عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2005, 04:29 PM   #[4]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

[align=center]شاعرنا في محطات العُمر الجميل[/align]

قدمت وقدمت العافية إلينا متدثرة بثياب قريبة إلى النفس ، تختبئ رقتك خلف الأحرف . يظهر صدق المقرأ ونُبل صاحبه . شفّت نفسه كل العواطف من حوله واضطرب .

سمعت بأنك قد أنرت ذلك المكان الذي لم أشهده بعد ، بل سمعت
عنه .غيبتنا مظالم الحياة . آخر أيامي عندما كان صاحب الاسم الذي يُنير الدار يتسلل الأحمر القاني و يتجول كل خلاياه وكان حينها ينضح صِحة وعافية . خيراً فعل نفر كريم أن ينهض ذلك الصرح يُخلد عبد الكريم .
سكبت لهم أنت دون شك من قدور العُمر شِعراً ، وأحسسنا الآن بظلم المنافي ، رغم أنني أعلم أن الوراقين في زماننا قد أعانتهم الصنعة وتيسرت لهم السُبل لنقرأ نحن من بعد ونشتمّ عطر ذلك اليوم .

تداخلت قبل مُنتهى العام المُنصرم مُعلقاً برؤاي على بعض قصائد الشاعر
فضيلي جماع . تسرب من الحديث كيف يهرب الشاعر من الغوص نثراً في تجربته الشعرية ، وقد وقف وقوفك عند أن الأمر جُلُه بين أيدي النُقاد . احترت وغلبتني المعصية ألا أتفق معه وأمسكت كأس الخلاف وشربتها وحدي ، إذ كنتُ أرى الشاعر أصدق إنباء عن الشعر من غيره . يُخرِج ألوانها التي تستعصي على التصنيف . هو أصدق من يُمسِك باللحظة الشاردة من عبق الشِعر و يُجلسها لنا مجلِس التذوق ، نحتسي ونسكر.

يقولون النقد قد تسامى ، وهجر ظلال المُبدعين ، وصار روّاده يقولون عنه إنه ( إبداع النقد ) . قبلت المقولة على عواهنها مخافة غلو أصحابها ، ولكن الحال لم يُعجبني ولم يستقر بي الحال .
الآن تذكرت بيتا شِعر للحلاج في مناجاته الإلهية ، أستعيرها لوصف حالتي قبل أن أنهض عنها :

إذا دَهَمَتْكَ خُيولُ البِعَـــادِ .. وَنَادَى الإياسُ بِقَطْعِ الرَّجـا
فَخُذْ في شَمَالِكَ تِرسَ الخُضُوعِ .. وَ شُدَّ اليمينَ بِسَيفِ البُكَـا

لو وجدت الوقت لتحدثت في تجربة الإلقاء الشعري كإضافة للمساحات الشعرية بين الموسيقى في السَكت والانطلاق . فعندما استمعت لإلقاء الشاعر محمود درويش في السبعينات وهو يُلقي علينا :

السماء الآن ترتد عن الشارع والبحر ..

عجبت أيما عجب أن هنالك عوالم لن تدخلها الكتابة وحدها ،
فموسيقى الرسم الخطابي في اللغة العربية له ميراث في التجويد للغة القرآنية .
لو زحفت الخطابة إلى موائد الشُعراء حين يقفون أمام جمهرة المُستمعين لكان الصيد للشِعر أثمن
ولنا نحن الجالسين على رمل شواطئ التذوق أن نستحِم في بحور الطيب ونطرب .


شكراً لك سيدي .


عبد الله الشقليني
5/12/2005 م



التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس