الـــــسر الغميــــــــس !!! النور يوسف محمد

حكــاوى الغيـــاب الطويـــــل !!! طارق صديق كانديــك

من الســودان وما بين سودانيــات سودانييــن !!! elmhasi

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > مكتبات > جمال محمد إبراهيم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 08-06-2006, 06:56 AM   #[1]
جمال محمدإبراهيم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية جمال محمدإبراهيم
 
افتراضي لكنه غادر إلى الذي محبته أبقى ...


لك الرحمة ايها الفنان الشفيف . . لقد أحزنني رحيلك ..
هذا مقال عن شجن الذكرى ...

تلك أيام زاهيات. . جمال محمد ابراهيم

تلك أيام زاهيات مشرقات ، قبالة شواطيء فيكتوريا . . عند كمبالا ، حين عمدنا تآخينا ، أيها الصديق البعيد . تكتسب البقاع الساحرة الخلابة ، مثل كمبالا ، خلودا قدسيا في الذاكرة ، لا تبرحها و إن توالت عليها عاديات الدهر، أ و نشبت هزات السياسة أظفارها ، حتى ليكاد الذي بين السودان و يوغندا ، أن يكون الظهار الذي يقطع الخيط بين الزوجين ، لا يلتقيان . لكمبالا جرس قوي ، وعندي لحضورها دوي في الوجدان ، حاضر و باهر . كان القرن يودع سبعيناته في تؤدة و دعة ، و كنا أيفاعا نحيا اللحظة بطول لا يقاس ، و باندفاع دونه دفق السيول في أودية البطانة .
ثم جئت إلينا أيها الصديق مرتفقا عروسك المحروسة بالخفر ، و أجنحة الفرح ترفرف جزلى حولكما ، ملبيا دعوة صديقنا المشترك هاشم عثمان أبورنات ، المقيم معنا في لؤلؤة القارة : كمبالا . جئتما إلينا منحدرين من أم درماننا الحبيبة ، و أنت ابنها البار. . بساكنيها ، من القلعة إلى الفتيحاب . سبحتما عكس تيار "الأبيض" ، طيرانا عبر البحيرات الصغيرة . إقليم السدود . الأنهار و الوديان . . سفرا طويلا بأجنحة مشتاقة إلى "عنتيبي " . . إلى النيل في أصوله و ينابيعه . إلى القداسة المجلوة عند "جبال القمر" و مرتفعات " راونزوري" ، و الرحم القدسي عند " جينجا" .
جئت إلينا ، فكنت وعد الفرح السخي ، و كنت ريحانة أيامنا المشبعة برحيق الغابة وبوح الإستواء . توضأنا جميعنا و أغتسلنا بمياه البحيرات القدسية . . يوم أن صدحت بالطرب الحقيق ، و صوتك الندي ينسرب في ليل كمبالا ، إنسراب الضؤ رويدا إلى أحيائها الوادعة . . إلى تلالها العشرة ، ما بين " نكاسيرو" و " بقولوبي" و" ناميريمبي" و "مينقو" ، وتلك الحدائق الغناء المترعة ببذخ الغابات الإستوائية ، المفروشة بسجاجيد العشب البهي ، المأهولة بأكواخ الموز و أثواب البرتقال الندي ، و الباباي في أكمل نضوجه . جئتنا ، تحمل في حناياك الود رقيقا ، و العود البغدادي ، بأوتاره الدامعة ، أسير أصابعك المبدعة ، و أنت المعماري الذرب الذي ينجز التصاميم و يبرع في الرسم و تلوين الخط و تزيينه. . حماك المولى من أعين الحاسديك . قلة هم من يعرفون عنك هذا الحذق الإضافي . أقول : "إضافي" ، لأن الأصل فيك هو الصوت الصادح ، صوت زرياب : قوي و حاني ، صخاب و هامس ودود ، لكنه صوت بالحزن الممض مشحون . . وبالطرب الدامع . .
قال الصديق السفير علي حمد ابراهيم - و كان شيخا علينا ، مجازا ، فقد كان في شرخ شبابه- أن نقتسمك أيها الصديق بيننا ، قسمة غير ضيزى . . فتفرق الطرب منك بيننا ، و انداح في أحياء كمبالا جميعها . .
في ضاحية "بقولوبي" ، في دار هاشم ، كانت جلستنا ذات مساء مضمخ بالطيب و الندى ، و في الحديقة الزاهية المطلة على الوادي ، أطربتنا أيها الرائع . قضينا سهرة عربية فصحى . . كاملة ، أنشدتنا فيها من عيون الشعر العربي مما انتقيته بحس الفنان و ذوق المحب : المتنبي . إبن زيدون . و الكثيرون ممن هربوا من ذاكرتي الآفلة . عطرت بصوتك أشعارهم ، و نثرتها دررا تتلألأ بين أشجار الأكاسيا و السرو و قد تكاثرت حولنا و أورقت أغصانها و اشرأبت إلى صوتك البديع ، فارتوت و نمت . . و صحا الورد في أكمامه . .
ثم عدنا بعد يومين ، إلى أمسية غائمة ، و الغيم في كمبالا بهرج و سلطان . كنا مع السفير علي حمد ، في المنزل الرحب المعلق فوق تل " كولولو" . كان الدفء أم درمانيا ، زينته بحنوها و رعايتها الرائعة عواطف- أم حافظ - ، زوج علي حمدابراهيم ، فطرب الصالون العامر كله و الحاضرون بأشعار الحقيبة ، ب"عتيقها " ، ب"سيدها" ، و "عباديها". . "بأبي صلاحها" و" مساحها " .
أيها الصديق . . تلك ليلة تساقينا فيها على يديك ما جادت به دنان "الحقيبة" من : . . . .
زاد أذاي يا صاحي . .
فمن ارتوى . . ؟
يطرب هاشم أبورنات ثم عبد الله سعيد ، على خجل و تردد ، لكن عبدالله "شايقي" الأمدرماني العتيد ، القادم من" شارع الفيل" ، فقد دلف إلى عالم آخر ، أفلتت فيه رصانته و غادره الصبر وتملكه خدر "الحقيبة" ، حتى سكنت روحه ، مثل صوفي متبتل هائم ، في سماء بعيدة . .
الليلة الثالثة كانت في " نكاسيرو" . إبتعنا " كوندورو" - و ال" كوندورو" في لغة الباقندا ، هو الخروف الصغير- و أولمنا بالشواءات في حديقة منزلي المتواضع في تلك البناية الوادعة خلف مبنى المؤتمرات ، في قلب كمبالا . طربنا بك و معك أيها الصديق ، و حلقنا عاليا في سموات بعيدة من الغناء الحقيقي بغزليات عزمي أحمد خليل ، حبيبك في الغربة البعيدة . عندها يهلك عبدالله "شايقي" هلاكا كاملا ، و يفنى مع :
في زول هناك . . قولة سلام تبقالو روح. . .
يا للذكرى التي علقت بالذاكرة ، و يا لليالي الناصعات بالبراءة و الدفء و صادق الشدو، ونحن نغتسل بالمطر الإستوائي و بمياه البحيرات القدسية عند الينابيع ، عند الرحم الذي يخرج منه النيل قبل أن ينسرب شمالا إلينا . . لا يسقى الأرض البكرفحسب ، بل هوسقاية للوجدان البكر أيضا ، وريا للقلوب و إشباع للروح المعنى بزخات من دفق الخلود . .
البقاء لطيب الذكريات ، أيها الصديق ، فإن توزعتنا البقاع شمالا و جنوبا ، شرقا وغربا ، ستظل أبدا ، هي الخيط الذي يشدنا و يعطي التآخي قيمته التي لا تبلى ، و يعطي الإنتماء إلى هذه الأرض الحانية ، تجذرا مستداما . .
أيها الشفيف الفنان : هاشم ميرغني . . لك المحبة الصادقة أين كنت . .

لندن – مايو2004



لكنه غادر إلى الذي محبته أبقى ...
وترك فينا وردة حزن لن تذبل ..
وحزنا ممضاً .....
جمال
يونيو 2005



جمال محمدإبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 03:13 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.