الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > عبدالله الشقليني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-03-2006, 01:13 PM   #[1]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي


[align=center]دنيا العقل الباطن (14)[/align]

عزيزنا العقل الباطن :
تحية واحتراماً

أحدثك اليوم عن شُهب الخواطر التي تحصِبنا بها ، وما تفعل بنا :
نُسميها نحن :


( مَخاطِر الخَواطر ) !

وهجٌ أبرق علينا ذات ليلة ، واسمه :
إبراهيم الكامل ( آل عكود )
أتذكر حبيبنا ( عكود ) هنا في سودانيات ؟
نعم ..أنتَ تذكره كجوع البطون كما يقول أهلنا ، هو شقيقه الأكبر .
سمعت رنيناً يهبط من فوق السماء والتقيته ، و ( أجليت النَظر ياصاحي ) ، واكتحَلَت برؤيته العيون . جلست معه جلسة واجِدة ، وتحادثنا عن عوالمك وشُهب الخواطر .
كُنت من قبل قد تَطلّعت لقبسٍ من سِفر إبراهيم الكامل :
{ المدارات والمعابر } . ومن يشتَمّ البعض يُفتتَن ، ويطمع أن ينبسط الرزق .فمن السماء هبطت عليَّ مائدة ، وقد بَخلت على من سألوا الأنبياء عليها من قبل . سُبحان من يُجري الأرزاق على هواه . استطعمت ولم أزل أستقطع لنفسي ما شاء الوقت ، وأقرأ من سِفرٍ في منزلة رحيق عمرٍ ، يعجز العقل العجول أن يستجلي كنوزه . مرحى .. مرحى ، يقول إبراهيم إنه سِفره الأول ! .
قلت له : ـ
ـ فارع الطول أنت ، وتبدو مُشرِقاً . بسمتك ترسم لُطف ملامحك النبيلة . تبدو كأخٍ صدوق يكبُرني فقدته زماناً ثم التقيته.
رد ببسمة وعلى وجهه ما يشبه العِتاب و أرى ارتباكاً لا يناسب ثقل تجربته و عُمره . جلسنا ولم يترك لنا الوهج الذي بيننا مجالاً لنعرف قشور بعضنا . بدأنا بالمِزاح ، وتقلَّبت أنا في نعيم أن يلمس المرء جمال مزهرية مورقة في عُمر العطاء السخي ، فتُفرد من روائحها ، وتمُد إليّ فرح الدنيا نَضِراً .
قلت : ـ
ـ حَدِثني أنت عن الكتابة وخواطرها ، و هواتف الذهن التي تُطاردك ، وتطاردني مثلُك .
قال : ـ
ـ كأنك تقصد خمر الكتابة ، وسُكر اللغة ،فعندما أصفو و أصعد عتبات الخيال الحالِم ، تهبط عليَّ الخواطر هبوط النسور على القوارِض .
قلت له : ـ
إنها خاطرة غريبة الأطوار تعتريني مثلك هذه الأيام .لا وصف لملامحها الشيطانية ، تتملّك الروح والجسد . لا وقت تتخيره هي للهبوط ، حتى نَـزف السماء له مواسم ، لكن تلك الخاطرة تهبط كقَدرٍ استعذبت سكِّينه مواضِع الرخَاوة . تهبط عقلك هبوط ملاكٍ في هِزة كونيةٍ ترتجُ لها الأفلاك ويتمدد الكون ويتدفق في الفراغ السحيق . هذا عسير عليّ . أصحو فجأة من حلمٍ كاد يذبحني وأنا أتخبط من انفلات الروح وقت مُفارقة الجسد . أركل بقدميَّ كأنني أتشبث بالحياة . عسير أن يهوى المرء قاتله ويُكسِر سُنن الحياة في حُب البقاء و كره الفناء .
أتأتيك مثل خواطري يا إبراهيم ؟
تبسم إبراهيم قائلاً : ـ
ـ نعم ..أنت الصادق . كأنك قد وصفت ما بي . أحسست أن الخاطِرة أمر كوني حين تهبط تستوطن ذهني بلا مقدمات . تحُثني لمسك القلم ، وعندما أفعل تسترسل اللغة في نـزف متقلِب الألوان و الملامِح . عجائب تتخلق ، وحين يستعصي الصفاء والود بينها تستعطفني أن تهبُط دون قيد من نُظم أو أخلاق أو عُرف .
عقبتُ قائلاً :ـ
ـ أراك سيدي وأنت في عُمر تجاوز الخمسين ، كنخل فارِع ٍحين تُداعِبه الريح يضحك . فجذوره قد استشرت خيوطها تُمسِك بعروق الذهب في صخر الأرض .أعرف من يقول اترك في جيب سُترتك مُفكرةً صغيرة على الحِمل ، ناعمة رشيقة على الرفقة . فعند هبوط صرخة الخواطر ، انـزع نفسك عن النوم وامسِك القلم واتبِع الأوامِر .
قال إبراهيم : ـ
أذكر في زمان قديم كُنت أعرف سيدة أجنبية تعشق مثل هذه الخواطر ، وتجلس في حضرتها جلوس الطفولة أمام الجَد وهو يقُص من أحسن قصصه التي تُلهِب الخيال . كانت تسترجي القلم أن ينقل الشِعر ، كل الوارد من الذهب اللامِع برياحه الشيطانية ، حتى عبثت تلك الخواطر بذهنها . أسرجت بُراق الأحلام وطافت الآفاق ثم استعصى عليها العودة لعالمنا وتلك خسارة فادحة . كانت مأساة مُجلجلة .كتبت تلك السيدة أسفاراً تُـذهل العقول . ترمي الأحجار في البِرك النائمة ، وتلون أقصان الخيال بألوان الدنيا الساحِرة . إياك يا عبد الله أن تستجيب لتلك الخواطر فتتملكك وتُبعدك عن القريب والحبيب . استجِب قدر المُستطاع ، ولا تُسلس لها قيادك كل الوقت . يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني : ـ
( الخاطرة تُغري بالانفلات ) .
تضرِم نارها حزاماً حولك حتى يستعصِي علينا أن نُعيدك لدنيانا . أنت تعرف الشاعِر إدريس محمد جمّاع ، فعندما تآلف مع تلك الخواطِر سرقت دَنياه ، وسرقته عنا . قبل غيبته الكُبرى نفث غُبار الشِعر ندياً حنيناً دافقاً ، واستغرق محبة لا شواطئ لها . أمطرنا جمَّاع ترياقاً يُقينا شاطحات الخيال ، وغاب هو شهيد سِحرها .
عزيزنا ( الباطن )
كأنك تستمع لحديثي وتطرب ! .
خواطرك شُهب تحصب العقل الواعي . غريبة التكوين ، خارجة عن القوانين وترتيب النُظُم . من ورائها تتفتح أكمام زهر الإبداع . من يُجالسها تُردِفه معها على ظهر فرس جامِح . أجنحته كأجنحة كائنات الأساطير :
السماء زرقاء فاقع لونها .
الأمواه تعلو أمواجها تثب إلى القمر ولا تلحق به .
السُحب كغُبار الندى في ليل طويل بدأ ولن ينتهي .

ونواصل
21/03/2006 م



التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 02:34 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.