كتب شوقي بدري :
بطريقة تشبه الهوس أو الانجزاب يحاول البعض تلبيس جريمة مذبحة بيت الضيافة للشيوعيين. وهذا خطأ . لأن كل الشيوعيين لم يكونوا موجودين فى بيت الضيافة . والأغلبية الساحقة من الشيوعيين السودانيين لا يعرفوا استعمال السلاح النارى .
هل المقصود بالشيوعيين الكوادر العمالية فى بورتسودان وعطبرة والخرطوم بحرى ، أم اللجنة المركزية ولجان المديريات ، وطلاب جامعة الخرطوم ، والأعضاء البرلمانيين ، ومناضلات حقوق المرأة ، ومنظمات الشباب . هل يمكن لشخص مثل الشفيع ، أو بروفيسور الطب مصطفى خوجلى ، أو الأستاذ الكاتب الدكتور محمد سليمان والكثير من الشيوعيين الذين لا يمكن أن يصفعوا انسانا حتى اذا أساء اليهم . هل سيقوم هؤلاء بمذبحة ؟ . وحتى اذا أعطى أبو شيبة أوامر لأفراد لقتل المعتقلين ( وهذا لم يحدث ) . هل يعنى هذا أن الشيوعيين قد عقدوا مؤتمرا حربيا وقرروا تصفية المعتقلين ؟ . لماذا عندما يقوم أى فرد مهووس بعمل مشين يتهم كل الشيوعيين من حلفا الى نمولى ؟ .
أتمنى ممن يتصل بالأخ كسباوى أن يتأكد من ظروف اعتقال الشهيد هاشم العطا . فلقد زوّرت المخابرات المصرية كعادتها ظروف الاعتقال . وقالوا أنه هرب متخفيا مرتديا جلابية الا أن البنطلون العسكرى كان يبدو من تحت الجلاّبية . وفى نهاية سنة 1982 وفى منزل ضابط البوليس محمد على مالك ، وبحضور العم حسن قرين الذى كان مديرا بعد الاستقلال ثم محافظا ، وهو من سكان الأبيض ، وابنه الضابط فى القوات المسلحة أحمد قرين ، رحمة الله عليهم ، ومولانا محمد عبداللطيف وقيع الله قاضى جنايات أمدرمان السابق ، والشقيق أحمد عبدالله أحمد ، ودكتور الفاتح شقيق محمد على مالك ، ذكر محمد على مالك أن الذى اعتقل هاشم العطا هو ضابط البوليس أمين عباس . أمين عباس المعروف فى حى الهاشماب بأمير عباس أو ( طيطة) التحق بكلية الشرطة فى 1964 . ولقد حاولت قبل عدة أيام عن طريق أحد الاخوة الشيوعيين أن أعرف منه التفاصيل . ووعد الزميل الذى كان قبل أيام فى زيارة أمير بمناسبة وفاة شقيقته بالتأكد .
ما ذكره محمد على مالك ردده فى عدة مناسبات . وهى أن هاشم قبض عليه فى ترب فاروق متخفيا بطريقة سخيفة ، مرتديا جلاّبية من فوق اللبس الرسمى والدبابير ظاهرة . هذه ترهات وسخف لأن الرجل الذى هرّب عبدالخالق من اعتقال المخابرات المصرية وخدع المخابرات المصرية واستلم السلطة لا يمكن أن يتصرف بهذه السخافة . ولكن هذا الأمر ردد كثيرا حتى أن بعض الشيوعيين ردّدوه .
وكما رددوا بعض السخافات التى صدقها الناس . ولقد سمعت من أستاذ فى معهد المعلمين العالى وهو صديق لأخى كمال بدرى فى القاهرة سنة 1971 بعد شهر من 19 يوليو أن الشهيد بابكر النور لم يكن ثابتا . وروّجوا كذلك أن جوزيف قرنق قد قال بأنه قد خدع ، والمخابرات المصرية بارعة فى خداع الآخرين وهى أول من تصدق كذبها . ويكفى ما روّجوه قبل حرب الستة أيام وخلال الحرب وطيلة أيام برامج صوت العرب وأحمد سعيد وهيكل . ولهذا قلت قديما فى قصيدة لضحض هذه التهم :
جوزيف قرنق ما قال أنا اتخميــت
وراشد ركز تقول حبل الشنق سوميــت
هاشـــم أخوي في الحاره ماك لويــع
الراي والفهم اجتمعوا ليك يا شفيــع
حمدناالله الضــرس صافي ماك عكير
وكت الكعه ديك سيد الرجـال بابكير
فاطمـــــه أم أحمد براها توزن ديش
زمان قالوا إنتهينا حرم كسرنا الطيـش
ضابط البوليس محمد على مالك موجود . وأذكر أنه قال عدة مرات فى منزله وفى مكتبه فى عمارة الشيخ مصطفى الأمين عندما كان يشارك المكتب صديقة الأستاذ غازى سليمان المحامى . وفى مكتب قارو فانيان صاحب شركة أرارات وكلاء البيجو لأن غازى سليمان كان محامى الشركة ، أن الشيوعيين أبرياء من حوادث بيت الضيافة .
محمد مالك كان مسئولا من البنوك بعد أن أممت . وكانت المفاتيح لكل البنوك فى شنطته كما ذكر . وكان الجميع يخطبون وده وقتها . ومن المفارقات التى ذكرت عن تلك الفترة أن الأوامر عندما صدرت للبوليس باحتلال البنوك قاموا باحتلال بنك الدم كذلك .
ما ذكر فى هذا البوست أن مولانا بابكر عوض الله قد قال لابنة الشهيد فاروق حمدنا الله ( أبوك جاب لينا الصعاليك ) . ولكن فاروق وبابكر وهاشم كانوا الأبعد من الصعلكة والابتذال . وكانوا يمثلون النقاء وعفة اليد واللسان . وهذا أحد أسباب اختلافهم مع الآخرين . فلقد تعامل الآخرون مع السلطة وكأنهم بعض الهان أو المغول ، واستباحوا البلد والعرض . وما ذكرته الأخت نايلة بخصوص العسكرى الذى أطلق عليه أبوالقاسم محمد ابراهيم النار بسبب زوجة العسكرى ما هو الا رأس جبل الجليد .
المنزل الذى كان يسكن فيه ضابط البوليس محمد على مالك واستمر فى السكن فيه على ما أذكر الى نهاية الثمانينات كان يخص الكنيسة التى تقع جنوب ملجأ القرش . وهذا المنزل حدادى مدّادى بحديقة ضخمة وهو يقع جنوب الكنيسة مباشرة . وكما سمعت مباشرة من محمد على مالك وفى داخل هذا المنزل وأمام والد زوجته العم حسن قرين والآخرين . ان اثنين من كبار القسسة قد حضروا لمناقشة موضوع البيت . فأخرج مسدسه واجبرهم على الانطراح أرضا . وسلم المسدس لعسكرى بوليس وطلب منه حراستهم ثم ذهب واتصل بالنجدة . وعندما حضرت عربة النجدة طلب منهم أن يأخذوا لفة طويلة . والقسسة لا يزالوا منطرحين أرضا . ثم وجّه لهم تهمة التهجم على مسكنه وأذكره يقول ( كل أول سنة برسل ليهم ستمية جنيه ، الايجار خمسين جنيه فى الشهر ، لا بشوفونى ولا بشوفهم . ) مثل هذه التصرفات انتفض ضدها فاروق وهاشم وبابكر . يكفى أن العم النعيم المشهور بحطب خال مامون عوض أبوزيد قد قال لهم وهم فى منزله . يسكرون ويشربون البنقو ويلعبون القمار . وهذا فى بداية مايو ( بالله انتو حكومة ؟ والله حكومة نوبة أحسن منكم ) مع احترامى الشديد لأهلى النوبة الا أن العم حطب كان يقصد بأن أغلبية النوبة كانوا من غير المتعلمين وفى وضع اقتصادى واجتماعى بسيط .
بعض الناس استفاد من صلته بأعضاء مجلس الثورة . وفى بعض الأحيان كشيىء أدبى فمثلا والد كسباوى الذى كان وكيل بوستة ونزل المعاش عمل مع شركة فى الخرطوم . وعندما أوصله فاروق حمدنا الله وزير الداخلية الى عمله وتناول معه فنجان قهوة ، قال العم كسباوى ( الخواجة بعد داك بيقى بتونس معاى ويضحك . ) ولكن الأغلبية استفادوا ماديا وتسلطوا على رقاب البشر .
لقد ذكرت فى هذا البوست ، وقديما فى موضوعى ( المسكوت عنه ) لماذا لم يحمى أو يتشفّع آل الميرغنى لفاروق ، وهو زوج نايلة ابنة الخليفة الأول الخليفة النور ؟ والخليفة النور هو والد زميل الدراسة فى الثانوية وشرق أوروبا على النور . والضابط كمال الذى ورد ذكره هنا والذى اشترك مع حسن حسين . وحكم عليه بالاعدام قال لى فى منزله فى بداية الثمانينات فى أبوظبى ان كل زملائه الذين حكم عليهم بالاعدام قد أعدموا . لاكين أنا أنشرّا فوقى سيدى الميرغنى .
وعندما حكم بالاعدام على ضباط أربعة وعشرين لم ينفذ الاعدام فى البنا لأن السيد عبدالرحمن تشفّع له عند الانجليز . وهنا أستحضر قصة ذكرها لى محمد محجوب قديما . فلقد أخذهم الخليفة النور لمقابلة السيد على الا أن فاروق ومحمد خذلوه لأنهم لم يقبّلوا يد السيد الذى أستاء جدا خاصة وأن محمد محجوب شايقى واسمه محمد محجوب عثمان وهذه أسماء ختمية .
ولماذا يحكم على فاروق بالاعدام ؟ فهو وبابكر لم يشاركوا فى الانقلاب . ولماذا كا ن النميرى والمخابرات المصرية يصرون على اعدام البروفيسور مصطفى خوجلى ؟ . انه بروفيسور طب لا صلة له بالقتل والتقتيل والانقلابات . ولكن المخابرات المصرية تريد أن تتخلص من بابكر وفاروق وهاشم والشفيع وعبدالخالق والجميع . ومذبحة بيت الضيافة كانت بمثابة قميص عثمان . وعذر معقول لتغطية جريمتهم والمحاكمات الصورية .
ونواصـــل .
التحية
شـــوقى _________________
قد تكسّروا أقلامى
أو تنزعوا حنجرتى
لكن الكلمة لا تفطس
ستنمو بين صخور الطغيان
تقاوم مبيدات الرجعيّة , وتلبس حلل الثورة الحمراء .