم مكانا له. ولكن التبول كان ابديا، والمتبولون لاينقطع سيل بولهم، ولايخفت خريره عند نقطة التقاءه بالارض.
تجنب دعوة (عمر البطل) له ليتبول فى المساحة الضيقة جدا بين موقع تبول (البطل) وباب الحديد فى حائط منزل الحاجة (لبودة شندقاوى) او (لبودة الداية) كما يسمونها. ورغما عن ان (لبودة) ليست داية قانونية، الا ان زبوناتها كن اكثر من جملة زبائن دار الرياضة، وقد تخصصت (حاجة لبودة) فى اعادة ما انهتك من أغشية البنات قبل الزواج وتضييق ما اتسع من فروجهن بعده!!
كان يعلم ان (البطل) لن يكتف بالتفرج على قضيبه الملتوى الى اعلى ، بل سيمسك به محاولا اعادته قسراالى استواء القضبان. اعتذر له برفق مستقيم حيث ان (البطل) لايحب الكلام الملتوى. كان بطبعه يكره الالتواء فى اى شئ.
(عمر البطل) كان يشكل فى اوائل الستينات فريقا غنائيا مع (دفع الله ودبتول) وكان الناس يعرفونهما باسم (ثنائى العوجة) حيث قدما الى المدينة من قرية (ود العوجة) ريفى (صندقة). وظلا يمارسان الغناء فى الافراح والنواح فى الاتراح حتى مات ( ود بتول ) نتيجة تسمم كحولى.
اعتذر مبتعدا عن دعوة (بخيتة) المكشوفة. كعادتها كانت( بخيتة) تتبول واقفة عند طرف برميل الزبالة. (بخيتة) كانت تنافس الرجال فى القاء بولها مباشرة على بعد متر ونصف امامها. ومن فجورها فقد افتت بان زواج (عشة اللبوة) من (قسم البارى) التفشكى حلال، رغم ان (عشة) كانت و لاتزال فى عصمة ( بانقا) النجار!! بل وافتت بامكانية زواج (ويصا عبد المسيح) من (فاطمة) الفلاتية مدعية ان الله قال فى محكم تنزيله" الرجل مايعيبه سوى جيبه ".
مع ارتفاع رائحة النشادر النفاذة، وكل تلك الظهور ذات الالوان والاحجام المتنوعة، تذكر مشهدا قديما لفيلم هندى سخيف.
دخل احدهم من طرف الزقاق فوق دراجة سوداء تتقدمه عينان زائغتان وحركة ارجل مترددة على بدال الدراجة, وظل يرمق ظهور المتبولين ظهرا فظهرا، حتى توقف شبه متردد خلف (صالح بابتوت) عند باب الزنك القديم والذى كان كعادته عند التبول يجلس فاردا جلبابه الفاقع الصفرة خلفه ودالقا عمامته باسترخاء خلفه كاشفا عن طاقية خضراء تغطى بعضا من رأسه الاصلع. دار حديث قصير بينهما.. الغريب فوق دراجته مستعدا للهروب فى اية لحظة، و(بابتوت) لاينقطع خرير بوله، ثم تبادلا شيئا.. لفافة بنقود او العكس، لتنطلق الدراجة وتختفى عند التواء الزقاق.
حدثـت المعجزة، هكذا فجأة ، وبدو، مقدمات. حيث ترجل (تور الفجة) من جواد بوله، فشغر مكان. أسرع ليحتله ويفك ضائقته، ولكن حضرة المدير خرج من الباب المجاور مباشرة ولم يتردد لحظة فى الاستيلاء على المكان الخالى واطلق لبوله العنان.
لعن المدير والمديرين والوزراء وكافة المسؤلين . أى مدير هذا الذى يقف بسرواله الازرق وقميصه الناصع البياض، ليتبول هكذا علنا؟ ربما لم يكن مديرا حقيقيا فى السكة الحديد..ظن لوهلة انه قد يكون مديرا لبقالة او لمخبز او اى شئ آخر ولكنه بالقطع ليس مديرا فى الحكومة.
(ست ابوها)، ابنة خالة ابناء عمه، خطف حياتها قطار شارد جهات السافل، كان هذا منذ زمن بعيد، ولايذكر ان كان ذلك فى المحمية ام فى الدامر. لعن القطارات المتوقفة والمتحركة فى كافة ارجاء المعمورة.
تحرك(عثمان ابنعوف) اثناء تبوله جهة اليمين قليلا، فظنه سيغادر المكان، وتأهب لاغتنام الفرصة، متحفزا حتى ان بعضا من قطرات البول قد بدأت بالفعل فى الخروج من مكمنها. امسك نفسه بقوة، فقد أحس بان سرواله قد تبلل قليلا. ولكن (ابنعوف) لم يزد على تلك الحركة. لعنة الله عليك.. أجئت لتتبول ام لترقص.
يقولون ان (ابنعوف) يتاجر فى الزئبق الاحمر.لابد انه قد جمع ثروة كبيرة. لعنة الله عليك. لماذا لاتبنى لنفسك مبولة خاصة وتترك لنا مجالا فى زقاقنا هذا؟
عندما تحرك (زكريا الاشول) من مكانه وراح يعيد هندمة نفسه معلنا انتهاءه من عملية التبول، هرول نحو المكان لايلوى على شئ، وقد بلغ البول الذبى. ولكن (زكريا)، ولسبب لا يعلمه احد، قرر العودة لمواصلة تبوله فى نفس المكان. وعندها لم يستطع (قسم السيد) التحمل اكثر من ذلك . لقد تبول فى ملابسه الرسمية!! كان ( قسم السيد) شرطيا سريا، والجلباب الابيض مكون اساسى لزيه الرسمى



