اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wadosman
الحال من بعضو ياا عمك...
نازلين كبير غايتو اعمل حسابك من الدوهات...
|
ياعمك نزولك دا مابنقدر عليهو,
نقفل ليك فوق بس
عشان ماتغطى
ياجريناك خمسين, ياكمان أكتبو لينا أربعتاشر...
______
يااخى نعيم الدنيا دى عندى معاها ذكرى لصديق دراسة منذ الابتدائية وحتى المتوسطة, فلقد كان عبقريآ لايدع مجالآ لاحد كى ينازعه فى استحقاقه كأول الفصل,
كان صموتآ ونحيلآ ومنعزلآ, ولكن بعد أن توطدت صداقاتنا فى سادسة ابتدائى أصبح أكثر قربآ من مجموعتنا.. دخلنا المتوسطة معآ, وكان حينها قد أصبح مغرمآ بأغنية (نعيم الدنيا) فأسميناه (النعيم) عطفآ على ترديده الكثير لتلك الأغنية بالرغم من افتقاد صوته للجمال الا أنه كان يجيد الرتم ويحفظ الكلمات عن ظهر قلب..
دارت الايام وخرجت من السودان مباشرة عقب تخرجى من الثانوى..
ودارت الايام دورة أكبر, وعدت للوطن فى زيارة فى عام 2006..
فى احدى الصباحات الباكرة قلت لوالدتى أننى لم أذهب معها الى السوق منذ عهد الصبا, فلقد كانت عادتى حين لااكون مشغولآ بالمدرسة أو فى نهاية الاسبوع, ان أمضى معها نحو السوق باكرآ, أحمل عنها القفة, وفى الطريق قبل أن ندخل السوق أكون قد أوصلت العيش للطاحونة..
خرجت معها ذلك الصباح ورائحة الشوارع القديمة لاتذال كما هى, فقط الشوارع لم تعد هى الشوارع.. لولا ذلك الجدار الطينى القصير بجوار الخور والذى ظل ثابتآ كمعجزة رغم السيول والامطار والشمس المحرقة لقلت أننى غريب تمامآ عن تلك الشوارع..
عبرنا الكبرى الصغير ومررنا منه, ثم عبرنا دكان حاج بابكر الذى أصبح ذكرى, ومشينا بطريق محازى للزلط حتى وصلنا السوق عابرين الشارع المكتظ الذى تسرع فيه العربات بجنون, دون اعتبار لحقيقة مروره بمنطقة سكنية!
فى وسط التجوال فى السوق وأمى تشترى طماطم من هذا وتختار (رجلة) من ذاك, لفت نظرى وجه أعرفه, يفرش أكوام من الليمون والطماطم والبطاطس وبعض الخضروات.. اقتربت أكثر فعرفت فيه صديقى الذى ندعوه بالنعيم,
تقالدنا فى وسط السوق وجلست الى جانبه, كان قليل الحديث كعادته وأيضآ حاضر الدعابة كما تعودته, تحادثنا قليلآ ثم غنينا معآ (يانعيم الدنيا).. تمامآ فى وسط السوق..
فى زيارتى الثانية بحثت عنه ولم أجد له اثر, كان قد تبخر كأنه لم يكن موجود..
بعض جيرانه قالوا أنه رحل ناحية الحاج يوسف, وبيت الايجار يشغله سكان جدد..
ذاب النعيم وسط هذا القحط الذى لم يرحم أحد,
وضاعت عبقريته فى البحث عن لقمة العيش,
وضعنا نحن فى متاهات بلاد بعيدة لاتهتم لهكذا أشياء