عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2009, 03:14 PM   #[24]
آدم صيام
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية آدم صيام
 
افتراضي


أذكر ذات مساء بعد أن تناولنا عشاءنا المكون من الحليب والرغيف مع والدي هجعنا إلى كوخنا القريب من البئر المالح نلتمس النوم، وسرعان ما نام والدي وتركني أغالبه، فإذا بلص يدخل عشتنا ويبدأ يقلب في جنبات والدي ووالدي نائم ولكن يستجيب له، وعندما رأيت اللص صرخت منادياً على والدي
يابا الحرامي
يابا الحرامي
يابا الحرامييييييييي
ولا مجيب ، أخذ اللص على عجل كل ما حصل عليه وولى هارباً.
عندما ارتد إلي صوتي صرخت صرخة واحدة فاق والدي على إثرها ، فقلت له الحرامي أخذ كل نقودك وذهب. بحث والدي ذات اليمين وذات اليسار ولم يحصل على شيئ، بعدها أخبرني أن اللص استعمل حواءً يسمى البتوتة يذهب بالصوت ويسمر الشخص!

قبل وصولنا إلى القضارف فقد أمضيناً خريفاً كاملاً في معية الشيخ محمد الأمين في قرية الشكابة طلباً لاستشفاء من العمى! ولكن بلا جدوى غير أني جمعت منها ذكريات ثرة لطفولتي الجائحة بين أطفال الشيخ وسكان القرية. قضيناً وقتاً في صيد العصافير الصفراء ومسمياتها من ود امبلك، الشتو، قدوم صابون، طير الجنة الزرقاء والخضراء التي لم نجد ولداً قد اصطادها لخفتها ورشاقتها، كما جمعنا في الخريف الفراشات الجميلة والزنابير الزنانة التي نستخدمها كمراوح حية وذلك بثقب مؤخرتها بشوك الطلح أو ربط سوقها بخيط و(ود الموية) دودة أو حشرة شفافة الحمرة تظهر مع المطر وتختفي بعده.

رجعتني الرحلة الصحراوية إلى أم درمان التي أقمنا في حي ود نوباوي قرب مسجدها وكنت في المساء أذهب إلى مسيد مسجدها لحفظ القرآن، في النهار نجوب مع الصبية بحثاً عن القماري مدججين بنبالنا، أو نذهب إلى السوق القريب أو السوق الكبير ونحن نقود سياراتنا المصنوعة من الصفيح معبأة بأحجار البطارية التي نضيئ بها السيارات ليلاً.
ذات نهار رأينا سيارة فلوكسواجن تمر سراعاً وتدهس شخصين من جنوب السودان يرتديان أردية ولاوي ويحملان عصي مدببة الرأس فإذا بهما ينحشران داخل السيارة ويهشمان زجاجها.
وذات صباح أفقنا على أبواق سيارات النجدة وهي تحيط بالسوق القريب من ود نوباوي وألقت القبض على قصاب قام بذبح زبونته على طاولة الجزارة بعد أن استدانت منه اللحم لمدة طويلة وكل ما مرة تماطله.
بصورة شبه يومية نرى موكباً تحفه الدراجات النارية البيضاء اللون متجهة ناحية السوق الكبير صباحاً!
بينما استرسل في ذكرياتي تتوقف الحافلة فجأة ويجمع السائق وثائق سفرنا ويسلمها للشرطة، وعند سماع أسمائنا نذهب إليهم وندفع مبلغ 50 فرنكاً ونحرر وثائقنا ثم نرجع إلى مقاعدنا ونستأنف المسير، تكررت تلك العملية كثيراً إلا أن شملنا اليل برحمته وانبلج الفجر على مشارف مدينة زندر في أقصى الجنوب النيجري جهة ولاية كنو النيجيرية.



آدم صيام غير متصل   رد مع اقتباس