عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2005, 09:52 AM   #[29]
عالم عباس
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

يا ابنة الحسين

رأيتك في تلك الليلة، وأنت تتخذين مقعدك، يمين المنصة، شمال القلب! تماماً حين افتتحتُ القراءة بأول القصائد!

صحيح أني لم أرك في البداية، حين كانت الكلمات مجاملة وتقديم، وبين الوقت الذي استغرقه النثر آن يرحب بالشعر.
لكنني رأيتك عند مفتتح النشيد!
كنت حينما أفرغ من قصيدة أراك تومئين إيجاباً وتشجيعاً واستحساناً

كنت استمد من حضورك ما ضاعف حماستي، وتدفقت الحرارة تدفئ أطراف الشعر،
فيتوهج في ألق الحضور!
وقصدت أن أختار قصائدك الأثيرة، حتى أني قرأت (في الطريق إلى الجيلي" وقرأت " صلوات في ليل المعراج"،
وأذكر كأنني استأذنتك في أن أقرأ " إلى البرمكي الحريف في الكلكة" ورأيت إيماءتك بالموافقة والتشجيع!

وحين قرأت آخر قصيدة، رأيتك تنسلين عبر البهو، ينوِّر وجهك ابتسامة وضيئة!
تعجبتُ لم خرجت عجلى، وعلى أي ميعاد تتركينني؟ غير أني سرعان ما تذكرت عاداتك الصارمة،
فأنت لا تحبين الثرثرة بعد الشعر! وترين أن كل كلمة تقال بعدها لهو تخريب متعمد،
لذلك الشعور البديع الذي يحدثه الشعرّ!
وأعرف أنك كنت تقولين لي، أنك تفضلين، بعد قراءة الشعر أو سماعه، أن تتدثرين بعبقه
وتحتفظين بنشوة ذاك الشعور الرائع، تنامين عليه تناجين به أحلامك، ولا تكلم ليلتها إنسياً!
أدركت كل ذلك حين رأيتك تغادرين عجلى، عبر البهو، وتركتني يتحلق حولي محبون
وسمار، يستعيدون معي بهاء ليلتهم، ويسألون عن مواقيت لقاء جديدة!
كنت أمنِّي نفسي أن ألقاك صباح عودتك ، أسألك فيه عن اللقاء وهل نجح، وهل لاقى قبولاً عندك،
فعهدي بك الصادقة القول الثاقبة النظرة، راويتي الثقة، ومستودع أسراري وأشعاري
(كنت أعلم سفرك صباح اليوم التالي، لذا، إضافة لما سبق، لم أستغرب، رحيلك المباغت خلسة ليلتئذٍ!
الآن تأتي فتقولين أنك كنت
( متقوقعة حسرة في قاع طائرة أخرى إلى مكان قصي... استجابة لدواعي العمل التي لا تنقضي)!
فيم التحسر أو التعاسة؟
وأنت هنالك ، من أول قصيدة وإلى آخرها!
هل الحسرة أنك خرجت عجلى، فلم نلتق، أم لأنك جئت متأخرة قليلاً فلم نلتق؟
أم لأننا لم نلتق بعدها،مطلقاً!
فيم الحسرة إذن، ولم يفتك شيء مما يتحسر على فقده؟
أم أنني المفجوع حقاً، إذ لم نلتق بعدها لتصدقني القول، كما أنت دائماً، وتشيرين إليَّ،
أين أخفقت وما كان ينبغي لي أن أفعله ولم أفعل!
أم حقاً أنك لم تكوني هناك، وإنما تهيأ لي!
ومن هي إذن تلك التي كانت هناك،
وأقسم أنني كنت ألمحها وابتسامتها، كلما رفعت رأسي، بعد كل نشيد!
أأنا أحلم أم أن الحفيف
أم دعاشات الخريف
أسكرت روحي فهمت
وتغشت خمرة التذكار أعصابي فنمت!

فمن هي تلك إذن
!!



عالم عباس غير متصل   رد مع اقتباس