عرض مشاركة واحدة
قديم 17-04-2006, 05:57 PM   #[11]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

[align=center]ثانياً : أنواع واستخدامات بعض أغطية الرأس لدى النساء في السودان[/align]

تظهر بعض الآثار النوبية ( 6000 ق. م ) النساء وهن يضعن على روؤسهن تلك التجيان التي تشبه تيجان الملكات الفرعونيات . ولا ندري إن كانت النساء من العامة في تلك الفترة يضعن أغطية على رؤوسهن أم لا ؟!! فالآثار توثق في الغالب للحكام وليس للشعوب . (صورة رقم 37).

وفي مراحل تاريخية لاحقة ارتدت الفتيات في غالب مناطق السودان الرحط ( ). وذكرت بعض كتب الرحالة، أن هذا الزي ترتديه الفتيات في السودان، منهم الرحالة بوركهارت الذي زار شمال السودان في عام 1814م . ونعوم شقير في العام 1903م ( ). وقد تستبدل النساء الرحط الجلدي بقماش، يرتدى ما بين الخصر والركبة، وقد يكون في ذلك دلالة اقتصادية وإجتماعية، بحسب غلاء الجلد أو القماش، كما في هذه الصورة، التي أخذت لفتاة، من منطقة قنتي بشمال السودان، في العام 1905م.(صورة رقم 38) .

وكان الرحط لباسـاً للفتيات حتى يتزوجـن ، ثم يستبدلنه بعد الزواج بثـوب " يسمى (القَرِن) ( ) ، وهو يشبه إلى حد ما الطرحة الحالية " ( ) . أو بالقرقاب ، وهو إزار حول الخصر. وثم أصبحت الفتيات يلبسن قطعة من الدمور ( القماش القطني المنسوج يدوياً ) فوق الرحط . و تجاور ارتداء التوب السوداني ، والرحط ، ولكن الأخير أصبح لبساً للجواري فيما بعد ( ) ، وهو ما أشار إليه روزنيولي ، الإيطالي الذي عاش في أمدرمان إبان فترة الدولة المهدية ، ففي معرض حديثه عن سكان أمدرمان قال : " ففي هذا المعرض يمر الإنسان العريان كما ولدته أمه ، ومن هم في مصاف الطوطم ، والنساء المحجبات اللائي لا يكشفن عن أعينهن وأخريات ليس عليهن إلا خرق حقيرة تستر العورة فقط " ( ).

اندثر ارتداء الفتيات للرحط في الثلث الأول من القرن الماضي. ولكن ظلت العروس السودانية ترقص مرتدية الرحط فقط ، واستمرت هذه العادة حتى أربعينات القرن الماضي . ولا زالت ذاكرة رواة التاريخ الشفاهي ، في السودان ، تحفظ كيف أن الأستاذ محمود محمد طه، زعيم الحزب الجمهوري، رفض أن ترقص عروسه بالرحط ، بعد أن لاحظ تأثرها الشديد ورفضها البائن لهذا الطقس، وقد يشير رفض العروس للرقص بالرحط ، إلى أن فترة الأربعينات ، قد شهدت بداية اندثار هذه العادة . وفيما بعد ارتبط الرحط بالعذرية في الثقافة الشعبية، وانتقل إلى الممارسات الفلكلورية ، ضمن طقوس الزواج السوداني ، في شمال ووسط السودان ، حيث لا زالت تسود عادة ( قطع الرحط )، فترتدي العروس الرحط تحت فستانها ، ويقوم العريس أثناء حفل العرس ، وطقس رقصة العروس ، بقطع سبعة من الخيوط الجلدية من الرحط ، إعلاناً عن انتقال الفتاة إلى حياة الزوجية.

وربما يفسر انتشار هذا اللباس ( الرحط ) ، في مناطق تسود فيها الديانة الإسلامية ، أن الإسلام انتشر في السودان عن طريق الطرق الصوفية ( ) ، وتعامل المسلمون هناك مع لباس النساء بكل تسامح ودون أي تشدد ديني ، تدعمهم في ذلك مرجعيتهم الصوفية ، فجسد المرأة عند المتوصف الأكبر محي الدين ابن عربي ، ليس بعورة ، وإن تم أمرها بالستر في مذهبه ومذاهب غيره. فقد جاء على لسانه " أما مذهبنا فليس العورة في المرأة أيضاً إلا السوأتين كما قال تعالى  وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة  ( الأعراف /22 ، وطه 121) فساوى بين آدم وحواء في ستر العورتين وهما السوأتان " ( ). أو ربما اعتبر فقهاء ذلك الزمان ، أن نساء السودان جميعهن جواري . خاصة بعد ارتباط الرق بالزنوج وبذوي البشرة السوداء . وبالتالي تسري عليهن الفتوى القائلة بأن " عورة المرأة جسمها كله ما عدا الوجه والكفين إذا كانت " حرة " أما الجارية أي " المملوكة " فعورتها مثل الرجل من فوق الركبة إلى تحت السرة " ( ).



  رد مع اقتباس