الكريسماس في ذاكرة التاريخ
أولاً أهنئ الأخوة المسحيين من كان يحتفل منهم بهذا اليوم بحلول الكرستماس و هو اليوم الذي إرتبط بميلاد السيد المسيح عند الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، على الرغم من أن ميلاد المسيح ليس محدداً حتى اليوم و لم يقطع في أمره و هذا يتسق مع حقيقة عدم إهتمام المسيحيين الأوائل بيوم ميلاد المسيح و عدم اهتمامهم بتافصيل حياته إذ كان الاهتمام موجهاً لتعاليم السيد المسيح و رسالته و هذا ما بان لاحقاً في ما وجد من المخطوطات والرقوق القديمة في نجع حمادي والبحر الميت لعل أهمها إنجيل توما و هو أقدم إنجيل "غير معترف به" يعود للقرن الأول. كما هو معلوم لا تحتفل الكنيسة الشرقية بميلاد المسيح في ديسمبر.
من ما لا شك فيه أن الاحتفال بهذا اليوم يرجع إلى ما قبل المسيحية واليهودية، و احتفلت حضارات مختلفة في أزمان عدة بهذا اليوم بطرقهم المختلفة و إن تشابهت رمزيات الاحتفال.
لعل أقدم من إحتفل بهذا اليوم هم الرومان في ما كان يسمى ساترونوليا "Saturnalia" أو إحتفال زحل، و يكون الاحتفال في الأيام التي تدخل فيها الشمس إقليم زحل في السماء من الواحد والعشرين ديسمبر و هي نفس الأيام التي يرمز لها بموت الشمس لأنها أقصر أيام ألسنة و أطول لياليها حسب الأقاليم الشمالية.
الطريف أن قصة الأبراج تروي ذلك تماماً..فالشمس تحاكم في الميزان في أكتوبر ثم تقرص في برج العقرب في في شهر نوفمبر، ثم تقتل بالقوس في نهاية نوفمبر حتى عشرينيات دسمبر "خلال هذه الأيام تبدأ الشمس في الأفول = شتاء، أيام أقصر، ليالي أطول" ثم تموت الشمس في الجدي لتبدأ دوره الحياه من جديد و هذا يوازي ما يسمى بالانقلاب الشتوي Winter Solstice. و هذا قد يقودنا إلى رمزية كونية أخرى ارتبطت بالمسيح في الكنيسة الغربية مثل رمزية السمكة، الحوت لكن هذا موضوع أخر.
طبعا شتان ما بين ساترونوليا و عيد الكريستماس العائلي الهاديء..يبدأ الاحتفال بساترونوليا الصاخب بإيقاف القانون إذ لا يجرم شخص يتعدى على حقوق عامة أو حتى التعدي الشخصي و ضرب الناس لا حساب عليه و يعم الناس صخب إحتفالي هستيري لثمان أيام 17-25، التشابه أن تقديم الهدايا كان معمولاً به في ساترونوليا و لذلك اعتبر العيد مربحاً جداً للتجار... الغالب أن الكنيسة الرومانية أصرت على إدراج هذا الاحتفال في المسيحية تحت مسما جديد لإدخال جموع كبيرة من الوثنيين الرومان في الديانه الجديدة و لعل العيد لديه أهمية تجارية لا يمكن تجاهلها.
Saturnalia
إستبدل هذا العيد في العصور الوسطى بعيد الحمقى في بعض الدول الاوروبية "كفرسنا و إسبانيا وألمانيا و بريطانيا و بولندة" الذي كان أقرب بثورة إجتماعية تمارس في تلك الأيام يصحبها سب علني على رجالات الكنيسة و شخصيات كنسيه تاريخية والسخرية منهم في مسرحيات للعامة ..و لهذا السبب أوقف العيد لاحقاً لتشجيعه للكفر
Feast of Fools
من الأشكال التاريخية لهذا الاحتفال هو إحتفال ديلا ملاخ Deela-Malkh في ميثولوجيا الفيناخ Vainakh في شمال القوقاز "الشيشان" و هي ديانة شمسية كمعظم الديانات الوثنية، لا تظل تعاليم الفيناخ معمولاً بها في بعض تلك الأماكن و رموزها موجودة في المباني الأثرية. الملاخ يتم الاحتفال به في الخامس والعشرين من ديسمبر و عندهم يسمى عيد ميلاد الشمس..على أساس أن الشمس تدخل في حالة المووت لثلاث أيام و تبدأ في الصعود ابتدأً من الخامس والعشرين.
شعار إله الشمس في الملاخ
هنالك إحتفال أخر مشابه لساترونوليا يتم الاحتفال به اليوم في البلدان الاسكندنافيه و مالطا و بوسنيا و اسبانيه و دول أخرى و هو يوم القديسة لوشيا الذي ترتدي فيه الحسناوات الأبيض و يحملن النور...على غرار الفيناخ، لوشيا "Lucia from Lucifer = The light Bearer" تعني النور، إذاً هو عيد النور لذلك تحميل الحسناوات الشموع.
St Lucy's Day
ذكر أصول عيد الكريسماس التاريخية لا يعني إنتقاد الاحتفال بهذا اليوم فأنا مقتنع أن القدسية أغلبها فعل إجتماعي مرتبط بإمتداد تجربة الانسان
في الأرض والمرور على معالم تجارب الانسان عبر التاريخ لا يضير قدسية بعينها.
ودمتم.