عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-2014, 06:32 PM   #[1]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي القناعات مابين المنابت والمآلات...

وقعت في يدي دراسة قامت بها جامعة أمريكية تقول بأن سن النضج بالنسبة للرجل هي الأربعين...
ثم ما لبثتُ أن مررت على موقع الكحيل للاعجاز العلمي فتبينت ذلك جلياً:
http://www.kaheel7.com/ar/index.php/...12-20-01-32-59
فما كان مني الاّ أن رفعت بصري-حينها-وجعلت أنظر الى الحائط أستدعي على سطحه بعضا من وقائع السيرة الشريفة للحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي قُدِّرَ له بأن لا يأتيه التكليف الاّ بعد بلوغه الأربعين!...
ولان نسيت فلا أخالني أنسى سؤالاً سألته لجدي رحمه الله فقلت:
-انت ياجدي عيسى عليه السلام مش ربنا قال ليهو خذ الكتاب بقوة وهو رضيع؟!
-نعم ياابني عيسى عليه السلام قصتو ابتداء من الحمل والولادة فيها اعجاز...لكن عيسى عليه السلام قد رفعه الله اليه قبل أن يبلغ الأربعين (وهو عليه السلام لم يكن مبعوثا الاّ الى قومه فقط) لكنه سيبعث -كما بعث محمد صلى الله عليه وسلم-الى الناس جميعا في آخر الزمان!
...
ولكن تبقى للقواعد -دوما-شواذ...
فكم من شباب دون الأربعين قد تركوا على صحائف التاريخ ما ينم عن نضج وفوت مبين...
منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي أسلم وهو ابن العاشرة... وعندما بلغ الخامسة والعشرين كان يستفتيه كبار الصحابة!
ومنهم أسامة بن زيد الذي أمِّرَ على جيش فيه كبار الصحابة وهو ابن الثامنة عشر فانتصر على الروم الذين كانوا دولة عظمى مما يدل على رجحان عقلٍ تبينه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم!
وهناك عمرو بن سلمة رضي الله عنه الذي كان يؤمَّ قومه في صلاتهم وهو ابن سبع سنين!
وهناك عبدالله ابن عباس رضي الله عنه الذي خاطبه الحبيب المصطفى رضي الله عنه وأرضاه وهو يافع بأن ياغلام اني أعلمك بكلمات...فما لبث الاّ وأصبح حِبراً للأمة ولم يكن قد بلغ الثلاثين من عمره!
وهناك من ألف الكتب العديدة وهو دون الأربعين...
وهناك من اكتشف النظريات العلمية العظيمة وهو دون الأربعين...
لكن...
تبقى سن الأربعين هي سن النضج والصقل الذي ينبغي لل(رجل) منا أن يثق في (ركوز) القناعات لديه من بعد تمحيص...
وحريٌّ بكل من لم يبلغ الأربعين أن يتوقف-يوما- بين يدي (قناعاته) لكي يجردها عن الكثير من المؤثرات الخارجية التي حدت به الى تلك المآلات لقناعاتٍ فيه كي يتبين استقامة الطريق!...
...
عندما وضعت قدمي على أعتاب جامعة أم القرى بمكةَ المكرمة كنت قد ولجتها بخلفية صوفية (كسواي من أهل السودان)...
ولقد كان فكر الحركة الاسلامية المستصحب لأبجديات فكر الأخوان المسلمين هو العمود الذي تنبني عليه قناعاتي...
فلم ألبث الاّ أن (اقتحمتني) لجج المنهج الوهابي الذي أدين له بأبجديات الضبط والتأطير لقناعاتي...
ولكني أعترف بأني قد تنازعتني أشياء نأيت-زمانا- عن التصالح مع نفسي ال(مجبولة) على حُبِّ الموسقة التي وجدتها حراما لديهم ...بينما تأطرني اليها نفسي أطرا!
فما كان مني الاّ أن أقعيتُ أبحث في الأضابير حتى رست سفينتي على جوديٍّ عظيم وقرار مكين أعاد لي توازني وتصالحي مع ذاتي...
حيث وضعت بدأت قدماي في الرسوخ على طريق (وسطية) نضجت عناصرها في بوتقة الأربعين من بعد...
أمرٌ آخر مافتئ -زمانا-يستلب مني هدآت القناعة بكوني على سواء الطريق:
انه (قبول) ان لم اقل بأنه درجة دنيا من المحبة كنت أكنها لشخوص اليسار والشيوعية بالأخص قد شابت مشاعري منذ طفولتي...
وأخال السبب في ذلك قريب لنا-رحمه الله-قد كان كادرا في الحزب الشيوعي لم أجد منه وفيه الاّ كل ما يحمد من صفات وسمات تضاف اليها ثقافة عالية ونضج يكتنف حديثه ورؤاه...
حيث أني كم كنت -ولم أزل-أسير يقين (داخلي) بأن بذل الحب والقبول ينبغي أن يرصد دوما فيما يحب الله ويرضاه...
فهلا يصح مني بذله لمن (يرى) منهجا اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً ينأى -بل ويصادم-ما أمر به الله جل في علاه؟!
كلا والله...
اذ بين اليد والعين والفؤاد آية كريمة تتلى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24
وهذه دونها تفسير للشعراوي -رحمه الله-كم هو محكم وفخيم !...
وبين يدي -كذلك-قول الحسن البصري فيما معناه:
عندما أتبين وُدّاً في أعين من أعلم بأنه يحاد الله ورسوله فانه حريٌّ بي أن أراجع نفسي لأن الله كما لم يجعل قلبين في جوف امرء ...فانه كذلك لا يجعل القلوب تواد الاّ من شاكلها!
(يتبع)



التعديل الأخير تم بواسطة عادل عسوم ; 16-01-2014 الساعة 07:45 AM. سبب آخر: تصحيح خطأ في صياغة مالون بالأحمر
التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس