عرض مشاركة واحدة
قديم 17-04-2006, 05:46 PM   #[7]
الجندرية
Guest
 
افتراضي

8) البرنيطة :

هي غطاء الرأس المنتشر في الغرب وأوربا ، وقد عرفها قاموس اللهجة العامية في السودان بأنها "كساء الرأس (القبعة)" ( ). صورة رقم (30)

دخلت البرنيطة إلى السودان ، عقب دخول الاحتلال البريطاني في العام 1889م ، ويبدو الارتباط الواضح لدى السودانيين، بين البريطانيين، وهذا النوع من غطاء الرأس ، حتى أسموه برنيطة. وكان يعمرها الموظفون البريطانيون في السلك الإداري ،مع الشورت (الرداء القصير) وقد ارتدى البرنيطة في شمال السودان ، بعض وجهاء المدن من السودانيين، فقد كانت مع الشورت ، لبس عميد كلية الأحفاد الجامعية السابق ، السيد / يوسف بدري.

وتعتمر البرنيطة في جنوب السودان، و عند قبائل النوبة في غرب السودان ، ويبدو أثر قانون المناطق المقفولة، الذي سنته الإدارة البريطانية ، والذي جعل هذه المناطق مغلقة بالفعل للبريطانيين، أثره الواضح في تأثر السودانيين في هذه المناطق بالطابع الإنجليزي في اللبس وخاصة اعتمار البرانيط .
وهناك نوع من البرانيط المعروفة في مناطق جبال النوبة ، تصنع خصيصاً للمسافرين ، من الدقيق المخلوط بالسمسم ، ثم تلف بورق القرع ، وهي عبارة عن مؤنته أثناء رحلته ، وحماية لرأسه من الشمس في ذات الوقت ، كما أنه تسهم في تقليل المتاع وما يحمله المسافرون على أيديهم ، فيكتفون بحمل الماء والعصا التي تحميهم ( ).

لم يظهر القادة السياسيين الجنوبيين في المجال العام معتمرين البرنيطة ، منذ السيد سرسيو ايرو ، عضو أول مجلس سيادة سوداني ، مروراً بأبيل لير، وجوزيف لاقو، وغيرهم من الساسة الجنوبيين ، وإنتهاءً بالزعيم جون قرنق رئيس الحركة الشعبية ، والنائب الأول للرئيس السوداني السابق، الذي كان يظهر حاسر الرأس في البذلة الإفرنجية، أو في ما يعرف بالزي (الكنغولي) ، الذي ارتدائه الكثير من قادة وزعماء الدول الإفريقية ، في الكنغو وزائير وغيرها ، وهو نوع من القمصان القطنية القصيرة الأكمام ، ذات المزاج الأفريقي في التصماميم والألوان، (صور رقم 31-1،2). والمرات الوحيدة التي ظهر فيها الرئيس السابق لحركة تحرير السودان ونائب رئيس الجمهورية السابق ، وهو يعتمر غطاءً للرأس ، كانت تلك التي ظهر فيها بزيه العسكري ، باعتباره القائد العام لقوات الحركة. وإرتبطت البرنيطة في أذهان الكثير من السودانيين، بالاستعمار البريطاني ، وسياساته وقوانين المناطق المقفولة التي أصدرها وأدت إلى انعزال الجنوب . مما قد يسمح بتأويل ارتدائها من قبل قائد سياسي جنوبي ، باعتبارها إشارة إلى دعاويه الانفصالية . وهواجس فصل الجنوب ، هواجس شائعة لدى الكثيرون في الشمال ، عن الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وقد روجت لها أجهزة الإعلام الرسمي ، قبل توقيع اتفاقية السلام مع الحركة . يمكن أن نقرأ عدم ظهور الزعيم جون قرنق بالبرنيطة ، نتيجة لوعيه بالرسالة السياسية لأزيائه ، فهو بالإضافة إلى عدم اعتماره البرنيطة ، كان أول سياسي جنوبي، يرتدي زياً لقبيلة أخرى من خارج الجنوب( ) ، وكأنه كان يحاول إيصال مقولاته السياسية ، عن اتساع الحركة الشعبية لكل السودانيين، وأنها ليست تنظيم للجنوبيين فقط .

وعلى العكس من سلفه، يظهر السيد سلفاكير ميار ديت ، الرئيس الحالي للحركة الشعبية للتحرير السودان، ونائب رئيس الجمهورية، بالبرنيطة في أكثر الأحوال. (صور رقم 32 -1، 2). وقد ساهم اعتماره للبرنيطة ، في شيوع اتهامه بتبني التيار الانفصالي داخل الحركة. ولكن بعض أنصار سلفاكير يفسرون إعتماره للبرنيطة، بتأثره منذ الطفولة بالسينما الأمريكية وأفلام رعاة البقر ، وأنها تعبر عن شخصيته ، وليس عن مواقفه السياسية، وأنه كان يعتمرها حتى مع اللبس العسكري ، قبل أن يصبح نائباً لرئيس الحركة ، أو نائباً لرئيس الجمهورية (صورة رقم 33) .

ومنذ بدايات القرن الماضي ، ظهر العديد من القادة والساسة السودانيون وهم حاسري الرؤوس ، فظهر بعض ثوار حركة 1924م وهم حاسري الرؤوس إلى جانب مرتدي الطـربوش ، ونفس هذا المشهد ( تجاور الرؤوس الحاسرة والطرابيش ) تكرر في صور أول مجلس سيادة سوداني في العام 1956م . وكان السيد إسماعيل الأزهري، أول رئيس سوداني، يظهر دائماً حاسر الرأس،في البذلة الإفرنجية ( صورة رقم 34)، وكذلك السيد محمد أحمد محجوب، أول رئيس وزراء سوداني (صورة رقم 35). وقد كان هذا المظهر، مظهر معظم السياسيين، والنخبة الحاكمة، والمثقفين، في غالب أرجاء البلاد.



  رد مع اقتباس