التوقيع: http://bayannagat.blogspot.com/2013/...post_4173.html

شهوة ان تكون الخصومة فى عزها
واضحة ..
غير مخدوشه بالعناق الجبان
فقبلات من لا اود حراشف سردينة
وابتسامته شعرة فى الحساء

من شهوات مريد
bayan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2007, 09:37 AM   #[5]
bayan
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية bayan
 
افتراضي

زقـاق عبث



زقـاق عبث

هذه حكاية عبث الدنيا الذى لا اول له ولا آخر.

عندما قتلت (نعمات بنت ام عفنة) كانت امها فى السجن. ولم تسمع الخبر الا ضحى اليوم الثالث للجريمة.

هى نعمات بنت (رقية) السمحة.
او رقية (ام عَجَنَة) ( بفتح العين والجيم والميم ايضا) كما كانوا ينادونها فى ذلك الزمان البعيد. كثيرون كانوا يظنون ان نعمات انما جاءت الى الدنيا فى بيت (الناير). ولكن الثابت ان امها وضعتها فى (السبعة بيوت) والناير لم يسكن السبع بيوت على الاطلاق بل، وكان دائما، يرى ان سكان السبعة بيوت انما هم ليسوا سوى حثالة البشر.شأنهم شأن سكان (ابوصليب) و (زقاق الحبش).

نعم.
كانت رقية تقيم اول ابتدائتها فى بيت الناير فى (العمارات). عثر عليها (طه السفيه) فى محطة السكة الحديد. لم تكن تعرف الى اين تذهب، او اين تقضى ليلتها الاولى فى تلك المدينة، التى جائتها هاربة من السافل بعد افتضاح امرها مع (ميرغنى ولد زين العابدين الخضرجى)، فجاء بها الى بيت الناير. وبقيت هنالك عدة سنوات. ثم عندما اتهمتها (بنت الصول) بسرقة غوائشها، انتقلت الى بيت (جمعة الرتينة) فى السبعة بيوت.

كان الناس يأتونها خصيصا، بل وفى ليلة الخميس كان البعض يأتى من ودمدنى والحصاحيصا وكان البعض يأتى من القضارف وآخرون من كوستى وسنار بل ان بعضهم قد جاء من الفاشر. فان كانت مع زبون بالداخل لا يأخذون غيرها كما هى العادة بل كانوا ينتظرون فى الحوش الخلفى حتى تفرغ لهم واحدا واحدا. وقد قيل ان (النذير ابوكساوى) تاجر الجمال المشهور فى سوق الابيض قد قضى ليلة الخميس كلها وبعضا من نهار الجمعة منتظرا فى الحوش الخلفى. وقد قيل ايضا ان (الحاج عبد الغفار ابوشلوخ الحتيربابى) قصدها مباشرة من المطار وهو عائد من الحجاز بعد اداء فريضة الحج. وقد ظلت عربة التاكسى تنتظر ليلة كاملة خارج بيت الناير وهى محملة بحقائب الحاج وحاجياته حتى فرغ الرجل من وطره ومن ثم سافر الى اهله فى قرية (الحتيرباب) جنوب المدينة.

عندما قتلت نعمات كانت (صفية بنت الصول) هى اكثر النائحات تأثرا لموتها، وحزنا عليها. رغما ان نعمات هى بنت رقية (ام عفنة).

صفية بنت الصول هى من سمتها ام عفنة بدلا عن ام عجنة غيرة وحسدا. فقد استولت رقية على كل زبائن بيت الناير والبيوت المجاورة. وقد قيل انها استولت على جيوب كافة تجار المدينة. الناير لم تكن تسعه الدنيا من الفرحة بهذا الخير العميم الذى جاءت به ام عجنة.

كان الناس يجيئون.

يأتون بالطيبات جملة.

لحمة الضأن وكبد الابل. وانواع الفواكه الطازجة، والخمور من كافة الاصناف. وكانوا يحملون لها الهدايا القيمات. الاقمشة، والملابس المزركشة الفاخرة، الواردة من الهند. والعطور المستجلبة من فرنسا. والحلى من كل نوع وصنف. وفوق كل ذلك كانوا يبذلون ما فى جزالينهم راضين بالقليل الذى تجود به عليهم.

كانت تتمنع، وتتغنج،وتتعجن عليهم فسموها ام عجنة. واثار ذلك حفيظة بنت الصول وهى ترى مجدها يزوى وزبائنها يتسللون من فوق احضانها زبونا زبونا. وبضاعاتهم تتسلل هاربة من بين مشفريها بضاعة بضاعة. حتى غدت ساحة سوقها الكبير مثل صباح العيد، خاوية مهجورة الا من بعض هوامل الناس وحيواناتهم الضالة. . فراحت صفية تنسج لها المكائد، مكيدة تلو مكيدة. ابتداء راحت تدعى عليها الاباطيل، وتتقول عليها الاقاويل، ومن ضمن ماتقولته عنها انها – اى رقية – حينما أخطأت تقدير فحولة (ولد سلمان الاطرش) واستهانت بضآلة جسده المهزول، ويده المقطوعة ورجله المعلولة، فادخلته الى غرفتها كأى زبون عادى غير عابئة بتحذيرات (ام حقين)، وفى ظلام تلك الغرفة، لم تكن لتتبين حجم آلة الرجل حتى ولجها. فجحظت عيناها وانكتمت انفاسها وكاد قلبها ان يتوقف عن الخفقان. فضرطت ضرطة كبيرة اعقبها سيل من الخراء اللزج. قالت صفية ان المرأة قد فقدت عجنتها واكتسبت مكانها عفنة ابدية. واطلقت عليها لقب ام عفنة. ورغما عن انه لم يسمع هذه الضرطة سوى صفية وحدها ولم يشاهد الخراء سوى صفية وحدها الا ان بعض الناس قد صدقوها لحاجة فى نفس يعقوب.

ثم فيما بعد كادت لها مكيدة، دبرتها بدهاء شمعيّ المخبر، حتى اثبتت عليها فعل سرقة غوائشها. كانت فضيحة داوية اضطرت بعدها رقية الى الانتقال الى بيت جمعة الرتينة فى السبعة بيوت.

عندما قتلت نعمات، ناح عليها الرتينة كما تنوح الحريم، وجلس امام باب المشرحة يهيل التراب على رأسه مع النسوة الهايلات، ويصرخ مع النسوة الصارخات، ويلطم مع النسوة اللاطمات، كأنه واحدة منهن بل اكثر.

جمعة كان يلقب بالرتينة، لانه كان يشع ضياء وبهاء وحسنا، بفعل المساحيق وماجاورها من كحل وطيب. جاء الى المدينة وهو طفل لم يبلغ الحلم بعد. وعمل خادما فى بيت (المستر زولفون) مدير المديرية آنذاك. وهناك تعلم شغل الشذوذ وماتبعه من امور حادثات. وكان قد تعلم شغل الطباخة على يد الدونقلاوى، طباخ المستر زولفون، فأتقنه وابدع فيه، حتى صار من اشهر، واغلى طباخى المدينة. ولم يكن ليقبل ان يطبخ الا فى مناسبات البيوت الكبيرة. وعندما رحل الانجليز، منحه المستر زولفون بضعة بيوت متفرقات، هنا وهناك ، ومن بينها منطقة السبعة بيوت بكاملها. وتسجلت فى المجلس البلدى باسمه. وهى تبدأ من عند طاحونة (فرعون الإغريقى)، على شارع الزعيم. وتمتد فى استقامة عجيبة، حتى تنحنى الى اليسار عند طرف المدرسة، ثم تبدأ فى الإلتواء يمينا ويسارا حتى تنتهى عند المسجد.

عندما حزت السكين عنق نعمات، كان (احمد المبروك) قد شرع للتو فى الاستفاقة من آثار خمرة الليلة الفائتة. كان ينام كعادته امام دكانة (التوم) المكوجى. وكانت اول بوادراستفاقته قد بدأت تحت تأثير ماعده جزءً من الكابوس الذى جثم على ليلته، بدءً من مشاجرته مع (آمنه حكومة) بسبب ان العرقى لم يكن جيدا، او على الاقل لم يكن ليتساوى مع المبلغ الذى دفعه فيه. فسبته وعيرته برجولته الناقصة وقضيبه الرخو وجيبه الخاوى مثل حياته البائسة. وليس انتهاءً بذلك الحلم العجيب والذى وجد نفسه فيه يجلس يتغوط تحت الجسر المتهالك فوق الخور عندما اصطدمت به هرة عمياء وسألته عن اقصر السبل الى الجحيم. ففزع من نومته تلك لتقع عيناه اول ماوقعت على سكين ضخم يجز عنقا انثويا، على بعد خطوتين فقط من مرقده ذاك، فلعن الخمر والخمارات، وخص باللعنة آمنة حكومة و(الجودلية) و(آمنة الطويلة). واعتدل فى مرقده بعد ان دس سفة من الصعوط كورها بعناية تحت شفته السفلى. ثم انقلب على جانبة الاخر والصرخات تملأ اذنيه وهو لايزال يسب الخمر وصانعها وبائعها وحاملها. ثم سكت عن لعن شاربها. وراح يحاول النوم من جديد دون جدوى.

عندما ذبحت نعمات، كانت (ليلى عثمان) اول من سمع بالخبر داخل السجن.
اخبرتها (ام عيسى الناير) الجاويش المسؤولة عن قسم النساء. كان ذلك عندما دخلت عليها ام عيسى بثيرموس الشاى وصحن اللقيمات صباحا، كما هى العادة. ام عيسى تهتم اهتماما خاصا بليلى عثمان. فمنذ ان شرفت السجن بمقدمها الجميل. تنافس عليها المتنافسون، رجالا ونساء. وفازت بها الجاويش ام عيسى، او (ام عيسى الضكرية) كما كانوا يلقبونها سرا. وليلى كانت محكومة بخمس سنوات فى قضية تزويراستمارات الاراضى الشهيرة. كانت هى المرأة الوحيدة بين المتهمين، والذين تراوحت عقوباتهم بين عشرسنوات فى اعلاها، وستة اشهر فى ادناها. ووفقا لمعادلات الغابة الصعبة، خاصة فى القضايا الجنائية. فانك اما آكل او مأكول.

ليلى آثرت الصمت إبتغاء السلامة. وصمتت ام عيسى تجنبا للمسؤلية. ولم يهمس احد بكلمة، ورغم ان غالبية النزيلات كن قد علمن بالخبر قبل انتصاف نهار يوم الجريمة، الا ان رقية لم تسمع بالامر الا حين استدعاها المأمورضحى يوم السبت واجلسها على الكرسى الكبير بجانب مكتبه وراح يقطر لها الخبر فى اذنها قطرة قطرة. وكان السجن قد استحال الى كون فسيح من الصمت اللئيم المتآمر، فى انتظار الصرخة الاولى، والتى جاءت كعواء ذئب جرحته رصاصة للتو. لينطلق بعدها عويل وصراخ مفجوع، من مئات المسجونات والحارسات وحتى العاملات فى مكاتب الادارة قرب البوابة الرئيسية.

كان الجميع يعرفون نعمات الذبيحة. كانت تأتى الى السجن يوم الاربعاء الاولى من كل شهر لتزور امها. وكانت حلوة ولطيفة وغاية فى التهذيب كأنها لم تنشأ فى السبعة بيوت. وكانت دائما تحمل السكر والشاى والبن والسجائر والادوية بل والملابس. وكانت ايضا تحمل السلام والتحية، وتنشرالضحكة الصافية الرقراقة، على كل من يقابلها. كانت تعطى الجميع، خاصة، اللاتى لم يكن يزورهن احد. وكانت تقضى حوائج شتى، ليس للمسجونات فحسب، بل وحتى للحراس والحارسات، بل وبعض الضباط ايضا.

فى ذلك الصباح الخريفى الباكر، والذى كان لايزال لم يبلغ الحلم بعد، وقد تغطى ببعض مما تبقى من ظلام ليلة الامس، كانت نعمات قد عادت لتوها من عمل طارئ ، كثير الصراخ والاوجاع والدم فظلت مستيقظة طوال الليل، خاصة وان زبونتها الجديدة كانت صغيرة السن والحجم ولم يمض على زواجها سوى سبعة اشهر. لهذا كان وضعها لأول مولود لها أمرا فى غاية العسارة.

عربة الاجرة انزلتها فى اول الزقاق، بعد ان تغطى بمياه الامطار، الا دربا ضيقا لم يكن يسمح بمرور العربة. وكانت شبه نائمة، تحلم بحمام دافئ، وكوب شاى ساخن، وسيجارة وسرير. ولم تنتبه لتلك اليد التى امتدت بغتة، تجذب رأسها للخلف، وسكينا كبيرا يشق الجلد، ويتخذ طريقه بقوة وسرعة ومهارة، من الاغشية البرانية مرورا باللحم والحلقوم والعضلات، ليلتحم بعظام الرقبة. وكانت قد القت نظرها المفزوع، ولآخر مرة، على وجه جزارها، قبل ان تخر الى الارض، المغطاة بمياه الامطار، والاوساخ، وروث الاغنام. والكلاب، ترفس بيديها ورجليها، والدم يشخر من حلقومها، وقد جحظت عيناها، وتدلى لسانها خارج فمها المفتوح، يتسول الهواء، والرجل يبتعد مهرولا، وحقيبتها بين يديه. وطرف جلبابه المتسخ بين اسنانه



لقد دار حوار رائع جدا حول هذا الزقاق الذي نشره منعم فس القرية المجاورة
ساقوم باحضار اللنك لاحقا..



