العزيز منعم
كثيرون من أصحابنا يعيدون اختراع العجلة!
يظنون أنهم يحققون فتحاً جديداً غير مسبوق!
أستطيع أن أقبل ذلك لو تواضعوا قليلاً ووضعوا هامشاً للخطأ. أو لو كان من هؤلاء من عجمته التجارب أو كان له من العلم مقداراً يزكيه، واطلاع يغنيه. فالشعر، شأنه شأن المعارف الإنسانية، لبنات بعضها فوق بعض، من الصعب ومن العبث هدم الهيكل كله وبناء هيكل جديد، ولكن من الممكن الإضافة والحذف بقدر وحذق!
لو لم أنشر الكثير من هذه التجارب في ديواني الأول الصادر عن مصلحة الثقافة الخرطوم عام 1974، ثم تلتها مجموعات بعدها، ولو لم يضطلع عليها كثيرون من قبل ,قد نشرت أكثرها في الصحف، لربما التبس على بعضهم أنني أجاري "الموضة"!
أنا أكتب الشعر وأسمي ما أكتبه شعراً، ولا أعتقد أني بحاجة لأسمي الذي أكتب قصيدة النثر(أومن بالقصيدة وأومن بالنثر، جنسان مختلفان) الهجين لا أفهمه، وأكثر الذي أقرأ هي قصائد،( تخلصت من الأوزان أو القوافي، هذا شأن آخر)فلا عدمها يلغي شعرية الشعر، ولا وجودهما يجعل من الكلام شعراً، ربما كلاماً منظوماً أو موزوناً أو مقفى، ولكن الشعر شيء آخر!
بعض أصحابنا، لو تواضعوا قليلاً وقرأوا كثيراً، لوجدوا أن أكثر ما افتتنوا به مطروق وقد عدل الناس عنه أو غيروا فيه، هذا إذا كانوا ممن يعتد بعلمهم وقدراتهم!
بيئة القصيدة مهمة، وبالتالي خروج القصيدة عن بيئتها يجعلها تستوحش وتذوي.
القصيدة التي تبدو لك كأنها مترجمة من لغة أخرى، تحتاج أن تتجذر في لغتها حتى تتأصل في بيئتها وتكسب ذاتها!
أسألوا أدونيس العالم فلا يتناطح عنزان في علمه بالشعر وريادته في الحداثة الشعرية وتجاريبه التي لم تنقطع، ثم قارن ذلك بالمتنطعين المنظريّن (الذين يعيدون تدوير الدائرة)!
ثم عد لي أحدثك من بعد عن هذا!
لك المحبة والمجد للشعر!
|