( حنينة ) التقيت بها على الهاتف : برداً وسلاما .
[align=center]
( حنينة ) التقيت بها على الهاتف : برداً وسلاما .[/align]
يقولون : برداً وسلاما ،
ويقول المولى للنار :
{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ }الأنبياء69
قال الشاعر نِزار قباني :
ماذا أقول له لو جاء يسألني ؟
في صباح يوم وقد أرخت الأجفان على الأعيُن بعض نعاس ، سمعتُ الهاتف النقال يَهتُف بي . على غير انتظار أفقتُ على صوت سيدة من أحباء سودانيات . من رسم صوتها عرفتُ أن هذا اليوم من أيام الضفاف المورقة بالخُضرة ، فأنا موعود بأن أُقبل على أيامي ببعض البِشر ، وكثير من الفأل . عندما تسمعها ترفرف صورتها في الذاكرة رتلاً من العصافير بين السُحب وأطراف الأشجار الباسقة .
قالت :
ـ أستاذي كيف حالك ؟
تحدثنا قليلاً ، ولم نُكمل رُبع ما كُنا نأمل . حدثتها عن تجربتنا في منتدى أقمناه في النادي السوداني الاجتماعي بأبو ظبي كل يوم اثنين من كل أسبوع . كيف أيقظنا أنفُسنا من سُبات العادة . كان أشدنا تمرُداً على عادات السودانيين مُخضرمٌ ، نقابي من قادة نقابة المهندسين التي قادت جمهرة النقابات إلى الانتفاضة عام 1985 م في وقتها .
لم أقل لها اسمه ، فهو الصديق الذي يكبُرني : المهندس مُختار عُثمان .
رأى حبيبنا مُختار أننا في حاجة لتثقيف أنفُسنا من أنفسنا ، فلماذا لا نبدأ ؟
قررنا من بعد أن نبدأ . ما بين المُحاضرة و (الونسة ) بُحيرة يمكننا أن نجمع فيها الأسماك والإوز . نجمع حبات القمح للطير الذي يهوى بيت لقاءنا . قدمنا محاضرات عن القوات المسلحة والسياسة ، الدين والسياسة ، الدين والتصوف ، الإدارة في السودان ، التعليم في السودان ، التعليم العالي وما تسمى ( بثورة التعليم العالي ) ، العملة والتضخُم ، العولمة الاقتصادية ، ماذا فعل سرور بعد إضراب الطنابرة ؟ ، في وداع الشاعر الهادي آدم ، .. والكثير وأقمنا منتدى أسبوعي سميناه ( منتدى السودان الفكري ) ...
قلت لسيدتي على الهاتف :
ـ أنا أتحير من كلمة ( أستاذي ) فتلك تُلبسني النياشين كأنني بارجة عسكر ، وأحس بثقل الملابس على الجسد كأنني أسدٌ كَهل هجرته الفرائس ، تمُد له اللسان بعد أن تهدمت أسنانه .
عَبرنا على أحبتنا في دار سودانيات وكتاباتهم واحداً .. واحداً ، ونثرنا ورد الحديث ، وضحكنا ، ليس كما قال شاعر أم كلثوم ، بل كرفقة بأُخوة ناضجة ، عرفت في سيدتي طعم الأخت الصغيرة ، التي تعرف كل أقاصيص الزمان . تلك التي تقتُلها ألفة الأشياء . تُحب الطفولة ، ولا ترفض لعفاريتها طلباً . تكتُب إن توَفر الزمان .
مملوءة هي بالحنين كأختي فاطمة . على كتفها سمّاعة لم أرها في التلفنة ، تعرف بها دقات القلوب عند العُسرة ، ونعرف أن رسمها من اسمها الذي دسّـتُه في بطاقة سودانيات .
قالت :
ـ أنا مُكتـنزة من محبة الأقربين ، كانوا معي وأخذوا كل وقتي .
سرقنا من الوقت ما استطعنا ..
ثم سكت النغم ..على موعد إن تيسر .
عبد الله الشقليني
28/01/2007 م
|