التوقيع: http://bayannagat.blogspot.com/2013/...post_4173.html

شهوة ان تكون الخصومة فى عزها
واضحة ..
غير مخدوشه بالعناق الجبان
فقبلات من لا اود حراشف سردينة
وابتسامته شعرة فى الحساء

من شهوات مريد
bayan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2007, 09:40 AM   #[6]
bayan
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية bayan
 
افتراضي

زقــــاق عمــــايا


أزقـــــــــة

(3)

زقــــاق عمــــايا


عبد المنعم الجزولي




خلال ذلك الظلام الأبدي الذي يغلف حياة أغلب أهل الزقاق ، تلمس (ضمرة) طريقه ـ كالعادة ـ إلى حيث توجد الحاجة.



الناس ينادونها ب "حاجة فاطمة" منذ أن وطأت قدماها أرض الزقاق. وقد تقبلت ذلك دون جدال، رغم أن اسمها الحقيقي برتا. كانوا ينادونها برتا. وكان ذلك في زمان ومكان قد غبرا. قرية ما خارج القضارف. وحين انتقلت إلى هذا المكان، بعد موت أمها، ناداها الناس "حاجة فاطمة" ولم يكن في وسعها الاعتراض. وماذا كان عندها من أمرها حتى تعترض؟



ضمرة وحده كان يناديها ب برتا. كان ذلك إشارة منه بحاجته إليها. وحين كان يأتيها صوته كفحيح مضطرب، كانت بغريزتها الأنثوية تعرف تقدير ذاك الفحيح، وتضعه تماما في الموضع المناسب، فتعتدل في جلستها تلك، متحفزة لالتقاط رميته الأولى، والتي غالبا ما تأتى في هيئة لمسة من يده الخشنة على أحد فخذيها، يربت عليهما قليلا، ثم سرعان ما يستدير بكامل هيئته وعتاده، ممكناً نفسه بينهما. وكانت هي دائما هناك لاستقباله.



ـ برتا...

لم تخنها الغريزة.

صوته هذه المرة كان أقل فحيحاً، وأكثر اضطراباً، وأعلى ذبذبةً، واخفض اطمئنانا.ً

صوته هذه المرة كان مبلولاً بقلق من نوع آخر. ولكنها اعتدلت في جلستها تلك استعداداً لاستقباله كالعادة.



ـ أظلمت الدنيا؟

سألته كعادتها، ولكنها لم تتلق الإجابة المعتادة. لم تأتها أية إجابة. وتحفزت، غسلتها رجفة خفيفة وهى تنتظر إشارة منه. طال انتظارها. أرهفت السمع عل حفيفه يرتطم بجدار أذنيها. سكون. فقط سكون. صوت الهواء الغبي ينساب متكاسلاً حاملاً بعض همهمات من هنا أو هناك. راحت تحاول تمييز الأصوات.



هذا صوت جقود الأغلف لابد أنه يتحرش بحمارة أحد زبائن الإنداية. مغرم هو بالحمير! لا يطيق فروج النساء! ضيقة عليه يقول.



جردة الفاجرة، أو جردة ام فرجين، ضبطته يستعمل حمارة أحمد حبيب بائع اللبن. فضحته يومها فضيحة مدوية. كانت في قمة استيائها، وظلت تولول وتصيح فيه ساخرة مرة، ومرة غاضبة، وقد كانت أصوات العصي تنبعث أوان ارتطامها بجسده كأنها صوت طين الزبالة حين يعجنها ولد عبد القادر.



ـ لطط ....لططط....لط.



مبعث غضبها، كما قيل، لأن الرجل رفض مضاجعتها. قال أنه أرادها مرة ثم اكتشف إنها من فجورها لديها مهبلين! فسماها أم فرجين.



الأغلف، كما سمعت من نساء الزقاق، له سلاح نافذ. جميعهن يتمنينه بين أفخاذهن. بعضهن يلمحن بذلك، والبعض يصرحن علناً ودون مواربة. ولكن الرجل ظل، كما يقولون، وفياً لحمير الزبائن.



ـ برتا...



جاءها الصوت فحيحاً خشناً. صوته هذه المرة كأن به سعار. أقرب إلى العواء منه إلى الفحيح المعتاد. أرهفت السمع في انتظار حفيف ثوبه. سكون. أرهفت السمع أكثر.



هذا صوت فكي موسى. يتمتم كعادته



ـ همم....هممم....هم.



فكي موسى لا ينام . ليلا أو نهارا تسمع همهماته. متى يأكل الطعام؟ متى وأين وكيف يقضى حاجته؟ أعمى وأصم وأخرس، وفوق ذلك مشلول اليدين.



فيما مضى كنت تسمع ضحكته، الصوت الوحيد الذي تسمعه بجانب الهمهمة المعتادة. الآن، ومنذ أن اكتشف حقيقة زواجه، اختفت الضحكة، وحلت محلها همهمة أبدية. كان ذلك يوماً عجيباً. ما أن بدأ النوم يداعبها، وكانت تتسمع أصوات الحركة والاحتكاكات المعتادة من جهة مرقد فكي موسى وزوجه، حتى سمعت صياح سكينة بنت الدامر مصحوبا بجلبة عظيمة. وأصوات أقدام وضحكات ولعنات، وصراخ نسوة، وأطفال، كانوا قد هبوا من مراقدهم.



وقد قتلها الفضول، اعتدلت في مجلسها تتسمع. حتى تجمعت لها كل الحكاية، فضحكت حتى سالت عيناها الكليلتان.



ـ استغفر الله العظيم.



قالتها وهى تمسح الدمع بطرف ثوبها، وهى تسمع بنت الدامر تعيد الحكاية مرة تلو المرة.



ـ كنت أشك في الأمر من البداية، والليلة قررت أن أفضحه. انتظرتهما حتى انغمسا تماما فيما يفعلان، ثم أضأت البطارية مباشرة فيهما. وقعت عيني أول ما وقعت على قضيب منتصب. قفز صاحبه كالملدوغ، فرأيت من تحته قضيباً ثانياً منتصباً هو الآخر. فكى موسى المسكين، من عجزه، لم يكن يعلم أنه متزوج من رجل مثله.



ـ برتا ...



كانت نبرة الصوت هذه المرة أكثر علواً وأوسع قلقاً. كان بها شئ من الأنين. ولكن صوت الحفيف الذي طال انتظارها له، لم يأت. ما الذي حدث؟ لابد أن في الأمر شيء ما، شيء مخيف. اقشعر بدنها لمجرد الفكرة. راحت تتسمع في قاق..



ـ هرر....هررر....هر.



التقطت أذناها صوت قطة بلة التكرونى تبعتها نحنحة بلة ثم بصاقه بصوت مرتفع. هو ليس كبقية أهل الزقاق. ليس شحاذاً ينتظر حسنات المؤمنين وفضلات طعامهم. يخرج لفترات طويلة، ثم يعود في هدوء. لا يحس بعودته أحد. هي فقط تعرف ذلك، عندما تسمع وقع أقدامه على الأرض. دائماً تميز الناس من وقع أقدامهم. التكرونى خطوته خفيفة، كالقط. بالكاد تسمعها. وأحياناً لا تعرف بوجوده حتى تبدأ آسيا الحلبية، زوجته، في التأوه بصوتها العالي والذي تتعمد أن تحدث به عن نعمة ربها. فتعرف حينئذ أن الرجل قد عاد إلى مرقده وحلبيته التي قيل أن لون جلدها مثل الحليب.



اجتهد ضمرة كثيراً لكي يقرب لها....معنى الحليب، ولونه! دون فائدة.

لا تذكر قط أن قد ذاقت طعم الحليب يوما.



ـ اللبن نعمة من الله ما يقدر عليها إلا عباده الصالحين.



هكذا حدثها ضمرة ذات يوم حين اشتهت أن تذوق طعم الحليب. وأمنّت هي على قولته تلك، ف حاجة بردية صاحبة الإنداية، لابد وأنها من عباد الله الصالحين حيث تشرب الحليب كل يوم، فيما سمعت من الناس، وان الله قد سخر لها من عباده جنداً يأتونها به، و ... مجاناً. فباعة الحليب، من زبائنها المعتادين.



ـ نشربه في الجنة إن شاء المولى



ـ برتا...



استعاذت بالله من شهقة سمعتها تتلو صوته وهو يناديها. هذه المرة ليست كأي مرة، وهذا الصوت ليس كأي صوت. ليس حتى في يأسه حين تقرصه واحدة من ذلكم النمل والذي يقال انه يأتي من الإنداية.



حمزة الدبيب قال أن نمل الإنداية في حجم أصابع القدم. مدت يدها تلمس أصابع قدمها لتتبين حجم النملات، التي أكد لها الدبيب أنها لا تخشى حتى جند سليمان.



حمزة من المبصرين القلائل في الزقاق. مشلول القدمين. يزحف على الأرض، مستعيناً بيديه وتسمع له كشيشا عند زحفه.



ـ كشش.... كششش.... كش.

أصابه ـ فيما يقال ـ لغم في الجنوب حين كان جندياً. وصرفوا له معاشاً ومالاً ثم تركوه يشرب المريسة ويلعب القمار، حتى انتهى إلى الزقاق، يتسقط فضلات المحسنين. وهو بفضل نعمة البصر يستطيع أن يخرج إلى ما وراء الزقاق. ويعود دائماً بأشياء عجيبة ولكن مذاقها طيب. ومن بعض ما جاء به هذا الثوب الذي تتدثر به من أعين المبصرين، ومن برد الزقاق، الرطب دائما، ربما بفعل المياه التي تغطي أرضه أغلب ساعات السنة.



لم يسألها ثمناً، ولكن لولا وجود ضمرة المستمر إلى جوارها، لقبض الرجل ثمن ثوبه، شاءت أم أبت. فالبرد كافر، والجوع كافر، والله غفور رحيم.



ـ برتا...



هذه المرة انحبست صرخة في حنجرتها، فقد كان الصوت جافاً، بارداً وخاوياً. تبعته حركة ليست كالحفيف المعتاد...كأن شيئاً قد ارتطم بالأرض.



ـ ضمرة...



نادته بصوت خفيض في بادئ الأمر. ثم لما لم تسمع جواباً لندائها، صرخت منادية أولاد الحلال.



ـ ألحقونا يا اخواني.



ثم تلا ذلك أصوات أقدام، وولولة نسوة، وصراخ أطفال. ثم سمعت أحدهم ينطق بالشهادتين. وآخر يستعيذ بالله من غضبه. ثم اختلطت الأصوات وانعجنت في بعضها فلم تكد تميزها إلا لماما.



- غطوه....... يا جماعة

- لا حول ولا قوة........

- الموت ..... والحياة باطلة....

- يارجل... أبعد....هذا عني.... أهذا وقته

- هئ.. هئ..هئ..( ضحكة أم فرجين)

- واء.. .واء... و...( صراخ رضيع من الجوار)



وانفجرت في بكاء مكتوم


هذا الزقاق قد افسد علي رؤيتي للعمايا كضحايا ويستحقون الشفقة
اذكر ان منعم لم ينشره بل وذعه هوم دلفيري
..



التوقيع: http://bayannagat.blogspot.com/2013/...post_4173.html

شهوة ان تكون الخصومة فى عزها
واضحة ..
غير مخدوشه بالعناق الجبان
فقبلات من لا اود حراشف سردينة
وابتسامته شعرة فى الحساء

من شهوات مريد
bayan غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:06 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.