هو وهى (سلسلة من تأليفى)
أرهقتها محاولاتها المستميتة للتفرقة بين أهدابها التى تجمعت مع بعضها كأنها تتقى برداً ما فتجد الدفء فى التلاصق ولعنت الماسكرا الرديئة رخيصة الثمن التى اشترتها من عبدُه قدِّر ظروفك الذى كانت تنفق فى دكانه كل مايتجمّع لديها من مال على قِلّته.
ولم تُجدِ محاولاتها نفعاً فاستسلمت مُطلِقَة تنهيدة أسى وأمسكت بقلم الكحل الذى كان طوله سنتمترين كاملين وأعيته نضالاً ليترك عينيها المُرهَقة من كثرة الكحل فيها حتى اختلط ابيضها بأسودها بل وصار الذى كان ابيضاً ناصعاً فى الصِغَر تشوبه الحُمرَة وصبغت شفتيها بِروجٍ احمر قانِ وأعادت وضع الطبقة العاشرة من البودرة التى كانت تستجديها أن تعطيها احساس أنها بيضاء اللون وتخفى ماظهر من تجاعيد على صفحة وجهها ثم ألقت نظرة أخيرة على مرآتها التى طالما تمنّتها سحرية حتى تقول لها أنها الاجمل بين بنات جنسها وان كانت لاتثق هى نفسها بهذا الكلام, وخرجت من المنزل وهى تحتضن حقيبتها التى تحتوى على مرآتها المكسورة وادوات مكياجها التى لا تملك غيرها وظلّت طوال الطريق تتلفّت حولها علّها تجد من يعاكسها ليعطيها احساس أنها أنثى لاتختلف عن غيرها من الفتيات وان كانت تقف على أعتاب محطتها الأخيرة فى قطار العمر الذى كادت أن تُقَبِّل عجلاته حتى يقف زمناً ولا يتحرك من مكانه رأفة بها.
|