عرض مشاركة واحدة
قديم 30-05-2006, 09:23 PM   #[23]
خالد الحاج
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خالد الحاج
 
افتراضي

الجن وعالم ما وراء الطبيعة في الأديان السماوية والمعتقد :

هنا الموضوع سيتشعب وسأحاول حصره بقدر الإمكان في نقاط واضحة وإلا سيدخلني في ما لا أوده ويجر علي بعض ما أكره.


(1)
رأي الأستاذ الشهيد /محمود محمد طه :


اقتباس:
أم درمان ص. ب. 1151 20/3/1970
حضرة السيد الفاضل عمر
تحية طيبة، وبعد،

فقد ورد جوابك بالسؤال الآتي : ـ
(هل يدخل الجن، أو أي من الأرواح، في بدن الإنسان؟؟ فإذا كان كذلك فما هي العلة؟؟ وماهو العلاج لوجود روحين في جسد الإنسان الواحد؟؟)

وللإجابة على هذا السؤال نبادر فنقرر أن جسد الإنسان بطبيعته به روحان: نسمى أحد هذين الروحين "نفساً" و نسمي الثاني: "روحاً".. والنفس ظلمانية سفلية، والروح نورانية علوية.. فالنفس نبتت من الأرض نباتاً، والروح هبطت من السماء هبوطاً.. ورسالة الروح سوق النفس، من عالمها الأرضي، إلى عالم سماوي.. أو قل: إن رسالتها هي إخراج النفس من ظلام الجبلة، إلى نور المعرفة بالله.. والروح تسمى حافظاً للنفس، وهي، هي، المعنية بقوله تعالى: "إن كل نفس لما عليها حافظ" وهذا الحافظ "ملائكي".. ولكل نفس قرين.. وهذا القرين "شيطاني" أو "جني" . . "هم درجات عند الله.."..

فالشيطان لا يكون مسلماً، ولا يأمر بالخير.. ولكن الجن قد يكون مسلماً.. فبعض النفوس قرينها يأمرها بالخير تارة، ويأمر بالشر أخرى.. وبعض النفوس قرينها لا يأمر إلا بالشر.. وعمل العبادة كله هو أن تستجيب النفس للحافظ، فتتسامى بالذكر، وتسوق معها قرينها.. فكأن الإنسان وسط بين قرين من أسفل، وحافظ من أعلى.. فمن عمل بالطاعات، نصر الحافظ "الملائكي"، وعصى القرين "الشيطاني"، أو "الجني".. وهو، بهذا العصيان، يسوق هذا القرين معه من الظلام إلى النور.. ومن عمل بالمعاصي نصر القرين، وخذل الحافظ "الملائكي".. و لذلك فقد قال تعالى: "ومن يعرض عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين.." هذه هي الصورة على العموم...

والجن أحفاد إبليس.. وهم يعيشون معنا على الأرض.. ولكننا لا نراهم.. هم يروننا، ونحن لا نراهم.."إنه يراكم، هو وقبيله، من حيث لا ترونهم.. إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون".. وهم يعيشون في أماكن الأوساخ والنتانات، مثل المراحيض، والحمامات، وفي أماكن أخرى كثيرة.. وقد يخالطون الإنسان، ويشاركونه في ماله، وفي أولاده، وفي زوجه.. وقد يخالطونه في نفسه.. فتتغير حاله، ويصاب عقله، ويصبح يتصرف تصرفاً شاذاً، فيسميه الناس "مجنوناً"... وأنت تسأل : (فما هي العلة ؟؟) فإن كنت تريد بالسؤال: (فما هو المرض؟؟) فإن الجواب: إن المرض قد يكون عقلياً، وقد يكون جسدياً، وفي الغالب يكون العقل والجسد كليهما.. في العقل بالتصرف الشاذ، والميل إلى العنف الجسدي، أو اللفظي.. وفي الجسد بالتحول، للعزوف عن الغذاء، ولقلة الراحة.. أما علة الإصابة بالمرض فهي الغفلة عن ذكر الله.. وأما العلاج فهو بتقوية الروح على النفس.. وقد يكون ذلك (بالعزيمة) من رجل صالح، قوي الروح.. أو من طبيب نفساني قد يستعين بالعقاقير، أو بصعقة الكهرباء.. أو من رجل ذاكر، بإستعمال بعض الرقي أو بتلاوة الآيات.. وأصبح، في الوقت الحاضر، الجانب المأمون في العلاج هو الطبيب النفساني.. أو طبيب الأعصاب..
وفي الحقيقة هذا الموضوع يحتاج لمجال أوسع من هذا المجال لبيانه.. و لكنك أنت مستعجل، فيما يبدو لي.. فهل نكتفي بهذه الإجابة القصيرة؟؟ فإن كنت تريد توسعاً أكثر فأمهلني.. وإن إكتفيت بهذا فذاك..
و يجب أن أذكرك أن هناك مخالطة (ملائكية ) ـ (رحمانية) ـ تشبه في ظاهر الأمر المخالطة (الشيطانية)، ولكن لا يعرفها إلا العارفون.. وقد رمى الجاهلون الأنبياء، والأولياء، بالجنون جهلاً.. وما ذاك إلا لأن حالة العشق الإلهي، التي تصيب الخيرين، تجعل تصرفهم، بإزاء الناس، فيما يقولون ويعملون في بعض الحالات، أشبه بالجنون.. ولقد قيل لسيد الأنبياء: "إنك مجنون" فنفى عنه ربه ذلك ، فقال : " ن، والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون " وما أرى داعياً للتفصيل هنا، وذلك لإستعجالك.. فإن رأيت الحاجة للزيادة من الشرح فأكتب لي في مهلة أوسع.. وأرجو لك التوفيق..

المخلص
محمود محمد طه
المصدر :
من مشاركة لدكتور ياسر الشريف في بوست سابق لي قبل أعوام.



التوقيع: [align=center]هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ، معجزةً تطهّرُنا بها،
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا من رجْسِها،
حتى تصالحَنا السماءُ، وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ.

(عالم عباس)
[/align]
خالد الحاج غير متصل